الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

تحتل أنشطة تقييم الجودة موقع الصدارة في الأجندة الدولية، ويدلل على ذلك أنه وفي السنوات الأخيرة تم استحداث العديد من الأنظمة القومية لتقييم الجودة في معظم الأقطار  لمراجعة تدابير وإجراءات الجودة سعيا للتحسين المستمر ولضمان جودة الأداء في مؤسسات التعليم العالي.

وربما يرجع ذلك الاهتمام بعمليات تقييم الجودة لكونها أحد آليات ضمان الجودة في مؤسسات التعليم الجامعي، حيث يحدث من خلالها التوافق بين الكم والكيف، ويتحقق في إطارها التوازن بين استقلالية الجامعات والمحاسبية العامة التي  يطلبها المجتمع لضمان أداء الجامعات لأدوارها في هدى مبادئ الفعالية الاستثمارية(سلامة، والنبوي، 1997، ص 23).

وهناك طرق متعددة لتقييم جودة مؤسسات التعليم العالي أبرزها ثلاثة طرق هي الأكثر شيوعا واستخداما على المستوى العالمي: التقييم الداخلي الذاتي Self Assessment  من خلال العملاء الداخليين(الإدارة – أعضاء هيئة التدريس – الطلاب). التقييم الخارجي أو المراجعة المتعمقة Per Review بواسطة الخبراء أو ما يطلق عليه المحاسبية الخارجية، والنوع الثالث باستخدام مؤشرات الأداء Green  Diana, cit op, P.  173)).

وتحتل عملية التقييم باستخدام المؤشرات أهمية خاصة في أنشطة تقييم الجودة، وذلك لأنها تقدم إطارا متوازنا يعالج النقد الموجه لطرق التقييم الداخلي والتي قد توصف بالذاتية ولعمليات المراجعة الخارجية والتي قد توصف بأنها أحكام غير متجانسة، وقد تؤدى إلى الإذعان من قبل المؤسسات الجامعية، على الرغم أنها هي الأخرى تحتوى الكثير من مناطق الخلل، لذلك يجب أن تتكامل الطرق الثلاث في عملية تقييم جودة الأداء حتى تعطى صورة حقيقية عن الأداء، ولفعالية عملية تقييم جودة الأداء يجب أن تكون المؤشرات والمعايير المستخدمة موضوعة على أساس أهداف المنظمة، ومختبرة في نفس ظروفها، كذلك يجب أن تتم عمليات تقييم جودة المؤسسة في سلسلة زمنية متتالية، ويتكامل مع ذلك عمل المقارنات مع المؤسسات الأخرى المماثلة(أبوالوفا، 1999م، ص 97).

مقاييس الجودة:

على ضوء المحاولات المضنية لإرساء قواعد لجودة أفضل على نطاق عالمي، ظهرت الحاجة لمواصفات قياسية لجودة عالمية، لذلك وضعت المنظمة العالمية للمواصفات القياسية بجنيف عام 1987م(ISO). The International organization for standardization  بعد التشاور والمناقشة مع ممثلي(92). هيئة قومية للمقاييس تمثل الدول الأعضاء في هذه المنظمة الخطوط الإرشادية للمواصفة العالمية للجودة(ISO 9000). بحيث تمثل القاسم المشترك العام من الجودة المقبولة عالميا.

 http: // www.  nist.  gov / public – affairs / factsheet / bald faqs. Htm    

والأيزو 9000 أو المواصفة الدولية للجودة هي سلسلة من خمسة مقاييس(ISO 9000 , 9001 , 2 , 3 , 4 ). تستطيع من خلالها المنظمات على اختلاف أنواعها تحديد ما تحتاجه لتكييف نظام فعال للجودة(Ibid., cit op,P.  173).

ولقد صممت هذه المقاييس بصورة عامة، بحيث يمكن تطبيقها على كل المنظمات(المؤسسات). من غير اعتبار للحجم، الخلفية أو المساحة الاقتصادية مما يعطيها مرونة أكبر للتطبيق في المنظمات كبيرة الحجم وصغيرة الحجم، وفي المنظمات الصناعية والخدمية، الربحية وغير الربحية.

والجدير بالذكر أن مقاييس الجودة ISO  أو المواصفة الدولية للجودة  ISO 9000  تتطابق مع المعيار البريطاني Bs 5750 والمعيار الأوربي En2 9000، والمعيار الأمريكي Q90؛حيث تعبر هذه المسميات عن مضمون واحد هو معايير نمطية لنظام الجودة في المؤسسة، حيث تم التوفيق بين مختلف هذه المعايير وتوحيد مواصفاتها وأصبحت بالتالي متشابهة، فنجد مثلا أن المقاييس(ISO 9001, 2 , 3 ).

تستند إلى المواصفة البريطانيةBS 5750  الأجزاء 1، 2، 3 حيث تتطابق في العنوان والمحتوى، وكذلك نجد أن المعيار الأمريكي مشتق من المواصفة الدولية ISO  ومن ذلك يمكن لأي مؤسسة ملتزمة بشرط Bs 5750  مثلا الحصول على إفادة تؤكد التزامها بالمعيار الأوربي EN 29000  أو المواصفة الدولية ISO 9000(عبد المحسن، 1999م، ص 171).

وتكمن الفلسفة وراء هذه المقاييس في أن الجودة يجب أن تبنى داخل الأنظمة والإجراءات المؤسسية وفي كل خطوة من خطوات العملية التي  تقوم بها، وهذا يتطلب ضرورة قيام المنظمة بتحليل كل خطوة لعملية الإنتاج أو تقديم الخدمة، وهذا قد يعنى أن مقاييس أنظمة الجودة أقيمت على أساس التوافق مع مبادئ الإدارة العقلية(المنطقية) التي  تؤكد على ضرورة تحديد مسئوليات الأشخاص العاملين وصيانة السجلات وتوثيق الأنشطة المختلفة، وتطوير الإجراءات الإدارية الفعالة، من خلال نظام إداري رسمي لتأكيد وضمان انسجام المنتج أو الخدمة مع المواصفات وبحيث يصبح الغرض هو تقديم مخرجات متسقة مع ملائمة للأهداف(Edward  Sallis cit op , P.  61).

ويعود تطبيق هذه المقاييس على المنظمات بالكثير من الفوائد، أبرزها: توفير إطار يمكن من خلاله تحديد الحد الأدنى من الأداء المقبول لضمان الموقف التنافسي للمنظمات، اكتساب ثقة ورضا العملاء، اختزال التكلفة وتحسين الإنتاجية في سوق عالمية متغيرة من خلال الاستثمار الصحيح للموارد ووقت الأعضاء العاملين بالمنظمة، تطوير نظام فعال وذو دلالة للتقويم الذاتي وضمان الجودة الداخلية.

وحول العلاقة بين مقاييس الجودة ISO 9000 ومدخل الجودة تختلف وجهات نظر العديد من الكتاب والباحثين، فمنهم من يرى أن هذه المقاييس خطوة مبدئية مناسبة لمدخل  الجودة أو أحد الأدوات التي  يمكن استخدامها في إطار عمل هذا المدخل كأدوات رقابية داخلية، والبعض يرى أنها أحد الأدوات الثانوية في ذلك التنظيم الكبير لنموذج TQM، وآخرين يرون أنها أدوات ووسائل بيروقراطية ليست ذات فائدة في مسار TQM، ولكن بصفة عامة يتفق أغلب الباحثين على أهمية هذه المقاييس في بنية إدارة الجودة الشاملة؛ حيث أنها تمثل الجانب الرسمي الموثق في إطار عمل ذلك النظام المتكامل للجودة TQM والذي يسعى إلى إيجاد المناخ المناسب لغرس الجودة ورعايتها(مصطفى، 1997م، ص65).

وفي التعليم الجامعي والتعليم العالي كان للنمو في التوجه نحو المشاركة الاقتصادية للتعليم أثر كبير في زيادة الاهتمام بالطرق والمنهجيات الاقتصادية والتي منها المقاييس الدولية للجودة، حيث يؤكد “Karapetrovic , 1998  “ أن ISO 9000 تمثل وثيقة ضرورية لأي جامعة راغبة في الاستثمار في السوق القومية أو الدوليةStanislav Karapetrovico, et. al, cit op P.  203)).

لذلك نجد أن بعض المؤسسات على المستوى الجامعي في أوربا وأمريكا تحولت إلى وتكيفت مع عائلة المقاييس الدولية ISO 9000 كإطار لضمان جودة أنشطتها لزيادة قدرتها على التنافسية والبقاء، فمثلا نجد في إنجلترا تعتبر المواصفة البريطانية(BS 5750 ). والمواصفة الدولية المتمثلة في(ISO 9000). من المداخل الجديدة التي  أخذ بها التعليم الجامعي، حيث قد بدأ العمل بها عام 1992م في كلية شرق برمنجهام.

والجدير بالذكر أن تطبيق المقاييس الدولية للجودة في المنظمات التعليمية وخاصة مؤسسات التعليم العالي يساعد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على العمل معا كفريق سعيا للتوجه نحو تحقيق أهداف المؤسسات التعليمية، كما أنها تعكس طرق التفكير متخصصة الثقافة أو إطار الاتجاهات التي  تربط كل واحد مع عملية التعلم بهدف التحسين المستمر للأنظمة التعليمية من خلال آليات القياس المقارن، وبالإضافة إلى الميزات السابقة يمكن حصر مجموعة من النتائج أو الفوائد التي  تترتب على تطبيق المقاييس الدولية في التعليم الجامعي والعالي:

-          الفهم الشامل لأهداف الجامعات.

-          اكتساب الميزة السوقية التنافسية على المستوى القومي والدولي.

-          الفهم الواضح للطرق، المسئوليات والسلطة.

-          المراجعة الداخلية كوسيلة للقياس المقارن الداخلي ولنشر التطبيق الجيد.

-          التفصيل الواضح لأساسيات ومسئوليات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

-          مساعدة الأعضاء الجدد على فهم طبيعة المؤسسة والعملية التي  يقومون بها في الوحدة الأكاديمية.

-          وضع الأهداف في شكل صريح وواضح.

-          تسيير وتبسيط الإدارة مع الشعور الجيد بروح المجموعة.

-          نظام الجودة يقدم الفرص الملائمة لزيادة الأداء.

-          الاستخدام الملائم لنظام الجودة في عملية الاعتماد.

-          نظام الجودة يحافظ على وقت الأعضاء ويزيد من الكفاية في إدارة الأنشطة المختلفة.

-          تحسين العملية((Stanislav Karapetrovic, et. al, 1998, P.  203.

وترجع ميزات تطبيق المقاييس الدولية في التعليم العالي إلى كون هذه المقاييس تتطلب وتركز على التوثيق والإجراءات الموثقة لكل الأنشطة الأساسية لتقديم المنتج أو الخدمة التعليمية أي كل الأنشطة المتضمنة في عملية توصيل البرامج والتي تتضمن مثلا: الاختيار، المقابلة، التقديم، النظام، التقييم، سجلات الإنجاز، الإرشاد والتوجيه ((Edward Sallis, op. cit., p.  61

وعلى الرغم من تعدد الفوائد والميزات من تطبيق تلك المقاييس في التعليم العالي إلا أنه يوجد العديد من العقبات في مواجهة التنفيذ الفعال لها، مما يجعل البعض يقابل هذه المقاييس بتشكيك في إمكانية تطبيقها في مؤسسات التعليم العالي، حيث أن أحد العقبات المنظورة لهذا التطبيق تتمثل في إنجاز منتج متجانس، ومدى إمكانية ذلك وخاصة عندما يكون المنتج تعليمي، بالإضافة إلى أن تفسير الجودة في التعليم يخضع لمجموعة من المداخل ووجهات النظر المختلفة، وأيضا هناك مجموعة من العقبات الأخرى لتطبيق هذه المقاييس تتمثل في:

-          أنها ربما لا تكون مناسبة لأهداف كل مؤسسات التعليم العالي.

-          الخوف من كثرة الوثائق والأوراق البيروقراطية.

-          الاصطدام التكويني مع الثقافة المفتوحة وغير الرسمية للوحدات الأكاديمية.

-          التكاليف الباهظة للتطبيق.

-          طول الفترة اللازمة لإتمام عملية التحليل وتوثيق كل الإجراءات.

-          الحاجة لتفسير هذه المقاييس بالنسبة للتعليم

http: // WWW.  L Lanes. Panam. edu/ Journal

-    وقد تقود هذه المقاييس بإجراءاتها إلى مدخل الفحص(قوائم الفحص Check list ). لصيانة الجودة، بينما الهدف لكل مؤسسات التعليم العالي يجب أن يكون ضمان كل شئ تفعله سواء كان أكاديميا أو إداريا كي يكون ذا جودة عالية.

المصدر: الأستاذ الدكتور علي قورة الدكتور وجيه المرسي الدكتور سيد سنجي
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 738 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,732