الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

يواجه التعليم الجامعي العديد من إشكاليات تحد يد وتطبيق مفهوم الجودة ومن هذه الإشكاليات منها:

1-أن الجودة التعليمية والأكاديمية نسبية غير محددة المعايير:

 إن ارتباط مصطلح الجودة بالإطار الثقافي والأخلاقي الذي  يوجد فيه، حيث أن الكلمة تحتوى الكثير من القيم الأخلاقية والقليل من القيم الإجرائية، وهذا ما جعل مفهوم الجودة من أكثر المفاهيم التي  يختلف إدراك ما تعنيه من سياق إلى سياق، ومن شخص إلى شخص، وهذا ما جعل البعض يرى أن الجودة تعنى أشياء مختلفة لناس مختلفين في أوقات مختلفة.

 كما تتعدد استخدامات مصطلح الجودة من خلال الاهتمامات المختلفة والمطالب المتنوعة؛  لذلك يؤكد البعض أنه إذا أردنا الوصول إلى تعريف عملي وحقيقي للجودة علينا النظر في استخدام هذا المفهوم بمعنى أين يستخدم وفي أي الموضوعات وفي أي المؤسسات(Judith  Chapman  & David  Aspin., cit op, p. 63)

من ذلك يتضح أن مفهوم الجودة من المفاهيم النسبية والتي يصبح من الصعب الوصول إلى اتفاق عام حول معاييرها وكذلك أساليب قياسها في التعليم الجامعي، ويرى الباحث أن هذا قد يكون شيئا طبيعيا، لأن التعليم الجامعي شديد الارتباط بالخلفية الثقافية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع وأفراده، تلك الخلفية التي  تحدد معنى الجودة ومغزاها وتحدد أيضا معاييرها، متباينة بين المجتمعات المختلفة وداخل المجتمع بين فئاته المتنوعة وفي مراحل تطوره المتعاقبة.

2- تحديد عملاء الجودة في التعليم الجامعي:

يحتوي مصطلح العميل مزيجا معقدا من الأطراف المشاركة، والتي لها مصلحة في التعليم الجامعي: الطالب، المجتمع ومؤسسات الإنتاج، العاملين وأعضاء هيئة التدريس، حيث يشكل هؤلاء معا العميل، ولابد بشكل ما إيجاد طريقة للتوازن مطالب كل هؤلاء في مطلب مفرد يحقق أهداف الجميع وينشر بينهم الارتياح والرضا بالتعليم الجامعي، وذلك لأن مفهوم رضا العميل يحتل موقع القلب من منظومة الجودة الشاملة، ولكن هذا المفهوم قد يقابل بشي من الحذر والخوف في مؤسسات التعليم الجامعي، لما له من أصول تجارية مادية لا تعبر بصورة موضوعية عن طبيعة العلاقة الأخلاقية بين الطالب والقائمين على المؤسسات الجامعية.

فإذا كانت الجودة الجامعية قاصرة على إرضاء احتياجات المستهلك ورغباته فقط، فإن تلك الاحتياجات والرغبات توقع العمل الجامعي في شراك التقلب والتغير في ميول واحتياجات العملاء وتنحو بالعمل الجامعي منحى الفلسفة المادية البحتة دون التوازن بينها وبين الفلسفة المعرفية الأخلاقية.

ولكن بشيء من التوازن بين الطلاب – عملاء الخدمة، المجتمع – مستخدم الخدمة، العاملين بالجامعة – مقدمي الخدمة، المعرفة – أساس الخدمة، يمكن التطبيق الفعال لإدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الجامعية.

3- منتج التعليم الجامعي:

 التساؤل حول من العميل في التعليم الجامعي، شديد الارتباط بالتساؤل حول ما منتج التعليم الجامعي ؟ وهل هو الطالب أم البرامج الأكاديمية ؟ هناك وجهتا نظر في الإجابة عن التساؤل الأخير، الأولى ترى أن الطالب هو المستهلك(العميل). الذي  يدفع للحصول على المنتج والمتمثل في البرامج الأكاديمية والتي يرى فيها السبيل لتحسين مستوى حياته، والأخرى ترى أن الطالب يصبح هو المنتج، والذي يتحول من خلال العمليات التعليمية من مدخل خام إلى شخص يملك مهارات وقدرات مضافة، في هذه الرؤية يصبح المستهلك هو المجتمع سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة  Yorke, Mantz, 1992, PP. 92 – 93)).

4- الجودة بوصفها ملائمة للأهداف:

 على الرغم أن تعريف جودة التعليم الجامعي بمدى ملائمته للأهداف الموضوعة والمحددة يتجنب قضايا تحديد من هم عملاء التعليم الجامعي وذلك بالعودة إلى أهداف المؤسسة وأغراضها، بحيث يصبح إحراز الجودة مقترناً بمدى الفعالية المؤسسية في إنجاز الأهداف المحددة.

5- مدى إمكانية تكميم الجودة الجامعية:

 يرتبط بهذه الإشكالية  عدة تساؤلات منها، هل يمكن وضع عناصر الجودة الجامعية في صورة وحدات كمية ؟ ويرتبط بهذا التساؤل بعدان: مدى إمكانية قياس جودة الأداء الجامعي بدقة؟، ومدى إمكانية استخدام مؤشرات الأداء لتحقيق ذلك القياس الدقيق ؟.

ولتوضيح ذلك يجب التأكيد على أن التعليم داخله تفاعلات وعناصر تستعصي على التكميم والحصر والقياس والمعايرة، كما أن داخل العملية التعليمية " قيمة مضافة "تأتى من مصادر وعوامل متعددة وليس في الإمكان حسابها ورصدها أو قياسها وإدراك مدى تأثيرها(حسان، 1994م، ص 50).

وهذا ربما يرجع إلى صعوبة تعريف العمليات وتحديدها بدقة في التعليم الجامعي، وهذا يعود إلى أن المؤسسات الجامعية تتضمن مجموعة من الأبعاد المتداخلة المتفاعلة والتي تحتوى العديد من المتغيرات العشوائية التي لا يمكن تحديدها بدقة والتي تؤثر على مستويات الجودة الجامعية، ويرجع ذلك أيضا إلى كون المخرجات التعليمية والبحثية تتميز بقلة التجانس فيما بينها، وخاصة المخرجات التعليمية التي هي حصيلة فعالية المتعلم وتقدمه، وكفاءة المقومات المؤسسية ومدى توافر الاتجاهات الإيجابية والدافعية نحو التعلم، وكذلك مستويات التعلم القبلي والخبرات السابقة لكل طالب خريج، وهذا يجعل عملية استخدام مؤشرات كمية فقط لقياس جودة التعليم الجامعي أمراً بعيدَ المنالِ وينحو بعيدا عن الفعالية في القياس وذلك لأن الجودة تحتوى على مجموعة من المؤهلات التي  لا يمكن تضمينها في مؤشرات الأداء مثل التميز – الجمال – الذكاء – التخيل – الابتكارية(Pring  Richard, 1992 , P.  16).

وللتغلب على تلك الإشكالية وحسمها في صالح تدعيم جودة  التعليم الجامعي يجب استخدام معايير ومؤشرات كمية وكيفية بصورة متوازنة للحكم على جودة المخرجات الجامعية مع ضرورة اشتراك جهات متعددة(الطالب ووالديه، أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة، أصحاب مؤسسات الأعمال، المفكرين وأصحاب الرأي)للتوصل إلى حكم موضوعي عن جودة الجامعة وما تقوم به من أنشطة متنوعة.

هذا وتؤكد التجربة العالمية أن طاقات البشر هي المورد الأول والأهم في التنمية، ومن المسلم به أن التعليم من أهم أدوات تنمية الطاقات البشرية،، ولكي يصبح التعليم أداة فعالة لتنمية الطاقات البشرية، لابد وأن يكون على مستوى حاجات الأفراد ومطالب المجتمع واتجاهات العصر الذي  يوجد فيه، وهذا يعنى ضرورة وجود تعليم متطور كشرط أساسي لكل تنمية.

المصدر: الأستاذ الدكتور علي قورة الدكتور وجيه المرسي الدكتور سيد سنجي
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 362 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,661,773