الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

تحظى الأمة العربية والإسلامية بتراث ثقافى ومادى ربما لم تحظ به أمة من الأمم على وجه الأرض ؛ وذلك من حيث تنوعه وغزارته وشموله ، يشهد على ذلك المخطوطات الموجودة فى مكتبات العالم أجمع ، والآثار المنتشرة فى متاحفه ، هذا فضلا عما تضمه أراضيها من تراث ثقافى ومادى يصعب حصره وتحديده .

ولا يجب أن ننظر إلى التراث على أنه مجرد تراكم حضارى لخبرات وتجارب ومعارف الماضى فقط ؛ بل يجب أن نتعامل معه باعتبار أنه يمثل شخصية الأمة وخصائصها الحضارية والمادية والمعنوية ، فى ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، وبالتالى يجب علينا أن نستفيد من التراث بكل ما هو حضارى ونافع ومفيد ؛ لتطوير الحاضر وتجديده وصلاحية استمراره للمستقبل ، دون أن يطغى إرث الماضى على الحاضر ، ولا يقطع الحاضر صلته بالماضى.(مبارك الهاشمى 2002 : 146)

ونظرا لما للتراث من أهمية فى تعليم المتعلمين كيف يقرأون ويكتبون تاريخهم وثقافتهم ، فقد دعا مصممو المناهج منذ الثمانينيات إلى ضرورة أن تتضمن المناهج  أفكارا عن التجارب والتقاليد المرتبطة بتراث المجتمع الذى يعيش فيه الفرد ، ويمكن أن يشترك فى ذلك العديد من المواد الدراسية كاللغات والأدب والعلوم والفنون والدين وغير ذلك .

      (1-2:Hunter, Kathleen1988  )

وإذا كانت العلاقة قوية بين التراث والعلم بصفة عامة ، فإن العلاقة بين التراث والدين علاقة خاصة ؛ حيث تمتلئ المكتبة العربية بالمخطوطات وأمهات الكتب التى وضعها علماؤنا الكرام منذ أن أشرق على العالم نور الدين الإسلامى الحنيف ؛ بالإضافة إلى آثارنا الإسلامية العديدة والتى تنتشر فى جميع أنحاء العالم الإسلامى من مساجد وزوايا وتراث متنوع تعج به المؤسسات الإسلامية بتنوعها .

لذا تعد برامج التعلم من التراث من الأهمية بمكان فى تعليم العلوم الشرعية كمادة دراسية ؛ حيث تمكن من تنمية إحساس المتعلمين واتصالهم المستمر بتاريخهم وثقافتهم بالرجوع إلى التراث، وتشجيعهم على التفكير فيها والتخطيط لمستقبلهم ، هذا فضلا عن تربيتهم على الاعتزاز بتراثهم الدينى.

إن علاقة أمتنا بتراثها علاقة ذات خصوصية فهى تنبع من أن فى التراث الأنموذج التطبيقى لديننا ومبادئنا، أو ما يمكن أن نطلق عليه الإسلام التاريخى ، كما أن إنجازات الأمة الحضارية ومكاسبه الإنسانية قد تبلورت وتحققت فى تلك الحقبة التاريخية من الزمن والتى نطلق عليها جزءا من التراث.(محمد محفوظ 1998: 109)

وإذا كانت أهمية التراث للأمة تتبدى فى كل حين ، فإن هذه الأهمية تتعاظم فى لحظات النهوض الحضارى، فتاريخ النهضات يشير أن الأمم فى لحظات انبعاثها تيمم شطر تراثها فتستمد منه العضد المعنوى ؛ الذى يشكل عاملا مهما من عوامل انبعاثها الحضارى .

ومن الثابت أن تعامل المجتمع مع تراثه إيجابيا أو سلبيا يقوده إما بالنهوض والتقدم ، أو بتخلفه ، فإذا كان تعاملنا الراهن مع تراثنا هو فى غالبه تعامل سلبى يكرس وهننا الحضارى الراهن ، فإننا نصبح فى حاجة إلى تعامل حضارى مع تراثنا يسهم فى تمكيننا من تجاوز وهننا الراهن وتحقيق نهضتنا الحضارية المرجوة .(أحمد أبو الفتوح 2002: 2)

والناس حيال مسألة التعامل مع التراث أحزابا ، فنجد فريقا يرى ضرورة العودة إلى التراث والاكتفاء به هو السبيل إلى تجاوز وهننا وتحقيق نهوضنا الحضارى ، وذلك بالتزام حرفية الأقوال والأعمال التى كان السلف يلتزمون بها دون زيادة أو نقصان  ، وفريقا آخر يرى التراث من زاوية معينة ويهمل باقى الجوانب التى لاتكتمل الرؤية الصحيحة إلا بها ، وهناك من يجاوز المواقف السابقة لما عليها من مأخذ ، ويرون ضرورة الاستثمار النافع للتراث فى تحقيق نهضة الأمة . (أحمد أبو الفتوح 2002: 14-18 )

المصدر: دكتور وجيه المرسي
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 143 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,652