الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

نتج عن توجيه العديد من الانتقادات إلى منهج المواد الدراسية ظهور اتجاهات تربوية متطورة ، استهدفت معالجت نواحى القصور ،ويرجع ذلك إلى علماء علم النفس والتربية لما أحدثوه من تطور فى نظريات التعلم وفلسفة التربية والمناهج ،ويمكننا القول أن منهج النشاط هو الناطق باسم التربية الحديثة فى مجال المناهج إذ أنه قد نقل محور الاهتمام من المادة الدراسية إلى التلميذ ، فبدلا من التركيز على تزويد التلاميذ بالمعلومات ثم اختيار أنسب الطرق لتدريسها ، وأفضل الأساليب والوسائل لقياسها وهذا ما كان يقوم به منهج المواد ، أصبح المنهج يركز على التلميذ وجعله محور العملية التعليمية والتربوية ، ومعنى ذلك الاهتمام بميوله وحاجات وقدراته واستعدادته وإتاحة الفرصة له للقيام بالأنشطة التى تتفق مع هذه الميول وتعمل على إشباع تلك الحاجات ، ومن خلال هذه الأنشطة ينمو التلميذ ويكتسب المعلومات والمهارات وتتكون لديه العادات والاتجاهات . ومعنى ذلك أن منهج النشاط يطوع المنهج للتلميذ بدلا من اخضاع التلميذ للمنهج كما كان الحال فى منهج المواد .

وتركيز المنهج على النشاط هو فى الواقع ثمرة لجهود سابقة بدأت منذ سنوات طويله فقد نادى ( روسو ) بذلك فى كتابه أميل ، وتحسين لهذه الفكرة كثيرا ثم ظهرت بعض المدارس التجريبية فى الولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية القرن التاسع عشر ولكن بصورة محدودة ، وفى نهاية الربع الول من القرن العشرين بدأت تتبلور وتتضح بفضل ألااء وجهود ( جون ديوى ) الذى نادى بضرورة ربط المنهج بميول التلاميذ ثم جاء بعده وليم كليا ترك وحدد الطريقة التى يمكن بها هذه الفكرة والتى أطلق عليها طريقة المشروع .

وقد كان النشاط يمارس فى ظل المنهج التقليدى ولكن على نطاق ضيق ولأغراض ترفيهية، وما أن بدأت فكرة النشاط تستحوذ على اهتمام التربويين حتى قامت بعض المدارس بإدخال الأنشطة فى برامجها ولكن بطريقة صورية دعائية ، القصد منها بمظهر من يساير الاتجاهات التربوية الحديثة ، واستمر الوضع هكذا إلى أن ظهر تنظيم منهجى جديد أطلق عليه منهج النشاط .

الأسس التى يقوم عليها منهج النشاط :

يقوم النشاط على الأسس التالية :-

أولا : بناء المنهج على ميول التلاميذ وحاجاتهم :وتعتبر الميول والحاجات بالنسبة لمنهج النشاط بمثابة الروح للكائن الحى وهى . الارتكاز لكل الدراسات والأنشطة ونقطة الانطلاق لتحقيق كل الهداف المنشودة .وربط الدراسة بميول التلاميذ وحاجاتهم يجعلهم يقبلون عليها بحماس زائد وجهد متواصل، ولهذا العامل تأثير كبير فى تحقيق الأهداف أكثر فاعلية .

وحيث أن الميول والحاجات هى نقطة الانطلاق كما سبق ان ذكرنا فإن هذا يتطلب من القائمين بتنفيذ هذا المنهج :

·  التوصل الى تحديد ميول التلاميذ وحاجاتهم الأساسية والحقيقة , والمقصود بالميول الأساسية هى تلك التى يشترك فيها أكبر قدر من التلاميذ والتى تستمر أطول فترة ممكنة وهى التى تختلف عن الميول الطارئة التى تستمر إلا فترة قليلة ثم سرعان ما تتغير أو تتبدل أو تتلاشى .

والمقصود بالميول الحقيقية هى التى تعبر فعلا عن ميول التلاميذ كما هى ، وبكل أبعادها وليست تلك التى يتخيلها أو يحددها الكبار بمنطقتهم وتفكيرهم ، لأن الكبار غالبا ما يفكرون فى الطفولة بمنطلق الكبار وليس بإحساس الصغار ، وهى أيضا ليست تلك التى يعبر عنها الأطفال بالكلمات والعبارات ، لأن الأطفال فى كثير من الأحيان قد يخونهم التعبير الصادق ، أو قد يقعون تحت تأثيرات معينة تدفعهم إلى التعبير عن ميول ليست فى الواقع ميولهم الحقيقة ، فقد سأل أحد علماء النفس المهتمين بدراسة الميول أحد الأطفال عن أهم ميول فأجاب الطفل بأمها الموسيقى ، ولما سئل عن البرامج الموسيقية التى يعجب بها فى الراديو والتليفزيون لم يستطيع أن يقدم أية إجابة ، ولما ضيق عليه عالم النفس الخناق بمجموعة متوالية من الأسئلة اكتشف أنه ليس لهذا الطفل أية ميول موسيقية ، بل وليست لديه أية معلومات عن الموسيقى ولكنه أدعى ذلك لأنه وجد أن معظم الأطفال وبالذات من ينتمون إلى الطبقة الراقية يفعلون ذلك فأراد أن يقلدهم فى أقوالهم حتى لا يكون أقل شأنا حيث أنه كان ينتمى إلى طبقة متوسطة الحال .

من ذلك كله يتضح لنا أنه لا يجب الاعتماد على الكبار فقط ، أو على الأطفال فقط فى تحديد ميولهم ، وإنما يجب الاعتماد على دراسات علمية ميدانية تجرى فى هذا المجال .

·    الاهتمام بالميول التى تحقق للتلاميذ ولكن قيمتها التربوية محور تفكيرهم ومركز اهتمامهم ومركز اهتمامهم لمدة طويلة مما يؤدى بهم إلى التركيز على مجال واحد ، تاركين بقية المجالات ولا يمكن لهذا المجال أن يحقق لهم النمو المتكامل ويكسبهم المهارات المتنوعة ، فالاهتمام بالموسيقى من الممكن أن يكون أمرا طبيعيا ومفيدا للتلاميذ ولكن التركيز المكثف عليها والاهتمام المنفرد بها يعوق نموهم فى الجوانب الأخرى مما يجعل ضررها أكثر من فائدتها .

ثانيا : الاعتماد على الأنشطة وإيجابية التلاميذ :ويعتمد هذا المنهج على النشاط اعتمادا كليا ، حتى أطلق عليه(منهج النشاط) وعن طريق النشاط يمر التلاميذ فى خبرات تربوية متعددة تساهم فى نموهم الشامل المتكامل ، وتعمل على تعديل سلوكهم ، وتؤدى إلى تحقيق أهداف تربوية ذات قيمة كبرى للفرد والمجتمع مثل : تنمية القدرة على التفكير العلمى ، تنمية القدرة على التخطيط ، تنمية القدرة على التفكير على العمل الجماعى والتعاونى ، اكتساب بعض العادات الصالحة والمهارات المفيدة ، تكون بعض الاتجاهات البناءة .

كما أن هذا المنهج يعتمد على إيجابية التلاميذ فى كافة المواقف والمراحل فهم الذين يقومون باختيار الأنشطة والتخطيط لها وتنفيذها وتقويمها ، ومعنى ذلك أن إيجابية التلميذ مستمرة ، وعلينا أن ندرك أن النشاط وحدة بدون إيجابية التلميذ لا يعتبر كافيا لأنه من الممكن أن يقوم بأنشطة متنوعة ومتعددة ، ولكن بسلبية ملحوظة وذلك عند قيامة بالنشاط بطريقة أو توماتكية حيث يقوم بتلقي الأوامر التى يصدرها له المعلم ويقوم بتنفيذ الخطط التى يضعها له المعلم وحيث يلتقى دائما توجيهات إرشادات المعلم ولا يقوم بصغيرة ولا كبيرة إلا بأذن من المعلم . لذلك كله يعتمد المنهج على إيجابية التلميذ المطلقة هذه الإيجابية تكون أساسا لتعلم مثمر ودافعا لنشاط متواصل برغبة وحماس يؤدى فى نهاية الأمر إلى تحقيق الأهداف بطريقة فعالة.

ثالثا : تنظيم الأنشطة فى صورة مشروعات أو مشكلات :حيث توجد مشروعات متعددة ومتنوعة : منها ما هو خاص بالطعام أو عصير البرتقال أو التفاح المركز أو مشروع صنع مستخرجات الألبان ، ومنها ما هو خاص بالزراعة مثل زراعة حديقة المدرسة ببعض الخضروات أو الزهور ومنها ما هو خاص بتربية النحل أو الدواجن أو الطيور ومنها ما هو خاص بإقامة بعض المعارض بإصدار مجلة مدرسية ، ومنها ما هو خاص بجميع طوابع البريد.

أما المشكلات التى تنصب عليها الأنشطة فهى ترتبط بحياة التلاميذ وحاجاتهم من ناحية ، كما أنها ترتبط بالمجتمع من ناحية أخرى أى أنها مشكلات تخص الفرد والمجتمع ، ويقوم التلاميذ بمجموعة من الأنشطة تستهدف محاولة حل المشكلة موضع الدراسة وهذه المشكلة بدورها تتفرع إلى مشكلات أصغر وهكذا فإذا اتجهت أنشطة التلاميذ لتنفيذ مشروع من المشروعات كعمل مربى البرتقال مثلا فإن الهدف منها لا ينحصر أبدا فى تدريب التلاميذ على عمل وإنتاج المربى وإنما الهدف الحقيقى بجانب مروره فى خبرات متعددة واكتسابه لمهارات متنوعة ينحصر فى تدريبه على مواجهة المشكلات التى تصادفه والعمل على حلها . ولكن يقوم التلاميذ بعمل المربى فإن ذلك يستدعى الحصول على كمية من البرتقال ، وكمية من السكر وكمية من الماء وبعض اللوازم الاخرى ، كما يستدعى أيضا معرفة النسب والأوزان لكل صنف من هذ الأصناف ، كما يستدعى معرفة الطريقة الواجب اتباعها وجمع المعلومات الضرورية ، كما أن تحديد كمية السكر اللازمة منها ، وعلى ضوء ذلك يتم تحديد كمية السكر اللازمة ، ولمعرفة القيمة الغذائية لمربى البرتقال ينبغى على التلاميذ معرفة مكونات الوجبة الغذائية والعناصر التى يتكون منها البرتقال وبعض الفواكه الأخرى ، وإذا تركت المربى فى جو حار لمدة طويلة فإنها تتلف وهذه مشكلة جديدة والمطلوب من التلاميذ معرفة الأسباب التى تؤدى إلى تلفها والتغيرات التى تطرأ عليها عندما تتلف وما هو الواجب عمله حتى لا تتلف ، ثم يواجه التلاميذ مشكلة أخرى تنحصر فى كمية تخزينها صحيا وما هى أنسب الأواني التى يمكن وضعها فيها وأنسب الأماكن التى يمكن تخزينها بها .

وهكذا نجد أن مشروع عمل المربى ينقل التلاميذ إلى مجالات متعددة فى كل مجال منها عدد من المشكلات وحيث أنهم يبذلون الجهود المتواصلة للتغلب على هذه المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة لها فإن هذا كله يؤدى فى النهاية إلى إكسابهم مهارة التفكير العلمى .

رابعا : لا يعد هذا المنهج مقدما :يبنى هذا المنهج على ميول التلاميذ وحاجتهم ، وحيث أن هذه الحاجات والميول تختلف من تلميذ لآخر ، وفقا لعوامل متعددة مثل : السن ، الجنس ، الحالة الاجتماعية ، الحالة الثقافية ، الحالة الاقتصادية للأسرة . ومعنى ذلك أنه لا يمكن تخطيط هذا المنهج مقدما ، بل يجب الانتظار حتى تبدأ الدراسة ويلتقى المدرس بتلاميذه ثم يقومون معا باختيار الموضوعات أو المشروعات أو المشكلات التى تتجاوب مع ميوبهم وحاجاتهم وعلى ذلك يشتركون جميعا فى وضع الخطط المناسبة وعند وضع هذه الخطط من المفروض أن يقوم المدرس بتوجيه التلاميذ نحو الخط السليم الذى يؤدى مباشرة إلى الهدف وعليه أن يتدخل من وقت لأخر لتصحيح الأخطاء التى يقع فيها التلاميذ أو لتقديم المشورة أو النصح عند اللزوم أو لتوضيح ما قد يكون غامضا أو لتكملة ما قد يكون ناقصا أو لتهدئة المناقشة إذا ما احتدت أو لإشراك التلاميذ السلبيين .

وحتى يتمكن المدرس من توجيه دفة المناقشة عليه أن يضع لنفسه مقدما بعض النقاط ويحدد الجوانب التى يجب أن تتعرض لها الخطة كأن يقوم بإعداد درس ويستعد لذلك مقدما فلا يفاجأ بش لم يكون فى الحسبان .

1- وكذا يتضح لنا أم منهج النشاط يختلف عن بقية المناهج الأخرى فى أن التخطيط له لا يبدأ إلا ببداية العام الدراسى ، أما قبل ذلك فمن المفروض أن يكون المدرس ملما بأحدث الطرق والأساليب فى تحديد وتشخيص ميول التلاميذ وحاجاتهم.

خامسا : يتخطى الحدود والحواجز بين جوانب المعرفة المختلفة:من أهم مميزات منهج النشاط أنه لا يسمح بتقديم المعلومات إلى التلاميذ فى صورة مواد منفصلة أو مترابطة بل يذهب إلى أكثر من ذلك إذ لا يحدد اطلاقا ماهية المعلومات التى يجب أن يتزود بها التلاميذ ، بل يترك لهم هذه المهمة فهم عندما يقومون بالأنشطة المتنوعة والمختلفة فى صورة مشروعات فإنهم يواجهون العقبات والمشكلات ثم يبذلون الجهود المتتالية حتى يتمكنوا من إيجاد الحلول المناسبة لها ومن بين هذه الجهود عملية جمع المعلومات اللازمة من مصادر مختلفة ، فلو عدنا مثلا إلى مشروع عمل مربى البرتقال فإن التلاميذ يجمعون معلومات عن ثمرة البرتقال من ناحية شكلها وتركيبها والمواد التى تتكون منها وقيمتها الغذائية ومقارنتها بفواكه أخرى ، كما أنهم يجمعون معلومات عن شجرة البرتقال والبلاد التى توجد فيها ، ويمتد جمع المعلومات إلى نسبة السكر بها وتحديد وزن السكر وكمية المياه اللازمة لعمل المربى وهذا يستدعى دراسة الأوزان والمكاييل والتقسيمات المناسبة والمكسب والخسارة .. وهذه المعلومات كلها فى حقيقة الأمر مرتبطة بالعلوم ( فيزياء ، كيمياء ، نبات ، حيوان ) وبالجغرافيا وبالحساب وبمواد أخرى ، ولكن لا يقوم التلاميذ بجمعها ودراستها إلا عندما يشعرون بحاجتهم إليها .

مما سبق يتضح ما يلى :

·   لا تقدم المعرفة والحقائق والمفاهيم للتلميذ فى صورة مواد منفصلة وإنما فى صورة معلومات مترابطة ، وبذلك تزول الحواجز المصطنعة التى تفصل بين أركان المعرفة المختلفة .

·   يتوصل التلميذ إلى المعرفة والحقائق والمفاهيم بجده وعمله و إطلاعة وقراءاته تحت توجيه المدرس وإشرافه  وذلك عند إحساسه بضرورة الحصول على مثل هذه المعلومات وفائدتها له ، ومعنى ذلك أن المنهج يتشمى مع التنظيم السيكولوجى الذى يتطلب إخضاع المعلومات لحاجات التلاميذ ورغباتهم واستعداداتهم.

الطرق المختلفة لتطبيق منهج النشاط  :

لقد سار منهج النشاط فى اتجاهين بينهما نوع من الاختلاف ونوع من التشابه :

الاتجاه الأول : وفيه يتم التركيز على ميول التلاميذ وحاجتهم .

الاتجاه الثانى:وفيه يتم التركيز على مواقف اجتماعية مرتبطة بحياة التلاميذ .

والاختلاف بينهما ينحصر فى أن الاتجاه الأول يركز على التلميذ تركيزا مباشرا ، إذ يبنى كل شئ على ميول وحاجاته بينما يركز الاتجاه الثانى على المجتمع ويبنى كل شئ على اتجاهاته ومشكلاته .

أما نقطة التشابه بينهما فهى أن الاتجاه الأول يركز على ميول وحاجات التلاميذ بطريقة مباشرة أما الثانى فهو يركز على اتجاهات المجتمع ومشكلاته ولا أحد ينكر أن مشكلات المجتمع تؤثر وتتأثر بالفراد وبحاجتهم وميولهم وهنا يلتقى الاتجاهان .

ويتم تنفيذ الاتجاه الأول فى صورة مشروعات فأطلق عليه ، منهج المشروعات هى الطريقة التى يتم بها تنفيذ منهج النشاط . ويتم تنفيذ الاتجاه الثانى فى صورة مشكلات مرتبطة بمواقف الحياة فأطلق البعض عليه ، منهج مواقف الحياة .

وسوف نقوم الآن بعرض تفصيلي لهذين الاتجاهين :

أولا: طريقة المشروع  :

والمشروع هو:" سلسلة من النشاط الذى يقوم به فرد أو جماعه لتحقيق أغراض واضحة ومحددة فى محيط اجتماعى برغبة وحماس" .

ومن أهم خصائص المشروع أنه سلسلة من النشاط ، ومعنى ذلك أن هذا النشاط يميد لفترة زمنية ويكون فى صورة حلقات ومراحل أى لا يتم على دفعة واحدة .ويقوم بهذا النشاط فردا أو جماعة . ولقد اجتمعت أراء المربين على أن يقوم بالمشروع جماعة من الأفراد ( التلاميذ ) ، حتى يتمكن كل فرد منهم من أداء العمل الذى يتمشى مع قدراته واستعداداته وحتى يكتسب الجميع روح العمل الجماعى التعاونى ،ولهذا النشاط أغراض واضحة ، يتفق عليها التلاميذ لأهميتها بالنسبة لهم .ويمتد هذا النشاط إلى بيئة التلاميذ ، حتى لا يظل حبيسا بين جدران المدرسة ، بحيث يتيح لهم فرصة الاحتكاك بالبيئة والتفاعل معها وفهم مشكلاتها والتدريب على حل هذه المشكلات ،كما يجب أن يتجاوب هذا النشاط مع ميول التلاميذ وحاجاتهم بأقصى درجة حتى يقبلوا عليه برغبة صادقة وحماس لا يفتر .

خطوات المشروع :

يمر بناء المشروع بأربعة خطوات رئيسة هى :

* اختيار المشروع :تعد نقطة الانطلاقة ؛حيث تتم عن طريق مناقشة جماعية يشترك فيها المعلم مع تلاميذه لاختيار المشروع ،ولهذا الاختيار أهمية كبرى لأنه الأساس الذى تبنى علية بقية الخطوات فإذا ما أسئ اختياره فلن يحقق الأهداف التربوية المرجوة منه وينتج عن ذلك مجهودات كبيرة يقوم بها التلاميذ دون فائدة تذكر .حيث يقوم المدرس بدور القطبان الذى يقود السفينة ، فيتيح الفرصة أمام التلاميذ لاقتراح بعض المشروعات ثم تدور المناقشة حول مدى أهمية وفائدة كل مشروع مقترح ومدى موافقة المجموعة على كل مشروع ، وحتى إذا وافق جميع التلاميذ فى هذه الحالة لإلقاء الضوء على المشروع المقترح بحيث يظهر لهم ما به من عيوب ولإقناعهم بالبحث عن مشروع آخر ، ومن المستحسن أن يجوز المشروع المختار على موافقة أكبر عدد من التلاميذ وعلى مراعاته لمجموعة من الأسس المتفق الشروط الواجب توافرها لاختيار المشروع :

1- أن يكون المشروع متمشيا مع ميول التلاميذ مشبعا حاجتهم .

2- أن يكون المشروع مرتبطا بواقع حياة التلاميذ ، حتى تكون فائدته ملموسة .

3- أن يتيح الفرصة لمرور التلاميذ فى خبرات متنوعة ، ويعمل على تحقيق أهداف متعددة ، .

4- أن يعمل المشروع على مرور التلاميذ بخبرات متنوعة ، بحيث تغطى كافة المجالات وكلما تنوعت الخبرات ساهمت فى تحقيق العديد من الأهداف التربوية .

5- أن تكون المشروعات متنوعة ومتوازنة ومترابطة .

5- أن يتم المشروع فى وقت محدد ومخطط له مسبقا.

6- أن يراعى المشروع امكانية التلاميذ والمدرسة والبيئة.

* تخطيط المشروع :بعد اختيار المشروع تأتى مرحلة وضع الخطة ومن المفروض أن يقوم بها التلاميذ تحت إشراف المعلم وتوجيهه ، وعادة ما يقع التلاميذ فى أخطاء كثيرة عند وضع الخطة وهنا يجب على المعلم أن يتدخل ليصحح الخطة ويبين للتلاميذ النتائج التى قد تترتب على وضع الخطة ومن الواجب مراعاة النقاط التالية :

·           أن تكون أهداف المشروع واضحة جدا بالنسبة للتلاميذ حتى يسهل عليهم اختيار النشطة والوسائل التى تعين على تحقيقها .

·     تحديد الأشياء والمواد التى يلزم الحصول عليها لتنفيذ المشروع وكذلك تحديد كيفية وأماكن الحصول عليها . فإذا انصب المشروع مثلا على عمل مربى فإنه يجب الحصول على كمية من الفاكهة وكمية من السكر وبعض الخامات الأخرى وموقد وبعض الأوانى إلخ ... ويتطلب المشروع اختيار المكان المناسب لتنفيذه والأماكن التى سيتم حفظ المربى.

·           تحديد خطوات المشروع وما هو الواجب عمله فى كل خطوة والمدة اللازمة لتنفيذها.

·     تحديد الأنشطة اللازمة ووضع خطة لتنفيذ كل منها : فمشروع عمل المربى الذى أشرنا إليه سبقا يتطلب القيام ببعض الأنشطة ، نذكر منها على سبيل المثال ما يلى : الذهاب للسوق لشراء بعض المستلزمات ، زيارة ميدانية لبعض المصانع المنتجة للمربى ، زيارة لبعض بساتين البرتقال ، قراءة كتاب أو مجلة لجمع بعض المعلومات اللازمة .

·     تحديد الدور الذى تقوم به كل مجموعة من التلاميذ ، كذلك الدور الذى يقوم به كل فرد داخل المجموعة وفقا لقدراته واستعداداته وميوله .

وعند وضع الخطة يجب على المعلم أن يتيح الفرصة أمام كل تلميذ ، لكى يعبر عن رأيه مهما كان هذا الرأى كما يجب عليه أيضا أن يعود التلاميذ على سماع الرأى والرأى الأخر أو الاقتراح الذى يتقدم به احدهم وعدم مقاطعته عند عرض اقتراحه ، كما يجب عليه أن يعودهم أيضا على احترام رأى الأخرين وعلى التأنى عند إصدار الأحكام على هذه الأراء .

* تنفيذ المشروع :عند تنفيذ خطة المشروع يتابع المعلم التلاميذ بحرص واهتمام حتى يتمكن من توجيههم وارشادهم وليس معنى ذلك ان يتدخل المعلم عند وقوع التلميذ فى خطأ ما عند التنفيذ بل عليه أن يتركب حتى يفهم خطأه بنفسه لأن الإنسان كثيرا ما يتعلم من أخطائه ومن واجب المعلم التدخل فقط عند الضرورة وخاصة عندما يدرك أن التلميذ قد وقع فى خطأ له تأثير بالغ فى تنفيذ المشروع حتى لا يحدث انحراف فى خط السير المرسوم ,وحتى لا يتعثر التلاميذ بطريقة تعوقهم عن المضي فى التنفيذ.

ومن واجب المعلم أيضا أن يقدم المشورة لمن يطلبها , وفى حالة حدوث مشكلة غير متوقع يمكن أن يعقد اجتماعا مع التلاميذ لدراسة هذه المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها . كما أن من واجبه أيضا مراقبة التلاميذ ليعرف مدى إقبالهم على تنفيذ ما هو مطلوب منهم بحيث يتمكن من مساعدتهم على تحديد نشاطهم ومد يد المعونة لكل من يحتاج .

أما بالنسبة للتلاميذ فإن عليهم أن يسجلوا النتائج التى يتم التوصل إليها ، وأن يدونوا بعض الملاحظات التى تستدعى المناقشة العامة وكذلك المشكلات التى واجهتهم دون توقع وكيفية التغلب عليها . وعند تنفيذ المشروع لا يجب أن يوجه التلاميذ كل نشاطهم إلى الإنتاج ، لأنه ليس هدفا فى حد ذاته ، وإنما الهدف هو أن يتمكن التلاميذ من خلال تنفيذ المشروع ومن خلال تدريبهم على الإنتاج اكتساب مهارات وعادات ومعلومات ذات فائدة كبرى لهم .

* تقويم المشروع :يقوم التلاميذ بتوجيه معلمهم بمناقشة ما تم تنفيذه ؛وذلك للحكم على المشروع وفقا للنتائج التى تم التوصل إليها .وفقا لما يلى :

1-الأهداف:

* هل تحققت الأهداف التى وضع المشروع من أجلها .

* ما الدرجة التى تحقق بها كل هدف؟

* ما المعوقات التى وقفت أمام تحقيق بعض الأهداف؟

* كيف تمت مراجعة هذه المعوقات؟

2-الخطة:

* هل كانت الخطة التى وضعها التلاميذ دقيقة ومحكمة؟

* هل حدث تعديل فى جوانب الخطة أثناء التنفيذ؟

* هل تم تنفيذ الخطة فى الوقت المحدد لها ؟

* هل كانت الخطة مرنة بالدرجة الكافية ؟

3- الأنشطة :

* هل كانت الأنشطة التى قام بها التلاميذ متنوعة ؟

* هل حققت هذه الأنشطة أغراضها ؟

* ما مدى إقبال التلاميذ على هذه الأنشطة ؟

* هل توفرت الإمكانات اللازمة لتحقيق هذه الأنشطة ؟

* هل انتهت الأنشطة فى الوقت المحدد لها ؟

4- مدى تجاوب التلاميذ مع المشروع :

* هل إقبال التلاميذ على المشروع بحماس ؟

* هل أحس التلاميذ بالارتياح بعد الانتهاء من المشروع ؟

* هل كانت بينهم تعاون عنده تنفيذه ؟

* هل ساعد هذا المشروع فى تنمية ميول جديد لدى التلاميذ ؟

5- كتابة التقرير عن المشروع :

بعد انتهاء التلاميذ من تنفيذ المشروع يجب على المعلم أن يقوم بكتابة تقرير شامل عن هذا المشروع مستعينا فى ذلك بنتائج عملية التقويم من ناحية وبملاحظاته المتعددة التى سجلها أثناء المناقشات التى دارت حول اختيار المشروع ووضع الخطة له ثم اثناء تنفيذه . ومن المفروض أن يتعرض التقرير للنقاط التالية :

1-   أهداف المشروع وما تحقق منها وأهم المعوقات التى صادفها التلاميذ .

2-   خطة المشروع التى وضعها التلاميذ والتغيرات التى طرأت عليها بعد ذلك .

3-   الأنشطة المختلفة التى قام بها التلاميذ والمشاكل التى واجهتهم عند القيام بها .

4-   الفترة الزمنية التى استغرقها المشروع من وقت اختياره وحتى الانتهاء منه .

5-   الاقترحات التى يراها المعلم ضرورية لتحسين المشروع .

ثانيا : الطرق القائمة على مشكلات اجتماعية :

انتقد بعض المربين طريقة المشروع ، نظرا لأنها تركز بالدرجة الأولى على ميول التلاميذ ورغباتهم وحاجاتهم لأنهم رأوا فى شدة التركيز على التلميذ إهمال المجتمع وحاجاته واتجاهاته، وحيث إن المدرسة ماهى إلا مؤسسة اجتماعية فإن طريقة المشروع لا تتيح لها القيام بوظيفتها الاجتماعية بالدرجة المطلوبة ، على أن يكون لهذا الاتجاه صية اجتماعية ، وبذلك يختلف عن الاتجاه الأول فى نقطة البداية والانطلاق ، ولكنهما يلتقيان فى نهاية المطاف حول تحقيق مجموعة مشتركة من الأهداف ، وذلك عن طريق الأنشطة التى يقوم بها التلاميذ فى كل منها .

وعلى هذا الساس يمكننا القول أن هذين الاتجاهين يمثلان منهج النشاط والخلاف بينهما ينحصر فى أن الأول ينطلق من ميول التلميذ وحاجاته ، بينما ينطلق الثانى من مشكلات المجتمع وحاجاته ، ويتم تحقيق هذين الاتجاهين عن طريق النشاط لكى يحققا فى نهاية أهدافا تربوية فى منتهى الأهمية ، ونحن نعتبر أن هذين الاتجاهين مكملان أحدهما وسوف نتبين أهمية هذا الرأى فى الصفحات الآتية :

اختيار المشكلة وتحديدها :يقوم التلاميذ بالاشتراك مع المعلم باستعراض بعض المشكلات المؤثرة فى حياتهم وتدور بينهم تحت اشراف المعلم وتوجيهه مناقشة حول أهمية كل مشكلة والفائدة المرجوة من دراستها والامكانات المتاحة للمساهمة فى حلها ، ثم يعملون على مقارنة هذه المشكلات ، حتى يتم اختيار احدها بعد موافقة معظم أفراد المجموعة عليها ، وبعد ذلك يقوم التلاميذ بصياغة عنوان واضح ومحدد لهذه المشكلة .

أسس اختيار المشكلة :

1- أن يكون للمشكلة فائدة تربوية كبرى ، بحيث تساهم فى تحقيق أكبر قدر من الأهداف التربوية ، مثل تنمية القدرة على التفكير العلمى ، تنمية روح التعاون والتضامن بين أفراد المجموعة ، تنمية القدرة على التخطيط واكتساب معلومات جديدة لها بحياة التلاميذ ويجب أن ندرك أن الهدف الرئيسى لدراسة المشكلة ليس هو تمكن التلاميذ من حلها وإنما الهدف هو إتاحة الفرصة أمام التلاميذ للتدريب على حلها ، ومن خلال هذا التدريب والجهد والنشاط الذى يبذل فى هذا المجال تتحقق الأهداف التربوية التى أشرنا إليها .

2- أن ترتبط المشكلة بحياة التلاميذ ارتباطا وثيقا ، بحيث يقبلون عليها برغبة وحماس وأن تعمل فى الوقت نفسه على إشباع حاجاتهم .

3- أن تكون المشكلات متنوعة ، بحيث تنبع من مصادر مختلفة مثل  الأزمات الحادة التى يعانى منها المجتمع مثل أزمة الموصلات، مشكلة من المشكلات التى تسود فى المجتمع مثل انتشار الأمية وعدم الإقبال على التعليم المهنى ، تنظم النسل ،اتجاه من الاتجاهات الضارة السائدة بالمجتمع مثل : التسيب واللامبالاة ، عدم احترام ملكية الدولة ، عدم احترام القانون ، عدم احترام الرأى الآخر الرأى الآخر ، الأنانية المطلقة ، الإهمال والفوضى ،أو العمل على تنمية بعض الاتجاهات نحو البيئة مثل : المحافظة على البيئة ، خدمة البيئة ، ، تطوير البيئة والقدرة على التكيف الاجتماعى .

4- أن يراعى عند اختيار المشكلات قدرات التلاميذ وإمكانات المدرسة والبيئة فلا يتم اختيار مشكلة إلا إذا كان لدى التلاميذ القدرة على دراستها بطريقة إيجابية ، ولابد ايضا من توافر الإمكانات التى تسمح بدراستها فى المدرسة والبيئة .

5- أن يراعى عند اختيار المشكلة الفترة الدراسية اللازمة لدراستها ، ولا يجب أن تطول مدة الدراسة المشكلة بحيث يتمكن التلاميذ من دراسة عدة مشكلات فى العام الدارسى نفسه.

وضع خطة لدراسة المشكلة وتحديد جوانبها :

ويشترك التلاميذ مع المعلم فى وضع خطة لدراسة المشكلة وتحديد جوانبها واختيار الأنشطة وتوزيعها على مراحل زمنية وتحديد الدور الذى يقوم به كل منهم عند تنفيذ هذه الأنشطة .ويتطلب هذا منهم وضع الخطة وتقسيم المشكلة إلى عدة مشكلات رئيسية ، ثم تنقسم كل مشكلة رئيسية إلى عدة مشكلات فرعية ولو تعرضنا إلى أية مشكلة من المشكلات الكبرى للمجتمع الكبرى للمجتمع لوجدنا أنه يمكن تقسيمها إلى أربع مشكلات رئيسية هى :

·  ماحجم المشكلة ؟

·  ما المشكلات التى تنتج عن استثمراها ؟

·  ما أسباب المشكلة الحادة ؟

·  ما أنسب الحلول لها ؟

وتنقسم كل مشكلة من هذه المشكلات الرئيسية إلى مشكلات فرعية .

تنظيم المشروعات أو المشكلات فى منهج النشاط :

يتضمن منهج النشاط كما سبق أن أوضحنا مجموعة من المشروعات أو المشكلات التى يقومون بدراستها كل عام ، ولهذا السبب لا يمكن وضع مخطط عام يتضمن أسماء المشروعات أو المشكلات التى يجب على التلاميذ القيام بها ثم توزيعها على سنوات الدراسة ، ومن هنا تختلف الوحدات الدراسية بحيث يخصص عدد من الوحدات لكل صف دراسى ، أما بالنسبة للمشروعات فلا يمكن تحقيق ذلك بالمرة .

ويتطلب تنفيذ مشروعات إلمام التلاميذ ببعض المهارات الأساسية واكتسابهم لبعض المهارات التى لا غنى عنها ، وحيث أن ذلك يتطلب وقتا طويلا قد لا يسمح به الزمن المخصص للمشروع فإن المدرسة بإمكانها أن تخصص وقتا معينا لتزويد التلاميذ بالمعلومات المطلوبة أو لتدريبهم على اكتساب المهارات الضرورية ، على أن يتم ذلك خارج نطاق الوقت المخصص لتنفيذ المشروع أو دراسة المشكلة . ومن أمثلة ذلك :

·      إتقان التلميذ لعمليات الحساب الأساسية وهى الجمع والطرح والضرب والقسمة .

·      استخدام بعض الرموز الجبرية .

·      معرف بعض قواعد اللغة التى يحتاج إليها التلاميذ بشدة عند إلقاء خطبة أو كتابة تقرير ، ومن أهم هذه القواعد التميز بين الجملة الاسمية ، ورفع الفاعل أو نصب المفعول ، المستثنى ، الصفات ، الحال .

·      استخدام بعض قواعد الإملاء التى يكثر التلاميذ من الخطأ فيها مثل الهمزة .

·      التدريب على استعمال آلة موسيقية أو جهاز من أجهزة المعامل .

·      التدريب على رسم الخرائط ووضع البيانات عليها .

وعندما تقوم المدرسة بتزويد التلاميذ ببعض معلومات أو تدريبهم على اكتساب بعض المهارات ، فمن الضرورى أن يشعر التلاميذ بالحاجة إلى هذه المعلومات والمهارات عند قيامهم بتنفيذ أحد المشروعات وأن يشعروا باهميتها القصوى لهم ، وبالتالى فإن المدرسة لا تفرض عليهم المعلومات .

ضرورة الجمع بين المشروعات والمشكلات :

سبق أن أوضحنا أن منهج النشاط ينظم ف�

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 758 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,621