الجذور التاريخية لتكنولوجيا التعليم:
العلم – أى علم – كالكائن الحى له جذور ودعاماته يستحيل أن يكون نبتا عشوئيا مقطوع العلاقة مقطوع الصلة، وترى ذلك واضحا فى تاريخ العلوم على مر العصور يأخذ بعضها من البعض الأخر وينبت وينمو ويترعرع ثم تكون له مملكته الخاصة.
وعلم تكنولوجيا التعليم يدين بالوجود والجذور والأصول والدعامات لمجموعة متنوعة من العلوم استمد منها بنيانه وأسهمت فى تشكيل ملامحه وأبرزت هويته، هذه الجذور يمكن تحديدها فى ضوء آراء علماء تكنولوجيا التعليم فى بحوث الوسائل التعليمية وتجاربها، وبحوث الاتصال، ومفهوم التكنولوجيا، ومدخل المنظومات، والتعلم المبرمج، والإدارة بالأهداف إلى جانب الكتابات المتعددة عما يمكن أن نطلق عليه التشخيص التربوى الذى يهتم بالكشف عن مواطن المرض فى النظم التربوية التقدمية مع الإسهامات غير المقصودة من علماء النظرية التربوية التقدمية التى نادت بالتعليم المتمركز حول المتعلم، وعلماء النظرية التربوية التقدمية التى نادت بالتعليم المتمركز حول المتعلم، وعلماء القياس التربوى، وتحليل المهارات، وتطوير المناهج، والتخطيط التعليمى وغيرها من العلوم.
والمدقق فى العملية التربوية يجد إشارات سريعة إلى ذلك فى التراث التربوى قديمة وحديثة وفى الفكر الإدراى والفني والهندسي.
وتعد الوسائل التعليمية أعمق جذور تكنولوجيا التعليم، فأثرها واضح فى البنيان والهوية والوجود وهى بلا أى خلاف مجموعات المواد والأدوات والأجهزة التى يستخدمها المعلم فى الموقف التعليمى لتحسين التعليم، ورفع مستواه، مواد وأدوات وأجهزة أنتجها العلم بمواصفات محددة وفى ضوء تجارب حقيقية لتكون بين يدى المعلم والمتعلم فى البيئة التعليمية.هذه الوسائل التعليمية هى من المنظور التاريخى ليست حديثة فقد لازمت الإنسان منذ ظهر على وجه الأرض ومنذ بدأ يتعلم، كانت بدايتها مع ابن أبينا آدم عندما بعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوأة أخيه، هذا العرض العلمى التوضيحى كان أول وسيلة تجرى فى ساحة التعليم بعدها عرف الإنسان الكتابة والسبورة والكتاب والألواح والعدادات والصور والأفلام الصامتة والمتحركة والراديو وأجهزة تسجيل الصوت والتلفزيون والفيديو ثم المصغرات الفيلمية والكتب المبرمجة والكمبيوتر وما يستجد.
هذا التطور الذى حدث فى الوسائل التعليمية يختلف عن التطور فى جوانب الحياة الأخرى فسنة التطور تقتضى أن يحل محل القديم إلا أن الجديد من الوسائل تعايش مع القديم ولم يحل محله، وأصبح يؤدى كل منهما دوره على الوجه المطلوب. ولقد أجريت العديد من الدراسات فى هذه الفترة توضح خصائص كل وسيلة ومميزاتها، والعائد منها فى العملية التربوية. ويرجع العديد من الباحثين البداية الحقيقية للاستخدام الموسع للوسائل التعليمية بعد الحرب العالمية خاصة بعد أن أثبتت الوسائل التعليمية فعاليتها فى تدريب الجنود على استخدام الأسلحة الحديثة.
ثم جاءت المرحلة التالية والتى تزعمها "جون ديوى "حيث أسفرت عن تنظيمات جديدة للمناهج كمنهج النشاط والمنهج المحورى بهدف ربط المتعلم بالواقع.
ولكن من الملاحظ أن هذه الفترة تميزت بالعمومية ؛حيث اتجهت البحوث إلى مقارنة التدريس بالطرق التقليدية مقابل التدريس باستخدام الوسائل التعليمية.ثم جاءت المرحلة التالية والتى اتجهت فيها البحوث إلى تناول الوسائل التعليمية كمفردات فقارنت بين استخدام وسيلة وأخرى لبيان أثر كل منها والفروق بينها فى عمليتى التعليم والتعلم.
ثم تطورت الدراسات والبحوث لتتناول الخصائص المميزة لنوعيات متعددة من الوسائل والأجهزة من حيث قدرتها على تقديم مثيرات تعليمية متميزة كاللون والحركة وتكرار عرض الوسيلة وفعالية معدل السرعة. ..الخ.
ثم جاءت مرحلة أخرى وهى مرحلة تصميم الموقف التعليمى على شكل نموذج أو نظم أخذت مدخلاتها من أسلوب المتعلمين ونظريات التعلم، واهتمت بالمتعلم كفرد مستقل عن غيره من المتعلمين، حتى تكون النماذج مناسبة لقدراته وميوله، تواجه مشكلة واقعية تتصدى لحلها. والسمة الواضحة لهذه المرحلة أنها استراتيجيات تعليمية تحقق أهدافا محددة، وكانت من أهم ثمارها التعلم المبرمج والموديولات التعليمية والنظام الشخصى للتعليم ونظام الفيديو التفاعلى وغير ذلك من النظم التى أصبحت نماذج تعليمية جاهزة تم تجريبها وتقويمها وتطبيقها بكفاءة.
ولقد اتسعت دائرة البحوث أيضا لتشمل دراسة فائدة الجدوى الاقتصادية للوسائل التعليمية وموصفات مراكز الوسائل التعليمية فى الإدارات، والكفايات الخاصة بالعاملين. وتطورت البحوث وانتقلت إلى مجالات جديدة مثل شبكة المعلومات وتطبيقاتها التربوية، والأوعية المتطورة مثل أقراص الكمبيوتر وبرامجه وإمكاناته.
ساحة النقاش