الاتجاه الأول : التفريد Individualization : نتيجة للدراسات السابقة التي أجريت في علم نفس الفروق الفردية فقد توصل العلماء إلي أن هناك فروقاً فردية بين المتعلمين في الجوانب المختلفة ، والتي تؤثر بالتالي في طريقة تعليمهم وتعلمهم ؛ فقد ظهرت نتيجة لذلك العديد من الاستراتيجيات التدريسية ، التي أطلق عليها استراتيجيات التفريد لمراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين ، في مواقف التعليم والتعلم بجميع أبعادهما ، ما أنعكس على تصميم برامج تعليم وتعلم اللغة بصفة عامة وبرامج القراءة بصفة خاصة .
ويعرف تفريد التعليم بأنه " تقديم المعلومات والمهارات والخبرات، وغيرها من جوانب التعلم ، مع مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين ، من خلال برنامج تعليمي يمد كل متعلم بمقررات دراسية تتناسب مع حاجاته وإدراكاته واهتماماته، ويكون كل متعلم حراً في اختيار المادة التي تناسبه ، ويتفاعل مع البيئة التعليمية ، وفقاً لقدراته وبطريقته الخاصة .
انعكاسات أساليب تفريد التعليم في برامج القراءة .
1- برامج الوحدات التعليمية الصغيرة Modular Instruction :
هو أحد أساليب التفريد ، التي تقوم على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين ، وهو أسلوب تعليم وتنظيم للمحتوى في صورة وحدات تعليمية مستقلة ؛ حيث تتضمن كل وحدة أهدافاً ومحتوى وأنشطة ووسائل تعليمية وأدوات تقويم خاصة بها ، وذلك من أجل تحقيق مستوى معين من التعلم قد تم تحديده سلفاً.
وفى ضوء ذلك يتم إعداد وتقديم برنامج القراءة على النحو التالي:
- تقسيم المقرر إلي دروس على أن تستغرق دراسة كل دراسة ساعة أو عدة ساعات.
- إعداد كل دراسة في صورة وحدات تعليمية صغيرة متكاملة في الأهداف والأنشطة والوسائل والمحتوى والتقويم ، وذلك على النحو التالي : تحديد الأهداف العامة – تحديد الأهداف السلوكية – توزيع الأهداف المعرفية والمهارات الوجدانية فى صورة أهداف لوحدات تعليمية مصغرة – وضع تعليمات دراسة الوحدة – تحديد الأنشطة المسارية الخاصة بدراسة الوحدة – تحديد الأنشطة التعليمية المتضمنة في الوحدة (قراءة مادة مطبوعة ، الإطلاع في المكتبة ، الإجابات على اختبارات، مشاهدة لقطات فيديو ...)، - تحديد الوسائل التعليمية – اختيار وتنظيم المحتوى للقراءة الخاصة بالوحدة – إعداد القياس القبلي والبعدي للوحدة – تطبيق القيا القبلي على التلاميذ وتقديم الوحدة لمن تناسبهم من تلاميذ – إعطاء كل تلميذ الوقت اللازم لدراسة الوحدة – القياس البعدي لكل تلميذ بعد انتهائه من دراسة الوحدة توجيه التلاميذ حسب درجاتهم فى القياس البعدي للوحدة من تجاوز الامتحان ينقل لوحدة أخرى ، ومن أخفق يعاود دراسة الوحدة مرة أخرى .
2- برامج التعلم بالتعاقد Learning by contract :
هو ذلك التعلم الذي يتم بناءً على عقد بين المعلم والتلميذ ، يوضح أهداف التعلم ، ومحتواه ، ووسائله ، وأنشطته ، ومكانه ، وزمانه ، وأساليبه تقويمه ، وهو احد أساليب التفريد التي تراعى في تصميمها وتنفيذها الفروق الفردية بين المتعلمين .
ويعرفه البعض بأنه اتفاق مكتوب بين الطالب والمعلم وينص على قبول المعلم تعليم الطالب من خلال مواقف تفاعلية داخل المدرسة وخارجها .
وبناء على ذلك يتم بناء وتقديم القراءة على النحو التالي :
تحديد طرفي العقد (المعلم والمتعلم) – تحديد أهداف البرنامج القرائي – تحديد نوع العقد تحديد شروط العقد . – تحديد المحتوى العلمي (موضوعات القراءة التي سستم دراستها ، مراد إكسابها للطالب / للطلاب ، والتي تم اختيارها في ضوء أهداف البرنامج ، والتي يشارك المتعلم في اختيارها) – تحديد الوسائل التعليمية – تحديد الأنشطة التعليمية والمعلم معاً على أن تلقى القبول من طرفي العقد – تحديد المكان – تحديد الوقت المستغرق في البرنامج – تحديد طرائق التدريس – وأدوات التقويم .
1- التعلم بالإتقان:
يقصد بالتعلم للإتقان الوصول للتعلم المثل كمياً وكيفياً لدى المتعلمين، وذلك من خلال تحقيق مجموعة من أهداف التعلم ، المحددة سلفاً وفق مستوى معين. ويرى تورشن (Torshen) أن التعلم الإتقاني ظهر ليعالج القصور القائم فى طرائق التدريس التقليدية في إجراءاتها ونتائجها .
ويعد جون كارول، وبنجامين بلوم مؤسسي التعلم للإتقان ؛ حيث وضع الأول النظرية وحول الثاني لنظرية إلي نموذج يعرف باسم " التعلم الإتقان لبلوم "، وفي ضوء خطوات التعلم للإتقان التي حددها جونسون ، يتم بناء برامج القراءة على النحو التالي : (إعداد الأهداف العامة – تحديد الأهداف الفرعية – تحديد مستوى الإتقان المطلوب ، اختيار المحتوى القرائي وتنظيمه – تحديد الأنشطة التعليمية – اختيار طرق تدريس متنوعة – الوسائل التعليمية المناسبة التي يمكن استخدامها بصورة فردية – والتقويم المستمر تقديم البرنامج – التدريس العلاجي – التقويم النهائي .
2- برامج نظام التوجيه السمعي Audio Tutorial system:
يعد عالم النبات الأمريكي يوستلت ويت بجامعة برديو بولاية أنديانيا الأمريكية المؤسس الأول لهذا النوع من التعلم الفردي ، وهو تعلم فردى يعتمد على استخدم التسجيلات الصوتية كمصدر أساسي لتقديم المعلومات كما تستخدم لتوجيه المتعلم وإرشاده أثناء عملية التعلم ، وتعرض المادة المسجلة بصوت المعلم أو أستاذ المادة لخلق الألفة بين المعلم والتلميذ وحتى يكون موقف التعلم مشابها للتدريس الخصوص ، ويمكن هذا النظام المتعلم التلميذ من الحكم في عرض المحتوى العلمي المسجل على مادة سمعية حيث يمكنه إيقاف التسجيل عند نقطة معينة ليقوم بنشاط معين كقراءة في كتاب أو إجراء تجربة أو مناقشة زميل أو معلم، وغير ذلك من الأنشطة ، ثم يعود مرة أخرى لمتابعة التسجيل، ويتميز بالمرونة وإمكانية الإعادة والتكرار لأجزاء معينة في أي وقت يرده المتعلم ، كما تستخدم المواد السمعية أيضا في تقويم وتعزيز استجابات التلميذ في الموضوعات المختلفة ويتكون النظام من (الدراسة المستقلة الموجهة داخل معمل التعلم الذاتي – والمحاضرة – والتقويم) .
3- برامج التعليم الشخصي Instruction Personalized :
هى أحد برمج تفريد التعليم ، التي تحتاج إلي ممارسات تعليمية معينة تتم في بيئة التعلم ، ومنها يساعد المعلم الطلب في وضع خطط التعلم الشخصي ، ومعرفة نقاط القوة والضعف لديه ، وتجهيز بيئة التعلم بما يتوافق مع حاجاته واهتماماته ، فهو تعليم قائم على أساس شخصي ، وقد وضع كيف وجنكينز (Keefe & Jenkins 2000) ستة عناصر للتعليم الشخصي هي :
- دور المعلم المزدوج المتمثل في كونه مدرباً ومستشاراً – تشخيص حالة الطالب – تنمية ثقافة الزمالة لدى الطالب – بيئة تعليمية التفاعلية تتمثل في – جدول زمني مرن بهيكل وتصميم منسب – التقويم الأصل للطالب .
4- برامج الحقائب التعليمية Instructional - Packages :
هى عبارة عن برامج تعلم ذاتي ، قائمة على التفريد والتعددية في الوسائل والأنشطة والمحتوى وطرق العرض والتقديم ، مما يتيح للمتعلم فرص الاختيار من بين تلك البدائل على تحقيق أهداف التعلم .
وتتضمن مجموعة من التوجيهات والإرشادات، التي توجه المتعلم خطوة بخطوة لتحقيق أهداف التعلم المحددة تحديداً دقيقاً في بداية الرزمة التعليمية، للتأكد من تحقيق هذه الأهداف على الوجه المطلوب.
5- التعلم البرنامجي Programmed Instruction :
أحد أساليب التعلم الذاتي، الذى يتضمن مادة تعليمية مبرمجة ، وأهدافاً ، ويصمم البرنامج التعليمي في صورة مجموعة من الأطر المتتابعة ، ويتناول كل إطار جزء من محتوى المادة التعليمية ، وتنظم هذه الأطر في تتابع عين (طولي أو المتشعب) ، ويسير المتعلم في دراستها وتعلمها وفق هذا التتابع وسرعته في العلم ، مع اشتمال كل إطار على أسئلة ، لتقويم تعلم محتوى الإطار أو مجموعة من أطر البرنامج ، كما يتضمن في نهاية البرنامج أسئلة لتقويم ما يحققه المتعلم كلياً ، ويمكن للمعلم أن يعد بنفسه أو بالتعاون مع زملائه مادة تعليمية مبرمجة ، تلاءم أهداف التعلم المراد تحقيقها .
ويتميز التعليم البرنامج بمراعاته للفروق الفردية بين المتعلمين ، وجمع المعلومات الدقيقة حول المتعلمين ، كم أن المتعلم يكون نشطاً في مواقف التعلم ، ووضح الأهداف. كما يعمل على تنمية التقويم الذاتي لدى المتعلم ، مع وجود تغذية مرتجعة تساعد على تحسين تعلمه ؛ حيث يرى البعض أن التعلم البرنامجي يعد المصدر الرئيس لأساليب التقييم الذاتي .
6- التعلم بمساعدة الحاسب Computer Assisted Instruction :
نظراً للانتقادات التي وجهت للتعلم البرنامجي ، وخاصة البرامج الطولية حيث تعمل على تشجيع الحفظ لدى الطلاب ، لأن أسئلته تتطلب من الطالب إجابات محددة ، ونمطية فقط ظهر التعلم بمساعدة الحاسب الآلي (CAI) حيث يحتل الكمبيوتر مكان الكتاب في تقديم الدرس بأجزائه المختلفة ، فيدرسها الطالب ثم يجيب عن الأسئلة كتابياً على الحاسب ، والذي يقوم بدوره في تقديم التغذية المرتدة للتلميذ حول إجابته، مع السرعة والدقة والتنوع في المعالجة والتعليق، التي يتميز بها الكمبيوتر ، وهذا ما يتميز به هذا النوع من التعلم، مع وجود المعلم موجهاً ومرشداً ، ويمكن للمعلم أن يستخدم الكمبيوتر في زيادة دافعية المتعلمين ، من خلال أنشطة كمبيوترية إبداعية مختلفة ، توف فيها إمكانيات الكمبيوتر وبرامجه المختلفة كأن يستعين المعلم ببعض الألعاب الكمبيوترية المشوقة في تقديم الكلمات ، كما يستعين بالكمبيوتر فى تحقيق تواصل فعال مع طلابه .
ومن الدراسات التي عنيت ببناء برامج أو وحدات استخدمت فيها أساليب التفريد دراسة " على إبراهيم إسماعيل " 2003 ، والتي عنيت بالبحث عن فعالية برنامج مقترح ، لتنمية مهارات القراءة الوظيفية بمساعدة الحاسوب واتجاهات طلاب المرحلة الثانوية نحوها، ولتحقيق ذلك، تم تحديد قائمة بمهارات القراءة الوظيفية، وعمل برنامج قائم على مساعدة الحاسب فى ضوئها ، البرنامج لمجموعة تجريبية من طلاب المرحلة الثانوية ، دون المجموعة الضابطة مع القياس القبلي والبعدي، باستخدام مقياس لمهارات القراءة الوظيفية، وأوضحت النتائج تفوق المجموعة التجريبية على الضابطة.
ومن الدراسات الأجنبية دراسة " لاينش " (Lynch 2000) التي عنيت بتعليم القراءة لطلاب المرحلة الثانوية بمساعدة الحاسب، من خلال نظام (المساعد التعليمي على القراءة النشطة RITA) وهو نظام قائم على الكمبيوتر ، يمكن من خلاله مساعدة المعلم / الطالب على القراءة ، أو يكون بديلاً إليكترونياً عن المعلم ، يساعد الطالب على التعلم فردياً وفقاً لقدراته ، وقد قيمت الدراسة فاعلية هذا النظام على مدى عشرة أسابيع ، وتوصلت الدراسة إلي فاعلية هذا البرنامج في مساعدة الطلاب على تعلم القراءة إضافة إلي مميزاته الاقتصادية العالية .
وهدفت دراسة أوجلس وآخرين (Ogles et. al. 1990) إلي معرفة أثر استراتيجية التعلم بالتعاقد في تنمية مهارات القراءة والكتابة لدى الراشدين ؛ حيث تم عمل برنامج قائم على التعلم بالتعاقد وطبق على عينة قوامه (76) طالباً ، منهم (39) يمثلون المجموعة التجريبية التي درست البرنامج القائم على التعلم بالتعاقد ، (37) يمثلون الضابطة التي درست بالطريقة السائدة . وتوصلت الدراسة إلي فاعلية التعلم بالتعاقد فى تحسين التحصيل ، وزيادة الدافعية ، والاحتفاظ بالتعلم ، وفى تنمية مهارات القراءة والكتابة .
بينما سعت دراسة كيم (Kim 2002) بجامعة تكساس بأمريكا إلي معرفة دور الكمبيوتر في استراتيجيات القراءة وفهم ووعى طلاب المدارس العليا بالمنظومة الأساسية للتعليم حيث تم عمل برنامج حاسوبي ، يتناسب مع نظم التعلم الحديثة ، وقد تم تطبيق البرنامج على (23) طالباً تم اختيارهم عشوائياً واستغرقت الدراسة من (25 – 50) دقيقة أسبوعياً ، ثم تم قياس الطلاب باستخدام مقياس " وود كول " ومقياس " باساج " بالإضافة إلي إجراء مقابلات مع الطلاب وقد كشفت الدراسة عن وجود علاقة وثيقة بين استخدام الحاسب في استراتيجيات القراءة ، وتحسن مستوى الطلاب في القراءة ، وقد أتضح ذلك من الفروق الدالة بين درجات المجموعة التجريبية ، التي استخدمت الحاسب الآلي والمجموعة الضابطة التي لم تستخدمه .
ساحة النقاش