هناك العديد من العوامل والأسباب التي قد تؤدي إلى العسر القرائي , فقد تكون هذه الأسباب وراثية , وقد تكون أسباب بيئية , وقد تكون جسمية : كالصحة العامة, أو عجز في حاسة البصر , أو عجز في حاسة السمع , والنطق والكلام , والقدرات العقلية , والاستعداد اللغوي, وضحالة الثروة اللغوية والخبرات السابقة . كما أن المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأسرة قد يؤدي إلى العسر القرائي, وذلك لأن التلميذ الذي ينتمي إلى أسرة متعلمة ومثقفة ولديها القدرة على توفير الكتب لأبنائها يكون لدى أطفالهم القدرة على اكتساب مهارات القراءة والقدرة على التغلب على جوانب الضعف لديهم , من خلال الاستعانة بالكتب المساعدة وكذلك الاستفادة من توجيه الوالدين بحكم أن هذه الأسرة متعلمة.
أ العوامل الوراثية:
هناك العديد من الدراسات التي أشارت إلى وجود علاقة وثيقة بين العسر القرائي والعوامل الوراثية , فقد أشار جيلجر ورفاقه (1991م) " أن نسبة تعرض الابن لخطر المرور بالعسر القرائي إذا كان أبوه معسر قرائياً تصل إلى 40 % تقريبا " ومن الواضح أن العوامل الوراثية ترتبط بالعسر القرائي , وهذه تساعدنا بدرجة كبيرة على التعرف على التلاميذ المعسرين قرائياً أو على الأقل التنبؤ بالتلاميذ المعرضين للإصابة بالعسر القرائي أو تقديم إشارات الإنذار المبكر عن الأطفال المعرضين لخطر المرور بخبرة العسر القرائي .
ب العوامل البيئية:
كما أن العوامل البيئة قد تكون سبباً رئيسياً في الضعف القرائي وبالتالي يعاني التلميذ من العسر القرائي فقد أشار عدد من التربويين أن فشل التلميذ في اكتساب مهارات القراءة يرجع أساساً إلى عدم تدريبهم عليها من خلال عمليات التعليم , التي يقوم بها المعلمون على نحو فعال ومناسب , كما أن ممارسات بعض المعلمين الخاطئة تساعد على تكوين صعوبات قرائية لدى التلاميذ , فهناك بعض من المعلمين يستخدم مواد تعليمية صعبة إلى الحد الذي يصيب التلاميذ الذين يعانون من العسر القرائي بالإحباط , كذلك تجاهل بعض المعلمين الأخطاء المتكررة التي يقع فيها التلاميذ أثناء القراءة لتصبح بعد ذلك عادة سلوكية مكتسبة أو متعلمة من قبلهم , بالإضافة إلى الفشل في ملاحظة أخطاء القراءة التي تصدر عن الطفل أو إهمالها , وعدم الاهتمام بها بسب تكرارها وما تتطلبه من جهد لتصحيحها .
ج العوامل الجسمية:
هناك العديد من العوامل الجسمية ذات الارتباط الوثيق بالقراءة والعسر القرائي , فالعيوب السمعية والبصرية لدى التلميذ قد ينتج عنها عسر في القراءة ؛ وذلك لأن الاستماع يلعب دوراً مهما في إثراء قاموس الطفل اللغوي , وذلك في فترة ما قبل المدرسة فحينما يستمع الطفل لكلام من يحيطون به , ويتفاعل مع هذا الكلام , تزداد خبراته, وتنمو الألفاظ والتركيب لديه , و هذه العناصر تعد عناصر ايجابية وفعالة في إكساب الطفل اللغة, ومن ثم القدرة على القراءة.
وإذا تعرض الطفل إلى ظروف خاصة أثرت على حاسة السمع لديه ، فإن ذلك سوف يؤثر على تحصيله في المدرسة , وذلك لان معظم طرق التدريس في مرحلة الصفوف الأولية تعتمد على حاسة السمع, من خلال ما يقدمه المعلم لتلاميذه من معلومات وتوجيهات شفهية للأطفال , فالطفل الذي لا يسمع جيدا يفقد الكثير مما يستمتع به غيره من الأطفال ذوي القدرة السمعية العالية ؛ لأنه يعجز عن سماع نطق الكلمة الصحيحة , وبالتالي يعجز عن محاكاتها كما تنطق فيشيع لديه النطق الخطأ.
كذلك فإن العيوب البصرية قد تكون من العوامل المؤدية إلى العسر القرائي " فاختلال القدرة على الإبصار تعني : عدم القدرة على التركيز الذهني والذي يعتبر من أهم العوامل التي تؤدي إلى الضعف في القراءة , وبالتالي يؤدي إلى الضعف في فهم المقروء , ومن ثم الضعف في التحصيل العلمي, فالبصر يعد من العوامل المهمة المؤثرة على القراءة, وكي يستطيع التلميذ القراءة بصورة جيدة لابد أن يتم التوافق بين البصر وحركة اليد , وذلك لأن القراءة من المناشط المهمة التي تحتاج من التلميذ التركيز , حيث يعد ضعف البصر من الأسباب المؤدية إلى ضعف الطالب في القراءة.
كما أن الصحة العامة للطفل تعد من العوامل التي تؤدي إلى العسر القرائي , فالصحة العامة تقلل من طاقة الطفل الجسمية والعقلية , ومن قدرته على التركيز والانتباه أثناء القراءة, فالطفل الذي يعاني من علة في جسمه لا يستطيع التعلم بسهولة , وذلك بسبب عدم قدرتهم على الانتظام في دروس القراءة , وغيرها من المواد الدراسية الأخرى , وبالتالي تقل قدرتهم على بذل ما تتطلبه عملية القراءة من جهد , وبهذا تتضاءل حصيلتهم اللغوية وتقل إجادتهم للأداء القرائي عامةً .
كما يعد الاستعداد الانفعالي والشخصي من العوامل المهمة في نجاح التلميذ أو فشله في القراءة وذلك لأن هذه العوامل تحمل في ثناياها الدافعية اللازمة لدفع الطفل للإقبال على التعلم بوضع سليم ,كما تساعد الطفل على الانتباه والتركيز وامتلاك القدرة على التذكر والحفظ , وفي معظم الأحيان تكون البيئة المنزلية هي السبب في توفير عامل الاستقرار الانفعالي والطمأنينة الاجتماعية , كذلك المدرسة تلعب دوراً فعالاً في هذه الناحية من خلال مشاركة الطفل في النشاط الجماعي , أو تدريبه على تحمل مسؤوليات فردية , وتدريبه على ضبط انفعالاته في المواقف التي تتطلب الضبط .
ساحة النقاش