تعود بداية اكتشاف العسر القرائي إلى قبل أكثر من مئة عام في بريطانيا , فقد كان الجو العلمي في بريطانيا مثيراً جداً في نهاية القرن التاسع عشر ؛ ويرجع ذلك إلى الثقافة الأكاديمية السائدة ؛ وحُب الاستطلاع الثقافي , ففي ذلك الوقت أُكتشف العسر القرائي على يد الأطباء , وخصوصاً أطباء العيون , لهذا السبب كان العسر القرائي -أثناء المراحل الأولى للدراسة – يوصف بأنه مرض في الجهاز البصري, فقد نشر جيمس هينشلوود (جراح العيون) 1895م مقالاً في مجلة " المبضع " عن قضية الذاكرة البصرية والعمى القرائي, هذه المقالة كانت مصدر إلهام ( لبرينجل مورغان) ليصف حالة فتى ذكي في سن الرابعة عشر لا يستطيع أن يتعلم القراءة , مقالته هذه نُشرت في المجلة الطبية البريطانية عام 1896م , وتعتبر أحد التقارير الأولى عن العمى القرائي , وبهذا المعنى يعتبر مورغان المؤسس النهائي وراعي دراسة العسر القرائي.
وقد اشترك بعد ذلك علماء النفس, وعلماء الاجتماع , ورجال التربية , في دراسة العسر القرائي, بعد أن كان مجالاً خاصاً بالأطباء تقريباً , خصوصاً أطباء العيون, وأطباء الأعصاب , هذه المنافسة بين الأطباء الإكلينيكيين والباحثين ساهمت في انتشار النظريات الجديدة عن أسباب وأعراض العسر القرائي, على عكس الطبيعة البيولوجية والجينية للعسر القرائي التي اقترحها الأطباء الإكلينيكيين , فقد بدأ علماء الاجتماع والتربية المناقشة حول العوامل البيئية التي يمكن أن تؤثر في الصعوبات لدى المعسرين قرائياً , مثل تأثير الطريقة التربوية , بعد ذلك بدأ العديد من علماء النفس بتحليل القدرات والنقائص لدى المعسرين قرائياً , مثل سيريل بورت عالم النفس التربوي في بريطانيا 1913م, الذي أشار من خلال دراساته أن مفهوم العسر القرائي يعد ظاهرة متعددة العوامل , يمكن أن تنشأ من أسباب عديدة ومتنوعة .
المعايير المستخدمة في تعريف العسر القرائي :
المطلع على أدبيات العسر القرائي يلاحظ ظهور عدد كبير من التعريفات المتعلقة بمشكلة القراءة التي تُلاحظ على بعض التلاميذ , ذلك أن مشكلة القراءة تعد من الظواهر العامة التي يتعامل معها عدد كبير من المختصين من حقول مختلفة كالمختصين بالعلوم الطبية وطب أعصاب الأطفال على وجه الخصوص , وكذلك المختصين بالعلوم النفسية والاجتماعية , واضطراب اللغة والكلام والعلوم التربوية. ومن هنا ظهر الاختلاف في وجهات النظر بين المختصين, حيث يختلف الأساس النظري الذي يعتمد عليه كلاً منهم في تعريف العسر القرائي أو في تحديد المعايير التي بموجبها يتم تصنيف التلميذ على أنه من ذوي العسر القرائي , إلا أن لدى معظم المختصين في مجال صعوبة القراءة إجماع على عدم استعمال مسمى صعوبة أو عسر القراءة للإشارة إلى الأطفال الذين يعانون من مشكلة في القراءة أو في تعلمها في الأحوال التالية :
- عند وجود عجز في حاسة السمع أو البصر.
- عند وجود انخفاض في القدرات العقلية كما هو الحال في الإعاقة العقلية .
- عند وجود ضعف تعليمي عام لدى الطالب في كافة المواد الدراسية .
ساحة النقاش