تولدت فكرة الدمج بين المدخل اللغوي الكلي، والصوتي نتيجة للمجادلات الشرسة بين أنصار المداخل المختلفة فأنصار المدخل اللغوي الكلي whole language أمثال فرانك سميث Frank Smith، وجودمان Goodman يرون أن القراءة تشتمل على ما هو أكثر من فك الرموز ، وتتجاوزه إلي خلق المعاني من النص المكتوب، وقد أيد هذا الاتجاه Adams,1995 & Webster, 1996 واقترحوا جميعا اتجاها كليا يتضمن تدريس مهارات فك الرموز والربط بينها وبين أصواتها، فضلا عن التركيز على المعاني وتنمية مهارة التنبؤ بمحتوى الكتاب، أو فصل منه من خلال العنوان ، وطرح أسئلة على الأطفال حول مضمون الكتاب ، وغيرها من مهارات الفهم.
ويؤكد البعض أن أغلب معلمي الإنجليزية في المملكة المتحدة الآن يمزجون بين ملامح النموذجين، النموذج القائم على البدء بالوحدات الأصغر وفك الرموز (وربطها بأصواتها وفهم الإطار الضمني وتوظيف المعارف السابقة ؛ لفهم المعرفة الجديدة . ويعتبرونها جوانب متكاملة لعملية تعلم القراءة والكتابة.
كما اتضح من نتائج الدراسة المسحية التي قام بها ورويك Warwick 1997 في المملكة المتحدة بعد تطبيق المشروع القومي لتدريس المهارات الأساسية ، والذي تم وضعه في ربيع 1996 ، وتبنته حكومة العمل كجزء من السياسة القومية لتعليم القراءة والكتابة ( المهارات الأساسية ).
وقد تم تقسيم مضمون ساعات المهارات الأساسية في البرامج القائمة على الدمج بين المدخلين الصوتي واللغوي الكلي في مستويات ثلاثة هي:
مستوى الكلمة، وتشتمل على المعرفة الصوتية والشكلية ، والقدرة على تعرف الكلمات عند رؤيتها ، كما يتم التركيز على الهجاء وعلاقة الأصوات بالرموز، ومستوى الجملة: ويركز على القواعد، وعلامات الترقيم ، ومستوى النص : ويركز على تنمية مهارة فهم الإطار الضمني للنص ، هذا فضلا عن تنمية مهارة فهم المعرفة الببلوجرافية، من حيث معرفة النصوص المكتوبة ، طريقة بنائها، واستخدام اللغة ، ومناقشة المعلومات التي تقدمها الأشكال الإيضاحية، وقراءة الشكل الإيضاحي قبل الشروع في النص والتأكد من تألف الأطفال مع النص؛ بقراءة العنوان واسم المؤلف وغيرة من المعلومات الببلوجرافية ، قبل الشروع في قراءة كتاب جديد.
ويستند اتجاه الدمج بين المدخلين ( المدخل الصوتي ، ومدخل كلية اللغة ) على أساسين:
الأساس الأول : أساس علمي منطقي، حيث إن التركيز على المعنى وحده لا محل له مع القارئ المبتدئ ، حيث لا يمكن الافتراض بتعليم المبتدئ رموزا لا يعرفها ( صوتا ورسما ) للقراءة من أجل المعنى، وإنما الممكن هو تعليم الرموز من خلال كلمات يعرف المبتدئون نطقها، ويتداولونها نطقا، واستماعا ويعرفون معانيها؛ حيث تتحدد مشكلة تعليم المبتدئين اللغة في المطابقة بين ما يعرفون نطقه، ومعناه، وبين الرمز الذي يدل عليه.
الأساس الثاني: تجريبي حيث أكدت نتائج الأبحاث التجريبية أن اتجاه الدمج بين برامج تعليم الصوتيات، وبرامج النصوص الكلية في فصول المدخل اللغوي الكلي للصف الأول أفضل من تعليم الصوتيات التدريجي بشكل مستقل.
وفيما يلي عرض لبعض نتائج الأبحاث التجريبية التي أجريت حول اتجاه الدمج بين المدخلين :
- أكدت Morrow 1992 أن إضافة أنشطة المدخل اللغوي الكلي لبرنامج القراءة الأساسية يزيد من فهم واهتمام التلاميذ بالقراءة.
- أسفرت دراسة كل من Butterfield (1986 ) & Eldredge ( 1991 ) فاعلية البرامج القائمة على الدمج بين المدخلين المدخل اللغوي الكلي ، والصوتي في الفهم والمفردات اللغوية، وفك الرموز، عند مقارنتها ببرامج القراءة الأساسية التقليدية.
- كما أكد كل من Uhry & Shepherd ( 1990 ) أن برنامج الهجاء الهادف لتنمية الوعي الفونيمي ( التحليل الصوتي ) ومعرفة الربط بين الحروف وأصواتها ، أدى إلي تحسين مستوى الأطفال اللغوي، عند إضافته لبرامج المدخل اللغوي الكلي في رياض الأطفال.
- ومن البرامج الناجحة في الدمج بين تعليم الصوتيات والمدخل اللغوي الكلي برنامج مدرسةGaskins (1994)، والبرنامج الذي طورته Hall & Deffee (1991) مع مجموعة من معلمي الصف الأول، وهي برامج دمجت بين التعليم القائم على الأدب في تعليم الصوتيات المباشر.
- وصف Keefe & Stephens, (1990) فصول المدخل اللغوي الكلي بأنها تعلم الصوتيات تعليما مرتفع الجودة ، بشكل متكامل مع أنشطة المهارات الأساسية كما وجد كولم Callum (1987) أن تعليم الفكرة الرئيسية في المدخل اللغوي الكلي ، كمهارة مدمجة داخل مناقشات القصة، كانت فعالة مثل التعليم التقليدي .
- ويؤكد رافين Raven (1997) أهمية الدمج بين المدخل الصوتي والمدخل اللغوي الكلي، حيث إن المدخل الصوتي إذا ما تم دمجه في نصوص كلية تعتمد على المناقشة والفهم والتنبؤ، يؤدي – بالضرورة – إلي نتائج مرضية .
ويرى أن الدمج بين المدخلين يتم على مراحل ثلاثة وهي:
1- مرحلة الملامح المنتقاه a selective cue stage ويقصد بها عرض نصوص منتقاة على التلاميذ.
2- مرحلة التهجي الصوتي a spelling - sound stage .
3- أما المرحلة الثالثة وهي المرحلة الألية an automatic stage . وعندما يصل التلاميذ إلي مرحلة التهجي الصوتي ، يصبح تعليم الصوتيات حاسما، وعندما يصل التلميذ إلي مرحلة القراءة الماهرة أو الأوتوماتيكية يتم دمج الصوتيات مع برنامج المدخل اللغوي الكلي الذي يشتمل على نصوص أدبية ثرية ومشوقة للطفل، ومن ثم ينمو لدى الطفل حبا حقيقيا للكلمة المكتوبة.
- وكذلك دراسة Intyre & Freppon (1997) حول أوجه الشبة والاختلاف بين تعلم القراءة في فصول المدخل اللغوي الكلي ، وفصول المهارات الأساسية ، وأكدت الدراسة نجاح الدمج بين المدخلين، حتى عند الأطفال مبتدئي القراءة ، وتم استخدام استراتيجيات قراءة متنوعة، باستخدام المدخل اللغوي الكلي ، وأظهر الأطفال مواقف إيجابية نحو القراءة ، فضلا عن تعلم المهارات الأساسية.
- وتشير دراسة Wendy (1997) إلي أهمية التركيز على الوعي الفونيمي ( التحليل الصوتي ) في تدريس القراءة داخل فصول المدخل اللغوي الكلي، حيث إن استخدام الصوتيات في عمليات تحليل الكلمات ، وتجريد الحروف والتعرف على الكلمات هو أفضل الطرق للوصول بالطفل إلي مستوى القارئ الماهر Proficient reader ، وفهم النص ، وتكوين المعاني ، وهو غاية الدمج بين المدخل اللغوي الكلي والمدخل الصوتي.
- وتؤكد دراسة Kelly Heather (1997) على أهمية التركيز على الوعي الفونيمي، وتقديم برنامج متوازن للمهارات الأساسية في الصفوف الأولى، حيث إن الوعي الفونيمي يساعد على إدراك صوت الحرف منفردا، والاستراتيجيات الرئيسية لفك رموز النص تساعد على فهم المادة المقروءة، ومن ثم يتحقق الهدف من تعليم الأطفال القراءة، وهو امتلاك التلميذ المهارات اللازمة لاستخلاص المعنى من النص وبناء معاني جديدة.
- ومن الدراسات الناجحة في الدمج بين المدخل اللغوي الكلي ، والمهارات الصوتية، دراسة Kathy Batjes (1997) حيث قامت بتطبيق برنامج ؛ لتحسين القدرة على القراءة لتلاميذ الصف الأول الذين يدخلون المدرسة ومهارات الاستعداد للقراءة لديهم منخفضة، وقد كان القطاع المستهدف من الدراسة الطبقات المتوسطة محدودة الدخل، في مدن شمال الينوى، وقد تم التركيز في البرنامج على دمج المهارات الصوتية داخل برامج المدخل اللغوي الكلي.
وأوضحت النتائج ارتفاع في علاقة الصوتيات بالحروف والوعي الفونيمي، خاصة معرفة الأصوات الساكنة في بدايات الكلمات، ونهايات الكلمات، والأصوات المتحركة، وقد أدى هذا بدوره إلي تحسين انجازات القراءة، مما يؤكد أن الدمج بين المدخلين يفي بحاجات جميع الأطفال في القراءة وتحسين انجازات القراءة لدى تلاميذ الصف الأول .
ويلاحظ من العرض السابق لنتائج الأبحاث التي أجريت حول اتجاه الدمج بين المدخل اللغوي الكلي Whole Language Approach والمدخل الصوتي Phonics Approach ومدخل القراءة الأساسية Basal Reader Approach ما يلي:
- تأكيد معظم الدراسات الحديثة على عدم الاعتماد على تطبيق المدخل اللغوي الكلي وحده في تدريس اللغة للمبتدئين، لأسباب أبرزها تركيز هذا المدخل على تكوين واستخلاص المعاني من النص المكتوب وإهمال الجانب البنائي في اللغة، وكلاهما لا ينفصلان.
- وعلى هذا ... أشارت معظم نتائج الأبحاث إلي فوز فكرة الدمج بين المدخل اللغوي الكلي والمداخل الأخرى، وخاصة المدخل الصوتي.
- التأكيد على مهارات الوعي الفونيمي باعتبارها أساس مهم في تعليم اللغة للمبتدئين .
وتأسيسا على ما سبق ... وفي ضوء نتائج أبحاث علم اللغة النفسي، وعلم النفس الاجتماعي، وتأكيدها على أن اللغة ينبغي أن تدرس من أجل المعنى، وأن القراءة عملية فكرية لغوية؛ يتم الآن تطبيق المدخل اللغوي الكلي عبر المنهج، بحيث يتم التدريب على جميع المهارات اللغوية عبر المنهج، من خلال المواد الدراسية المختلفة باستخدام أنشطة لغوية ذات مغزى ومرتبطة بالمناهج المختلفة المقدمة في المدرسة الابتدائية.
وبذا يتم القضاء على إشكاليات معلمي فصول المدخل اللغوي الكلي حول كيفية تدريس مواد المنهج بطريقة تختلف عن المعمول بها في المدخل اللغوي الكلي، وقد أطلق على هذا المدخل Whole Language Across the Curriculum .
ساحة النقاش