لابد أن تدمج أنشطة الوعي الصوتي في نشاطات أدبية لأن الغرض هو التعامل مع الشكل والمضمون، وتطوير العلاقة بين اللغة المنطوقة واللغة المكتوبة، وتؤكد الدراسات على ضرورة تكامل نشاطات الوعي مع السياقات ذات المعنى، وارتباطها بالنظرة الكلية للقراءة، إذا مناط الاهتمام في أنشطة تنمية الوعي الصوتي يتمثل في دمج تعليم اللغة بنشاطات أدبية، والتعامل مع اللغة ككل متكامل، ومن المهم ألا تعالج مهارات الوعي الصوتي بمعزل عن المعنى، وتنطلق هذه الأنشطة من علاقات الأجزاء داخل الكل ، فكيفية تقسيم الجملة إلي كلمات، والتأكيد على أنها تتكون من كلمات ، والتعرض لأمثلة متنوعة لهذا النموذج، يساعد على فهم طبيعة العلاقات بين الكلمات وصولا للمعنى العام للجملة ثم الانتقال إلي مستوى الكلمة، وأنها تتكون من مقاطع، وتقسيم الكلمات إلي مكوناتها من المقاطع ، وفي النهاية الانتقال إلي المهام المتعلقة بالفونيم ، وهذا كله يمثل بؤرة الاهتمام في أنشطة التدريب على الوعي الصوتي، وقدم كامينو Kameenui 1995 مجموعة من المقترحات المتعلقة بخصائص الأنشطة ، وأشار إلي أن وحدات الوعي الصوتي يجب أن يكون اتجاهها من الجملة إلي الفونيم مرورا بالكلمة والمقطع، وأن عد الفونيمات في الكلمة من المهم أن يبدأ بكلمات بسيطة مثل ( من – جلس – أب) ثم التدرج إلي الأصعب، وعند التدريب على وظائف الفونيم يراعى التعامل مع الفونيم في أول الكلمة ثم في نهايتها ، ثم في وسطها، أما عن خصائص الكلمة – باعتبارها الوحدة الأساسية في المعالجة – أكد فيها على أهمية التدرج من الكلمات السهلة إلي الصعبة ، ومحك السهولة والصعوبة هو اشتمالها على فونيم مستمر مثل( سهل – سماء – سعد )بدلا من البدء بـ ( بنت – بيت – بيع)، وأخيرا أهمية التدريب على مطابقة الفونيم( هل توجد الفاء في عصفور – زرافة – رغيف ) ثم الانتقال لتدريبات المزج ( كون كلمة من ف ت ح ).
وهذه الأنشطة لها من التعليمات والتوجيهات ما يضمن تحقيقها للأهداف منها:
*بداية تتحدد المهمة المطلوبة من المتعلم على أنها تمييز الكلمات التي تبدأ بصوت محدد، وفي ضوء هذه المهمة تتخير النشاطات التي تتسم بالمرح والتشويق كالألعاب التعليمية وتوظيف الصور والمكعبات. التأكيد على عنصر استعمال الفونيم من خلال مساعدة المتعلم على المحاكاة لما استمع إليه، ثم إنتاج كلمات على نمط ما استمع إليه ووفق خصائصه.
*التدرج في التدريب على تمييز الأصوات المختلفة في مواضع مختلفة من الكلمة أي الانتقال إلي تمييز التشابهات في الكلمة. مراعاة استعمال النمط عند دمج السلاسل الصوتية فمثلا عند التدريب على استخدام المقطع المكون من صوتين تستخدم كلمات لها خصائص متشابهة نطقيا ( أَبْيض – أَحْمر – أَزْرق – أَصْفر ) فكل مقطع مكون من صوتين متحرك مفتوح فساكن ، ومن المهم توظيف الكلمات التي تشترك في أصوات معينة مثل ( تاب - ثاب –عاب ) ، كما أن الأنشطة بجب أن تركز على الكلمات المتشابهة في بداياتها (باب-بيت –-بحر)، ويجب ربط الفونيم بصوت مألوف أو شيء معين مثل فالميم تربط بـ (مسجد أو منزل أو اسم طفل )، والمعالجة في هذه الأنشطة لا ينبغي لها أن تحدث بمعزل عن قصة أو جملة أو سياق يحمل معنى، ومن المهم أن يعزز الإنتاج الشفهي للمتعلم في ضوء المهمة التي درب عليها.
ويمكن أن يتضمن التدريب: النطق الجيد للكلمات مع التركيز على النطق الصحيح للأصوات ، وتخصيص دروس صوتية ، والتدريب على الرموز ومقابلها الصوتي ، ويستفيد من معطيات المدخل الكلي في تعليم اللغة الذي يؤكد على ضرورة التركيز على التدريس اليومي للقراءة والكتابة في إطار متكامل ، واستخدام المخل القصصي في تعليم القراءة من خلال سياقات معنوية .
وإذا كان تعلم القراءة ليس عملية طبيعية، وإذا كان تعليمها يجب أن يحدث من خلال عملية منظمة مطولة، من منطلق أن اللغة المنطوقة تختلف عن اللغة المكتوبة، وتعلم كل منهما يتطلب مهارات فريدة، فيجب التوقف عند هذه الاختلافات لاعتمادها كأساس في التخطيط لأنشطة الوعي الصوتي وتدريباته وكيفية الانتقال من الشكل المنطوق إلي الشكل المكتوب، والاستفادة من نقاط الالتقاء، وهذه الجوانب التي فيها يختلفان أشار إليها Kamhi &Catts كاماحي وكاتس1991 في أنها اختلافات فيزيائية ذلك أن اللغة المنطوقة أصوات مرتبة زمنيا، سريعة الزوال، لا توجد مستقلة عن المتحدث ، وهو المتحكم في عملية الاتصال. أما اللغة المكتوبة فهي علامات تخط على سطح، لها صفة الديمومة، والمتحكم في عملية الاتصال هو القارئ. المظهر الثاني من مظاهر الاختلاف يتمثل في الاختلافات الوقفية ويقصد بها أن اللغة المنطوقة يحدث فيها اتصال مباشر، ولا تحتاج لتخطيط بصفة مستمرة، فضلا عن دور تعبيرات الملامح في أداء المعنى , أما عن اللغة المكتوبة فهو جهود فردية، لا يتعرض فيها الكاتب لضغط زمني ، والتخطيط فيها عنصر أساسي. والقسم الثالث من الاختلافات هو الاختلافات الشكلية فاللغة المنطوقة أصوات تصحبها ظواهر صوتية، ولها سمات عروضية ، بينما اللغة المكتوبة عبارة عن حروف تخضع لقواعد ، وتتصل فيما بينها وفقا لأسس معينة ، وتختلفان في كيفية تمثيل الضوابط اللغوي.
ويوصي البعض بضرورة الاهتمام -عند التخطيط لأنشطة الوعي الصوتي- بتوجيه انتباه المتعلم للصوت الذي يدرب عليه، والتأكيد على تدريبات التحليل والتركيب للكلمات، ومعالجتهما على أنها عمليات متكاملة ، وانتقاء أمثلة سلسة توضح علاقة الفونيم بالرمز. أي أن نشاطات الوعي بشكل عام يجب أن تتسم بالتشويق، وتبتعد عن أنماط الحفظ والاستذكار، وأن تتيح للمتعلمين أشكالا من التفاعل والانغماس في الأنشطة، وأن توفر لهم فرصا لإشباع فضولهم نحو اللغة، وأن تكون مرنة لتجابه الاختلافات الفردية بين المتعلمين ، وأن تسود نغمة النشاط لا نغمة التقييم .
كما يجب ضرورة معالجة الكلمات المتشابهة في بدايتها مثل (كتب – كسب- كذب)، وفي نهايتها مثل ( سمع – رجع- قرع )، ومعالجة الكلمات المقفاة مثل ( جميل – جليل – ثقيل )، ودمج أجزاء الكلمة مثل ( شرطي – المرور ، معلم – اللغة ) ، واستبعاد الكلمات الشاذة( ولد – رجل – شاب – بنت )من بين كلمات بينها صلة ، وهذه التدريبات تستهدف تنمية الصورة النطقية للفونيم ، وتعرف الأشكال المختلفة التي يمكن أن يأتي عليها لأن التدريبات ستشمل( كِتاب – كُرة )، وتمييز الفونيم في مواقع مختلفة من الكلمة ، وتحديد المعنى الخاص للكلمة، وربط الكلمات التي يجمعها إطار معنوي واحد .
وقدم البعض خطة دراسية ذات خمس خطوات لدعم جهود المعلمين في تنمية الوعي الصوتي علي النحو التالي:
أولا: مراجعة الترابطات بين الصوت والرمز.
ثانيا: تعليم الأطفال التحليل والتوليف الصوتي.
ثالثا: إعطاء الأطفال فرصة لتعرف الكلمات التي تمرنوا عليها.
رابعا: قراءة النص المرتبط بالكلمات. وأخيرا ممارسة النشاط الكتابي. فالمهارات الموجهة التي ينميها الوعي الصوتي تتمثل في تعرف الصوت المعزول من الكلمة كان يستمع المتعلم إلي( كا ) ويطلب منه تحديد ما إذا كان متضمنا في كلمة كتب ، ثم حساب عدد الكلمات في جملة أو قصة، و عدد المقاطع في كلمة ( قرأ- يقرأ – قراءة )، وعدد الفونيمات في الكلمة ، والتأليف الصحيح بين أجزاء الكلمة ( تبدأ بـ شا ، وتنتهي بـ رع) والتدريب على ربط الفونيم بالكلمة( هل الذال موجودة في زهرة ؟ ) وأطلق على هذا التدريب كلمات المجاراة ، وتحديد الكلمة التي يسمع فيها فونيما معينا ( في أي الكلمات تسمع قا : ركب – قرب – كرة )، وتقسيم الكلمة إلي أصواتها ( ما أصوات كلمة لعب ؟) ،وربط الفونيم بالرمز أي بعد التعامل مع الكلمة في الصورة المنطوقة، يتعامل معها في صورة مكتوبة ويحدد المتعلم المقابل الكتابي للفونيم.
وهذه التدريبات موجهة لذوي صعوبات القراءة ، وتستهدف تعرف الرموز في صورتها المنطوقة، وربط المنطوق بالرمز الكتابي، وتعرف الصوت في مواضع مختلفة من الكلمة، وتقسيم الكلمة إلي مكوناتها، وتدريب المتعلم من خلال عد الكلمات والمقاطع الفونيمات على التعامل مع كلمات جديدة منطوقة ومكتوبة، مما يدعم مهارات التعرف.
ومما يجدر مراعاته في هذه التدريبات التأكيد على الاستماع تحقيقا للفهم الواعي لأصوات اللغة، لأن هذا يساعد في تعرفها ، وفي تعرف أن الكلمات تتكون من فونيمات.
ساحة النقاش