يُقصد بهذا المصطلح النقد الذي يتناول الأدب النسوي، ذلك الأدب الذي يؤكد وجود إبداع نسائي وآخر ذكوري، لكل منهما هويته وملامحه الخاصة وعلاقته بجذور ثقافة المبدع وموروثه الاجتماعي والثقافي وتجاربه الخاصة من نفسية وفكرية، تؤثر في فهمه للعالم من حوله والمرحلة التاريخية التي بعيشها، وقد يتسع مفهوم الأدب النسوي ليشمل الأدب الذي يكتبه الذكور عن المرأة من أجل أن تتلقاه المرأة، وكل أدب يعبر عن نظر المرأة لذاتها، أو نظرتها للرجل وعلاقتها به، أو يهتم بالتعبير عن تجارب المرأة اليومية والجسدية، ومطالبها الذاتية فهو أدب نسوي.
أما النقد النسوي فهو كل نقد يهتم بدراسة تاريخ المرأة، وتأكيد اختلافها عن القوالب التقليدية التي توضع من أجل إقصاء المرأة، وتهميش دورها في الإبداع، ويهتم إلى جانب ذلك بمتابعة دورها في إغناء العطاء الأدبي، والبحث في الخصائص الجمالية والبنائية واللغوية في هذا العطاء.
إن المرأة حين تتحدث عن موضوعات خاصة بها تتمتع بقدرة أكبر على تصويرها، لكونها ترى الأشياء رؤية مختلفة عن الرجل، وهذا محتاج إلى قراءة قادرة على تمييز الجوانب التي لم يكن الناقد معنياً أصلاً بملاحظتها، لذا لابد من أن يُقرأ هذا الأدب قراءة نسوية، قراءة متحررة من تحكم الرجل في الخطاب والمصطلح النقدي، متحررة من الخطاب النسوي السائد الذي لخصته روبين لاكوف بالصفات الثلاثة: الضعف والتردد والتركيز على المبتذل والتافه.
· ويمكن تحديد مميزات هذا المنهج في النقاط التالية:
· التركيز على عالم المرأة الداخلي بما في ذلك الأمور الشخصية والعاطفية، وتجلية هذا الجانب من خلال القراءة النقدية لأعمال المرأة في الرواية والقصة خاصة.
· اكتشاف التاريخ الأدبي الموروث عن المرأة، وهو الذي همشته الأعمال السابقة بفضل الهيمنة المزعومة للأدباء و المؤرخين من الذكور على هذا المجال من البحث.
· السعي المستمر لتحديد سمات خاصة بلغة المرأة والأسلوب الأنثوي، وما فيه من صور مجازية، وخيالية، وذلك كله من خلال التأمل الموصول في الأعمال التي تبدعها المرأة سواء أكانت هذه الأعمال قديمة أم معاصرة.
· السعي لفرض نموذج على الدراسات النقدية، يلغي الفروق بين الذكر والأنثى فيما يسمى الجنسوية.
ومن الملاحظ أن بداية ظهور النقد النسوي كانت في الوقت الذي ظهرت فيه التفكيكية، ففي أواخر ستينات القرن الماضي اهتم النقد الأنجلوأمريكي بدراسة إبداع المرأة والتأكيد على خلوه من كل ما ألصق به من خصائص تتعلق بالعرضي والسطحي والهامشي والبعد عن كل ما هو جوهري. ومن أشهر الكتب التي ظهرت في هذا السياق كتاب ماري إلمان "التفكير بالمرأة" وكتاب فيلس شيلو "النساء والجنون"، وبرز التركيز على المرأة الناقدة والمنتجة للنص، وأعيد النظر في تاريخ الأدب، وصدرت مؤلفات متعددة لإلين شولتر وإنيس برات وسوزان غوبر وغيرهن، حاولن فيها صياغة تاريخ الأدب صياغة جديدة تظهر دور المرأة، وأهمية الأدب النسوي.
واستفاد النقد النسوي الفرنسي من التحليل النفسي، واستخدمت أدواته لدراسة نماذج أدبية تظهر اضطهاد النساء في المجتمع الذكوري، وتوضح ما ينضح به الأدب الذكوري من حيف للمرأة، فالرجل في هذا الأدب هو الذي يتمتع بالصفات الإيجابية: الفاعلية والمنطق والتحضر وطيبة القلب..بينما لا توصف المرأة إلا بالصفات السلبية كالخديعة والتقلب والخيانة والضعف. وكشفت هذه القراءة النفسية عن أن أدب المرأة محتاج إلى إعادة نظر للتخلص مما تنطبع عليه من هلامية قابلة لتأويلات متعددة، وقد ساعد التحليل النفسي الناقد على معرفة الأسباب التي تؤدي إلى غلبة مفاهيم الذكورة على الخطاب.
وأياً مما كان الأمر فإن الأدب النسوي والنقد النسوي سرعان ما أصبح من التيارات الملحوظة في الحياة الأدبية العربية، وظهرت بعض المجلات المختصة بنشر الدراسات النقدية حول أدب المرأة مثل مجلة "هاجر" ومجلة "تاكي.
ساحة النقاش