منهج التناص أو تداخل النصوص، هو منهج يري أن النص مجموعة من النصوص أو لوحة فسيفسائية من النصوص، والتناص غير التضمين والاقتباس، وإن كانا يدخلا في دائرته بصورة ما. والنص جهاز عبر لغوي يعيد توزيع نظام اللغة، وذلك بكشف العلاقة بين الكلمات التواصلية، مشيراً إلى بيانات مباشرة تربطها أنماط مختلفة من الأقوال السابقة عليها والمتزامنة معها، مما يعني أن النص عملية إنتاجية، وهذا يتضمن أمرين:
الأول: هناك علاقة تربط بين النص واللغة التي يتموقع فيها.
الثاني: النص عملية استبدال من نصوص أخرى، أي عملية تناص، ففي فضاء النص تتقاطع أقوال عديدة مأخوذة من نصوص أخرى.
ويرى رولان بارت أن الكلمات لها ذاكرة من طول استخدامها، ولابد أن تغسل من استخدامها الأول، وكأنه يشير إلى أن هناك معنى ما قديماً ما زال موجوداً في الكلمات المعاصرة.
ومصطلح التناص في أن النصوص يشير إلى نصوص أخرى، مثلما أن الإشارات تشير إلى إشارات أخرى، وليس إلى الأشياء المعنية مباشرة، فالنص المتداخل هو نص يتسرب إلى داخل نص آخر ليجسد المدلولات سواء وعى الكاتب ذلك أم لم يعِ.
ويتبلور مفهوم النص فيما يلي :
· في مقابل النص الأدبي المتمثل في شيء محدد، تشير مقولة التناص إلى نشاط وإلى إنتاج؛ وبهذا لا يصبح النص مجرداً كشيء يمكن تمييزه خارجياً، وإنما كإنتاج متقاطع يخترق عملاً أو عدة أعمال أدبية.
· النص قوة متحررة، تتجاوز جميع الأجناس والمراتب المتعارف عليها لتصبح واقعاً نقيضاً يقاوم الجهد وقواعد المعقول والمفهوم.
· يمارس النص التأجيل الدائم، واختلاف الدلالة؛ فهو تأخير دائب مبيت، مثل اللغة، لكنه ليس متمركزاً ولا مغلقاً، إنه لا نهائي، لا يحيل إلى فكرة معصومة.
· إن النص وهو يتكون من نقول متضمنة وأصداء للغات أخرى وثقافات عديدة، تكتمل فيه خارطة التعدد الدلالي، وهو لا يجيب عن الحقيقة وإنما يتبدد إزاءها.
· إن وضع المؤلف يتمثل في مجرد الاحتكاك بالنص، فهو لا يحيل إلى بداية النص ولا إلى نهايته، بل إلى غيبة الأب، مما يمسح مفهوم الانتماء.
· النص مفتوح يتجه إلى القارئ في عملية مشاركة، وليست مجرد استهلاك، وهذه المشاركة لا تتضمن قطيعة بين البنية والقراءة، وإنما تعنى اندماجهما في عملية دلالية واحدة، لأن ممارسة القراءة إسهام في التأليف.
· النص له تصوران كبيران: أحداهما استاتيكي ثابت، والآخر ديناميكي متفاعل، وبوسع التحليل متابعة هذين التصورين.
ساحة النقاش