الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

تتعدد  الاتجاهات الحديثة في بناء مناهج التربية الإسلامية ومنها :

الاتجاه نحو تحديد الأسس والمعايير لبناء محتوى منهج التربية الإسلامية:

ظهر هذا الاتجاه نتيجة للانتقادات الموجهة إلى المناهج المدرسية للتربية الدينية الإسلامية في الوطن العربي، وكان أهمها افتقاد هذه المناهج إلى الأسس والمعايير العلمية لبنائها، واعتمادها على الخبرة الشخصية، واستنادها إلى طبيعة المادة الدراسية في مقابل إهمال لطبيعة المتعلمين، وافتقادها إلى الأسلوب المناسب لتقديمها والذي يحقق ميل المتعلمين إليها، وهناك عدة شروط تراعى في أسس بناء مناهج التربية الدينية الإسلامية تتمثل في:

·     قابلية الأسس للتطبيق في الواقع، وإمكانية استخدامها في اختيار عناصر المنهج المختلفة.

·     تجنب الأسس ظاهرة التكرار من حيث كون الأساس الواحد يمكن أن ينتمي إلى أكثر من مصدر من مصادر اشتقاق الأسس.

·     اقتران بعض الأسس بأمثلة لمجرد التوضيح والتفسير.

وقد اهتمت الدراسات بتحديد الأسس والمعايير اللازمة لبناء مناهج التربية الإسلامية، أو الاستفادة من هذه الأسس في تقويم مناهجها الحالية، وقد شملت هذه الدراسات مناهج التربية الدينية الإسلامية في دول الوطن العربي، وأيضا مناهج التربية الإسلامية  في الدول الإسلامية الناطقة بغير العربية،  كما ارتبط بعضها بجميع المعارف المكونة لمحتوى مناهج التربية الدينية ( القرآن، والحديث والفقه والعقيدة والسيرة. . وغيرها )، والبعض الآخر اقتصر على جانب واحد من المحتوى، وفي هذا الشأن نتناول هذه الدراسات من خلال الدراسات التي تمت في كل منها، ثم نتعرض لبعض القضايا المتعلقة ببناء محتوى مناهج التربية الدينية الإسلامية.

1-أسس متعلقة ببناء المحتوى ككل بمناهج التربية الدينية الإسلامية:

اهتم هذا الاتجاه بتحديد الأسس والمعايير اللازمة لبناء محتوى مناهج التربية الدينية الإسلامية في مختلف المراحل التعليمية من مرحلة الرياض وحتى التعليم العالي، وأنها قدمت تراثًا تربويًا يمكن الإفادة منه عند بناء مناهج التربية الدينية الإسلامية في كافة مراحل التعليم، وإن وجد قصور في هذا الاتجاه فمرده يعزى إلى حاجة هذا الاتجاه إلى تناول الأسس والمعايير اللازمة لبرامج التعليم الديني للمتعلمين من ذوي الفئات الخاصة، مثل: الأميين وبرامج تعليم الكبار، وبرامج تعديل السلوك للأحداث والجانحين،  وبرامج المكفوفين والصم والمعاقين فكريا.

إن من أهم المعايير المتعلقة بمحتوى الكتاب المدرسي في التربية الدينية الإسلامية، ارتباط المحتوى بالقضايا العصرية، مثل: تحديد النسل، وشهادات الاستثمار وأحكام المعاملات، وتنظيم المحتوى تنظيمًا منطقيًا يراعي التتابع والاستمرار، والاهتمام بانقرائية الكتاب ( لغته، أسلوبه، مفرداته ) بالإضافة إلى وضوح الأهداف وتحديدها وقابليتها للقياس والتقويم وارتباطها بالمحتوى، وصياغتها صياغة إجرائية، وفي المحتوى مراعاة شمول المحتوى واستمراره دون تكرار في موضوعاته، حتى لا يؤدي إلى توقف في النمو في بعض موضوعاته ولا يسبب الملل والضجر لدى المتعلمين، وعن كيفية بناء المحتوى المتكامل و يجب أن تركز على المحافظة على النص القرآني، والجمع بين النصوص المترابطة وبين الآيات المتفرقة التي توضع بمثابة الشاهد والدليل، واستنباط ما يؤدي إلى إشباع الحاجات النفسية، والوحدة قالب مناسب لتكامل المحتوى والأسلوب القصصي وأسلوب الحوار مناسبان لصياغة الوحدة، وقدمت بعض الدراسات قائمة من المعايير اللازمة لبناء كتب التربية الدينية الإسلامية ارتبطت باختيار المحتوى وتنظيمه ولغته والوسائل التعليمية المتعلقة به والتقويم بالإضافة إلى معايير إخراج الكتاب، وكان من أهم المعايير المتعلقة باختيار المحتوى وتنظيمه مراعاة الأهداف وسلامة المحتوى، ووجود شروح وتفاسير مناسبة، وتنمية الاتجاهات نحو الدين، ومناسبة حجم المحتوى مع الحصص المقررة، ومراعاة الفروق الفردية، ونقل المادة العلمية للقيم الاجتماعية، وتناول الموضوعات بشكل يسمح بتعدد طرق التدريس فيها، ومن ناحية تنظيم المحتوى مراعاة الوحدات استيعاب التلاميذ، ومراعاة الإيجاز وتجنب التكرار والحشو، ومراعاة الترابط والتسلسل والتماسك في مادة الكتاب، ومن ناحية لغة المحتوى سلامته من الأخطاء اللغوية، واتسامه بالبساطة والوضوح والاعتماد على الحوار أكثر من السرد، وإسهام لغته في تنمية الثروة اللغوية لدى المتعلمين.

- أسس متعلقة ببناء أحد جوانب محتوى مناهج التربية الدينية الإسلامية:

هناك العديد من أسس ومعايير كل جانب من المكونات المعرفية لمحتوى مناهج التربية الدينية الإسلامية، ففيما يتصل بالقرآن الكريم وأسس اختيار آياته في المحتوى، ومن المعايير التي يجب أن  تراعي عند اختيار الآيات القرآنية في محتوى المنهج، وتتمثل فيما يلي:

·        التنوع في الموضوعات.

·        ارتباطها بمقاصد القرآن، وأهداف المنهج.

·        تلبي متطلبات الطالب في تربية سلوكه وهدايته إلى الله تعالى.

·        تراعي مكونات مادة التربية الدينية الإسلامية وطبيعة محتوياتها.

·        تراعي التكامل بين الجانب الفكري والجانب السلوكي.

·        مترابطة في الموضوعات التي تتناولها.

·        تجمع بين الترغيب والترهيب.

·        تتناول قصص الأقوام السابقة من المؤمنين والكافرين.

·        تسوق الحجج والبراهين للرد على دعاوي وأباطيل الكفار والجاحدين.

وفي مجال الحديث النبوي هناك العديد من المعايير منها ما تعلق بالمضمون مثل اختيار الأحاديث التي تؤكد على القدوة وتثبت العقيدة في مجال العقيدة، وفي العبادات الأحاديث التي ترغب في العبادات وتبين فضل النظافة، وفي الأخلاق اختيار الأحاديث المتعلقة بالقيم الخلقية،  وأسس أخرى تتعلق بالشكل التثبت من صحة الحديث، والتنوع في نمط الحديث وارتباط الحديث بالقرآن الكريم والتدرج في عرض الأحاديث.

و هناك بعض المعايير لبناء محتوى التفسير لطلاب المرحلة الثانوية الأزهرية، كان من أهمها: ضرورة تنوع المحتوى، ليلبي حاجات الطلاب ويشبع ميولهم، ومواجهة القضايا المهمة والمشكلات الاجتماعية.

  ومن معايير بنا محتوى التوحيد: المادة العلمية وتحريرها، والناحية التربوية، ومعينات التدريس، والإخراج والطباعة، ومن بين ما أكدت عليه المعايير معالجة المحتوى للمشكلات الدينية المتعلقة بحياة الطلاب، والإفادة من منجزات العلم الحديث في تثبيت العقيدة.

وبالنسبة لمحتوى الفقه فهناك من أشار إلى ضرورة الاستناد إلى عدة معايير لتقديم الفقه بشكل يسهل على المتعلمين فهمه وتحصيله، ومن هذه المعايير:

·     توخي السهولة والتوسط في كتابته، وأن يحقق تراكمية العلم واستمرار يته.

·     يحقق مبدأ التكامل بين المعرفة بالربط بين الحكم ودليله.

·  أن يتيح المحتوى والخبرات التعليمية استخدام أكثر من طريقة تدريس، وأن يعمل تنظيمه على إثارة التفكير لدى الطلاب.

·  مخاطبة العقل المعاصر، فما كتب في العصور السابقة لا ينبغي أن يؤخذ جملة كما هو، ويخاطب به أهل عصرنا، وقد تغيرت المعلومات، والعلاقات، والمشكلات.

3- أسس متعلقة ببناء محتوى مناهج التربية الدينية الإسلامية لأبناء المسلمين الناطقين بغير العربية:

هناك من حدد بعض المعايير في المحتوى الثقافي الإسلامي الذي ستقدم من خلاله اللغة للطلاب الوافدين، وتتمثل فيما يلي:

·    عرض ملامح الثقافة العربية الإسلامية بما تحتوى عليه من أنماط مختلفة متعلقة بالمعاملات العامة  بالتحية، وبالأكل، وبالملابس.. . الخ

·          التوازن في تقديم ملامح الثقافة العربية الإسلامية بين الماضي والحاضر، بحيث لا يطغى أحدها على الآخر.   

·    تقديم صور أو ملامح الثقافة العربية الإسلامية بصورة تحترم عقلية المتعلم الأجنبي الكبير، وبتعبير آخر تقديم هذه الملامح بصورة منطقية أو بصورة علمية يتحرى فيها الدقة والموضوعية بدلا من الحماسة أو الانفعال أو التعصب الذي يضر أكثر مما ينفع.

·    الإفادة من تقديم المحتوى الثقافي من الدراسات التي قدمت في هذا المجال، ومن استطلاع رأى الأجانب بشأن ما يريدون أن يعرفوه من الثقافة العربية الإسلامية.

·    تنوع الموضوعات في عرضها للمادة الثقافية بحيث ترى من بينها الموضوعات التي اتخذت شكل المواقف، والأخرى التي اتخذت شكل القصة، والأخرى التي اتخذت شكل الحوار.

·           دوران محتوى الكتاب الثقافي حول المحور الآتية: ـ

-         الحضارة العربية الإسلامية.

-         الحياة المعاصرة.

-         مواقف الحياة اليومية.

-         العلاقة بين الحضارات العربية الإسلامية والعالم الذي يعيش فيه.

وهناك العديد من  المرتكزات التي يجب أن توضع في إطار ببناء محتوى مناهج التربية الدينية الإسلامية لأبناء المسلمين الناطقين بغير العربية من أهمها ضرورة ارتباط المحتوى المقدم بمواقف ترتبط بالثقافة الإسلامية في تعليم الدين الإسلامي تتمثل في الآتي:

- مواقف من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة.

- الأعياد الإسلامية.

- العادات العربية والإسلامية مثل: الكرم، والجود، وعادات الزواج، والاحتفال بالأعياد.

- الشخصيات الإسلامية.

- القيم الإسلامية مثل: الصدق، الأمانة، النظافة، النظام، بر الوالدين.

- المساجد والأماكن الإسلامية المشهورة.

- مواقف من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

- أناشيد دينية ووطنية.

ومن المعايير المتعلقة باختيار المحتوى معايير عامة متعلقة بالشكل مثل: (ارتباطه بأهداف المنهج، اتسامه بالصدق وصحة المعلومات، اتساقه مع الواقع المعيش، مناسبته  مع المستويات العمرية للتلاميذ)، ومعايير أخرى متعلقة بالمضمون منها: (اهتمام المحتوى بـ: تنمية الفكر الإسلامي المستنير، إبراز سماحة الإسلام في الحضارة الإنسانية، بيان دور الإسلام في الحضارة الإنسانية،  عرض السير الذاتية لبعض العلماء والمفكرين في مختلف المجالات، تنمية الاعتزاز بالتراث الثقافي والحضاري للأمة الإسلامية، مناقشته بعض التصورات الخاطئة الشائعة في المجتمع، ابتعاده عن الخلافات الفقهية والمذهبية، انبثاق أفكاره وموضوعاته  من القرآن والسنة، إبراز ه بعض الجوانب التطبيقية في التربية الدينية الإسلامية، استشهاده  على الأحكام الواردة به بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، موازنته بين الخبرات المعرفية والوجدانية والمهارية.، تناوله ـ بقدر مناسب ـ الأساسيات في التربية الدينية الإسلامية).

وأما المعايير المتعلقة بتنظيم المحتوى أهمها: ( تسلسل الأفكار وتتابعها، استمرار المحتوى، ربط محتوى الكتاب المدرسي بمحتويات المواد الأخرى، تكامل المعرفة في التربية الدينية الإسلامية المتضمنة في الكتاب المدرسي، ترتيب محتوى الكتاب المدرسي ترتيبا منطقيا، توظيف الوسائل التعليمية مع المحتوى، اشتمال الكتاب المدرسي على ملخص لأفكار كل موضوع أو وحدة تعليمية، توافر عنصر الإثارة والتشويق في العرض، اعتماد المحتوى في عرض المعلومات على الإقناع ومخاطبة عقول التلاميذ لا على الحفظ والتلقين،  مراعاته لأسس التقويم من حيث:

-      توافر أسئلة كافية عقب كل درس أو وحدة تعليمية.

-      توافر أسئلة كافية في نهاية المحتوى.

-      شمول أسئلة الكتاب للجوانب المعرفية والوجدانية والمهارية.

-      تنوع أسئلة الكتاب بين المقالية والموضوعية.

-      مناسبة أسئلة الكتاب للمتعلمين.

-      تدرج أسئلة الكتاب من السهل إلى الصعب.

-      مدى اهتمام الأسئلة بتنمية المستويات العليا من التفكير.

-      مدى تغطية الأسئلة لمحتوى الكتاب.

وأما المعايير المتعلقة بانقرائية المحتوى فركزت على: ( سهولة اللغة ودقتها ووضوحها، وملاءمة مفردات المحتوى للمستوى اللغوي للمتعلمين، ابتعاد المحتوى عن الألفاظ النادرة في الاستخدام، شرح المفردات الجديدة باستخدام الصور والرسوم أو عن طريق وضعها في جمل مستمدة من الخبرة السابقة، مناسبة طول الجمل لمستوى التلاميذ، استخدام الجمل المباشرة ما أمكن، الابتعاد عن الجمل الاعتراضية ما أمكن إلا للضرورة، اتساق الفقرات وترابطها، ووضوح الأفكار، الابتعاد عن ازدحام الفقرات بالأفكار، الابتعاد عن التقديم والتأخير في الجمل).

وتتحدد مجالات المحتوى الثقافي الإسلامي في كتب تعليم اللغة العربية لطلاب المعهد الأزهري لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وقد نظمت موضوعات المحتوى في عدة مجالات، هي ـ تلاوة القرآن الكريم، الحديث النبوي الشريف، والمعتقدات الدينية الإسلامية، والشعائر الإسلامية، والقيم الخلقية، والآداب الإسلامية، والأدعية المأثورة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم )، و مواقف من حياة المصطفى (صلى الله عليه وسلم )، ومواقف من حياة الصحابة ( رضوان الله عنهم)، و الشخصيات الإسلامية في مختلف العصور، والحضارة الإسلامية، والمفاهيم الدينية، والأعياد والمناسبات الإسلامية، والأماكن الإسلامية المقدسة، والمأثورات العربية الإسلامية، والآثار الإسلامية , والفنون الإسلامية، والصحف الدينية، والتقاليد الإسلامية، و التعبيرات العربية الإسلامية المتصلة بمواقف الحياة اليومية.

ومن معايير بناء المحتوى المقدم في منهج لتعليم الدين الإسلامي للطلاب الوافدين للدراسة بالمعهد الأزهري لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وقد اشتقت المعايير من الأسس الفلسفية والاجتماعية والنفسية، ومنها:

-         تضمين محتوى المنهج بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية مشفوعة بتوضيح معاني مفرداتها.

-         تأكيد المنهج على الإثراء اللغوي عند بنائه.

-         تضمين المنهج جوانب الثقافة الإسلامية التي يمكن من خلالها أن يتم تعليم اللغة العربية.

-   غرس العقيدة الإسلامية الصحيحة الخالية من الزيغ في النفوس التلاميذ مع تبصيرهم بما يضر بعقيدتهم من طقوس وخرافات تخالف الإسلام.

-         التأكيد على ممارسة المتعلمين للشعائر الدينية عن حب واقتناع.

-         تصحيح العادات والتقاليد والطقوس الموروثة بالرفق واللين والإقناع العقلي،

-         تكوين عادات جديدة لدى المتعلمين تتفق والشريعة الإسلامية.

-         تنمية شعور التلاميذ بالاعتزاز بدينهم الإسلامي والانتماء إليه.

-         التأكيد على احترام أصحاب الديانات الأخرى.

-         ترغيب التلاميذ في دراسة القرآن الكريم حفظاً وتلاوة وفهماً، ودراسة اللغة العربية قراءة وكتابة.

-         إبراز أهمية التمسك بالوحدة الإسلامية وعدم الفرقة في مواجهة أي عدو أو خطر يهدد كيان الإسلام.

-   التأكيد على القيم الإسلامية: التعاون والتقوى، والصدق والأمانة وبر الوالدين وصلة الرحم واحترام الكبير والعطف على الصغير. .الخ.

-         الاعتزاز بالأعياد والمناسبات والمقدسات الإسلامية.

-         استغلال دوافع التلاميذ الدينية عند تعليم اللغة العربية.

-         التأكيد على الوعي باحتياجات التلاميذ ومحاولة تلبيتها عند بناء المنهج.

-         مراعاة المنهج للمستويات العقلية والانفعالية والاجتماعية والجسمية للتلاميذ.

-         تأكيد المنهج على إكساب المتعلمين القيم الدينية النبيلة والآداب الإسلامية.

4- قضايا متعلقة بجوانب اختيار محتوى الآيات القرآنية في مناهج التربية الدينية الإسلامية:  

أثيرت عدة قضايا تتعلق باختيار الآيات القرآنية الكريمة في محتوى مناهج التربية الإسلامية وتلاوتها وحفظها للمبتدئين،  ومن المهم تناول هذه القضايا بشيء من الإيجاز في هذا السياق:

القضية الأولى: على أي أساس يتم اختيار الآيات القرآنية في المحتوى ؟

اختلفت الآراء بشأن الأساس الذي يتم الأخذ به في الاعتبار عند اختيار الآيات القرآنية في المحتوى المقدم للتلاميذ المبتدئين، ونلاحظ أن في هذه القضية رأيين، هما:

الأول: ويرى أنه لخدمة القرآن وتعليمه وتحقيق أهدافه، علينا أن ننتقي من آيات القرآن ومن السور ما هو أقرب إلى أفهام المتعلمين وإلى لغاتهم، وذلك بتطبيق مبدأ انتقاء السور ذات الألفاظ المناسبة وذات الألفاظ القريبة للطلاب، ويعلل بأن هذا الأمر يمكن تطبيقه  في القرآن الكريم، ، لأن الانتقاء بحسب السهولة يحقق الفهم.

الثاني: ويرى أن هذا المبدأ ( مبدأ السهولة والصعوبة ) لا يمكن تطبيقه على القرآن، لأن القرآن له خصوصيته، ولسبب آخر هو أن المستوى اللغوي والفكري للقرآن الكريم لا يمكن تصنيفه إلى سهل وصعب، فهو ليس كتابا تعليميا لمرحلة عمرية معينة، إنما هو كتاب منزل من رب العالمين لهداية الناس كافة أيًّا كانوا، وعلى المبلغ أن يقرب المعاني ويوضحها بما شاء الله له .

القضية الثانية: هل يحفظ التلميذ الآيات دون فهم ؟

ترتبط هذه القضية بالقضية السابقة من حيث الأخذ في الاعتبار تحفيظ التلاميذ القرآن الكريم دون أن  يفهموا معناه، ويدركوا دلالة ألفاظه، ونفس الأمر في هذه المسألة هناك رأيان:

الأول: ويرى ضرورة ألا يحفظ التلميذ من الآيات القرآنية إلا ما يفهمه.

 أما الرأي الثاني: فيرى عكس ذلك ويرى أنه لا يمكن القياس في عملية حفظ القرآن الكريم بالمعطيات البشرية في عملية التعليم، والدليل على ذلك العدد الهائل من حفاظ القرآن الكريم منذ الرعيل الأول وحتى يومنا هذا.

القضية الثالثة: في أي صف يتم تعليم التلاوة للتلاميذ ؟

هناك أيضا وجهتي نظر في هذه القضية، فالبعض يرى إمكانية البدء بالتلاوة من الصف الثاني الابتدائي، والمنطق الذي يستند إليه في ذلك هو ربط التلميذ في صغره بالقرآن الكريم ومنذ أن يعرف القراءة والمبادرة بطبع لسانه على صور الأداء السليمة للقرآن الكريم، وتنشئتهم على آداب التلاوة. في حين يرى البعض الآخر تأجيلها إلى الصف الخامس، وسندهم هو أن طفل السنة الثانية يأخذ التلاوة غالبًا بالترداد الببغاوي الذي لا يكاد يفهم معه شيئًا مما يردده، كما أنه لا يجيد القراءة في المصحف في هذه السن، وما يتلوه يتم تلقينا، وأن التلاوة تحتاج إلى قدر من الثروة اللغوية وقدرة على تجريد الأفكار البارزة وحصر الذهن فيها وأنه لا يمكن أن تتحقق التلاوة إلا من خلال التفسير والحفظ، ومثل ذلك لا تبدأ بواكيره إلا مع الصف الخامس الابتدائي.

ويري البعض أن الطفل يمكنه أن يتعود على التلاوة الصحيحة من خلال السماع والمحاكاة والتكرار، و القدرة اللفظية لديه تساعده في محاكاة الأداء القرآني على نحو أقرب لما يسمعه،  حتى ولو لم تعي مدركاته معنى ما.

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 2392 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,661,285