الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ". وهذا يوحى أن للفقه أهمية كبيرة في الدين الإسلامي، والتي يمكن إيجازها فيما يلي:

·  ينتظم الفقه أحكاما ناظمة لأعمال المكلفين، يعرف به الحلال والحرام، والحظر والإباحة، والصحيح والخطأ في تأدية العبادات والمعاملات، ومن ثم فهو مرجع كل مكلف لمعرفة الحكم الشرعي فيما يصدر عنه أقوال وأفعال.

·  الفقه الإسلامي مرتبط ارتباطا وثيقا بالإيمان بالله سبحانه وتعالى وبأركان العقيدة الإسلامية؛ فإن إيمان المكلف بالله سبحانه وتعالى يدفعه إلى التمسك بأحكام الدين وتطبيقها، طوعا واختيارا ترجمة لهذا الإيمان؛ وفى المقابل فإن العبادات تربط الإنسان بخالقه عز وجل، وتخلص النفس من شهواتها وأهوائها التي تحجب المسلم عن ربه. وقد ربط القرآن الكريم بين العبادات وأركان العقيدة؛ قال تعالى ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخشى إلا الله )[ التوبة: 18]، وكثيرا ما جاءت أحكام هذا الدين في القرآن مقرونة بالإيمان بالله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) [ البقرة: 282]

·  يسهم تدريس الفقه في تكوين مجموعة من القيم في نفوس المتعلمين، ومن هذه القيم: محبة الله سبحانه وتعالى، ومحبة أوليائه، وحب الخير، والرحمة، والإيثار، والعطف، والإحسان، والعدل، والصبر، والمواساة، والنظام، والطهارة، والأمانة، والصدق، والوفاء، وغير ذلك كثير كما أن تدريس الفقه يسمح بتعهد مثل هذه القيم والفضائل في سلوك المتعلمين.

·  ذلك: أن البناء النفسي والأخلاقي الصحيح للإنسان لا يمكن أن يتم إلا في داخل الجماعة حيث يبرز الجانب الاجتماعي من النفس البشرية، بصورة تلقائية بحكم ضرورة التعامل مع الآخرين، وحيث يمكن للمربى أن يلاحظ أسلوب التعامل ن فيقوم ما قد يكون فيه من انحراف، أو يثبت ما يجده من استقامة، لكي يتأكد وجوده ولا يكون عرضة للانحراف عندما تضغط الظروف على المشاعر والوجدان.

·  والفقه يربى المسلم على الارتباط بالجماعة؛ فإن الأعمال التعبدية التي يأتيها المسلم مع الجماعة المسلمة، تكسبه لذة الشعور بقوة الجماعة وعواطفها المشتركة، إلى جانب لذة المناجاة الفردية والشعور بقوة الذات المسلمة التي تستمد قوتها من خالقها بالدرجة الأولى؛ فإذا انفرط عقد الجماعة المسلمة أو منعت من الاجتماع لسبب طارئ، لم يفقد أفرادها مقوماتهم الذاتية من جهة، ولكنهم – مع ذلك – يعودون إلى التجمع من جديد على أساس عقيدتهم من جهة ثانية، لعلمهم أن عباداتهم منفردين لا تكون كاملة ما داموا قادرين على الاجتماع، بل إن بعض العبادات – وكل المعاملات – قائمة على التجمع، فمهما منعوا من أقامة المجتمع المسلم فلا بد من العودة إليه، وتوحيد القلوب والنفوس المؤمنة، حتى تصبح كالجسد الواحد.

·  كما أن تربية المسلم بأحكام الدين – من عبادات ومعاملات – تجدد نفسه باستمرار، لا برباط العقيدة، ولا برباط المجتمع، ولا بما تزوده به من أخلاق وفضائل – فحسب – بل بالتوبة التي تزيل عن القلب ما يعلق به من ذنوب، وتمحوا عن الجوارح ما قد تكسبه من آثام؛ وأمارتها: الرجوع عن الذنب، والعزم على عدم العودة إليه، واستبداله بعمل صالح، ورد الحقوق إلى أهلها.

- فهى توبة بالقلب يعزم فيها المرء على الطاعة ويضمر ها الخير لنفسه وللناس.      

- وتوبة باللسان معترفا بالظلم وعائذا بالاستغفار ( رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي  ) [ القصص 16]

- وتوبة بالجوارح كأداء الصلوات بشروطها  وأركانها وسننها، وبذل الصدقات، والإقامة والمسامحة في المعاملات. وهى جزء من العبادة، لأنها تقوم على تذكر رقابة الله سبحانه وتعالى ونعمه وعقابه، بل هي عبادة راتبة أمر الله سبحانه وتعالى بها ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) [ النور: 31] وندب إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنه ليعان على قلبي، وإني لأستغفر الله اليوم مائة مرة " – مسلم، برقم: 4870- وبالتوبة يعود للنفس أمنها وسلامها ويعود للإنسان تكيفيه مع مجتمعه، ويشيع التسامح والتراحم بين الناس.

·  بالإضافة إلى أن الفقه الإسلامي يواكب الحياة المعاصرة وقضاياها المستجدة، ومن ثم  يصبح تدريسه ضروريا لأبنائنا، من جهة أنهم يطلعون على جهد عظيم وحضارة زاهرة أقامها فقهاء، أتقياء، بذلوا الجهد واستفرغوا الوسع، تبوءوا القدوة في العلم والعمل والاجتهاد، وبحيث يقفون – باجتهاد شيوخهم وعلمائهم – على ما يثيروه المغرضون من شبهات ومقولات حول الشريعة الإسلامية، وينهضون لدفعها والرد عليها.

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 424 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,621