لكل مفسر منهج واتجاه يسير عليه في تفسيره، فهناك من يفسر القرآن بالقرآن أو بالأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين، ويسمي بالتفسير المأثور، وهناك من يفسر تفسيرا علميا، ويسمي بالتفسير العلمي، وهكذا، وهذه التفاسير تنحصر في أربعة مناهج كالتالي:
أ- التفسير الإجمالي:
وهو أن يذكر المفسر الآية القرآنية الطويلة، أو بعض الآيات القرآنية القصيرة، ثم يذكر معناها جملة دون تقصير ولا تطويل، وهو في ذلك يربط بين النص القرآني وبين المعني، بأن يذكر بين حين وحين أثناء ذكر المعني الإجمالي لفظا قرآنيا بشرط أن يكون واضحا، ومن التفاسير التي اتبعت هذا المنهج: تفسير القرآن الكريم للأستاذ محمد فريد وجدي، والمنتخب في تفسير القرآن الذي أصدره المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وهذا النوع من التفاسير قد سلكه المحدثون في تقدمة التلاوة بالإذاعة، والمقصود منه إعطاء فكرة إجمالية عما يتلوه القارئ من القرآن الكريم، حتى يكون السامع للقرآن - الذي يتلى عليه- كاشفا لمراميه، داعيا لمقاصده، ملما بأطرافه، مدركا لمغزاه.
ب- التفسير المقارن:
وهو عبارة عن بيان الآيات القرآنية علي وجه المقارنة بما كتبه جمع من المفسرين، وكيفيته أن يعمد المفسر إلى جملة من الآيات القرآنية في مكان واحد، أو في موضع واحد، ويستطلع آراء المفسرين سواء أكانت من السلف أو الخلف، وسواء أكان تفسيرا بالمأثور أو بالمعقول، ويوازن بين الاتجاهات المختلفة، والمشارب المتنوعة فيما سلكه كل منهم في تفسيره. .. فيري من كان منهم متأثرا بالخلاف المذهبي، ومن كان منهم قاصدا تأييد فرقة من الفرق. ...
والتفسير المقارن له أنواع لعل من أهمها:
· المقارنة بين النصوص القرآنية في موضوع واحد وما جاء في السنة النبوية مما ظاهرها معارضة هذه النصوص.
· المقارنة بين الآيات المتشابهة في القرآن.
· المقارنة بين النصوص القرآنية ذات القصة الواحدة، أو الموضوع الواحد.
· المقارنة بين أقوال المفسرين ومناهجهم في الآية الواحدة.
· المقارنة بين القرآن الكريم والكتب السماوية الأخرى في موضوع ذكر في جميعها.
جـ - التفسير الموضوعي:
وهو أن يذكر المفسر الموضوع، ثم يأتي بالآيات والأحاديث النبوية المرتبطة بهذا الموضوع، ثم يقوم بتفسيرها لكي تكتمل الصورة في نظر القارئ، ولعل كتاب ( المسلم في عالم اليوم) خير مثال للتفسير الموضوعي، فقد جمع صاحبه جميع الآيات المتعلقة بالتقوى، ثم قام بتفسيرها، وتوضيح معناها، وأوجه الاستفادة منها (عبدالفتاح عاشور: 1992)، وكذلك كتاب (نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم ) لـ (الشيخ محمد الغزالي، 2000)، و (موسوعة التفسير الموضوعي ) لـ (عبدالحي الفرماوي، 1992).
وللتفسير الموضوعي أنواع أهمها:
النوع الأول: أن يتتبع الباحث لفظة من كلمات القرآن، ثم يجمع الآيات التي ترد فيها اللفظة أو مشتقاتها من مادتها اللغوية، وبعد جمع الآيات والإحاطة بتفسيرها يحاول استنباط دلالات الكلمة من خلال استعمال القرآن الكريم لها.
النوع الثاني: تحديد موضوع ما، يلحظ الباحث تعرض القرآن له بأساليب متنوعة في العرض والتحليل والمناقشة والتعليق، وبعد جمع الآيات التي تتناول هذا الموضوع يقوم بتفسيرها.
النوع الثالث: وهذا النوع شبيه بالنوع الثاني إلا أن دائرة هذا النوع أضيق من دائرة سابقه، حيث يبحث في هذا النوع عن الهدف الأساسي في السورة الواحدة، ويكون هذا الهدف هو محور التفسير الموضوعي في السورة.
د- التفسير التحليلي:
وهو عبارة عن بيان آيات القرآن الكريم بالتعرض لجميع نواحيها، والكشف عن كل مراميها، وذلك بأن يمضي المفسر في شرحه للقرآن مع النظم القرآني علي ما هو موجود في المصحف آية آية، متبعا معاني المفردات والألفاظ في شرحها، ذكرا ما تضمنته من المعاني في جملها، وما ترمي إليه في تراكيبها، منقبا عن المناسبات في مفاصلها، ذاكرا أوجه الربط بين مقاصدها".
وهذا المنهج يندرج تحته تفاسير كثيرة لعل من أهمها:
(1) التفسير بالمأثور:
وهو تفسير القرآن بما جاء في القرآن أو السنة أو أقوال الصحابة أو التابعين، ومن أهم كتب التفسير التي استخدمت هذا المنهج: "جامع البيان عن تأويل القرآن" للطبري، و"الدر المنثور في التفسير بالمأثور " للسيوطي، و" تفسير القرآن العظيم" لابن كثير، و "تفسير القرآن" للصنعاني، و"معالم التفسير" للبغوي، و "التفسير" لسفيان الثوري.
(2) التفسير بالرأي:
ونعني بالتفسير بالرأي أن يعتمد المفسر علي إعمال العقل بصورة رئيسية، ويعتبر كتاب الرازي "مفاتيح الغيب" قمة الاتجاه في التفسير المعتمد علي النظر العقلي، وقد كان إيغال الرازي في الاتجاه العقلي في التفسير سببا في أن يقول السيوطي عنه: قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وشبهها، وخرج من شيء إلى شيء، حتي يقضي الناظر العجب من عدم مطابقة المورد للآية، قال أبو حيان: في (البحر) جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير، ولذلك قال بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير بتصرف.
ومن أهم كتب التفسير التي استخدمت هذا المنهج: بالإضافة إلى "مفاتيح الغيب" للرازي "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" للبيضاوي، و" إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم " لأبي السعود، و"روح المعاني" للألوسي، و"تفسير الجلالين" لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، و"مدارك التنزيل وحقائق التأويل " للنسفي، و" تفسير الخازن" للبغدادي.
والتفسير بالرأي قسمان:
تفسير محمود مقبول: وهو المبني علي المعرفة الكافية بالعلوم اللغوية والقواعد الشرعية والأصولية وعلم السنن والأحاديث، ولا يعارض نقلا صحيحا، ولا عقلا سليما، ولا علما يقينا ثابتا، مع بذل غاية الوسع في البحث والاجتهاد، والمبالغة في تحري الصواب.
تفسير مذموم مردود: وهو التفسير الذي صدر عن غير متأهل بالعلوم التي لا بد منها للمفسر، وكذا التفسير بالهوى والاستحسان، أو التفسير المقصود به تأييد مذهب فاسد، ورأي باطل.
(3) التفسير بالإشارة:
والمقصود بالتفسير الإشاري: تأويل القرآن بغير ظاهره لإشارة تظهر للمفسر، وهو غالبا ما يكون عند المتصوفة.
وقال عنه الزركشي: "كلام المتصوفة في تفسير القرآن ليس تفسيرا، وإنما هي معان ومواجيد يجدونها عند التلاوة، ، كقول بعضهم في قوله تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ " (التوبة: 123) المراد بالكفار النفس، فأمرنا اله تعالي بقتال من يلينا، وأقرب شيء إلى الإنسان نفسه ".
ومن أهم كتب التفسير الإشاري: "تفسير لطائف الإشارات للقشيري، وتفسير القرآن العظيم للتستري، والفتوحات الإلهية لمحي الدين بن عربي.
(4) التفسير الفقهي:
هو عبارة عن استنباط الأحكام الفقهية من النص القرآني، والتعرض لجميع أقوال الفقهاء ثم الترجيح بينها، ودائما ما يميل المفسر إلى مذهبه الفقهي.
وهذه التفاسير قد تنوعت تبعا لتنوع الفرق الإسلامية، فنجد لأهل السنة تفسيرا خاصا بهم، وللظاهرية تفسير فقهي يقفون فيه عند الظواهر القرآنية دون الحيدة عنها، وللخوارج تفسير فقهي يخصهم، وللشيعة تفاسير فقهية يخالفون بها من عداهم.
دومن أهم هذه التفاسير: أحكام القرآن للجصاص، وأحكام القرآن لابن عربي، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
(5) التفسير العلمي للقرآن الكريم:
والمقصود به أن يمزج التفسير بالعلوم الكونية والطبية وغيرها من العلوم، وأشهر التفاسير في هذا الصدد تفسير الشيخ طنطاوي جوهري، المسمي بـ(الجواهر).
كتفسير البنان بالبصمة التي توصل إليها العلم في القرن التاسع عشر في قول الله تعالي (بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ) (القيامة: 4) .
(6) التفسير اللغوي:
وهو تفسير يعتمد علي اللغويات، ووجوه الإعراب المحتملة في اللفظ القرآني، وتصريف الكلمة من حيث الاسم والفعل والمصدر، وبيان أوجه البلاغة في الآية، والقراءات القرآنية الواردة فيها، والفرق بين القراءتين من حيث الإعراب والمعني. ومن أهم هذه التفاسير، تفسير الكشاف للزمخشري، وتفسير أبي حيان، وتفسير الزجاج.
وتوجد أنواع أخري كثيرة تندرج تحت التفسير التحليلي، ومن هذه الأنواع: التفسير الفلسفي القائم علي النظريات الفلسفية، كتفسير ابن سينا لبعض سور القرآن الكريم، والتفسير الأدبي الاجتماعي كتفسير الشيخ سيد قطب، والتفسير القصصي كتفسير الخازن.
وبعض المفسرين يجمع في تفسيره بين أكثر من منهج فيذكر المفسر النص القرني، ثم يقوم بتحليله من حيث اللغة، والمعني، والمراد، والدلالة، والإعراب، والبلاغة، والحكم الفقهي، وعلاقة الآية الحالية بالآية السابقة والتالية، وأوجه الإفادة منها.
أهـداف تدريس التفسيـر:
يهدف تدريس التعبير إلى تحقيق ما يلي:
o ترسيخ العقيدة الإسلامية للطلاب وتعميق إيمانهم بالله تعالى وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر0
o غرس محبة القرآن الكريم وتقديسه في نفوس الطلاب0
o معرفة الطالب للهدف من وجوده على هذه الأرض0
o إعداد الأجيال إعدادا صحيحا شاملا يحصنها من الإنحراف0
o تعرف الطلاب على مشكلات المجتمع الإسلامي وواقعه وطرق حلها0
o تنمية الشعور الديني لدى الطلاب0
o تنمية القدرة على استنباط الأحكام الفقهية والشرعية من خلال دلالات الآيات القرآنية0
o تنمية القدرة على ربط الآية بسياقها الذي وردت فيه0
o تنمية القدرة على الربط بين حقائق القرآن وبين حقائق العلم الثابتة0
o تكوين القدرة على ربط المفردة القرآنية بدلالتها اللغوية0
o فهم الطلاب لأساليب القرآن الكريم وتذوق معانيه0
o إبراز الأدلة التي توصل إلى الاقتناع العقلي بمعاني القرآن الكريم0
o الوقوف على جانب من أوجه الإعجاز المختلفة في القرآن الكريم0
o ربط الآيات المفسرة بواقع الطلاب وحياتهم0
o تنمية ميل الطلاب إلى كتاب الله تعالى والامتثال لأوامره0
o قراءة النص قراءة مضبوطة صحيحة مجودة0
الطريقة المقترحة لتدريس آيات القرآن الكريم " التفسير ":
لكي تتحقق لنا صيانة القرآن الكريم والعناية به لابد منه تحفيظه حفظا جيدا مضبوطا بالشكل المدقق في النطق المحدد ومخارج الحروف ومن ثم فيجب أن نعلم أبناءنا طريقة حفظه والعناية به ليكون لهم منهجهم في التعبد والحياة, ومما لاشك فيه أن الحفظ وخاصة بالنسبة للصغار يحتاج إلى مجهود وتنظيم في المعلم , إذا إنه لا يستطيع قراءة القرآن معتمدا على المصحف أو الكتاب أو السبورة لذلك يراعى مخططو المناهج اختيار قصار السور حتى يسهل حفظها وتتبع ألفاظها. ومن الممكن أن يسلك المعلم عند تدريس آيات القرآن الكريم " حفظا " الخطوات التالية:
التمهيد:
حيث يمهد المعلم للسورة بحديث سهل في موضوعة يناقشهم بأسئلة تتصل بالدرس وتتعلق بالسورة قراءة نموذجية خالية من الأخطاء. واضحة المخارج مع مراعاة الخشوع والتأني ويطالب التلاميذ بحسن الإنصات , وعلى المعلم أن يكرر القراءة مرات عدة حتى يشعر أن التلاميذ قد استفادوا من قراءته وأدركوا القراءة الصحيحة:
القراءة الجمعية مع المعلم:
· يعيد المعلم قراءة النص آية آية ويطالب التلميذ بإعادة القراءة خلفه مع إرهاقه السمع لنطقهم وإرشادهم إلى الصواب إذا أخطئوا.
· المنافسة في القراءة الجمعية:
· يطلب المعلم من بعض الطلاب قراءة الآيات ثم يطلب من مجموعة أخرى إعادة القراءة وهكذا مع إثارته تنافسهم بقصد تحسين قراءتهم.
القراءة الفردية:
· بعد أن يتأكد المعلم من أن القراءة الجمعية قد أدت الغرض المنشود منها ينتقل إلى القراءة الفردية ويطلب من أفضل الطلاب قراءة أن يقرأ الدرس , ثم يطلب من أخر القراءة وهكذا حتى يقرأ أكبر عدد من الطلاب وهذا سوف يساعدهم على حفظ الآيات أو أغلبها , ومن الممكن أن يطلب من حفظ منهم أن يقرأ الآيات معتمدا على نفسه مع ملاحظة القراءة وتصويب الخطأ , وسوف يجد المعلم أن معظم الأطفال قد حفظوا الآيات وأن الأمر قد أصبح ميسرا على الآخرين.
مناقشة المعاني الصعبة بالآيات:
على المعلم أن يناقش أطفاله في معنى النص بأسئلة سهلة وهادفة , ذلك لأن المعنى في الآيات له أهمية عظمى تساعد على فهم المعنى الضمني للآيات ومن الممكن أن يقسم المعلم الآيات إلى وحدات كي يسهل مناقشة هذه المعاني.
من التوجيهات التي نقدمها "للطالب / المعلم "عند تدريس التفسير ما يلي:
· ينبغي الإعداد الجيد لدرس التفسير ومراجعة كتب التفسير المختلفة حتى يُلمَّ بمعاني النص الذي يفسر، ويتعرف أسباب النزول والأرقام والوحدات التي يتكون منها النص.
· إن "الطالب / المعلم" مسئول عن عرض التفسير الذي قررته وزارة التربية والتعليم للتدريس لهذا الجمهور من الطلاب. وليس له أن يعرض لتفاسير أخرى إلا في إطار ما يلي:
أ- الإلمام بعدد كبير من التفاسير حتى يستطيع أن يقارن بينها فيقف على الأقرب للصحة.
ب- البعد عن التفاسير التي تمتلئ إسرائيليات حتى لا تتشوّه معلومات هؤلاء الطلاب.
ج- تحري الموضوعية والأمانة في نقل المعلومات والبعد عن المذهبية والتعصب لفرقة دون أخرى. ويفضل في كل الأحوال الاقتصار على التفسير الوارد في الكتاب المقرر لطلبة الحلقة الأولى من التعليم الأساسي (الصفوف الأربعة الأولى) والبدء بالتدرج في التوسع في التفسير طبقاً لحاجة الطلاب وتيسيراً لفهمه.
· التفسير والتلاوة لا يستغنيان عن بعضهما البعض. التلاوة ركن من أركان التفسير، وفهم المعنى إجمالا جزء من التلاوة الصحيحة. ولكن الفارق بينهما يتمثل فيما يلي:
أ- تهدف التلاوة إلى جودة الأداء بينما يهدف التفسير إلى فهم النص وحفظه.
ب- يكتفي في التلاوة بالفهم العام للنص بينما نعرض في التفسير تفاصيل المعنى.
ج- قد يصحب التفسير حفظ الآيات أما في التلاوة فليس ذلك لازما.
د- القدر المتلو في حصة التلاوة أكبر عادة من القدر المفسّر.
· ينبغي التدرج في التفسير من العام إلى الخاص ومن الكل إلى الأجزاء.
· ينبغي أن يدرك" الطالب/المعلم " الفرق بين التفسير والتأويل.
يرى بعض العلماء أن التفسير أدل على المعنى الحقيقي من التأويل لأنه يميل إلى الاحتمال المرجح من عدة وجوه. بينما التأويل توجيه اللفظ إلى معنى مقصود بين عدة معان مختلفة يستنبط بما توافر من الأدلة، قد يدل على المراد من قوله تعالى، وقد لا يدل ولكنه أمر محتمل، ويبدو أن التفسير ما كانت دلالته قطعية والتأويل ما كانت دلالته ضمنية.
ساحة النقاش