الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

يعد التفسير من الموضوعات المهمة جدا - في تدريس مناهج التربية الدينية الإسلامية بمختلف المراحل التعليمية بالتعليم العام، وكلك في تدريس مناهج العلوم الشرعية بالتعليم الأزهري - لأنه يتوقف عليه فهم القرآن الكريم ومعرفة أحكامه وتشريعاته والوعي بإعجازه وأسراره0

ولتعريف التفسير نسوق ما قاله ابن منظور في لسان العرب من أن: الفسر: البيان ‘ فسر الشيء يفسره بالكسر، ويفسره بالضم فسرا، وفسره أبانه، والتفسير مثله، قال ابن الأعرابي: قال تعالي: وأحسن تفسيرا، الفسر كشف المغطي، والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل، والتأويل رد أحد الاحتمالين إلى ما يطابق الظاهر.

وقال في المعجم الوسيط: فسر الشيء وضحه، وآيات القرآن الكريم شرحها، ووضح ما تنطوي عليه من معان وأسرار وأحكام. .... وتفسير القرآن من العلوم الإسلامية، ويقصد منه توضيح معاني القرآن الكريم وما انطوت عليه آياته من عقائد وأسرار وحكم وأحكام.

ويعرف التفسير أيضا بأنه علم يبحث فيه عن جوانب القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية0

الفرق بين التفسير والتأويل:

   انقسم العلماء في الفرق بين التفسير والتأويل إلى ثلاثة أراء، وهم كالتالي:

الرأي الأول: قال: إن التفسير والتأويل بمعني واحد، فنجد أن ابن القيم في كتابه المصالح المرسلة يقول: "إن التفسير بمعني التأويل عند السلف وأهل الفقه والحديث والتفسير، ومنه قول ابن جرير الطبري في تأويل قوله تعالي كذا وكذا، يريد تفسيره، ومنه قول الإمام أحمد ابن حنبل في كتابه في الرد علي الجهمية فيما تأولته من القرآن علي غير تأويله، فأبطل تلك التأويلات التي ذكروها ويريد تفسيرها.

الرأي الثاني:  قال: إن التفسير يختلف عن التأويل، فالتفسير هو بيان المراد باللفظ، والتأويل هو بيان المراد بالمعني . والمعتزلة والجهمية يقولون: إن المراد بالتأويل صرف اللفظ عن ظاهره، وحقيقته إلى مجازه وما يخالف ظاهره. .....، فالتأويل علي خلاف الأصل، والتأويل يحتاج إلى دليل، هذا بخلاف التفسير .

وقال آخرون: أكثر استعمال التفسير في الألفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية، وقال آخرون: إن التفسير بيان لفظ لا يحتاج إلا وجها واحدا، والتأويل توجيه لفظ متوجه إلى معاني مختلفة إلى واحد منها بما يظهر من الأدلة.

الرأي الثالث: وأصحاب هذا الرأي قالوا: إن التفسير أعم من التأويل، فالراغب يقول: التفسير أعم من التأويل، وأكثر استعماله في الألفاظ، وأكثر استعمال التأويل في المعاني كتأويل الرؤيا .

فالتفسير يخالف التأويل بالعموم والخصوص فقط، ويجعل التفسير أعم  مطلقا، وكأنه يريد من التأويل بيان مدلول اللفظ بغير المتبادر منه لدليل، ويريد من التفسير بيان اللفظ مطلقا، أعم من أن يكون بالمتبادر أو بغير المتبادر.

وقد بدأ التفسير منذ نزول الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يتمثل في توضيح الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما غمض على الصحابة من ألفاظ القرآن ومعانيه وتطور بعد ذلك بعد فتوحات المسلمين ودخول كثير من الشعوب والأمم الأخرى في الإسلام، وتوسعت مع ذلك مصادره - تدريجيا - ففي مرحلة الصحابة والتابعين كان التفسير يعتمد فيها على القرآن الكريم والسنة النبوية والاجتهاد والاستنباط، زادت بعد ذلك في عهد تابعي التابعين في النقل عن أهل الكتاب مما جاء في كتبهم، وما اجتهد فيه التابعون0 وارتبط تدوين التفسير في بداية الأمر بتدوين الحديث ثم استقل عنه وصار علما مستقلا0

وتهدف دراسة التفسير إلى ربط المتعلمين بكتاب الله، وتوضيح معاني ألفاظه، وإدراك أسرار بيانه، والوقوف على أوجه إعجازه، وفوق ذلك المساهمة في بناء الشخصية المسلمة التي ترتبط بالقرآن الكريم في حياتها ومسلكها0 وتحقيق السعادة بها في حياتها الدنيوية والأخروية0 ويوجه القرآن النظر إلى ذلك وينعى على الذين لا يتدبرون القرآن قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} (سورة محمد - 24)0

تجدر الإشارة إلى أن التفسير - كأحد العلوم الشرعية المهمة - قد غلب عليه في فترات غير قصيرة الخلافات المذهبية، والتفصيلات والآراء الفلسفية والبلاغية والنحوية وغيرها، وتحكمت في كل مفسر نزعته التي يميل إليها فالنحوي يتجه إلى الإعراب، وذكر ما يحتمل من أوجه، والنقل من مسائل النحو وفروعه وخلافياته، وصاحب العلوم العقلية لا هم له إلا بأقوال الفلاسفة والحكماء، وذكر شبههم والرد عليها، وصاحب الفقه معنى بذكر الفروع الفقهية وسرد المذاهب فيها وسوق الأدلة عليها، وصاحب التاريخ يهتم بالقصص وذكر أخبار السلف ما صح منها وما لا يصح.

 وقد دعا كثيرون بضرورة إعادة النظر في الأسلوب الذي يتم به تفسير القرآن الكريم من الانتقال من الطريقة التحليلية التي يتعامل بها المفسرون مع كتاب الله في التفسير إلى التفسير الموضوعي الذي يحقق المعرفة المتكاملة لموضوعات القرآن الكريم، وظهرت تفاسير غير قليلة تحمل هذا اللون من التفسير في العصر الحديث ومن المقيد أن نعرض - على سبيل المثال لا الحصر أو الاستقصاء - جملة من هذه التفاسير الموضوعية للقرآن الكريم:

- منهج التربية في القرآن - لعبد الفتاح عاشور0

- سنن الله في المجتمع من خلال القرآن - لعرجون0

- الدستور القرآني في شؤون الحياة - لدروزه0

- الإنسان في القرآن والمرأة في القرآن - للعقاد0

- القرآن وقضايا الإنسان - لبنت الشاطئ0

- الفن القصصي في القرآن الكريم - لمحمد أحمد خلف الله0

- الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم - لمحمد محمود حجازى0

- التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن - لحنفى0

- التصوير الفني في القرآن - لسيد قطب0

 أنواع التفسير:

تتعدد أنواع التفسير لتضم أربعة أنواع: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالي، فمن ادعي علمه فهو كاذب.

ولقد قال الزركشي: وهذا تقسيم صحيح، فأما الذي تعرفه العرب، فهو الذي يرجع فيه إلى لسانهم، وذلك شأن اللغة العربية.

وأما الثاني: ما لاتعذر العرب بجهالته، وهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد، وكل لفظ أفاد معني واحدا جليا لا سواه، يعلم أنه مراد الله تعالي، فهذا القسم لا يختلف حكمه، ولا يلتبس تأويله، إذ كل واحد يدرك معني التوحيد من قوله تعالي: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " (محمد: 19)، وأنه لا شريك له، وإن لم يعلم أن (لا) موضوعة في اللغة للنفي، و(إلا) للإثبات، وأن مقتضي هذه الكلمة الحصر.

وأما الثالث: ما يرجع إلى اجتهاد العلماء، وهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل، وهو ما يصرف اللفظ إلى ما يئول إليه، فالمفسر ناقل، والمؤول مستنبط.

وأما الرابع: ما لا يعلمه إلا الله تعالي، فهو يجري مجري الغيوب نحو الآي المتضمنة قيام الساعة، ونزول الغيث، وما في الأرحام، وتفسير الروح، والحروف المقطعة، وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره، ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف من أحد ثلاثة أوجه: إما بنص من التنزيل، أو بيان من النبي ( صلي الله عليه وسلم)، أو إجماع الأمة علي تأويله، فإذا لم يرد فيه توقيف من هذه الجهات علمنا أنه مما استأثر الله تعالي بعلمه.

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 176 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,662,138