يعد القرآن الكريم أساس الإسلام ودستوره وقاعدته العريضة التي قام عليها بناؤه، وهو المعجزة الخالدة والآية الباقية التي انتظمت بها العقيدة الإسلامية، وهدت إلى الإيمان والعمل به، لذلك كان من تمام إيمان المؤمنين به العناية بحفظه وقدوته ومدارسته، ومداومة الرجوع إليه، والنظر فيه والأخذ به، وقد جعل الله حفظه فرض كفاية، إذا قامت به طائفة من المسلمين برئت ذمة الآخرين، وإلا تعرضوا جميعا لعقاب الله ومؤاخذته، هذا وقد عنى المسلمون على مر العصور بالقرآن الكريم وبمن يحفظونه تطبيقا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: [خيركم من تعلم القرآن وعلمه]، ولذلك تواصى المسلمون على حفظ القرآن الكريم وتحفيظه لأبنائهم عن طريق التواتر، كما اهتموا بفهمه والعمل به والارتفاع إلى مستواه0
ويحتل تدريس القرآن مكانة هامة في مناهج التربية الدينية الإسلامية بمراحل التعليم العام، وكذلك يحظى باهتمام أكبر في النظام التعليمي بالمعاهد الأزهرية حيث يخصص الأزهر مقررات خاصة بتحفيظ القرآن الكريم من بداية المرحلة الابتدائية ومرورا بالمرحلة الإعدادية والثانوية وانتهاء بمرحلة التعليم الجامعي الأزهري، ويتفاوت القدر المقرر في الحفظ من مرحلة لأخرى ومن صف لآخر، وقد أشارت نتائج أكثر من دراسة أن حفظ القرآن الكريم ودراسته ينمى مهارات القراءة ويرفع من المستوى العلمي للطلاب في المجالات العلمية الأخرى مثل: الرياضيات والعلوم والطب وغيرها، فحفظ القرآن يؤدى إلى النتائج التالية:
- تعرف الطلاب على الكلمات والألفاظ ونطقها نطقا سليما من حيث البنية والإعراب والانطلاق في القراءة ومراعاة مخارج الحروف0
- تنمية كثير من المهارات الأساسية للقراءة كسرعة التقاط الكلمات وفهم مدلولها، وإصدار الأحكام الصحيحة على المادة المقروءة0
- تفوقهم على زملائهم في كثير من المجالات العلمية، ومنها الرياضيات والطب رغم تقاربهم في السن والذكاء والبيئة0
ونستطيع أن نؤكد أن تدنى مستوى الثقافة الإسلامية، وضعف التلاميذ في القراءة وفى اللغة وفى الفكر والعقيدة، يرجع إلى إهمال تحفيظ القرآن الكريم للأطفال في مرحلة الصغر، وتقليص عدد مراكز تحفيظ القرآن الكريم0
العوامل التي تؤثر في حفظ القرآن الكريم:
لا شك أن حفظ القرآن، وتثبيته ليس بالأمر الهين، ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - يجهد نفسه عند نزول الوحي عليه لحفظه والتأكيد عليه مخافة نسيانه فخاطبه المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } (القيامة-15: 18)، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يتعهد القرآن في قيام ليله لأنه مصدر الشريعة الإسلامية، وقد أوصانا -صلى الله عليه وسلم - بالتنافس في حفظه وفهمه وإتقانه، فقال - صلى الله عليه وسلم-: [الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران] 0
ونظرا لهذه المكانة التي يمثلها القرآن الكريم في حياة المسلمين فقد اعتنى به المربون المسلمون في أدبياتهم للتعريف بالعوامل المساعدة في حفظه، والاستفادة منها في رفع مستوى الحفظ، وقد أضافت أدبيات علم النفس والتربية إلى هذه العوامل فكرا جديدا يساعد في تحقيق ذلك، ووفرت التكنولوجيا الحديثة وسائل لتيسير الحفظ، ويمكن عرض أهم العوامل الميسرة للحفظ والمعينة فيما يلي:
· السن التي يبدأ عندها حفظ القرآن الكريم (عامل النضج).
· دوافع وميول التلاميذ الإيجابية نحو المادة المحفوظة.
· التدرج في تحفيظ التلاميذ لآيات القرآن الكريم وسوره.
· خبرة التلاميذ السابقـة.
· مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ.
· التعاون بين التلاميذ في التحفيظ.
· فـــهـم مــا يحفـظ.
· أفضلية البدء بحفظ القرآن الكريم قبل دراسة المواد الأخرى.
· الوقت المخصص للحفظ (التمرين الموزع).
· التكرار أو التسميع أو الإعادة.
· استخدام الوسائل المعينة على الحفظ.
· استخدام أساليب التقويم الصحيحة.
مراحل التحفيظ:
أولا: مرحلة التهيئة النفسية لقراءة السورة:
والهدف منها جذب انتباه التلاميذ للسورة التي سيحفظونها، ويستطيع المعلم تحقيق ذلك عن طريق ما يلي:
- عرض صورة للشمس والقمر وبيان قدرة الله الخالق0
- عرض صورة للإبل وبيان موقف نبي الله صالح مع قومه ثمود0
ثانيا: مرحلة القراءة الجهرية للسورة:
وفيها يقسم المعلم السورة إلى وحدات كل وحدة منها لا تزيد على ثلاث أو أربع آيات وتكون كما يلي:
- الوحدة الأولى من الآية/ 1-4 0
- الوحدة الثانية من الآية/ 5-6 0
- الوحدة الثالثة: 7-10 0
- الوحدة الرابعة: 11-15 0
- يقرأ المعلم أمام التلاميذ الآيات في كل وحدة على حدة، ويراعى عند القراءة التأني، وسلامة النطق، وحسن القراءة والترتيل، والالتزام بقواعد وأحكام التجويد0
- ويمكن الاستعانة بأحد تسجيلات المصحف المعلم وتوجيه التلاميذ إلى الاستماع إليها0
ثالثا: مرحلة الترديد والتكرار:
- يطلب المعلم من التلاميذ أن يرددوا كل آية يقرأها، ويفضل عند ترديد التلاميذ أن يقرأ كل آية كلمة كلمة حتى يتحقق لدى التلاميذ الاستماع الجيد لها والنطق الصحيح لمفردات الآيات وكلماتها0
- ينبغي أن لا يزيد عدد مرات التكرار للتلاميذ عن خمس مرات في كل وحدة من وحدات السورة حتى لا يمل التلاميذ من كثرة الترديد0
- تقسيم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة من 2-3 تلاميذ يتعاونون معا في قراءة وترديد وتكرار كل وحدة من وحدات السورة بصوت منخفض لمدة لا تزيد عن عشر دقائق في كل وحدة0
رابعـا: مرحلة التسميـع:
- بعد أن يتأكد المعلم من تيسير حفظ التلاميذ لآيات كل وحدة من وحدات السورة يمكن أن يتم التسميع لأحد التلاميذ في كل مجموعة، وبحيث يمكن التسميع لأكبر عدد ممكن من التلاميذ0
- تصحيح أخطاء التلاميذ عند التسميع مثل التقديم والتأخير في ترتيب الآيات، أو إبدال كلمة مكان أخرى.. . إلى آخره0
- السماح للتلاميذ في كل مجموعة بالتسميع لبعضهم البعض0
ساحة النقاش