الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

authentication required

القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى، وهو الكتاب الذي أنزله على رسوله محمد ( r )، ليكون دستورا للمسلمين وشريعة الله إلى خلقه أجمعين، وكان للعرب لهجات متعددة اكتسبوها من فطرتهم واقتبسوا بعضها من جيرانهم، وكانت لغة قريش لها الصدارة والذيوع للعديد من الأسباب منها:  اشتغال أهل قريش بالتجارة، ووجودهم عند بيت الله الحرام، وقيامهم على السدانة والرفادة، وكان القرشيون يقتبسون بعض اللهجات والكلمات التي تعجبهم من غيرهم.

وكان من الطبيعي أن ينزل الله قرأنه الحكيم باللغة التى يفهمها العرب أجمع لتيسير فهمها، وللإعجاز والتحدي لأرباب الفصاحة بالإتيان بسورة أو بآية وتيسير قراءته وحفظه لهم لأنه نزل  بلغتهم قال تعالى } إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ  { وهو الكتاب الذي ختم الله تعالي به الكتب السماوية، وهو الكتاب الذي أنزله علي نبيه محمد صلي الله عليه وسلم الذي ختم به الأنبياء، بدين عام ختم به الأديان،  فهو حجة الرسول صلي الله عليه وسلم ومعجزته الخالدة إلى يوم القيامة، وهو ملاذ الدين، يستند إليه في عقائده وعباداته ومعاملاته وآدابه وأخلاقه، فالقرآن الكريم كنز العقائد الإيمانية، ومصدر الأحكام الشرعية، ودليل الحقائق الكونية، وهو منهج الله تعالي الذي لا تصلح الحياة إلا به، وهو هادي الناس إلى الطريق المستقيم، ومخرجهم من الظلمات إلى النور، قال تعالي" إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ " ( الإسراء: 9).

ويتسم القرآن الكريم بأسلوب من البيان ما يؤثر على الإنسان فيجعله يسلم بما فيه كما وأن شكله له من الأهمية بمكان بحيث لو تغير ووضع آخر موضعه لأختل المعنى كلية، ومن هنا كانت لابد من العناية عند استخدام طريقة لتدريسه تهتم بمخارج الحروف لإيضاح شكله ووصل كلماته لبيان معناه ومن هنا فعلى المعلم أن يكون ملما بمخارج الحروف والربط بين الكلمات بما يتفق والمعنى المراد منها، وأن يكون فاهما للمعنى الإجمالي للآيات ويحدد الهدف الاجتماعي والدين، وأن يسعى إلى تجويد الأسلوب لدى الطلاب وأن يكسبهم التعليق بأساليب القرآن. ولن يتأتى ذلك إلا بإكساب الطالب القدرة على فهم الآيات الكريمة وتعرف ما تنشده من الحكم والغايات لا مجرد الحفظ الآلي ولن يتم ذلك إلا من خلال ثلاثة أسس:

·       فهم المعنى فهما إجماليا.

·       إجادة الحوار وضرب الأسئلة التي ترتبط بخبرة التلاميذ.

·       تمثيل المواقف والأهداف القرآنية بما يتفق وقدرات الطلاب العقلية

إن تعليم القرآن الكريم يثبت الأهداف الإسلامية في أذهان الطلاب كي تكون نشأتهم على تعاليم الإسلام مع تحسين أسلوبهم عند قراءة القرآن الكريم مع تعويدهم على تذوق أساليبه والاستفادة مما في القرآن الكريم من أساليب جمالية وأدبية كي يصبح صاحب أسلوب منظم ولديه التعرف على الفكر العربي الإسلامي وأدبه.

ومن المعروف أن دراسة القرآن تخدم اللغة والأدب لما يعود من خلالها على الفرد من تملك الإنسان القويم والتذوق الأدبي. ومن ثم فيجب عند تدريس القرآن الكريم ان نهتم بربط الأفكار التي ترد في القرآن بالأفكار الإنسانية التي نحياها , وأن نوضح للطلاب أن القرآن الكريم إنما هو دستور الهي لبنى البشر. يجب أن يطبق في الحياة اليومية والعملية فليس القرآن وثيقة يتبرك بها الفرد , أو يتنذر الناس بأحكامها أو يتغن بآياتها وفقط , وأيضا يجب أن نثبت في قلوب الطلاب أن القرآن الكريم دستور عملي يمارس في حياة الفرد كل يوم وفى جميع الأحوال وبالكلية. يمثل القرآن الكريم في التربية الإسلامية المصدر الأساسي لها، ولكل فكر إسلامي.  فهو القاعدة التي يرتكز عليها الإسلام عقيدة وتشريعاً وتنظيماً.  وهو الأساس الذي انتظم مسيرة الحياتين للإنسان منظماً موضحاً، مفسراً وشارحاً.  وهو كذلك العقد والعهد الذي يجمع المسلمين على وحدة العقيدة المتمثلة في الإيمان بالله، وبالغيب.  وكل مسلم يجب أن يرتبط بهذا الكتاب ارتباط حب وولاء وارتباط تعلم وفهم.

 ويتعلق بهذا الكتاب العزيز علوم كثيرة لعل من أهمها: علم القراءات، فهو يعصم الإنسان من الخطأ في النطق بالكلمات القرآنية، ويصونها من التحريف والتبديل والتغيير.

ومن هذه العلوم علم التجويد وما يرتبط به من علوم القراءات والذي يشهد أن القرآن الكريم من عند الله تعالي، إذ هو مع كثرة الاختلاف وتنوعه لم يتطرق إليه تضاد ولا تناقض ولا تخالف، بل كله يصدق بعضه بعضا، ويبين بعضه بعضا، ويشهد بعضه لبعض، علي نمط واحد، وأسلوب واحد.

 ومن العلوم التي ترتبط بالقرآن الكريم والقراءات علم التفسير، فهو الطريق الوحيد لفهم كتاب الله تعالي، وإدراك ما فيه من معان وفصاحة وبلاغة وأسرار وإعجاز.

كذلك من العلوم التي ارتبطت بالقرآن والقراءات علم الفقه؛ إذ أنه يستمد أدلته الأولي من القرآن الكريم بكل قراءاته، فالقرآن اشتمل علي كثير من الأحكام الفقهية كأحكام العبادات والحدود والجنايات وأحكام الأحوال الشخصية المتعلقة بالأسرة من نكاح وطلاق ونفقة.

والقرآن الكريم يحتاج في دراسته إلى إظهار العلاقة التي توجد بين علومه المختلفة، لأن القرآن الكريم ليس كغيره من الكتب في الترتيب والتبويب.....فنجده في آية واحدة يجمع بين الوسائل والمقاصد، وبين الدليل والمدلول، وبين الترغيب والترهيب، وبين العلوم الأصولية والفرعية، وبين العلوم الدينية والدنيوية والأخروية من أجل هذا يحتل تدريس القرآن الكريم مكانة خاصة في كل من مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية.  ولئن اختلفت أهداف تدريس النص القرآني في كتب الأدب والنصوص عن أهدافها في كتب التربية الإسلامية حيث يغلب في الأولى جانب الإعجاز اللغوي والبياني مستهدفين تنمية التذوق الأدبي لأرفع الأساليب وأعظمها.  بينما يغلب في كتب التربية الإسلامية، إضافة إلى ما سبق، جانب الأحكام والعقائد وغيرها مما يرتبط بالدين الإسلامي. وأيا كان الاختلاف بين المادتين، فالهدف الأسمى من تدريس القرآن الكريم هو ربط الطلبة بكتاب الله تعالى ارتباط حب وولاء وطاعة ووفاء.

ولنتناول كلا من بعدى تدريس القرآن الكريم، التجويد (وما يرتبط بذلك من علم القراءات) ثم التفسير.

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 144 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,788