ظلت التربية الإسلامية تنظر إلى المناهج التربوية على أنها الأداة لإعداد الناشئة وتنمية استعداداتهم ومواهبهم وقواهم وقدراتهم المختلفة ولإعدادهم الإعداد الصالح لممارسة حقوقهم وواجباتهم ولتحميل المسئولية تجاه أنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم وللمساهمة الفعالة في تقدم أمتهم وصياغة مستقبلها والدفاع عنها ضد الأعداء، كما ينظر أيضا إليها أيضا باعتبارها الأداة لإحداث التغير المنشود في عادات المجتمع ومعتقداته واتجاهاته ونظمه وأساليب حياته ولتهيئة المناخ المناسب لتقدمه وتطوره، ولسد حاجاته من القادة والعلماء والمفكرين والفنيين والحرفين والأيدي الماهرة المدربة.
لكل ما سبق فإن المسلمين كانوا ينظرون إلى المناهج الدراسية على أنها لب العملية التربوية، وأولى وسائلها التي تعتمد عليها في تحقيق أهدافها، ولهذا عنوا عناية كبيرة ينشر التعليم وتعميم فرصة وتحسين نوعيته و كذلك بتطور مناهجه وكتبه وأساليبه كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ولقد كان من نتائج هذا الاهتمام أن وجدت تلك النهضة العملية والفكرية الواسعة التي شملت شتى جوانب الحياة، وكانت السبب في يقظة أوربا ونهضتها الحديثة ولا زالت حتى الآن تبذل الجهود المضنية في سبيل تطور هذا المناهج بما يتفق مع التغيرات الجديدة والتي تطرأ على المجتمعات نتيجة للتطور التكنولوجي والعلمي.
مفهوم المنهج الدراسي في التربية الإسلامية:
يقصد بالمنهج أو المنهاج في معاجم اللغة: الطريق أو السبيل الواضح الذي يسلكه الإنسان في أي مجال من مجالات الحياة، أما في المجال التربوي فيقصد بالمنهج ذلك الطريق أو السبيل الواضح الذي يسلكه المربى مع من يربيهم لتنمية معارفهم ومهاراتهم واتجاهاتهم وميولهم وقدراتهم وحاجاته.
وبالرغم من أخذ العديد من بلدان العالم بأسباب التربية الحديثة ومفاهيمها الجديدة والتي من بينها مفهوم المنهج بمعناه الواسع، فإن المفهوم التقليدي الضيق للمنهج لا يزال له وجود في أذهان كثير من المربين التقليديين، وفى أذهان الكثير من الآباء والأفراد، حيث اعتقد هؤلاء بأن المنهج الدراسي يقتصر على المعلومات والمعارف التي يقدمها المعلم أو المدرسة أو غيرها من المؤسسات التي تهتم بالتعلم، ولا يشتمل المنهج لديهم على ما يقوم به التلميذ من نشاط داخل وخارج الفصل وقبل ذلك والأهداف التعليمية والوسائل وطرائق التدريس وأساليب التقويم.
ولقد وجهت إلى هذا المنهج بمفهومه الضيق العديد من الانتقادات من بينها:
- ضيق مفهومه وعدم الأخذ في الاعتبار جميع الخبرات التي يكتسبها المتعلم وأنواع النشاط المختلفة التي يقوم بهما تحت إشراف المدرسة سواء في داخلها أم خارجها، من أجل تحقيق الأهداف التربوية المناسبة، وتحقيق النمو الشامل المتكامل لشخصه وإرضاء كثير من حاجاته وميوله واتجاهاته.
- المعلم هو مركز الاهتمام في تلك هذا المفهوم، حيث يعطى المعرفة النظرية يحدث ذلك بعيدا عن الجانب العملي برغم أهميته الكبرى، ومن ثم فإنه يركز على الحشو والتلقين وإكساب المتعلم المعارف والمعلومات دون استخدامها في واقع الحياة، ودون اهتمام بتنمية قدرة المتعلم على حل المشكلات التي يمكن أن تواجهه في حياته.
- عدم ملائمته لاستعدادات المتعلم وقدراته وميوله ورغباته وحاجاته.
- موقف التلميذ في ظل هذا المفهوم سلبي يقتصر على استقبال المعلومات.
- يؤدى هذا المفهوم التقليدي للمنهج إلى تفتيت المعارف ودراستها بصورة منفصلة.
- لا يراعى هذا المفهوم التقليدي الفروق الفردية بين الطلاب مما يعطل نموهم التربوية بما يناسب هذا التنوع.ومن تلك الفروق تنوع أنماط تعلمهم و اتجاهاتهم وميولهم كما أشرنا من قبل.
هذا ويمثل المقرر " المحتوى" العنصر الثاني في منظومة المنهج ، فبعد أن يتم وضع أهداف المنهج بدقة ، فإن عملية اختيار المحتوى المناسب الذي يعمل على تحقيق تلك الأهداف ، تصبح من المهام الرئيسية لمخططي المنهج .
لقد تم تعريف مقرر " محتوى" المنهج قديما على أنه عبارة عن المعرفة التي يراد تحصيلها والتي تأخذ شكل المعلومات والمفاهيم والمبادئ والأفكار .
ويرى فريق آخر من المتخصصين في علم المناهج بأنه يمكن تعريف المقرر " محتوى" المنهج على أنه عبارة عن المعرفة التي تتمثل في الحقائق والمفاهيم والتعميمات والمبادئ أو النظريات ، وأنه عبارة عن المهارات والعمليات التي تتمثل في القراءة والكتابة والحساب والفن والتفكير الناقد وصنع القرار ، وإنه عبارة عن القيم التي تتمثل في المعتقدات التي تدور حول الأمور الجيدة والرديئة ، والصائبة والخاطئة، والجميلة والقبيحة.
إلا أن أوسع تعريف لمحتوى المنهج هو ما يراه على أنه الحقائق و الملاحظات والبيانات والمدركات والمشاعر والأحاسيس والتصميمات والحلول التي يتم استخلاصها أو استنتاجها مما فهمه عقل الإنسان وبناه وأعاد تنظيمه وترتيبه لنتاجات الخبرة الحياتية التي مر بها وعمل على تحويلها إلى خطط وأفكار وحلول ومعارف ومفاهيم وتعميمات ومبادئ أو نظريات .
مجال المقرر الدراسي:
يشير مصطلح مجال المقرر إلى اتساع ذلك المحتوى وعمقه. فهو لا يدل على مجموعة ميادين المعرفة المتمثلة فيه فقط ، ولكنه يشير أيضا إلى العمق الذي تم التعامل فيه مع كل ميدان من هذه الميادين . وهنا لابد من طرح الأسئلة المهمــة التالية ذات العلاقة : هل ينبغي أن يتضمن المنهج محتوى من مختلف ميادين المعرفة من جهة ، ومن المصادر غير الرسمية من جهة ثانية؟ وما المحتوى الذي على جميع التلاميذ تعلمه؟ وإذا كان يوجد مجال لاختيار الطلاب ، فما المحتوى الذي ينبغي أن تتضمنه الموضوعات الاختيارية ؟ وما الموضوعات التي ينبغي استبعادها من محتوى المنهج ؟
ويميل معظم مخططي المناهج إلى اقتراح محتوى مرغوبا فيه من جانب مختلف قطاعات المجتمع التي تلقى بثقلها المستمر ، كي تميزه عن غيره من المجتمعات تحفظ له هويته الثقافية والاجتماعية الخاصة به . وهذا يحتم وجود اللغة القومية كإحدى المواد الدراسية الإجبارية أو العامة من جهة ، والموضوعات التي تركز على الاتجاهات والقيم التي يؤمن بها المجتمع الذي يعيش فيه الطلاب كالتربية الدينية والدراسات الاجتماعية من جهة ثانية . كما ينبغي إضافة الموضوعات العلمية الضرورية لحياة التلاميذ اليومية كالعلوم والرياضيات ، وإحدى اللغات الأجنبية الحديثة.
المحتوى الخاص أو الاختياري: يقوم جزء من المتعلمين باختيار المحتوى الخاص بهم كي يحقق ذلك تدريبا علميا متخصصا ، أو يراعى ميلا تربويا حرا عندهم . ويتم تحديد المحتوى الخاص بالتدريب المهني ، من جانب المتخصصين ، الذين يتخذون قراراتهم في الأسس الآتية:
1-السياسة التي تم تبنيها من قبل حول المقرر المقترح .
2-الأهداف العامة والخاصة التي تم تحديدها مسبقا والمطلوب تحقيقها بدقة من وراء هذا المقرر.
ومن المعروف أن لأي مقرر دراسي محتوى يسعى إلى تحقيق الأهداف المنشودة ، ولابد وأن يتضمن هذا المحتوى مكونات المحتوى المعروفة من مهارات ومعلومات وقيم واتجاهات مما سوف يتم تفصيله .فمثلا محتوى مادة النحو يجب أن يتضمن موضوعات عن الجملة الاسمية ومكوناتها وما دخل عليها من أفعال ناسخة وأدوات نصب ، والجملة الفعلية ومكوناتها ، و ما يدخل عليها من أدوات نصب وجزم وهكذا بينما تركز مادة التاريخ الحديث والمعاصر عن موضوعات ترتبط بأهم الأحداث التي مر بها المجتمع في خلال الآونة الأخيرة ،مع محاولة تفسير هذه الأحداث قد الإمكان ، وهكذا مادة الفيزياء ،والجيولوجيا ، وغير ذلك من المقررات الدراسية .
اختيار المقرر الدراسي :
لا يعد اختيار المحتوى عملية سهلة ، فهي تشمل عدة مجالات وكل مجال يشمل موضوعات ولكل موضوع محاور رئيسة وأخرى فرعية ،وهذه تتضمن معارف وحقائق ومفاهيم ، ويواجه واضع المنهج بمشكلة اختيار أنسب محتوى الأهداف الموضوعة من بين كم هائل وكيف متنوع من المعرفة .
ولذا فإن عملية اختيار المقرر تتبع ما يلي :
اختيار الموضوعات الرئيسة :
وتتم هذه المرحلة بناء على مدى ارتباط هذه الموضوعات ومناسبتها للأهداف لا مجرد تفضيل عفوي ، كما يجب على الأستاذ الجامعي أن يختار الموضوعات بحيث تمثل عينة مترابطة تظهر فيها طبيعة المحتوى والأبعاد التي ينبغي أن يدرسها الطالب ، مع مراعاة مناسبة هذه الموضوعات من حيث الحجم للوقت المخصص لها وما تتضمنه من أبعاد .
اختيار الأفكار الأساسية التي تحتويها الموضوعات :
يجب تحديد الأفكار الأساسية التي يجب أن يتضمنها كل موضوع ، فهذه الأفكار تعد الأساسيات المكونة للمادة ، وبالتالي يجب أن تحتوى على المعلومات الضرورية والكافية التي يجب أن يعرفها الطالب .
اختيار المادة الخاصة بالأفكار الرئيسة :
توجد أكثر من عينة للمادة التي ترتبط بأكبر عدد ممكن من الأهداف وتفي أكثر بحاجات البيئة المحلية وتتمشى مع اهتمامات الطلاب وميولهم ، وترتبط بحاجاتهم ومشكلات مجتمعهم .
معايير اختيار المقرر الدراسي:
إن عملية اختيار مضمون أي مقرر لابد وأن تخضع لمجموعة من المعايير التي يجب أن تؤخذ في تؤخذ في الاعتبار ، وهذه المعايير هي :
1-أن يكون المحتوى مرتبطا بالأهداف :يعتبر ارتباط المحتوى بالأهداف المراد تحقيقها من أهم معايير الاختيار ، ذلك لأننا خلال العملية التعليمية نحاول الوصول لأهداف معينة وأحداث الوسائل لتحقيق هذا هو محتوى المنهج، لذا يجب أن يكون المحتوى ترجمة صادقه للأهداف وإلا لما تمكنا من تحقيقها .
2- أن يكون المحتوى صادقا وله دلالته :والصدق والدلالة تستلزم عدة اعتبارات أساسية ، فالمحتوى يعتبر صادقا وله دلالته إذا كان ما يحتويه من معارف حديثة وصحيحة من الناحية العلمية البحتة ، إذا كانت هذه المعارف تعتبر أساسية للمادة نفسها ويمكن الحكم على ذلك بمدى قابلية هذه المعارف للتطبيق على مجالات واسعة ومواقف متنوعة ، كما أن دلالة المحتوى تعنى قدرته على اكتساب الطلاب روح المادة وطريقة البحث فيها .
3- أن يرتبط المحتوى بالواقع الثقافي الذي يعيش فيه الطالب :يجب أن تكون المعارف المختارة متمشية مع واقع حياة الطالب، وتساعده على فهم الظواهر التي تحدث حوله والمشكلات التي يمكن أن تنجم عن هذه الظواهر وكيفية مواجهتها ، كما يجب أن تشمل هذه المعارف بقدر ما تمسح به المادة على معلومات عن مختلف النظم في المجتمع مثل النظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي وعلاقاته وغيرها من النظم الأخرى .
4- أن يكون هناك توازن بين شمول وعمق المحتوى :الشمول يعنى المجالات التي يغطيها المحتوى ، ويتناولها بالدراسة بحيث تكفى لإعطاء فكرة واضحة عن المادة ونظامها ، أما العمق فينبغي تناول أساسيات المادة مثل المبادئ والمفاهيم والأفكار الأساسية وكذلك تطبيقها بشيء من التفصيل الذي يلزم لفهمها كاملا ويربطها بغيرها من المبادئ والمفاهيم والأفكار ، ويمكن تطبيقها في مواقف جديدة .
وقد يبدو أن هناك صعوبة في تحقيق التوازن بين الشمول والعمق ، فإذا ما حاولنا تحقيق شرط الاتساع في المحتوى فإن ذلك قد يكون على حساب العمق والعكس ، والتغلب على هذه الصعوبة وتحقيق التوازن المطلوب فإن اختيار مجالات المادة يجب أن يكون بناء على مدى احتوائها لأساسيات المادة و بالتالي قابليتها للتطبيق في مواقف متنوعة ، وبهذا يتحقق العمق ، كما يتحقق الشمول حيث إن دراسة أساسيات المادة تساعد على معرفة مجالات أخرى منها وفهمها .
5- أن يراعى المقرر ميول وحاجات الطلاب :تعتبر الدافعية من أهم شروط حدوث عملية التعلم ، والاهتمام بميول التلاميذ وحاجتهم من خلال المحتوى يوجد الدافع لديهم للإقبال على دراسة المحتوى ، وييسر عملية تعلمهم ، لذا يعتبر مراعاة ميول الطلاب وحاجتهم هو أحد المعايير التي يتم على أساسها اختيار المحتوى بحيث يكون ملائما لمستوى الطلاب وللقدرات العقلية والجسمية لمرحلة النمو التي يمرون بها، وعدم مراعاة المحتوى لهذا قد يسبب لهم نوعا من الإحباط ، وبالتالي عدم قدرتهم على مواصلة دراستهم.
6-التوافق أو التناسق : يتطلب هذا المعيار أن يتمشى المحتوى مع الوقائع الاجتماعية والثقافية للمجتمع الذي يعيش فيه التلاميذ وهنا تلعب موضوعات خاصة مثل الدراسات الاجتماعية والقضايا الدينية والثقافية والفنية في التعرف على العالم الاجتماعي الواقعي المحيط بالطلاب والذي ينبغي اهتمام محتوى المنهج الدراسي به.
تتابع المقرر الدراسي :
يقصد به الترتيب الذي يتم فيه إبراز المقرر الدراسي . وغالبا ما يشير التتابع إلى التنظيم العمودي أو الرأسي للمحتوى كي يتم تمييزه عن التنظيم الأفقي الذي يركز على ترتيب المحتوى لمستوى تدريسي معين ، كالتكامل الذي يجمع بين التاريخ والجغرافيا والاجتماع والاقتصاد والسياسة فيما يسمى بالدراسات الاجتماعية.ويختلف تتابع المحتوى تبعا لمجموعة من المبادئ التنظيمية التي اقترحها بعض المربين مثل ترتيب الحوادث تاريخيا أو زمنيا ، والانتقال من الكل إلى الجزء ، ومراعاة بعض نظريات التعلم ، والتركيز على المتطلبات السابقة للمتعلم ، والانتقال من المعلوم إلى المجهول ، والانتقال من البسيط إلى المعقد ، والانتقال من المحسوس إلى المجرد ومن القريب إلى البعيد.أما المبدأ الأول الذي يتمثل في التتابع الزمني فهو يستخدم كتنظيم عادى أو طبيعي لمحتوى التاريخ حيث ينظر إلى هذا التتابع كبنية معرفية لتسجيل الحوادث التاريخية .فعند دراسة التاريخ فإن هناك التاريخ القديم وتاريخ العصور الوسطى وأخيرا التاريخ الحديث والمعاصر ، وفى ثنايا كل نوع منها ترتيب للأحداث حسب وقوعها زمنيا.
أما عن مبدأ الانتقال من الكل إلى الجزء ، فإنه غالبا ما ينطبق على ميدان الأحياء حيث يتم التركيز على الكائن الحي أولا ، ثم الانتقال إلى الحيوان والنبات ، كما ينطبق أيضا على الجغرافيا حيث يتم التركيز أولا على تعلم الكرة الأرضية ككل ن ثم الانتقال إلى القارات والأقاليم والظواهر الطبيعية والبشرية العامة ثم الخاصة.
أما تحديد تتابع محتوى المنهج بناء على مبدأ المتطلبات السابقة للتعلم ، فإن ذلك يوجد في المواد الدراسية التي تعتمد في عملية توضيحها على القوانين والمبادئ مثل الهندسة والفيزياء .
ويتضح مبدأ الانتقال من المعلوم إلى المجهول في معظم محتوى المواد الدراسية المختلفة، حيث يرتبط هذا المبدأ بخبرات الطلاب السابقة ، ولابد عند تنظيم محتوى المنهج من الانتقال من الموضوعات أو المعلومات التي يعرفها المتعلم إلى معلومات أخرى يجهلها ولها علاقة بالأولى .
ويعتبر الانتقال من البسيط إلى المعقد من المبادئ المهمة وبخاصة في ميادين اللغة العربية والكيمياء والأحياء وهو عبارة عن التدرج من العناصر السهلة إلى البنية المعقدة . فالمحتوى في مادة الأحياء يبدأ عادة بالحديث عن الخلية الحيوانية البسيطة ومن ثم الانتقال إلى وظائف أعضاء الإنسان المعقدة .
أما تتابع المحتوى بناء على مبدأ الانتقال من المحسوس إلى المجرد ، فإنه يتمشى مع مراحل بسياجيه للنمو العقلي لدى الطفل ، حيت ندرب الطفل على تعرف الأشياء المحسوسة مثل كتابة كلمة شجرة التي يراها بعينيه وننتقل لتدريبه على كتابة كلمة صبر الذي يحس به في مواقف الألم ثم كلمة فكرة التي يحملها عقله ولا يجد لها واقعا محسوسا ، وهكذا في جميع المواد الدراسية نبدأ بالأشياء التي لها وجودا حسيا ، ثم ننتقل إلى الأشياء التي لها وجودا مجردا.
ومبدأ الانتقال من القريب إلى البعيد ينطبق كثيرا على ميدان الجغرافيا .
تنظيم محتوى المنهج وفق نظريات التعلم :
مع الاهتمام المتزايد بضرورة تطبيق نظريات التعلم لتتكامل معايير نظريات التعلم حتى يمكن تحديد وتوصيف الإجراءات اللازمة لتنظيم مواد التعليم وتوجيه ممارسات المعلم في المواقف التعليمية لتحقيق فاعلية أكبر للتدريس وبالتالي تعلم أفضل ، نجد أنه من الضروري تناول ما نصت عليه نظريات التعلم بشأن تنظيم محتوى في ضوء رؤيتها لكيفية حدوث التعلم .
والمقصود بنظريات التعلم تلك النظريات التي تسعى إلى توصيف فكر متسق ، ونظرة شاملة تجمع بين المادة الدراسية ، وطبيعة عملية التعليم والتعلم ، ومكوناتها ، والظروف التي تحيط بها .
أهم التحديات والمؤشرات التي تفرض نفسها على محتوى المنهج الدراسي :
التغير التكنولوجي: وما صاحبه من مخترعات وأفكار ونظريات علمية تأخذ سبيل الاطراد والاستمرار والنمو وبالتالي أصبحت الحاجة ماسة إلى أنسنة هذا التغير التكنولوجي وجعل الإنسان يحتل مكانه المفروض سواء في الغايات والوسائل .
استمرار التغير الاقتصادي والسكاني :الذي يأخذ حركات ومظاهر صاعدة وهابطة .
ازدياد قدرة الإنسان على تجاوز الاعتماد على الموارد الطبيعية المباشرة : وذلك عن طريق تخليق المواد البديلة ، مما يعنى انفتاح آفاق جديدة أمام الإنسان ، وهذا يتطلب تأكيد المناهج على مثل هذه الموضوعات ، ودراسة مدى تأثيرها على المجتمعات .
التحدي المعلومات: نتيجة الزيادة المتضاعفة في المعرفة والدور المتزايد الذي يلعبه الحاسوب مما يفرض على المنهج ضرورة انتقاء المعرفة والمناسبة لخدمة المجتمع ومشكلات التنمية .
مصادر بناء المقرر الدراسي :
· المتعلمون أنفسهم .
· المعلمون .
· أولياء الأمور .
· المتخصصون في المجالات المعرفية المختلفة.
· استطلاع أراء الخبراء والمهتمين بأمور التعليم وأصحاب الرأي والفكر .
· معرفة متطلبات سوق العمل .
وفى ضوء اختيار موضوعات المحتوى وتنظيمها يمكن اختيار الخبرات التعليمية أو الأنشطة التعليمية ، فهي لها دور مهما فى تحقيق أهداف متكاملة للمنهج ، وذلك لأن المحتوى قد لا يحقق إلا جانبا من الأهداف وهى تلك الأهداف الخاصة بالمعرفة ، وأما بقية الجوانب فيحتاج تحقيقها إلى تصميم الخبرات التعليمية المناسبة التي تساعد التلاميذ على اكتساب السلوك المتوقع نتيجة مرورهم بهذه الخبرات ، فتحقيق أهداف كتلك التي تتعلق بعمليات التفكير أو اكتساب اتجاهات معينة لا ترتبط مباشرة بالمحتوى بقدر ارتباطها بأنواع معينة من الخبرات التعليمية .
واختيار الخبرات التعليمية لكل فكرة محورية وما تحتويه من مادة يجب أن يكون على أساس أن كل خبرة من الخبرات المختارة يجب أن تكون لها وظيفة معينة تؤدى إلى التكامل مع الفكرة المحورية ومحتواها .
وعند اختيار الخبرات التعليمية من حيث الوظيفة يجب أن نأخذ في الاعتبار مدى ما تغطيه الخبرات التعليمية من أهداف نسعى إلى تحقيقها ، وكذلك يجب مراعاة ما يحتاجه التلاميذ من أداءات وخبرات يمرون بها ، حتى يمكنهم اكتساب أنماط سلوكية وكفايات معينة ، وما الترتيب أن نقدم به هذه الخبرات لهم .
كما يجب عند اختيار هذه الخبرات التعليمية أن تكون مناسبة لتعلم الفكرة المحورية ، وأن تخدم الهدف من هذه الفكرة ، وفى الوقت نفسه تخدم أهداف المحتوى ككل ، وأن تهيئ الفرصة للتلاميذ من خلالها عدة مهارات من يدوية وعقلية مثل القراءة والكتابة والملاحظة ن وعمل تقارير قصيرة وما تطلبه من تحليل بيانات ومناقشتها وجدولتها واستخلاص النتائج ، وما ذلك، كما أن مراعاة مستوى التلاميذ أثناء اختيار التعليمية يعتبر من أهم شروط الاختيار المناسب للخبرات التعليمية .فمثلا يجب ألا تطغى الخبرات المربية المرتبطة بالمحتوى الثقافي على المكون المهاري ، فقد يحمل المشاهد النحوي قيمة تدعوا إلى ترشيد المستهلك مع تدريب الطالب على إعراب العدد وتمييزه وهكذا .
وفى ضوء ما ذكرناه يتم اختيار الخبرات التعليمية المناسبة ، ويتبع ذلك عملية تنظيم هذه الخبرات التي يجب أن تتم وفقا لتسلسل معين على استمرار عملية التعلم ، وذلك عن طريق جعل ما يتعلمه التلاميذ في خبرة تعليمية معينة أساسا لتعلم خبرة تعليمية تالية ، كذلك تتدرج بهم الخبرات من طرق التعلم البسيطة إلى تلك الأكثر تركيبا .
وينفذ المحتوى الدراسي خلال الخبرات التعليمية التي تقدم للتلاميذ سواء داخل الفصل أو خارجه ،وتشير الخبرة بصفة عامة إلى نتائج التفاعلية بين الفرد وبيئته ويحمل هذا المعنى التفاعل بين الفرد وكل ما يواجهه من مواقف وأحداث وظروف وأشخاص .
فالخبرة هي عملية تأثير وتأثر ينتج عنها تعديل في سلوك الفرد ، وعندما نتحدث عن الخبرة التعليمية بصفة خاصة فإننا نقصد ذلك التفاعل الذي يحدث بين المتعلم وما يقدم له من مواد تعليمية وما يواجهه من أنشطة تعليمية ومواقف منظمة عن قصد وإرادة لتحقيق التعلم .
وفيما يلي عرض للمبادئ الأساسية التي يجب مراعتها في الخبرات التعليمية:
· تنظيم عملية التفاعل في مواقف حياتية مباشرة ومتكاملة لأن ذلك يجعل التعليم ذا معنى ويوفر فرص الانتقال الايجابي للتعلم.
· التركيز على الدور الفاعل للمتعلم في جميع الخبرات التعليمية ويمكن تقسيم المحتوى المدرسي إلى ثلاث فروع هي :
المحتوى المعرفي :يعرف (هويلر) ميدان المعرفة المنظم بأنة جسم معرفي متماسك ومتناغم ومتناسق ويرتبط بمجال معين من مجالات اهتمام الإنسان ، ويستمد وحدته من المنطق الذاتي .
ويأخذ ميدان المعرفة المنظم اسمه من الظواهر التي يتناولها ،ويختلف كل ميدان عن غيره ليس فقط في الحقائق والأفكار التي يضمها ، ولكن أيضا في تناوله لها وفى مدى الاعتماد على صدق تعميماته وهكذا ،ومن ميادين المعرفة : الفيزياء – الكيمياء –الرياضيات –التاريخ –السياسة –الاقتصاد –فقه اللغة –الفنون ..... الخ . وكل ميدان يتناول جانب ما من العالم الذي نعيش فيه .
ويرى (هويلر) أن كل ميدان من ميادين المعرفة يسهم في تكوين نظرتنا إلى العالم الذي نعيش فيه بزاوية معينه ومختلفة عن الأخر .
ساحة النقاش