تتجلى بعض أوجه القصور في المنهج المدرسي – مما له علاقة بتحقيق أهداف التربية الإسلامية – فيما يلي:
- النشاط المدرسي لا يعطى التربية الدينية مكانة أو اهتماما كتلك التي يعطيها لمواد التعليم الأخرى. فعلى الرغم من أن النشاط الديني المدرسي جزءا من المنهج، بل هو الجانب التطبيقي العملي، الذي بمقتضاه يتطبع الطلاب بالسلوك الطيب والعقيدة الراسخة، إلا أنه قلما يعنى به.
- معلم التربية الإسلامية – في مجموعة – لم يعد على المستوى المطلوب للقيام بأعبائها ورسالتها ودورها الذي تعاظمت الحاجة إليه – اليوم – إننا بحاجة إلى معلم قد أعد إعدادا ثقافيا يقف به على عتبة عصره، وإعدادا علميا ومهنيا معاصرا، وإعدادا دينيا عميقا.
ونذكر هنا.. بضرورة تعاون مجموعة المدرسين، ذوى التخصصات العلمية المختلفة، مع معلم التربية الإسلامية، حتى لا ينحرف فكر المتعلم، وبحيث يجد القدوة فيهم وفى الجو المدرسي كله.
وإلى أن يتم ذلك نجد كثيرا ما يفر المدرسون من تدريسها، وإذا درسها فهى من قبل ملء الفراغ، دون هدف تربوي أصيل يركز عليه.
- المنهج المدرسي يركز على الجانب المعرفي دون سواه من الجوانب الوجدانية والسلوكية والاجتماعية، الأمر الذي يقصر وظيفتها في النظر من تعليمها على الاستيعاب لأغراض مدرسية – فقط – كالامتحانات، دون محاولة الإفادة منها في تربية نفسه، وتمثلها في حياته.
- كما أن مقرراتها قد تغفل التوجيه نحو تلخيص الشعائر والممارسات الدينية مما علق بها، من ثقافة العادة والتقليد وسائر الثقافات التي اختلطت بالدين وليست منه، هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية، تفتقد المقررات التوجيه نحو وسائل المتعة المستطابة والترويح المقبول شرعا، بالإضافة إلى التمييز بين ذلك وبين تحطم القيم واندثار الأخلاق من جراء انحراف الناس دون تريث نحو إغراء الحياة.
ومن ناحية ثالثة، قلما تعنى المقررات المدرسية برصد ما يستجد في حياة الناس من أقضية معاصرة – سبق التنبيه إلى أبرزها – وإبراز حقيقة التصور الإسلامي إزاءها.
- انصرف المتعلمين عن الكتاب الديني المدرسي يمثل ظاهرة تتضح صورتها في العلاقة السلبية بين الطالب وكتابه بعد الامتحانات النهائية، التي يرى فيها الطالب مبررا للتخلص من الكتاب المقرر إلى حد الامتهان وسوء الاستخدام، دون تحقق هذه الكتب أهدافها المرجوة في حياة المتعلمين.
ويمكن القول إن بعض أسباب هذه الجفوة بين الطالب وكتابة قد تمكن في أن الكتاب المدرسي الديني ليس به غناء يحمل الطلاب على الإطلاع عليه، وتمثل ما فيه، والاحتفاظ به، وليس أدل على ذلك من تأكيد توصيات مؤتمرات ولجان التربية الدينية الإسلامية على ضرورة إعادة النظر في الكتب الدينية لتكون أكثر ملاءمة للتغيرات، وليكون فيها غناء للمدرس والطالب. الأمر الذي يجعلنا ننشد النظر الدائم في تأليف الكتب الدينية، واختيار الموضوعات التي تعالجها، في ضوء معايير مناسبة، تراعى طبيعة الدين الإسلامي، وحركة التغيير الاجتماعي، فما كان متوافقا منها مع قيم الإسلام وتعاليمه أخذ به وما كان متعارضا ترك ونبذ – مع التنبيه عليها. بالإضافة إلى مراعاة سيكولوجية المتعلم، الذي تقدم له المادة من حيث تلبية حاجاته، ومراعاة مطالبه، وتنمية ميوله واتجاهاته، بما يتفق وتعاليم الإسلام.
- وفى ضوء القصور الماثل فيما أشير إليه من جوانب – بالإضافة إلى أن التربية الدينية هي الجزء الوحيد من العملية التربوية التي تثور بعض القطاعات إذا ما ظهر أن هناك اهتماما بها أو شبه اهتمام، نجد تأثير ذلك الجو العام – الذي تعمل فيه التربية الدينية – على التلميذ الذي يتعلمها، وعلى المدرس الذي يعلمها، بحيث لم يعد تخطى حصة التربية الدينية بالاستجابة والاهتمام من جانب كل منهما.
ساحة النقاش