إن كثير ممن يتصدرون لعرض الفكر الإسلامي يركزون على جانب الثبات والأصالة في الإسلام. ولا يزالون على هيبة وخشية من ربط الدين بالحياة، وتفعيل جانب المرونة والمعاصرة فيه. وليس معنى ذلك تطويع الدين للعصر بما فيه من خروج على الجادة، ولكن معناه أن نحقق خاصية مهمة في الإسلام، وهى أنه صالح لكل زمان ومكان – وهم – ونحن – إذ نفعل ذلك ونحرص عليه نكون قد قمنا بواجباتنا في مواجهة نفر – ينتمون لهذه الأمة – يزعمون أن الشريعة الإسلامية تتسم – في مجموعها – بالجمود الذي يتعارض وحاجات المجتمع المتطورة، وبقدر ما تزداد المسافة اتساعا – زمانيا وحضاريا – بيننا وبين عصر الوحي، فإن دور عقل الإنسان واجتهاده يتزايد، ودور المبدأ أو الحكم الشرعي العام – في زعمهم – يتناقص، وهم بذلك يعتبرون الإسلام مجرد دعوة دينية وصلة روحية بين الفرد وربه، ولا تعلق له بالدنيا ولا السياسة ولا بالاجتماع.
إن المشتغلين بالفكر الإسلامي اليوم مطالبون برصد الشواهد على بطلان هذه الافتراءات، وبيان أن الإسلام دين دولة طالما أنه عقيدة وشريعة، وأن حكم المنطق ووقائع التاريخ تشهد بذلك.
لقد استجدت كثير من المشكلات في عالمنا المعاصر لم يكن للمسلم عهد بها من قبل، وظهر بشأنها تساؤلات تتطلب إجابات عنها وإبراز التصور الإسلامي إزاءها، كالمعاملات المصرفية، والفنون، والاستنساخ، وزراعة الأعضاء، واستئجار الأرحام، والغلو في الدين، والزواج العرفي، وزى المرأة، وعملها، وميراثها، والبطالة، والمجاعة، والتدخين، والمخدرات، وتجديد الخطاب الديني، وحوار الحضارات.. .
ساحة النقاش