وضع الرسول ( r ) قاعدة تجعل كل فرد يحس بتبعية المسئولية الملقاة عليه " كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته " ( صحيح البخاري ) وجعل المجتمع سفينة لا نجاة لها من أمواج الحياة المتلاطمة إلا بتعاون القائمين عليها " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وأن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ".( صحيح البخاري ).
وإذا كان كل قرين بالمقارن يقتدي، فإن أي باردة من جانب أي من العاملين بالمؤسسة التربوية (الأسرة، المدرسة، المسجد، المجتمع ) تنبئ عن تناقض بين الاعتقاد والسلوك توقع المتعلمين في تناقضات خطيرة؛ فإذا تحدث المربى عن الصدق وهو كذوب، أو عن العفة وهو غارق في الرذيلة، أو عن الأمانة وهو غير مؤتمن، لن يكون لكلامه تأثير في نفس المتعلم، بل سيعرض عنه؛ هذا فضلا عن أن السلوك المتناقض للمربى سيحمل المتعلم على أن يفعل مثلما يفعل، أليس هو الأب والمعلم والداعية والمربى ؟ وله فيه قدوة ؟
إن المناخ العام الذي يعيش فيه المتعلمون يوم أن يعجز عن أن يقدم صادق القدوة لهم يكون مناخا زائفا، له أشد الضرر على نفوسهم، متى وقعوا على تناقضاته، لأنها تأتيهم من منطلق كانوا لا يتوقعون أن تأتيهم منه.
وبقدر ما تكون بيئة البيت على وعى وإدراك بمهامها، وبقدر ما يتوفر فيها من قيم ومثل إسلامية، وبقدر ما تجعل من أفرادها قدوة تحتذى في الكلمة والسلوك تكون شخصية الولد غصنا من دوحتها ويوم أن تكون بيئة المدرسة على النحو – أيضا – فإن المتعلم سيتشبع بقيم معملية وأخلاقهم، ويقتفى أثرهم في سلوكه
كما أن المجتمع عامل مهم في التربية الدينية لما فيه من نوع، وما له من عميق الأثر، فهو يشتمل على أصدقاء، ومؤسسات اجتماعية، ووسائل إعلام، وغير ذلك، ومن ثم فهو مطالب بدعم الجانب الديني لدى أراده – ضمانا لتقدمه – بحيث تقدم سلطات المجتمع القدوة من نفسها للأفراد – وليس بخاف أثر القدوة الطيبة التي يعطيها القادة والرؤساء لمرؤوسيهم. "وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها "(صحيح البخاري ).
كما أن على مؤسسات المجتمع أن تعمل على بث روح التدين بين العاملين فيها؛ وأن توجه وسائل الإعلام – على اختلاف نشاطها – وجهة صالحة تبعد عن الإثارة الرخيصة، والتحلل الهدام، بحيث تعمل أجهزة الإعلام – كل في مجال اهتمامه – على إبراز ما لديها من رصيد التجارب والخبرات في حث النشء على التمسك بالإسلام عقيدة وسلوكا.. وإلا فإنها تهدم من تعاليم الإسلام بقدر سوء استخدامها وبعده قيمه.
كما أن على المساجد أن تقيم مجالس العلم الدائمة بها، بحيث لا تقتصر مهمتها على خطبة الجمعة والمناسبات، وبحيث تعرض هذه المجالس قضايا الفكر الإسلامي، وقضايا المسلم المعاصر ومشكلاته، ومن ثم تكون المساجد مكانا للعبادة، ومكانا للتربية والتوجيه الديني الصحيح، عن طريق الندوات والمحاضرات، يقوده الأئمة: الفقهاء، والعلماء والمفكرون.
ساحة النقاش