ضعف المسلمين:
تخلى المسلمون – إلا من رحم الله – عن تعاليم دينهم – عماد نهضتهم وسبب قوتهم فتفرقوا بعد أن كانوا – بنعمة الله إخوانا – وتنازعوا، ففشلوا، فذهبت ريحهم، وتخلفوا في ميدان الفكر والعمل بعد أن كان لهم قصب السبق فيهما، وافتقد كثير منهم الرؤية الإسلامية الشاملة، وأصبحوا لا يرون من الإسلام إلا أبعاضا لا تسمن ولا تغنى من جوع.
انشغل كثير من أبناء المسلمين بصغائر الأمور وتخلوا عن عظائمها، تجمعوا حول القوميات الضيقة، بعد أن سلخهم عدوهم من إسلامهم الحي، وقطع أجسادهم إلى قطع متناثرة.
وصار أرخص شيء عند كثير من المسلمين هو الوقت، وأثقل شيء عندهم هو العمل والإنتاج والإتقان، فما أسهل أن يستهلكوا كل شيء، وما أثقل أن ينتجوا بعض الشيء !!!.
وفطن أعداؤهم إلى ذلك فأعطوهم ما يقتل وقتهم ويستفيد طاقتهم، فمع بداية عهد الناس بأجهزة الفيديو أظهرت إحصائية أن عدد هذه الأجهزة في سبع دول عربية يصل إلى خمسة ملايين جهاز، هو ما يوازى العدد الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو رقم يفوق عدد الأجهزة الموجودة في كل من: فرنسا وبريطانيا وبلجيكا مجتمعة، فلماذا نتفوق عليهم في اقتناء أجهزة ( الفيديو ) ولا نساويهم في بناء المصانع والمدارس والمستشفيات.
لنا أن نتصور الكم الهائل من لعب الأطفال التي تشحن إلى البلاد الإسلامية وقد صنعت خصيصا لهم، تستنزف ثروتهم، وتهدر وقتهم، وتلهى أولادهم، دون متعة حقيقة، أو فائدة علمية، أو منفعة جادة من ورائها.
لقد صار المسلمون كما مهملا، يعيش أكثرهم عالة على غيرهم في طعامهم ولباسهم وسلاحهم، بعد أن أفاء الله عليهم من فضله، فأجرى لهم الأنهار، وبسط لهم الأرض، وأخرج منها ماءها ومرعاها، وساق لهم من جوفها خيرا كثيرا.
وصدق فيهم حديث رسول الله ( r ): " يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة على قصعتها، قلنا: يا رسول الله أو من قلة بنا يومئذ ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قلنا: وما الوهن ؟ قال حب الحياة وكراهية الموت ".(مسند أحمد ).
والتربية الإسلامية مطالبة اليوم - أكثر من أي وقت آخر – أن تبعث الحياة من جديد في الجسد الإسلامي، الذي طالما نخرت فيه العلل والأمراض، وهى قادرة على ذلك، شريطة أن تضطلع المؤسسات التربوية (الأسرة والمدرسة، والمسجد، والمجتمع ) بجهود مخلصة في ذلك، ولاشك أن أي تقاعس في أداء إحدى هذه المؤسسات كفيل بتقويض ما تبنيه المؤسسات الأخرى.
ساحة النقاش