ويقصد بها اتجاه الحركة الحضارية نحو سيادة نظام واحد، تقوده في الغالب قوة واحدة و بعبارة أخرى: استقطاب النشاط السياسي والاقتصادي في العالم حول إدارة مركز واحد من مراكز القوة في العالم.
بل وتتجاوز أبعاد العولمة موضوعات السياسة والاقتصاد لتمتد إلى مجالات التربية، في محاولة لعولمة البشر – أيضا – ابتداء من مراحل التعليم الأولى، فإذا بموضة المدارس الأجنبية، أو ما يسمى بمدارس اللغات تتفشى في المجتمعات النامية لمحاربة اللغات المحلية.
ونصيب اللغة والدين من هذا التحدي كبير، فهما الآن في أضعف حالاتهما لحساب اللغات الأوربية الأمريكية، استطرادا مع اتجاه العولمة. وهكذا تعمل هذه العولمة جنبا إلى جنب مع مخططات الماسونية والصهيونية العالمية على إفقار الشعوب العربية من لغتها وعقيدتها وخصوصيتها، لتصبح بعد ذلك كلا مباحا.
إن مقاومة عولمة اليوم، سواء كان من باب توكيد الهوية والتمايز، أم باب الرفض الحيوي لاكتساح الآخر – أو ما قد نسميه دفاع الحياة عن نفسها – هو القلعة التي تصد رياح العولمة، ولعل ذلك يكون وراء دعوة " صموئيل هنتنجتون " إلى أن يتخلى الغرب عن وهم العولمة، وأن ينمى قوة حضارته و انسجامها وحيويتها في مواجهة حضارات العالم، بما يتطلب ذلك – حسب رأيه – من وحدة الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ورسم حدود العالم الغربي في إطار التجانس الثقافي.. . فإن عناصر المقاومة: اللغة، والدين، والقيم، والعادات، والتقاليد، هي التي تحمى شعوب العالم غير الغربية أن تدخل في النسيج الحضاري للغرب.
والحقيقة أن عولمة اليوم إلى زوال فكرة وتطبيقا، إن سنة الله هي الغالبة بما اقتضاه من اختلاف الأمم والشعوب وتمايزها " والله غالب على أمره " والمسلمون – مع هذه السنة الكونية – مطالبون بالمثابرة والمدافعة.
إن الأمة العربية والإسلامية ليست بحاجة إلى إنتاج مشروع لم يكن حاضرا من قبل، وإنما هي بحاجة إلى استعادة مشروعها الخالد الصالح لكل زمان ومكان، وتحضير فعالياته، وإخراجه للناس في خطاب معاصر، وهى بمشروعها الإسلامي قادرة على التفاعل مع الآخر.
وإذا كانت في الحضارة الغربية إيجابيات كثيرة فتلك أرضية مشتركة لمداولة الرأي وتبادل المنافع وتداول الخبرات، إن المشروع الإسلامي لا يستقيم أمره بالقضاء على كل مفردات الآخر قال تعالى (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ( هود: 118 ) أما الذين ينادون بوحدة الأديان وحوار الحضارات عن طريق الاندماج إنما يمارسون الإثم والعدوان ومعصية الرسول.
إن تدريس التربية الدينية الإسلامية يعد ضرورة لأبنائنا في عصر العولمة والتكنولوجيا، إن الإسلام دعوة عالمية تتفق مع متطلبات فطرة الإنسان السليمة وما يلزمها من قيم ومبادئ ونظم، ومما يدلل على ذلك ما يأتي: -
· الإسلام دعوة للناس جميعا.
· الإسلامية لا يفرض عقيدته على الآخرين.
· الإسلام دين بشر به الأنبياء والرسل جميعا ( عليهم السلام )
· تمام الإسلام لا يكون إلا بالإيمان بجميع رسل الله – وكتبه من غير تميز بينهم.
· الإسلام يقرر علاقة البر والإحسان مع المعتدلين من غير المسلمين.
· الإسلام يؤكد كرامة الإنسان وحرمة قتله وصيانة حقوقه.
· الإسلام يقرر أن البشرية مدعوة إلى التعايش والتعارف وفق القيم والمعايير الربانية.
· الإسلام يقرر قاعدة العدل حتى مع وجود الخصومة.
· الإسلام يقرر مبدأ التزام العهود والمواثيق، والوفاء بها.
· الإسلام يقر عدم الإساءة لمعتقدات الآخرين وسبابها.
· الإسلام يقرر مبدأ الحوار بين الناس، ويؤصل له أدبيات وقيما تعنى بمنهجية الحوار.
· الإسلام يقرر مبدأ إجارة المستجيرين.
· الإسلام يقرر العديد من القيم مثل الأمانة والإحسان إلى الجار، والوزن بالقسط.. ..
ساحة النقاش