الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

أولا: تعريف المفهوم:

لقد تعددت تعريفات فهناك من يعرفه بأنه: فكرة أو صورة عقلية تتكون عن طريق عملية تعميم تستخلص من الخصائص. ويتكون المفهوم من خلال الخبرات المتتابعة التي يمر بها الفرد سواء كانت هذه الخبرات مباشرة أم غير مباشرة، فعلى سبيل المثال: يتكون المفهوم الصحيح " للصلاة" من خلال خبرة المتعلم التي يكتسبها في المراحل التعليمية المختلفة ومن خلال أدائه للصلاة على الوجه الصحيح، وكذلك يتكون مفهوم "الإنفاق في سبيل الله " لدى المتعلم من خلال المعرفة التي تقدم له في المحتوى مناهج التربية الإسلامية ومن خلال مواقف الحياة المختلفة.

ويتسم كل مفهوم بمجموعة من الصفات والخصائص التي تميزه عن غيره، فمفهوم " الزكاة " يختلف مثلا عن مفهوم " الحج ". كما يشترك جميع أفراد المفهوم في الصفات والخصائص التي تميزه عن غيره من المفاهيم الأخرى، " فالركوع " مثلا أحد أفراد مفهوم الصلاة وهو يختلف عن أحد أفراد مفهوم الحج " كالطواف مثلا، ... وهكذا.

وتعتبر خاصيتا التجريد والتعميم من أهم خصائص المفهوم، فمفهوم " الإنفاق " مثلا من المفاهيم غير المحسوسة ويتجسد فيما يبذل من مال في سبيل الله وهو في الوقت نفسه مفهوم عام يشمل: الإنفاق بالمال أو الجهد أو الوقت.

أنواع المفاهيم:

     تصنف المفاهيم إلى خمسة أنواع، وذلك على النحو التالي:

أ-  المفاهيم المجمعة (الرابطة) Conjunctive Concepts

وهى المفاهيم التي تتضمن مجموعة من العناصر المشتركة بين مجموعات من المواقف أو الأشياء، ويجمع المفهوم بين حقيقتين وفى هذه الحالة يكون على الفرد أن يصل بين الأجزاء التي يتكون منها المفهوم.

ب ـ  المفاهيم الفاصلة (المفرقة ) Desconjunctive Concepts

وهى عبارة عن مجموعة من المواقف أو الأشياء أو الأحداث تختلف في خواصها وطبيعتها، ويتضمن هذا النوع من المفاهيم مجموعة من الخصائص المتغيرة من موقف لآخر ولا نحتاج فيه كل الخصائص الخاصة بالمفهوم وإنما تكون موجودة بدرجات مختلفة.

جـ ـ  المفاهيم العلاقية Relational Concepts

وهى المفاهيم التي تتضمن وجود علاقات بين المواقف والأشياء والأحداث، ويذهب هذا النوع من المفاهيم إلى أبعد من مجرد تقسيم الأشياء أو الأحداث أو الظواهر وتصنيفها والتعرف على العناصر المشتركة فيما بينها، وإنما يقرر بعض أنواع العلاقات بين مفهومين أو أكثر.

د -  مفاهيم محسوسة Empirical Concepts:

وهذه المفاهيم يمكن ملاحظتها ولمسها عن طريق الحواس وهى أسهل المفاهيم اكتساباً.

هـ ـ  مفاهيم مجردة أو نظرية Theoretical Concepts:

وهذه المفاهيم لا يمكن ملاحظتها أو لمسها بالحواس ويتم تعلمها باستخدام التركيبات اللغوية المختلفة مثل التحديد وسياق الجمل والأمثلة الوصفية والترادفات.

 

العلاقة بين المفهوم والمصطلح والتعريف:

قد ينظر البعض إلى المفهوم والمصطلح والتعريف على أنها مترادفات لفظية، في حين أن كل واحد منها يختلف عن الآخر، حيث لكل دلالته وماهيته، وبعد الوقوف على دلالة المفهوم في اللغة والاصطلاح فإنه حري بنا أن نقف على الدلالة اللغوية والاصطلاحية للفظ المصطلح والتعريف، حتى نتبين الفرق بين الألفاظ الثلاثة.

المصطلح: من الاصطلاح، والاصطلاح في اللغة: العرف الخاص أي اتفاق طائفة مخصوصة من القوم على وضع الشيء أو الكلمة، أما في الاصطلاح فقد سرد "الجرجاني" في كتابه "التعريفات" تعريفان للاصطلاح، أحدها يقضي: بأنه عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضوعه الأول، والثاني يقضي بأنه إخراج اللفظ من معنى لغوي إلى آخر لمناسبة بينهما، وقيل: الاصطلاح لفظ معين بين قوم معينين.

وعلى هذا يمكننا القول بأن المفهوم يختلف عن المصطلح في أن المفهوم يركز على الصورة الذهنية، أما المصطلح فإنه يركز على الدلالة اللفظية للمفهوم، كما أن المفهوم أسبق من المصطلح، فكل مفهوم مصطلح وليس العكس، فينبغي التأكيد بأن المفهوم ليس هو المصطلح، وإنما هو مضمون هذه الكلمة، ودلالة هذا المصطلح في ذهن المتعلم، ولهذا يعتبر التعريف بالكلمة أو المصطلح هو الدلالة اللفظية للمفهوم"، وعلى ذلك يمكن القول بأن كلمة الصلاة مثلا ما هي إلا مصطلح لمفهوم معين ينتج عن إدراك العناصر المشتركة بين الحقائق التي يوجد فيها التكبير وقراءة القرآن والقيام والركوع والسجود والتشهد والسلام، وكلمة "الحج "مصطلح لمفهوم معين ينتج عن إدراكنا للعناصر المشتركة بين المواقف: كالإحرام، والطواف حول الكعبة المشرفة، السعي بين الصفا والمرة، والوقوف بعرفات، والنزول بالمزدلفة، والرجم، والحلق أو التقصير...، فالملاحظ مع كلمتي (الصلاة، والحج) أنه تم أولا التعرف على أوجه الشبه والاختلاف في خصائص كل كلمة، ثم تحديد الخصائص أو العناصر المتشابهة ووضعها في مجموعات أو فئات أطلق عليها اسم المفهوم(الصلاة ـ الحج). 

أما المقصود بالتعريف؟ فالتعريف في اللغة: من عرف الشيء أي علمه، وعرف الأمر: أي أعلم به غيره، وعرف اللسان: ما يفهم من اللفظ بحسب وضعه اللغوي، وعرف الشارع: ما جعله علماء الشرع مبنى الأحكام. أما في الاصطلاح: فهو عبارة عن ذكر شيء تستلزم معرفته معرفة شيء آخر، وينقسم إلى تعريف حقيقي: ويقصد به أن يكون حقيقة ما وضع اللفظ بإزائه من حيث هي فيعرف بغيرها، والتعريف اللفظي: ويقصد به أن يكون اللفظ واضح الدلالة على معنى فيفسر بلفظ أوضح دلالة على ذلك المعنى، كقولك: الغضنفر الأسد، وليس هذا تعريفا حقيقيا يراد به إفادة تصور غير حاصل، إنما المراد تعيين ما وضع له لفظ الغضنفر من بين سائر المعاني".

أسس تعليم المفاهيم:

تبنى المفاهيم عادة من تصورات تحصل من خلال الحواس الخمس: البصر، والسمع، والذوق، واللمس، والشم، ومن خلال الذكريات والتخيلات. وهناك مراحل أساسية لتشكيل المفاهيم لدى المتعلمين والتي حددها (برونر) تبعاً للنمو المعرفي لدى المتعلمين في المراحل التالية:

المرحلة العملية: وهي مرحلة العمل الحسي، وفيها يكون الفعل هو طريق الطفل إلى تعلم المفهوم، وفيها يشكل الطفل الكثير من المفاهيم عن طريق ربطها بأفعال أو أعمال يقوم بها بنفسه، وهنا تبرز أهمية التدريب العملي في تشكيل المفاهيم واكتسابها.

المرحلة الأيقونية أو الصورية: وهي المرحلة التي ينقل فيها الطفل معلوماته أو يمثلها عن طريق الصور الخيالية، وفي هذه المرحلة يشكل الأطفال المفاهيم للأشياء أو المواقف بالتخيل وتكوين صور ذهنية لها.

المرحلة الرمزية: وهي المرحلة التي يصل فيها الطفل إلى مرحلة التجريد واستخدام الرموز. حيث يحل الرمز محل الأفعال الحركية، كما تدخل اللغة والمنطق في المهمة التعليمية. وتسمح هذه المرحلة بعملية تركيز الخبرات المكتسبة وتكثيفها في جمل أو عبارات ذات دلالات معنوية، ويعتقد (برونر) أن هذا التتابع في العملية النمائية من المرحلة العملية إلى المرحلة الصورية، إلى المرحلة الرمزية يظل مع الفرد وفي نظامه طوال حياته، كما أن هناك تفاعلاً متبادلاً بين هذه المراحل بصورة دائمة.

صفات المفهوم وقواعده:

من أهم ما يميز المفهوم تضمنه لظاهرتين أساسيتين، هما الصفات والقواعد. أما الصفات: فيقصد بها الخصائص المميزة ذات العلاقة بالمفهوم، والتي على أساسها يتم تمييز أمثلة المفهوم ووضعها في الصنف، وتختلف المفاهيم –عادة- من حيث عدد الصفات المميزة التي تشتمل عليها. أما قواعد المفهوم: فتشير إلى الطرق المختلفة التي تنتظم بوساطتها صفاته المميزة. وقد تنتظم الصفات المميزة لمفهوم ما وفق قاعدة معينة، في حين تنتظم الصفات المميزة لمفهوم آخر وفق قاعدة آخري. وهناك خمس قواعد لتنظيم صفات المفاهيم هي: (قاعدة الإثبات، القاعدة التجميعية أو الاقترانية، قاعدة التضمين الانفصالي أو اللا اقترانية، قاعدة الشرط المفرد، قاعدة الشرط المزدوج ).

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 2628 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,643,417