الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

مفهوم الإلقــاء:

يمكن تعريف الإلقاء بأنه مجموعة الإجراءات والتحركات التي يقوم بها المعلم، وينظمها ليسيرَ التدريسُ في ضوئها، وتتضمن مداخل وطرق التدريس الإلقائية، مع استخدام الأمثلة، والتدريبات، والوسائل التي تساعد في تحقيق الأنشطة للوصول إلى تحقيق الأهداف في جو تعليمي وتنظيم صفى. 

  وتعد هذه الطريقة من أقدمِ الطرق استعمالا، وأكثرها شيوعًا بين المدرسين" ولقد اشتق لفظها مـن طبيعة ما يجرى من عمليات بين المدرس والطالب، فهو يلقى بالمعلومـات إلـى الطلاب لاستيعابها وحفظها واستظهارها، وقد استخدمت المـدارس هذا الأسلوب منذ نشأتهـا، في تدريسِ جميع المواد، وظلََّ استخدامه سائدا في صورته العامـة حتى الوقـت الحاضـر" كما ارتبط الإلقاء بالتدريس منذ أقدم العصور؛ فالمعلم هو ذلك الشخص الذي  يمتلك المعرفة، والطلاب هم المستمعون الذين ينتظرون أن يلقى عليهم بعضا مما عنده، بهدف الإفادة، وهذا المعنى يتفق ومفهوم المدرسة باعتبارها عاملا من عوامل نقـل المعرفة إلــى الطلاب، وطبقا لهذه النظرة، ينبغى أن يعنى التدريس في المدرسة بتوصيلِ المهاراتِ والمعرفة والقيم المتضمنة في الثقافةِ إلى الطلابِ حتى يستطيعوا الانتفـاع بها في حياتهم. 

أنـواع الإلقـــاء:

* يتضمن الإلقاء نوعين من الأساليب التدريسية هما:

أ- أسلوب المحاضرة:

يقصد بأسلوب المحاضرة أن يحاضر المعلم طلابه شفاهة، ويشرح لهم المعلـومات الجديـدة التي تتعـلق بالموضوع الدرس، وهذا يبتعد بها على أن تكون عملية إملاء من كتاب أو مذكرة، والمعلم أثناء شرحه يستخدم صوته بطبقاته المختلفة لتوصيل المعلومات إلى الطلاب، كما يستخـدم بداية للإيضاح بل وحركة جسمه كلها في الفصل، على أن تكون حركات محسوبة كي تعبـر حقيقة عن الأفكار التي يريد توصيلها لطلابه. 

  والمحاضرة أسلوب من أساليب التلقين والتوجيه والإرشاد للكبار بصفة خاصة، وهى من التقاليد الإسلامية في عملية التعلم والتعليم يقول ابن خلدون " اعلم أن تلقين العلوم للمتعلمين إنما يكـون مفيداً إذا كان على التدرج، شيئاً فشيئاً وقليلاً فقليلاً، ويلقى عليه أولاً مسائل من باب مـن الفن هي أصول ذلك الباب، ويقرب له في شرحها على سبيل الإجمال ويراعى في ذلك قـوة عقله و استعداده لقبول ما يورد عليه، حتى ينتهي إلى آخر الفن، وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم إلا أنها جزئية وضعيفة، وغيتها أنها هيأته لفهم الفن وتحصيل مسائله. 

ويضيف ابن خلدون قائلا (. . . . ثم يرجعُ الفن ثانية، فيرفعه في التلقينِ عن تلك الرتبة إلى أعلى منها وينتهي إلى آخـر الفن، فتجود ملكته، ثم يرجع به وقد شد فلا يترك عويصًا ولا مبهمًا ولا منغلقا إلا وضحـه، وفتح له مقفلة، فيخلص من الفن وقد استولى على ملكته.  وهذا هو وجه التعلم المفيد، وهو كما رأيت إنما يحصلُ في ثلاث تكرارات، وقد يحصل للبعض في أقل من ذلك بحسب ما يخلق له ويتيسر عليه. 

    ويلاحظ على كلامِ ابن خلدون ما يلي:

-  أنه سبق الجشطالت في مبادئهم التي تنادى بتعلم الكل قبل الجزء. 

-  أنه قد سبق المدارس النفسية في مراعاته للفروق الفردية بين المتعلمين. 

شروط المحاضرة الجيدة:

وهناك من يذكر عدة شروط للمحاضرةِ الجيدة - لا تبعد كثيرًا عما قاله ابن خلدون - وهذه الشروط نجملها في النقاط التالية:

·الاستعداد أو التحضير للمحاضرة. 

·المدخل المناسب لموضوعها، ليهيئ أذهان الطلاب للاستثارة والتفكير. 

·سلامة اللغة التي يتكلم بها المدرس، نطقاً، وإعراباً ومفردات وتركيب. 

·أن يكون صوت المدرس مسموعاً ولهجته متناسبة مع المعاني التي يقدمها. 

·الابتعاد عن الإلقاء السريع أو المتقطع البطئ. 

·إعادة بعض الأفكار الهامة للتأكيد عليها وتثبيتها في ذهن الطلاب. 

·الاستعانة بإثارة حواس أخرى غير حاسة السمع، باستعمال وسائل معينة بصرية أو سمعية بصرية، إلى جانب   الوسائل السمعية. 

·عدم إشغال وقت التدريس كله بالإلقاء، وإنما ينبغي أن يترك للطلاب فترة للاستفسارات. 

·مراعاة مستوى الطلاب اللغوي والعلمي والعقلي. 

·مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب وذلك بتغير العبارات واستعمال المترادفات والأضداد. 

ب- أسلوب العرض:

وهو أحد أساليب الطريقة الإلقائية "حيث يقوم المعلم بعرض و شرح  المعارف التي يرغب إلمام الطلاب بها، وفهمهما، والمفروض في هذه الحالة أن يكون لدى الطـلاب القـدرة والخبرة التي تساعدهم على متابعة العرض وفهم ما يقدم لهم من حقائق ومعلومات". 

ومما سبق يتضح أن طريقة الإلقاء هي: " الطريقة التقليدية التي تعتمد على الإلقـاء مـن جـانب المعلم، ويتم التركيز فيها على المعلومات التي يهتم بها كل من "كتاب الطالب "و"دليل المعلم" ويعد الكتاب المدرسي المصدر الأساسي للمعرفة، كما يكون المعلم في هذه الطريقة محور النشاط والفاعلية". 

إيجابيات الطريقة الإلقائية:

يمكن إيجاز هذه الإيجابية فيما يلي:

- تعين المدرس على تقديم أكبر قدر من المعارف والمعلومات المتعلقة بموضـوع الدرس. 

- تساعد المدرس في تنمية مهارات الاستماع وآدابه لدى الطلاب وتنمية ميولـهم نحو القراءة

- تمكن المدرس من التقرب إلى نفوس الطلاب من خلال انفتاحـه عليـهم. 

- تسمح بتعليم أعداد كبيرة من الدارسين في فترة زمنية أقل، وبالتالي فإنها طريقة اقتصادية. 

-  تساهم في حل مشكلة نقص الإمكانيات والمعامل والأجهزة والأدوات والمواد الخام اللازمة للتجارب العلمية. 

 - تجعل المعلم يشعر بالسيطرة والامتياز، وقد يدفعه هذا إلى تحسـين مادتـه وتجويـدها وتحسين طريقة عرضها. 

- يستطيع المدرس من خلال نبرات صوته؛ رفعاً أو خفضاً أن يؤكد على بعض المعاني، وأن يبرز أهمية بعض المواقف. 

- يستطيع المدرس من خلال طريقة الإلقاء أن ينمى في الطلاب عادة حب القراءة ومهارات القراءة و الاستفادة من المكتبة، حتى يكونوا لأنفسهم خلفية ثقافية وعلمية موسوعية كما يفعل هو. 

سلبيات الطريقة الإلقائية:  

   *تتلخص سلبيات الطريقة الإلقائية فيما يلي:

·سلبية الطلاب-المتلقين - حيث يكون المدرس هو الفاعل المرسـل، والطلاب في مـوقـف المتلقين، وهذا يخالف مبدأ فاعلية الطلاب. 

·ملل الطلاب: كثيراً ما يؤدى الإلقاء إلى شعور الطلاب بالملل والسآمة، وبخاصة إذا طالت الفترة الزمنية، ولم يتخللها أسئلة أو مناقشة أو عرض وسائل معينة. 

·تشتيت انتباه الطلاب، لعدم قدرتهم على المتابعة أو لعدم سماعهم صوت المدرس لضعفه، أو لكثرتهم، أو عدم قدرتهم على إثارة انتباههم واهتمامهم بالموضوع. 

·لا تساعد على النمو الشامل للطلاب، وهو ما تهدف إليه التربية الحديثة، وذلك أن دورها ينحصر في توصيل المعلومات للطلاب. 

·لا تنمى التفكير لدى الطلاب، ولا تراعى الفروق الفردية بين المتعلمين. 

·لا تناسب تعلم بعض جوانب مستويات التعلم مثل تعلم المهارات والمستويات العليا للمعرفة كالتحليل والتركيب والتقويم. 

يوجد العديد من الملامح والإجراءات التي تزيد من فعالية الطريقة الإلقائية أثناء استخدامها في عرض درس من دروس التربية الإسلامية أو أي مادة أخرى ومن هذه الملامح ما يلي:

أ- الوضوح: أهم ملمح للشرح أن يكون واضحًا، وعند المستوى المناسب الذي  يفهمه الطالب. 

ب- البنية: أن يكون الشرح منظمًا بعناية؛ بحيث يتمُّ تقسيم الأفكار الأساسية والمفاهيم إلى أجزاء ذات معنى، ثم ترتب ترتيبا متتابعاً منطقياً. 

جـ- الطول: ينبغي أن تكون العروض قصيرة، وألا تستغرق عادة أكثر من عشرِ دقائق للمـرحلة الابتدائية، وعشرين دقيقة للمرحلة الإعدادية والثانوية. 

د- الحفاظ على الانتباه: ينبغي أن يتضمن الإلقاء والتوصيل تباينا في التأكيد، ونغمة الصـوت وطبقته، وأن يتوافر التقاء عين المدرس بعيون الطلاب، وأن يوزع على الصـف كلـه، وأن تنقل لغة الجسم إلى  الطلاب الحماس والاهتمام. 

هـ- اللغة: يجب أن يتجنب المدرس استخدام لغة معقدة أو مصطلحات غريبة وغير مفهومة، وأن يشرح أي مصطلح أو لفظ يحتاج التلاميذ معرفته. 

و- استخدام الأمثلة: حيث يستخدم المدرس في شرحه أمثلة  من الحياة اليومية، أو تلك التي ترتبط على نحو مباشر بخـبرة الطـلاب واهتماماتهم. 

ز- مراجعة الفهم: إن المدرس ينظر إلى وجوه الطلاب باحثا عن أمارات تدل على خبرتهم، ويستخدم أسئلة ليتأكد من فهم النقطة التي عرضها قبل أن ينتقل إلى ما يليها، ويتيح للطلاب الفرصة ليسألوا عما خفي عليهم. 

 استخدام الإلقاء في التدريس:

إن التدريس باستخدام الإلقاء  يكون بديلا تعليميا مناسبا في الظروف الآتية:

§حين يكون نشر المعلومات ونقلها لعدد كبير هو الهدف الأساسي. 

§عندما تكون هذه المعلومات غير متوافرة في أي شكل آخر، كأن توجد في كتاب. 

§عندما يتطلب الأمر انتقاء المعلومات وتنظيمها وعرضها على مجموعة معينة من المتعلمين. 

§عندما يكون من الأمور الهامة إثارة الاهتمام بالمعلومات. 

§هذا وعلى الأغلب أن المدرس عندما لا تكون هناك حاجة لحفظ المعلومات، وتذكرها لفترة طويلة يستخدم التعليم المباشر والشرح (المحاضرة) في الحالات الآتية:

·إذا أعتاد من مدرسوه استخدام أسلوب المحاضرة بكثرة؛ وتوافق ذلك مع نمط تعلمه. 

·إذا كان لديه معرفة سابقة بالموضوع. 

·إذا كان يعتقد أن طلابه سوف يتعلمون المادة بهذه الطريقة أفضل تعلم. 

·إذا كانت المواد التعليمية المرتبطة بالموضوع والمصادر قليلة. 

·إذا كان ينقصه الوقت والبراعة لتيسير التعلم بطريقة أخرى. 

·إذا كانت الطريقة تشبع حاجاته الشخصية والمهنية. 

المصدر: دكتور /وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 6853 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,660,879