الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

التربية العمــــلية

تعد التربية العملية التطبيق العلمي لما سوف تتلقينه من محاضرات في المواد التربوية المختلفة مثل : أصول التربية وعلم النفس والمناهج وطرق التدريس والوسائل التعليمية ، كما أن فوائدها بالنسبة لكِ عظيمة فهي تمدكِ  بخبرات حية وواقعية وملموسة عن مهمة التدريس ، وذلك من خلال احتكاككِ وتفاعلكِ في مواقف تربوية يكون تلاميذكِ في الفصل طرفاً فيها ، وتكون طريقة تدريسكِ وكيفية معاملتك للتلاميذ طرفاً آخر . كما أنها تساعدك على مواجهة بعض المشكلات التي قد تظهر أثناء القيام بها ، بالإضافة إلى إكسابك بعض القيم السامية كالتعاون مع الآخرين ، والقدرة على تذليل بعض الصعاب وحسن التصرف في المواقف المختلفة ، والمهارات السليمة للمناقشة والصبر وقوة التحمل إلى غير ذلك من القيم التي لا تقتصر فائدتها على مجال التدريس فحسب بل في جميع مواقف حياتك .

ومما لاشك فيه أن التربية العملية من أعمق التجارب التي تمر بكِ ، ومن أكثرها تركيزاً ، وهى تهيئ لك أحسن الفرص لكي تجمعي معلوماتك وتطبقي ما تعلمته خلال دراستك النظرية، وما استوعبته من نظريات وأفكار، وهى تكشف لكِ عما إذا كنت ستجدين متعة في العمل الذي تؤديه كمعلم  .

والتربية العملية تشكل اختباراً يبين لكِ هل تتصف بالخصائص الشخصية اللازمة لمهنة التدريس ، وإذا كانت لديك اللياقة البدنية التي يتطلبها مشاق العمل في غرف الدرس ؛ لمثل هذه الأسباب يود الطلاب الذين يعدون أنفسهم لمهنة التدريس ، قبل شيء آخر أن يحرزوا نجاحاً في التربية العملية .

أهمية التربية العملية :

مما لاشك فيه أن التربية العملية لها أهمية كبيرة بالنسبة لمعلمة الغد فهي تعد عماد اكتساب الخبرات المهنية الحقيقية وبطريقة مباشرة بالنسبة لمن تعد نفسها لتكون معلمة فهي عصب الإعداد التربوي لأنها في حقيقة أمرها مواجهة مدرسة المستقبل لوظيفتها الأساسية وانتقال بها إلى حيث تتعرف على مشكلات مهنتها … والتربية العملية هي التجربة الواقعية التي بها يكشف الإنسان عن نفسه فيعلم  أنه ذو قدرة على تحمل أعباء مهنة التدريس ، وأنه ذو كفاءة في مواجهة التلاميذ باستمتاع ولديه استطاعة على إفادتهم والاستفادة منهم … والتربية العملية فوق هذا بداية أولية يستبيح فيها الخطأ والتعديل من أجل المستقبل الناجح . ومن أجل هذا ينبغي أن تسيري منذ اللحظة الأولى مساراً جيداً للتعرف على مهام الطالبة المعلمة وهى على علم بأسس النجاح .

ولكي تتحقق الأهمية الكاملة للتربية العملية بالنسبة لكِ ، فانه يجب عليكِ أن تراعىِ بعض الأمور الهامة التي ينبغي أخذها في الاعتبار ، تلك الأمور التي إذا أخذت في الحسبان ، يمكن أن تساعدكِ في أداء التمرين العملي أو التربية العملية .

ويمكن تلخيص هذه الأمور في الآتى :-

أولاً : ينبغي أن تكون واثقة من نفسك ثقة كبيرة :

فهذه الثقة هامة جداً بالنسبة لكِ قبل قيامك بالتمرين العملي أو التربية العملية ، فهي تساعدك على اجتياز لحاجز الخوف الذي قد يسيطر عليك في البداية حيث أنه عندما يقترب الوقت الذي يقوم فيه المـدرس المبتدئ " إذ لطالب في التربية العملية " بالقيام بالتدريس فإن شعوراً بعدم الأمن والطمأنينة قد يخمده ، و تهتز ثقته بنفسه وتبدو عليه الحيرة والارتباك والتردد وتدور أسئلة كبيرة بينه وبين نفسه ، فهل سيكون مدرساً ممتازاً يتقبله تلاميذه ويرحبون به ويفهمون ما يشرح ، وهل سيحترمه تلاميذه ويطيعون ما ينصح به .

ثانياً: ينبغى التعرف على الخصائص الرئيسية لمرحلة النمو التي تتوافر في تلاميذك الذين ستقومين بالتدريس لهم وأن تتفهمين هذه الخصائص جيداً

ثالثاً : ينبغي التعرف على ميول وحاجات وقدرات تلاميذك الذين ستقومين بتدريسهم حتى يعينك ذلك على التدريس .

رابعاً : ينبغي تدريس المقررات الدراسية مادة تخصصك في كل صفوف المرحلة التي ستتمرنين فيها مع تركيز خاص على الصف الذي سوف تقومين بالتدريس فيه على ألا يكتفى  في ذلك بالكتاب المدرسي المقرر بل يجب الإطلاع بالمراجع المختلفة التي تخدم المقرر المدرسي.

خامساً : ينبغي التوجه إلى المدرسة التي ستتدربين بها وذلك قبل قيامك بالتدريب أو التدريس فيها ،وذلك حتى تتعرفين على متحمل المسئولية فيها مثل ناظر المدرسة والمدرسين بالقسم الذي ستؤدين التمرين فيه ، كذلك لكي تتعرفين على إمكانيات المدرسة من تجهيزات وغير ذلك والعمل على سد العجز إن وجد .

سادساً :  ينبغي أن تكوني على دراية بكيفية إعداد دروسك ، لأن دفتر التحضير بالنسبة لك شيئاً هام وحيوي لابد من الاستعانة به وسوف تجدين في هذا الكتاب فصلاً كاملاً عن كيفية إعداد درسك ونماذج مختلفة لتحضير بعض الدروس في فروع مختلفة .

سابعاً :  ينبغي أن تكون مقتنعا بأهمية التدريب العملي أو التربية العملية بالنسبة لكِ فهذا الاقتناع سوف يفيدك كثيراً في تحمل مسئوليات التربية العملية كما يساعدكِ في التغلب على بعض الصعاب التي تواجهك أثناء قيامك بالتدريب .

ومما هو جدير بالذكر أن بعض الطلاب يلتحقون بكليات التربية وهم غير مقتنعين بها ولكن يلتحقون بها لعدة أسباب منها العامل الاقتصادي أو الاجتماعي أو بضغط من أولياء الأمور خاصة بالنسبة للطالبات وحتى لا يغتربون عن أهلهم ، كما أن بعضهم يلتحق بكليات التربية بسبب الحصول على مجموع لا يؤهلهم للالتحاق بالكليات التي يرغبون الالتحاق بها ـ فلهذه الأسباب وغيرها نجد أن بعض الطلاب غير مقتنعون للالتحاق بكليات التربية وهذا ينعكس على تدريبهم أو تمرينهم العملي فيتصف هؤلاء ـ وهم قلة ـ بعدم الاكتراث واللامبالاة أثناء قيامهم بالتدريب . ونحب هنا أن نوضح أن هؤلاء الطلاب خاطئون فيما يعتقدون حيث إن كليات التربية الآن أصبح لها مكانتها بين الكليات المختلفة كما أصبحت الدول العربية الآن تطلب المزيد من خريجي هذه الكليات سنوياً ، ولعل الظاهرة التي تستحق الذكر هي الغالبية العظمى من الأعداد المخصصة للالتحاق بكليات التربية تملأ في المرحلة الأولى لمكتب التنسيق .

ولذلك " فمن الضروري لكل مشتغل بالتعليم أن يكون على بصر وإيمان بأهمية هذا التعليم . بحيث يصير هذا الإيمان جزء من عقيدته وموجها لسلوكه وحافزاً له على التحمس لعمله " .

واستخلاصاً لما تقدم ، يتضح أن التربية العملية هامة بالنسبة لكِ فهي بمثابة الميدان الخصب الذي تتدربين فيه على مهارات التدريس فإذا أحسنتِ القيام بها فسوف يساعدكِ ذلك على تحمل تبعات ومسئوليات التدريس بعد ذلك أما إذا تهاونتِ في الاضطلاع بمسئولياتها فقد يؤدى ذلك إلى نتائج سيئة عند مزاولتكِ لمهنة التدريس .

هذا وتعد التربية العملية مكون رئيسي من مكونات برنامج الإعداد المهني للطلاب الذين اختاروا التدريس مهنة مستقبلية ، حيث لا تخلو برامج الإعداد المهني للمعلم قبل الخدمة من التربية العملية ، سواء أكان ذلك في نظم التعليم بالدول المتقدمة أو النامية ، كما أنها المختبر الميداني لتطبيق مبادئ التدريس وتدريب معلم المستقبل .

وتعرف التربية العملية بأنها :

إتاحة الفرصة أمام الطلاب المدرسين لتطبيق ما يدرسونه في التربية وعلم النفس في مواقف تعليمية واقعية تحت إشراف فني خاص .        

كما يمكن تعريفها على النحو التالي :النشطات المختلفة التي يتعرف الطالب المعلم من خلالها على جميع جوانب العملية التعليمية بالتدريج بحيث يبدأ بالمشاهدة ثم يسرع في تحمل الواجبات التي يقوم بها المعلم إلى أن يصل في نهاية المطاف إلى ممارسة أعمال المعلم ممارسة كاملة .

ومن ثم نلاحظ أن التربية العملية تعد فترة من فترات التدريس الموجه التي يمر خلالها الطالب بخبرات تربوية مخططة في مدرسة معينة تحددها كلية الإعداد ، وتحت إشراف وتوجيه أعضاء مؤهلين سواء أكانوا من أعضاء هيئة التدريس بكلية الإعداد أو من خارجها .والتربية العملية هي المختبر الميداني لتطبيق مبادئ التدريس وتدريب معلم المستقبل على ممارسة مهارات التدريس واكتساب أخلاقيات مهنة التدريس .

ويجمع رجال التربية على أن التربية العملية تعد المجال الحقيقي الذي يكشف عن مدى وعى ومعرفة وممارسة الطلاب المعلمين للاستراتيجيات التعليمية المختلفة التي يتعلمها الطلاب المعلمون نظريا بكلية الإعداد ، ولقد أثبتت نتائج البحوث المرتبطة بالتربية العملية أن الطلاب المعلمين يرجعون كفاءتهم في التدريس لخبراتهم المباشرة في التربية العملية ، وتشير أيضا إلى أن الطلاب المعلمين عادة ما يحتفظون بخبرات التربية العملية في أعقاب تخرجهم وأن هذه الخبرات تؤثر في سلوكهم كمعلمين  .

الأهداف العامة للتربية والتربية العملية :

قبل أن نتكلم عن أهداف التربية العملية يفضل أن نتعرض لأهداف التربية بوجه عام وكذلك أهداف كل مرحلة من مراحل التعليم ـ المرحلة الابتدائية والمرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية .

ولا شك أن معرفتكِ لأهداف التعليم بصفة عامة وأهداف كل مرحلة وخاصة مرحلة التعليم الأساسي والمرحلة الثانوية التي سوف تتعاملين معها في تدريبك أمر ضروري وحيوي وهام .

أسباب إلمام المعلم بأهداف التعليم :

1-   الوعي بأهداف التعليم يمكن المعلم من معرفة الطريق الذي يسير فيه مما يعمل على عدم تخبطه فيما يريد القيام به وبذلك يكون على دراية تامة بما يقوم به من أعمال.

2-  معرفة المعلم لأهداف التعليم تساعده على أن يحدد الوسائل التي تعينه على تحقيقها، كما تعاونه في اختيار الوسائل المناسبة التي تساهم في تحقيقها.

3-  معرفة المعلم لأهداف التعليم تعينه في تقويم العملية التعليمية أو بعبارة أخرى تعينه على معرفة ما أحرزه هو وتلاميذه من نجاح ومدى ما أصابهم من فشل في عملهم  ونستطيع أن نقول أن معرفة المعلم لأهداف التعليم هي شرط أساسي لتقويم العملية التعليمية تقويماً سليماً .

4-   أن معرفة المعلم لأهداف التعليم والاشتراك في تحديدها عامل هام في رفع روحه المعنوية وفى دعم صحته النفسية ، لأن معرفته للأهداف يولد فيه الإحساس بالطمأنينة في عمله لشعوره بأنه يسير في الاتجاه السليم مما يعمل إلى زيادة حبه لعمله .

5-   معرفة المعلم لأهداف التعليم تعينه على زيادة معرفته بأهداف المجتمع الذي يعيش فيه ، لأن أهداف التعليم ما هي إلا ترجمة لأهداف المجتمع الذي يوجد فيه ذلك التعليم ، وبالتالي يزداد عمق فهمه بالأهداف العامة المجتمعة مما يضفى معان جديدة على فهمه التعليم وعلى كيانه بصفته مواطناً .

الأهداف العامة للتربية :

إن معرفتكِ كمعلمة المستقبل للأهداف العامة للتربية أمر هام وضروري حيث يساعدكِ في أداء تمرينكِ أو تدريبكِ العملي على أحسن وجه.

ويمكن أن نلخص الأهداف العامة التي تسعى إليها التربية في الآتى :-

1-     أنها تساهم في نمو التلاميذ الذين تقومين بتدريسهم ـ نمواً جسمياً وعقلياً سليماً ومناسباً .

2-     أنها تساعد في إكساب التلاميذ مهارات المناقشة والاتصال مع الآخرين .

3-   أنها تساعد التلاميذ في تعميق فهمهم مع ثقافة المجتمع الذي يعيشون فيه ومع القيم السائدة في ذلك المجتمع بالإضافة إلى أنهم يكونون على بينة بعلاقات هذه الثقافة مع ثقافة المجتمعات الأخرى ، كما تعينهم على بحث دراسة المشكلات القائمة في ثقافة مجتمعهم والمساهمة في حلها .

4-   أنها تعين التلاميذ على اكتساب القيم والمثل الطيبة ، تلك القيم والمثل التي تساهم في بناء الديمقراطية السليمة .

5-   أنها تمد كل تلميذ بالفرص التي تساعده على تفهم المعارف وتمثيلها تمثيلاً جيداً يساعده في المساهمة في حل بعض المشكلات الشخصية والاجتماعية بالمجتمع .

وباختصار نستطيع أن نقول أن " الهدف الأساسي والنهائي من التربية بوجه عام وفى المدرسة بوجه خاص هو تشكيل شخصية المتعلم بحيث يصبح قادراً على الحياة في ظروف اجتماعية معينة .

أهداف التربية العملية :

       تسعى التربية العملية إذا ما أحسن تنفيذها إلى تحقيق الأهداف التالية :

1-   تساعدكِ على حسن التكيف والتصرف إزاء بعض المواقف التي تتعرضين لها وكذلك مواجهة بعض المشكلات التي قد تظهر ، مما يساعدكِ على مواجهة هذه المشكلات سواء أثناء تدريسكِ أو فيما بعد عند مزاولتك مهنة التدريس .

         وأثناء تدريسكِ العملي قد تصادفك بعض العقبات أو المشكلات التي تتطلب منكِ حلولا كما تواجهك بعض المواقف التي تتطلب دراسة وروية وبمعنى أخر فانكِ أثناء تدريبكِ العملي تعايشين مواقف متنوعة وعليكِ أن تكتسب خبرات مختلفة تلك الخبرات المكتسبة سوف تساعدكِ في مواجهة بعض المواقف والمشكلات التي قد تتعرضين لها عند مزاولتكِ لمهنة التدريس فيما بعد.

2-   تساعدك خاصة وأنت في بداية الطريق ـ على تقليل أو إزالة كثير من المخاوف التي تراودكِ أثناء قيامكِ بالتدريس .فقد تنتابكِ بعض المخاوف عند بداية تدريسك العملي ، وهذا شيء طبيعي حيث أن التدريس بالنسبة لك شيء جديد لم تمارسيه من قبل ، ولكن ينبغي ألا تزيد المخاوف عن الحد المعقول ، وإلا سوف يؤثر ذلك على تلاميذك في الفصل فمن الواجب أن تكوني واثقة من نفسك وأنت تقومين بتدريبكِ العملي ، فالثقة في النفس هى أمر لازم وحتى إذا ما أردت النجاح لأعمالك،    وعلى أية حال فإن تلك المخاوف تقل مع استمرار أدائكِ لعملك ، مما لا شك فيه أنك كلما زادت مرات ممارستكِ للتدريس في الفصل كلما قلت مخاوفكِ . وتعتبر التربية العملية فرصة طيبة لكِ حيث أنها تساعدكِ في تقليل أو إزالة كثير من تلك المخاوف وهذا يتطلب منك الإسراع في تدريس أكبر عدد من الحصص أثناء تدريبكِ العملي إذا طلب منك ذلك أو إذا سمح الجدول الدراسي بذلك.

3-   تتيح لكِ مجالا مناسباً لفهم طبيعة عملية التدريس وبطريقة أكثر عمقاً ووعياً مما قد ينتج عنه من تغيير اتجاهك نحو رغبتك في التدريس خاصة إذا لم تكن تتوفر لديكِ الرغبة في التدريس لأن التحاقك بكلية التربية قد تحكمت فيه اعتبارات معينة مثل عدم حصولكِ على المجموع الذي يؤهلك للالتحاق بالكلية التي كنت تريدها وكذلك العامل الاقتصادي والعامل الاجتماعي اللذين قد يكون لهما تأثير .فربما تكوني آخر الذين التحقوا بكلية التربية دون رغبة في الالتحاق بها، أي كنتِ مرغمة على ذلك لسبب أو أكثر من الأسباب التي ذكرت أو الأسباب غيرها .ولكن التربية العملية تساعدك على تغيير اتجاهكِ نحو رغبتك في التدريس حيث توجد طالبات غيرن اتجاههن نحو التدريس أثناء وبعد أداء تمرينهن العملي .

4-   تعاونكِ على معرفة قدراتكِ الشخصية في التدريس وذلك من خلال تدريبك على المواقف المختلفة وكذلك من خلال نقدك لزملائك أثناء تدريبهن ـ فالتربية العملية إذا ما أحسن استخدامها تساعدك على معرفة نقاط القوة والضعف في تدريسك أي تساعدك على تقويم نفسكِ فبعد كل تدريب عملي تستطيعين أن تحكمى على نفسك بصفة عامة إذا كنت قد أحسنتِ أو أسأتِ كما تستطيعين التعرف على النقاط التي أحسنتِ فيها وتلك التي أسأتِ فيها كذلك الحكم على نفسكِ بعد أداء عدة تمارين إذا كنت تتقدمين أم لا ، ويمكن أن يساهم في تلك المعرفة نقد الآخرين لكِ .

5-   تساعدك على اكتساب بعض خبرات التدريس كما تساعدك على تكوين العـادات المناسبة وذلك من خلال قيامكِ بالتدريس أو من احتكاكك بالآخرين ، فالمعروف أنكِ أثناء قيامك بالتدريس العملي فإنك تمرين في مواقف مختلفة ومتباينة تستطيعين من خلالها أن تكتسب بعض خبرات التدريس مثل كيفية توصيل المعلومات إلى تلاميذكِ وكيفية معاملتهن كبشر وكيفية حل بعض مشاكلهن وكيفية التصرف في بعض المشكلات التي قد تظهر أثناء قيامك بالتدريس ، وكيفية معاملة التلميذ المجتهد وكيفية محاسبة التلميذ المقصر أو المستهتر أو المثير للشغب … الخ . كما تساعدك على تكوين عادات في مثل تلك الأمور .

6-   تساعدك على الاستفادة من خبرة غيرك من خلال مشاهدتكِ للمدرسين القدامى أثناء تدريبهم أو من خلال بعض التوجيهات التي تصدر من السادة المشرفين عليك يضفى المزيد من الخبرات التي تمرين بها . فالمعروف أنكِ أثناء تدريبكِ العملي تمرين بمرحلة المشاهدة والتي فيها تشاهدين المدرسين القدامى وهم يقومون بشرح دروسهم وتجلسين أنت في الفصل لتشاهديهم وهم يقومون بهذا العمل . وفى غضون تلك المرحلة مرحلة المشاهدة يمكنك الاستفادة من خبرة غيرك ـ حيث إن المدرسين القدامى لديهم خبرات أكبر وأوسع وأعمق من خبراتكِ في التدريس مما يعطيك فرصة مناسبة لاكتساب بعض خبراتهم في هذا المجال .

7-   تساعدك على كيفية التعامل مع الآخرين سواء مع القسم الذي تعملين فيه أو مع الأقسام الأخرى أو إدارة المدرسة . ففترة تدريبكِ العملي تعتبر فرصة طيبة للاحتكاك بالآخرين والتعامل معهم سواء في داخل القسم الذي تعمل فيه والذي هو أقرب المصادر إليك أو مع الأقسام الأخرى بالمدرسة أو مع إدارتها الممثلة في ناظر المدرسة ووكيلها وإدارييها وعمالها كما تتيح التربية العملية الفرص للاحتكاك بالتلاميذ أنفسهم الذين تقوم بالتدريس لهم،  فالمدرس الناجح هو الذي يستطيع أن يكسب ثقة الآخـرين أو يحتك ويتعرف على مشاكلهم ويتعاون معهم في الأنشطة المختلفة … الخ .

     من كل هذا يتبين لكِ أن التمرين العملي هام وحيوي بالنسبة لكِ ولا يمكن الاستغناء عنه حيث أنه بالإضافة إلى أنه مادة أساسية تؤدى الامتحان فيها وشأنها شأن أي مادة أخرى فهي مجال خصب لكِ يمكنك من اكتساب كل الخبرات الطيبة التي تساعدكِ في مهمتك عند التخرج وتثقل مهارتكِ لمهنة التدريس .

أهمية التربية العملية :

تتمثل أهمية التربية العملية في الآتى :

1-  تعد التربية العملية حلقة الوصل بين الجانبين الأساسيين في عمل كليات التربية أو أقسام التربية بكليات الدراسات الإنسانية ، وهما : الجانب الأكاديمي ، والجانب التربوي، والحقيقة أنه لا يمكن عند إعداد معلم الغد الفصل بين الجانبين السابقين ، إذا ينبغى أن تشمل خطة الإعداد الجانب التربوي الذي يساعد المعلم على تطويع المادة العلمية تبعاً لحاجات وخصائص ومطالب نماء المتعلمين ، ومن ناحية أخرى لا يستقيم الجانب التربوي ، ولا يكون له معنى دون مادة علمية يستند إليها المعلم في عمله . لذا يجب أن تشمل خطة الإعداد أيضاً الجانب العلمي الذي يجعل المعلم متمكناً من المادة التي يقوم بتدريسها ، ومسيطراً على جميع جوانبها ودقائقها.في ضوء ما تقدم يجب أن يندمج الجانبين السابقين ليلتقيا في ثوب واحد هو الموقف التدريسي . ويتحقق ذلك من خلال التربية العملية التي تُعد نقطة اللقاء المناسبة لربط ولدمج الجانبين السابقين في كل واحد متكامل الأبعاد ومترابط الأطراف .هذا ويجب أن يتناغم ويتوافق الجانبان الأكاديمي والتربوي في سيمفونية رائعة هي التربية العملية .

2- تُعد التربية العملية الميدان الحقيقي الذي من خلاله ينشأ الاتجاه الفعلي للطالب نحو مهنة التدريس ، وهى أيضاً المجال المناسب الذي عن طريقه يكتسب الطالب المعلم المهارات اللازمة لتدريس المادة التي تخصص فيها، فكما أن اللاعب يكتسب المهارة في اللعبة التي يمارسها من خلال التدريب المستمر والجاد على الحلبة ، وكما أن الطبيب الجراح يكتسب المهارة في إجراء الجراحات المختلفة عن طريق الممارسة المستمرة والجادة لأصول مهنته ، فهكذا يكتسب الطالب المعلم أصول وقواعد مهنة التدريس كما ينبغي أن تكون من خلال التدريب المستمر والجاد والشاق في فترة التربية العملية . أيضاً تعد التربية العملية الطريق الذي يسلكه ويمر به " الطالب المعلم"  ليعرف مشكلات الميدان التربوي ، وليعرف بالتالي أساليب وطرائق حل تلك المشكلات ، وكذا هي المسلك الذي يجتازه ويخترقه الطالب المعلم ليقف على أنماط ونوعية العلاقات السائدة بين جميع أطراف المجتمع التربوي ، وليقف كذلك على النظم واللوائح وأمور الضبط والربط اللازم لسير العملية التربوية في طريقها الصحيح .

3- ينال الطالب المعلم قسطاً وافراً وكبيراً من التوجيهات على يد المشرف المسئول عن توجيهه ، أيضاً قد ينال توجيهات جانبية مفيدة من كل من ناظر المدرسة والمدرسين الأصليين بالمدرسة ، وهذه وتلك تسهم في نمائه المهني ، وتعده بطريقة صحيحة ليتحمل المسئولية كاملة في المستقبل القريب .

4- تعد التربية العملية خبرة فريدة في نوعها وعظيمة في شأنها ، عالية في قدرها لأنها تتيح "للطالب المعلم" الفرص لتنمية مايلي :

( أ ) علاقة عمل مباشرة بينه وبين كل من :

- المشرف المسئول عن توجيهه أثناء التدريب .

- المعلمون بالمدرسة التي يتم فيها التدريب .

- إدارة المدرسة ممثلة في المدير والوكيل والإداريين وأيضا الفنيين الذين يعملون في المدرسة التي يجرى فيها التدريب .

- الطلاب الذين يتدربون معه بالمدرسة .

(ب) علاقة تعاون مثمرة ومفيدة بين: الطالب والمعلم ، وبين الأطراف الأخرى التي سبق التنويه عنها في ( أ ) من ناحية ، وبين الطالب المعلم وبين التلاميذ الذين يتعلمون على يديه من ناحية ثانية .

وأخيراً هي الموقع المناسب لمعرفة "الطالب المعلم " لجميع تفصيلات ودقائق وطرق تنظيم المنهج المدرسي ، فيدرك نواحي القوة والضعف في بعض جوانبه ، وبالتالي يدرك الأسباب التي قد تدعو إلى تعديل بعض جوانبه أو تغييره كلية .

على ضوء ما تقدم تكون التربية العملية هي الميدان الذي يحتك فيه "الطالب المعلم " بالقضايا الحيوية التي سوف يتعامل معها عندما يتحمل مسئوليات المهنة بالكامل .

إن مستوى أداء "الطالب المعلم" في التربية العملية سوف يكشف عن مدى الكفاءة في أداء الأعمال التي ستوكل أو تسند إليه مستقبلاً .

والحقيقة أن تفوق الطالب المعلم في الجانبين الأكاديمي والتربوي ليس شرطاً ليكون متفوقاً في عمله المستقبلي ، وليس مؤشراً على نجاحه في مهنته التدريس على أكمل وجه مستقبلاً ، إن المقياس الحقيقي الذي من خلاله يمكن الحكم بأن الطالب المعلم سيكون بالفعل من صفوة المعلمين المختارين والممتازين في مهنة التدريس هو مستوى أدائه للتربية العملية بطريقة منظمة، وبتفوق ونجاح كبيرين .

وما تقدم لا يعنى بأي حال من الأحوال الإقلال من شأن السيطرة على الجانبين الأكاديمي والتربوي . إذ أنهما السند الرئيس الذي يعتمد عليه المعلم في عمله . وإنما يعنى فقط أن التفوق النظري في الجانبين الأكاديمي والتربوي لا يكون له معنى ما لم يترجم ترجمة صادقة عند أداء المواقف التدريسية داخل حجرات الدراسة ، وبالإضافة إلى ما سبق لن يستطيع المعلم أن يكون ناجحاً حقيقياً ما لم يكن مسيطراً سيطرة تامة على الجانبين : الأكاديمي والتربوي لذا فإن التربية العملية هي الميدان الذي من خلاله يستطيع الطالب المعلم الكشف عن مدى تفوقه في المواد الأكاديمية سواء أكانت عملية أو أدبية ، والكشف عن توظيفه للمواد التربوية المختلفة بكفاءة في المواقف التدريسية.

والخلاصة لا يستطيع " الطالب المعلم " الناجح الاستغناء عن أي من الجانبين الأكاديمي والتربوي إذ أن الأداء الممتاز في التربية العملية يعتمد عليها ، مع مراعاة أن ذلك الأداء يكشف عن القدرات التدريسية الحقيقية المستقبلية للطالب المعلم .

وفى ضوء ما سبق عن طبيعة التربية وأهدافها العامة ، يمكن القول أن التربية العملية ليست مجرد تدريب على مهارات التدريس وفقط ، وإنما هي في واقع الأمر وبمفهوم أوسع وأشمل نمط من الخبرة الواقعية التي يتعلم بها ومن خلالها الطالب المعلم عن طريق كل من المحاولة والخطأ والإشراف التربوي الدقيق من جانب المشرف التربوي الأمر الذي يحتم على الطلاب المعلمين استثمارهم على نحو تام والاستفادة منها ومن الأطراف المشاركين فيها .

الأطراف المشاركة في التربية العملية ومراحله

تتعدد الأطراف المشاركة في التخطيط والتنفيذ والتقويم للتربية العملية ، ويتوقف نجاح التربية العملية على مدى التعاون والتنسيق بينهم ، وفيما يلى عرض للأطراف المساهمة في التربية العملية مع شرح مبسط لمهام ومسئوليات هذه الأطراف :

أولا :- كلية التربية  :

تسعى كلية التربية "إلى تحقيق أهدافها المحددة والتي يضعها مجلس الأزهر ، تلك الأهداف التي أنشأ من أجلها القسم ، ومن بين هذه الأهداف إعداد المعلم المتخصص في مجال اللغة العربية للمراحل التالية :

·                     الابتدائية .

·                     الإعدادية .

·                     الثانوية .

حيث يتولى القسم وضع الخطط الدراسية المرتبطة بمجال تخصصه ، وتتم الموافقة عليها من قبل الكلية والجامعة . ومن بين مهام القسم الإشراف على التربية العملية بوصفها ركنا أساسيا من أركان برنامج إعداد المعلم قبل الخدمة بقسم التربية  بالكلية ، كما يتولى القسم وعن طريق شئون الدراسة الاتصال بالجهات التعليمية سواء بوزارة التربية والتعليم تنسيق عملية ممارسة الطالبات للتربية العملية واختيار المشرفين ، ومتابعة سير التربية العملية .

ثانيا : طالبات التربية العملية :

وهن الذين يجرى إعدادهم عمليا لممارسة مهنة التدريس من خلال التدريب الميداني والذي يتيح لهم التدريب العملي فرص ومواقف متعددة من شأنها الإسهام في تفهم الحياة المدرسية بجوانبها المختلفة .

ثالثا : المشرفون على التربية العملية :

يجرى اختيارهم في ضوء معايير محددة من قبل المسئولون على التربية العملية ويشترط فيهم الخبرة السابقة بالإضافة إلى المؤهلات الأكاديمية والتربوية ويقابل هذه الأطراف أطراف أخرى ترتبط مباشرة بالميدان مثل الإدارات التعليمية التابعة لوزارة التربية والتعليم ثم المدارس بكل إدارة تعليمية ثم معلمي الفصول الدراسية وأخيرا طلاب وطالبات المدرسة .

مسئوليات الأطراف الرئيسية في عملية التربية العملية :

يمكن عرض مسئوليات الأطراف الرئيسية في عملية التربية العملية على النحو التالي :

 

أولا : مسئوليات الطالبة المعلمة :

يجب على طالب التربية العملية مايلي :

·    الالتزام بقواعد وآداب العمل في مدرسة أو معهد التدريب والحرص على تمثيل كلية الإعداد خير تمثيل وإقامة علاقات مهنية قائمة على الاحترام المتبادل مع العاملين بالمدرسة.

·    الالتزام بتوجهات المشرف الفني ومناقشته في كل ما يقدمه لكي من اقتراحات وما يقابلك من مشكلات ، فالمشرف الفني معلم قديم له خبراته التي يمكن الاستفادة منها.

·    العمل على تطبيق ما تعلمته في الكلية من مفاهيم وإجراءات وطرق واتجاهات تربوية أثناء ممارسته للتدريب العملي حتى تصبح مكونا أساسيا من مكونات شخصيتها كمعلمة.

·    ملاحظة العمليات التي تدور في مدرسة التدريب سواء ما كان منها متصلا بالإدارة المدرسية ، الإشراف على التلاميذ ، الامتحانات ، التوجيه الفردي والجماعي للطلاب، جماعات النشاط .

·    الإسهام في تقديم بعض الخدمات المناسبة مثل المعاونة في الإشراف ( على طابور الصباح أو إحدى الجماعات المدرسية أو الاشتراك في الحصص الاحتياطية ) وإنتاج بعض الوسائل التعليمية ، أو القيام برحلات مدرسية .

·    الالتزام بالجدول المخصص لها ومواعيد الحضور والانصراف من المدرسة ولا يتغيب عنها إلا للضرورة القصوى وبعذر مسبق يوجه للمشرف أو لمدير المدرسة .

·          الاهتمام بمصلحة التلاميذ ، وتستجيب بموضوعية وإنسانية لحاجاتهم ، وأن تكون نموذجا لهم .

ثالثا : مسئوليات المشرف الفني :

يهتم القسم باختيار المشرفين الفنيين على الطالبات في التربية العملية في السنة الثانية والثالثة والرابعة .

والمشرف الفني عادة ما يكون من أساتذة القسم بالكلية إلى جانب الاستعانة بالمشرفين من التربية والتعليم ومن الخارج سواء أكانوا مستشارين للمواد الدراسية أو موجهين عاملين بوزارة التربية والتعليم والمعاهد الأزهرية .

ومسئوليات المشرف الفني يمكن تحديدها على النحو التالي :

·    التعرف على فلسفة وأهداف برامج إعداد "الطالبة المعلمة" بكلية الدراسات الإنسانية "قسم التربية "جامعة الأزهر .

·          التعرف على فلسفة وأهداف مدرسة التدريب وخلفية معلميها ومدرسيها والبيئة التي تقع بها مدرسة التدريب .

·    التعاون مع كلية الإعداد ومدرسة التدريب في وضع الخطط المناسبة لضمان حصول الطالبة على تدريب ميداني يتميز بالجدية والحرص على تحقيق الأهداف المنشودة من التربية العملية .

·    الإشراف المباشر والفعلي على تدريب الطالبة وتعريفها بمسئولياتها وأدوارها داخل مدرسة التدريب ، وتوزيع الجدول اليومي عليها ، وتهيئتهن للتدريس الفعلي من خلال دروس الملاحظة والنقد لمعلمي المدرسة ، ثم دروس الملاحظة والنقد للطالبات المعلمات .

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1130 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,597