جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الناقد: أ./ محمد المهدي.
.....بداية ،ساسطر الخطوط العريضة لهذا التحليل المتواضع،وسأعمد إلى مقاربة نص الشاعرة ،متتبعا الخطوات المنهحية التالية :
1-توطئة تارخية ،أسلط فيها،بإيجاز
ودقة،الضوء على الصراعات المذهبية والطائفية ،عبر التاريخ،وذلك حسب ما يتناسب والمقام.والسياق..
2-دراسة نصية للقصيدة من زاوية المستوى الدلالي:
* ماذا قال النص؟
* ماهي فقراته التي تشكل ركيزته التي، على أساسه،قام هذا الكائن الزئبقي؟
* كيف قال النص ما قاله؟
من حيث الصور ،والبنية الإيقاعية.
*ما هي الظروف التي أنتجته؟
.................................................
1-مدخل تمهيدي:
منذ بدء الخليقة،والصراع قائم على أشده،محتدما،بين الخير وملائكته، وأنصاره من جهة،ونزعة الشر وشياطينه وأبالسته من جهة أخرى..
والعصبية -كما هو معلوم-حطب لها لإذكاء النار .والنار بالعودين تذكى...والحرب أولها الكلام..
والانتماء إلى جنس او لون او عشيرة أوشعب ،على أساس من رابطة الدم ،أولا ،ثم تطورت الأمور،مع نشاأة الوعي الجمعي،والعيش في ومجتمعات،لمواجهة الخطر الخارجي، وكذا قساوة الطبيعة،بوحوشها المفترسة الضارية...ودرءا لشر بينهما..
ومع مرور الزمن ،وانتقال الإنسان من التفكير السحري إلى التفكير الديني، فالعلمي . تطورت أدواته الحربية ،من حجارة وعظام ،إلى حديد،سيوفا ورماحا..منجنيقا وراجمات....
في المجتمع الجاهلي،كانت العصبية القبلية،والانتماء إليها،يحتمان على المرء نصرة أخيه ،ظالما او مظلوما.
يقول احدهم:
وما انا إلا من غزية،فإن غوت،
غويت،وإن ترشد ،غزية،أرشد.
وما أكثر ايام العرب.!وتطاحناتهم.لآماد قد تصل إلى أربعين سنة..على سباق او ناقة..!
في بيئة صحراوية قاسية، يشح فيها الماء.ومنابت الكلإ..وقد نستنزله إن كان شعرا من وجه شاعرتنا الملقبة بزخات المطر...
جاء الإسلام فوحد العرب وجعلهم أمة واحدة،وحلت رابطة العقيدة محل رابطة الدم والنسب والمصاهرة...ودانت امبراطوريتي ،الفرس والروم ...
وبدا الصراع حول الخلافة ،بعد اغتيال عثمان،واحتدم بين علي ومعاوية. وفي معركة صفين،لم ترض فرقة من جيش علي بالتحكيم،فشقوا عصا الطاعة،وخرجوا عليه ،وسموا الخوارج...وحاربهم....وحقنا للدماء تنازل الحسن بن علي لمعاوية.ولما استتب له الأمر تحايل على النصوص،فأنشا أول خلافة وراثية ،في تاريخ الإسلام،فوصى لابنه يزيد من بعده.في أول تحد صارخ لمبدإ الشورى:"أمركم شورى بينكم"
وما كان لعبد الله بن الزبير والحسين بن علي،شهيد كربلاء، إلا ان ثارا على يزيد...تاريخ مليء بالحروب والمؤامرات والدمار...
وبعد سقوط دولة بني. امية بدمشق سنة132هجرية،
نشات الدولة العباسية،ببغداد،واشتد الصراع من جديد بين العباسيين وبني عمومتهم من العلويين،إذ كانت الدعوة لآل البيت في البداية.
هكذا تفرق العرب أيدي سبإ بعد سيل العرم وتحطم مأرب،وأصبحوا هشيما تذروه الرياح،رياح العصبية/ الغول والعنقاء.من جديد...
وذهبت بهم العصبية كل مذهب ،كل يبكي على ليلاه...هذا يبكي الديار وسعاد ببغداد...وذاك يبكي البابلية على ضفاف دجلة والفرات....
هذا من شيعتي،وهذا من عدوي.
وذاك سني..وما الشيعة إلا من صنيعة اليهودي اللعين عبد الله بن سبإ.أنشأه مذهبا للتفرقة،وفق مبدإ."فرق تسد"....
وهو مذهب رعاه الشيعة من فرس وعرب وروافض.. وهم من خذلوا عليا وبنيه...فكان ما كان...
ولله في أمره شؤون...
ألا ترى هؤلاء على مذهب مالك،وهؤلاء على مذهب الشافعي...وأولائك حنابلة، والآخرون على مذهب أبي حنيفة.كل على طريقته في فتاواه وفقه نوازله...
ثم هبت رياح الشعوبية ،أنا عربي وأنت عجمي.أنا أبيض وأنت اسود...
فثورة الزنوج والقرامطة والفرس والأتراك والبرامكة، ونكبتهم على يد الرشيد،والمماليك والفاطميين والبويهيين..و قس على ذلك...في كل أصقاع العالم العربي..
ظهر المعتزلة والأشاعرة والجماعة والسنة..سبعون فرقة أو يزيدون...زيدية،إمامية...جهمية..
كلها حطب يؤجج الصراع،ويزرع الفتن ويغذي رحى الحرب والاغتيالات والظلامية والدسائس ....
وما اشبه الليلة بالبارحة! على حد قول طرفة
فبعد الحروب التي لا تخمذ إلا لتنشأ.،بين الإخوة الأعداء،زرع "بلفور"،بوعده المشؤوم،سرطانا وورما خبيثا ،مستعصي الشفاء،في بقعة طاهرة عزيزة مقدسة،فلسطين الحبيبة، مهد النبوات والقدس الشريف،وبيت لحم والقطاع...قلبت الموازين،واختلت المعادلة،واحتدم الصراع،في مسلسل درامي معلوم.مأساة شعب مهجر،سلبت أرضه وعاش في الشتات موزعا بين مخيمات هنا وهناك ، هناوهناك،فعرفت المنطقة جراء ذلك تطاحنات وحروبا...
ولبنان الجريح أدى ويؤدي الثمن غاليا،ضريبة الانتماء.وهو البلد المسالم"،سويسرا وفيينا" العرب...فاشتعل به أوار المذهبية والطائفية.
ما كل هذا الكلام ،في هذه التوطئة؟
وما محله من الإعراب؟
إنه ،بكل بساطة ،جسر للمرور إلى نص شاعرتنا المتمردة /المشاكسة/المدمرة/الغاوية/الغانية/الطاغية/العاشقة الخائنة/حاملة مشعل السلام،حمامة بيضاء،في سماء لبنان...
ولمعانقة الواقع،نشأ الشعر السياسي،عبر العصور
الأدبية ،لتوجيه انتقادات للواقع ولتصويره ،والتعصب طبعا لفئة أوحزب،ولمعانقة القضايا والتعبير عن آمال وآلام الشعوب وهمومها وحال ضياعها وتشرذمها وانقسامها؛في قالب فني يستنهض الهمم... وهذا ما نلمسه في شعر كل من مظفر النواب،نزار قباني،سميح القاسم،محمود درويش وأحمد مطر،على سبيل المثال لا الحصر.
وما شاعرتنا إلا من طينة هؤلاء،إلا انها تختلف عنهم من حيث الأسلوب والعاطفة.والقرب من بؤرة التوثر،بل تعيش يومها في هذه الفتتة وبين أحضانها،لذا نلمس قوة في إحساسها وصورها وتعبيرها...إنه أقوى وأكثر تأثرا وتأثيرا وتفاعلا مع ما يقع ويجري حواليها...ولا غرو فهي شاعرة متمكنة من أدواتهاوتملك حسا مرهفا ،ونفسا شفافة،وحاسة سادسة،"رادارا"/للإشعار والإنذار القبلي/المبكر....به تلتقط ،عبر ذبذبات أثيره كل التفاصيل والسكنات والحركات.
وما قصيدتها هذه،إلا نموذج حي لما يجري في وطننا من مؤامرات،خلف الكواليس،وفي واضحة النهار جهارا،من صراعات مصالح /طائفية ومذهبية وإرهابية...
إنها قصيدة تدخل في هذا الإطار....الشعر السياسي...الذي يلامس جراحات الوطن...والمكائد التي تحاك للوطن...نهارا جهارا...وفي الكواليس والخفاء استتارا...
ساحة النقاش