إسراء عبد الفتاح

أعتقد أن الفرق يجب أن يكون واضحاً بين خلط الدين بالسياسة وبين المشاركة المجتمعية الأهلية سواء كانت فى المناسبات السعيدة أو الحزينة، فالمشاركة المجتمعية تعطى انطباعاً بالتآلف والوحدة بين المواطنين، فالفارق كبير بين الحديث السياسى داخل المساجد ومن فوق المنابر وبين استخدام فرصة تجمع المواطنين فى المناسبات، للتهنئة والمشاركة واستغلال تجمع الناس، للإعلان عن كيان جديد يولد ويريد أن يرى النور فى عيون الأهل والجيران لا فى المقار المغلقة وبين أعضائه فقط، فقد ولد هذا الكيان الجديد من أجل الناس ومن أجل دعم قضاياهم. والفارق أيضا كبير بين من يربط التصويت والانتخابات والاستفتاء على تعديلات دستورية بدخول الجنة والنار وثواب الله وعقابه وبين من يستقبل الأهالى فى الساحات المخصصة للاحتفال لتقديم نفسه، حاملا التهنئة فى يد والتعريف بالكيان الذى يمثله فى اليد الأخرى.


فالآن فقط - بعد تأخر زائد عن الحد - بدأنا ندرك أهمية المشاركة الأهلية للأحزاب والكيانات السياسية وتواجدها بين الناس وفى الشوارع، فقد كان مدخل الهجوم علينا هو بعدنا عن الناس وعن التواصل الحقيقى فى الشارع المصرى، وتهمة التعالى والنخبوية كانت لاصقة بالتيارات المدنية.. والآن بعد أن بدأنا نتخلص من هذا الهجوم وهذه التهم بخطوات بسيطة فى بداية الطريق تغير مدخل الهجوم واتجه إلى اتجاه آخر مفتعل بأننا نخلط الدين بالسياسة، لاستقبالنا المواطنين بعد تأديتهم صلاة العيد، دون أى استخدام لشعارات دينية، لكن بالأغانى الوطنية التى ينبعث منها اسم مصر ويردد الجميع نغمات حب الوطن، دون أى تحريض على اى اختيار مهما كان، لكن الجميع فقط وفقط يتبادل التهانى والخلفية الفنية «بانر» لحزب الدستور والخلفية الموسيقية صوت على الحجار يغنى لمصر أم الدنيا.


نحن الذين طالبنا دوما بأن يتم الفصل بين الدين والسياسة. واتهم الكثير منا بأنه يقطر حقدا وكرها للإسلام، والله يعلم ما فى القلوب. تحدثوا باسم الدين واستخدموا شعارات دينية وصوت لهم البعض حبا فى الدين، فمن الصعب الآن أن يعتقدوا ويتخيلوا أننا سنستحل لأنفسنا أن نستخدم الأسلوب نفسه الذى نقدنا به غيرنا نقدا لاذعا.


لقد كانت سعادتى كبيرة، بعدما قرأت تصريحات دكتور حسن البرنس، القيادى الإخوانى، فيبدو أن تواجد غيرهم بين الناس فى الشوارع قد أزعجهم وأثار مخاوفهم ويبدو أنهم يعلمون فى قرارة أنفسهم ألا سلاح لهم ولا قدرة لهم على التأثير، إلا من خلال الخطاب الدينى، فقد حلمت دوما أن يبدأ التيار المدنى فى الإعلان عن نفسه بالعمل الحقيقى الجاد فى الشارع المصرى، وأن يقول (نحن) وألا يرتكز فقط على مهاجمة الآخرين بقول (هم)، وقد كانت الآن الخطوات الأولى نحو ذلك.. وعلى النقيض بدأ التيار الإخوانى أن يقول (هم)، ويهاجم الآخرين ويعطى للجميع الإحساس بأنه لم تعد لديه القدرة على قول (نحن)، بعد أن أصبح يملك السلطة، فلا أحد يستطيع أن يتنبأ لمن سيقدم العزاء فى الانتخابات المقبلة، فالموت والحياة بيد المولى عز وجل، حتى لو كان سقوطا أو نجاحا فى الانتخابات.. فلن يتوقف الشعب المصرى عن إبهارنا بمفاجآته غير المتوقعة.

 

المصدر: المصرى اليوم
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 131 مشاهدة
نشرت فى 26 أغسطس 2012 بواسطة kalamtha2er

عدد زيارات الموقع

420,577

تسجيل الدخول

ابحث