هناء أبوالقاسم
أعلن الكثير من خبراء العلوم السياسية توقعهم حدوث صراعات بين الأحزاب الدينية متمثلة في حزب الإخوان المسلمين والتيار السلفي علي السلطة مستقبلاً. رغم انتماء الاثنين للتيارات الإسلامية وتحقيق الإخوان المسلمين النسبة الأكبر من مقاعد البرلمان بنسبة 65% والسلفيين بنسبة 22% وإعلانهم مراراً وتكراراً عن تعاونهم معاً. فهل سيحدث تعاون أم تنافر بين هذه التيارات الإسلامية.. وهل يتحول أصدقاء الأمس إلي أعداء في المستقبل بسبب لعبة السياسة مثلما حدث مع قطز وبيبرس.
تري الدكتورة نهي بكر- أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة أن الصورة ليست واضحة الآن فالأغلبية للتوجه الديني والذي يشمل علي تياري الإخوان المسلمين والسلفيين الإخوان لهم تجربة منذ عام 1928 وقت تأسيس هذه الحركة فلقد عانوا أشد المعاناة أما الآن فقد حان الوقت لأن يكون لهم دور سياسي وهذه فرصتهم ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل الإخوان مستعدون الآن لإشراك السلفيين رغم اختلافهم عنهم أيدلوجياً؟. وهل يمكن أن تذوب هذه الاختلافات ويحدث تحالف معهم وبالتالي يصبح مجموع الإسلاميين تحت قبة البرلمان 80%. أما الأمر الثاني فمن الممكن أن يستخدم الإخوان المسلمون السلفيين كفزاعة بمعني أن يعلن الإخوان أنهم تيار معتدل مقارنة بالتيار السلفي في قضايا السياسة والعلاقات الدولية حتي علي المستوي القومي وقضايا المرأة فجزء كبير من الإخوان أكثر اعتدالاً في هذه القضايا. أما السلفيون فلقد أعلنوا صراحة عن تشددهم تجاه المرأة فالوضع الآن ليس واضحاً ولن يظهر إلا بعد المرحلة الثالثة بالانتخابات فلو حصد الإخوان مقاعد أكثر كما حدث في المرحلتين الأولي والثانية فلن يحتاجوا إلي السلفيين وستكون المعارضة من السلفيين والليبراليين وستتخبط هذه القوي مع بعضها البعض من ناحية ومع الإخوان المسلمين من ناحية أخري.
أغلبية مطلقة
يؤكد الدكتور محمد سيد أحمد.. أمين الشئون السياسية بالحزب الناصري أن هذا التنبؤ ليس بجديد. فمن ناحية الأحزاب الدينية استطاع الإخوان المسلمون والسلفيون تحقيق نسبة 40% و20% علي الترتيب فكل الأمور تؤكد أن التيار الديني سيسيطر علي البرلمان القادم وبالتالي فقد تشكل هذه الأحزاب الدينية كتلة واحدة في مواجهة الأحزاب المدنية وهذا سيكون لصالح التيار الإسلامي بشكل عام. وبصفة عامة فإن الجماعة السلفية خرجت من تحت عباءة الإخوان وبالتالي فهناك تقارب فكري بينهم وإن كان الإخوان يمثلون الحزب المعتدل والسلفيون الحزب المتشدد.
يضيف: المعروف أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة براجماتية وانتهازية وتجيد عقد الصفقات. فمنهم من كانوا يعقدون الصفقات مع مبارك وأمريكا لذا فمن الممكن أن يشكلوا كتلة مع بعضهم البعض. وأعتقد أنه لن يكون هناك صراع بينهم لأن الإخوان أغلبية مطلقة والسفيون لن يحظوا إلا ب 22% وبالتالي لن يستطيعوا مصارعة الإخوان ولن ينجحوا في ذلك لو فعلوا.
اللعبة السياسية لن يكون بها صراع في البرلمان بل ستكون هناك تواقفات خاصة أن القضايا التي يتبناها الإخوان والسلفيون متعلقة بالملبس والمرأة وهذه أشياء يرفضها الشعب المصري والذي لم ينتخبهم للخلفية الدينية بل لتوفير الحاجات الأساسية فالخلفيات الفكرية والسياسية لا تهم المصريين ولكن ما يهمهم ماذا ستقدم لنا خاصة أن هناك من 60% إلي 70% يعيشون تحت خط الفقر. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يستطيع الإخوان والسلفيون بعد وصولهم للسلطة أن يقدموا مشروعاً يحقق مطالب الثورة مثل تحقيق العدالة الاجتماعية؟ أشك في ذلك!
تركة ثقيلة
يكمل الدكتور عبدالفتاح حسن- عضو لجنة المؤتمرات لحزب الحرية والعدالة المرحلة التي نمر بها الآن هي بناء لوطن وليست موضع مغانم يهرول إليها أحد. بل هناك تركة ثقيلة خلفها النظام السابق. وبالتالي كل من يتقدم سيكون عليه حمل هذه الأمانة الثقيلة والتي ليست موضع صراع وسوف يحكمنا الصالح للوطن. فحزب الحرية والعدالة مقتنع تماماً بأننا سنتحالف مع هذا أو ذلك لمصلحة الوطن العليا وليس طمعاً في السلطة. وإذا كان هناك سعي منا إلي المجالس التشريعية أو تقلد بعض المناصب التنفيذية فهذا لخدمة الوطن وليس للغنيمة وليست هناك حروب بيننا إنما مسئولية جسيمة نسأل الله لمن تسند إليه سواء كان ليبرالياً أو سلفياً أو إخوانياً أن يؤديها علي أكمل وجه ثم إذا حدث أي تكالب علي السلطة لن يقبل الشعب بذلك وسيلفظ من يقوم به إلي سلة المهملات. فعين الشعب ستراقب وسيحكمون علي من يقوم بذلك بالفناء والإعدام والشعب سيكون هو مصدر السلطات من جديد.
فرق كبير
يشير محمد هاشم- باحث في شئون الجماعات الإسلامية إلي أن التيار الإسلامي السياسي ليس مصنوعاً من قماشة واحدة. فبتحليل مواقف حركة الإخوان المسلمين والمنظمات السلفية نجد جدول أعمال مختلفاً تماماً في المواضيع الاجتماعية والاقتصادية وأيضاً في المجالات الخارجية والأمن. مع أن الطرفين يؤمنان بأن تطبيق الشريعة الإسلامية أساس التشريع إلا أن التفسير الفقهي الذي يتبناه الطرفان يؤدي إلي مواقف متباعدة الاختلاف. فالإخوان المسلمون متمثلون في حزب الحرية والعدالة يتطلعون إلي تطبيق التصريحات التي يكثر زعماؤه من نشرها. وتحويلها إلي خطط عملية لإصلاح الوضع الاقتصادي والمالي الخطير. وحل مشاكل البطالة وضائقة الخدمات العامة.
أما الحركات السلفية فلا يخفون تطلعهم لتحويل مصر إلي دولة تسير حسب تفسيرهم المتشدد للشريعة الإسلامية فهم يسعون عملياً لتحويل مصر إلي دولة دينية.
ومن هنا قد تحدث الاختلافات في وجهات النظر وتحاول كل حركة من ناحيتها أن تسيطر علي الحكم.
يضيف المفكر جمال أسعد: أعتقد أن هذ ا الصراع مؤجل حتي إذا كان هناك اختلاف ما ينذر ببوادر صراع علي السلطة فهناك ظروف تؤجل هذا الصراع الآن حتي لا ينفجر أبرزها أن الإخوان المسلمين مسيطرون علي مقاعد البرلمان بنسبة 56% بينما سيطر السلفيون بنسبة 20%. كما أن خبرة الإخوان المسلمين السياسية تتفوق عليهم والسلفيون يعلمون أن مسئولية الحكم ثقيلة وتحتاج إلي طرق ومناهج واستراتيجيات. كل هذه العوامل التي يمتلكها الإخوان لا تتوافر لدي التيار السلفي. ولذلك يحاول ببعض قياداته أن يتعلم كيف يشارك في الحكم فإما يحدث نوع من التوافق بينهم في المرحلة القادمة أو يتم انتهاز يعطي الفرص لاستقطاب الشارع الإسلامي حيث يعتبر كل تيار نفسه حامي الشريعة الإسلامية وأعتقد أن هذه الخلافات لا تؤدي إلي صراع ومواجهة خاصة أنهم يشتركون في وحدة الأيدلوجية الإسلامية وتطبيق الشريعة. ثم إن عقلاءهم سيمنعون هذه التناقضات حتي لا ينكشف أمر الاثنين أمام الرأي العام بأنهم يسعون لمواقع سياسية وليس لتطبيق الشريعة الإسلامية.
مصاعب كبيرة
من ناحيته يؤكد محمود أباظة- رئيس حزب الوفد الأسبق علي رغبته أن يتوقع الإسلاميون السلطة لأنهم سيتعرضون لمصاعب كبيرة لأن حجم المشكلات التي تواجهها مصر الآن ضخمة وقد نفد صبر المصريين فلم يصبروا علي المجلس العسكري- في رأيه- إلا تسعة أشهر حتي الآن ولن يصبروا أكثر من هذا فهناك تحديات أولها ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية وإلغاء معاهدة السلام.
أضاف: أتوقع أن يحدث صدام بين حزبي النور السلفي والإخوان المسلمين وهذه التوقعات استخلصها من ممارسات الأحزاب الدينية. فجميعها أحزاب تتصارع أيدلوجياتها في معظم البلدان مثل الصومال والعراق وأفغانستان وهناك تجارب لدول إسلامية تثبت ذلك. وأتساءل ماذا حقق الإسلاميون في مصر بعد فوزهم في النقابات والأندية وهيئات التدريس بالجامعات.
نشرت فى 9 يناير 2012
بواسطة kalamtha2er
عدد زيارات الموقع
420,793