د. حازم مطر
حياته: ولد جون لوك في انكلترا عام 1632 في منطقة بالقرب من بريستول, كان أبوه محامياً خاض غمار الحرب الأهلية دفاعاً عن البرلمان, فنشأ الابن على حب الحرية، وظل متعلقاً بها إلى آخر حياته دخل أول مرة في مدرسة ((وستمنستر)) ومكث بها ستة سنين تلقى اللغات ولما بلغ العشرين دخل أكسفورد وقضى بها ست سنين يتابع الدراسات المؤدية إلى الكهنوت, لكنه لم يهتم بالفلسفة ألا حين قرأ ديكارت وجساندي, ودرس الطب ونشر رسالة في التشريح سنة 1688 وانتخب عضواً في الجمعية الملكية, اضطره النزاع بين حزب البرلمان وتشارل الأول إلى مغادرة إنكلترا فقدم إلى فرنسا مرتين 1672، 1675 ثم ذهب إلى هولندا سنة 1683 حتى نشوب ثورة 1688 عاد إلى وطنه في السنة التالية فعرض عليه الملك الجديد السفارة لدى براند ينورغ فطلب إعفائه بسبب حالته الصحية, ثم اعتزل الخدمة وفي هذا الشطر من حياته ساهم في جميع الحركات الفكرية التي كان يضطرب بها عصره وصنف بها كتبا هي ((رسالة إلى الاكليروس)) و((خواطر في الجمهورية الرومانية)) و((في التسامح)) و((الحكومة المدنية)) و((خواطر في التربية)), وكانت شهرته قد ازدادت حتى عرفت أوربا كلها أنه ينصر الحرية.
آرائه في العقد الاجتماعي: ينطلق لوك من فكرة مفادها أن الإنسان يولد وعقله على الفطرة ثم تجيء خبرته فتصبح الفطرة مكونة بذلك مصدر معرفته أي أنه ينكر فطرية الأفكار في العقل الإنساني ومادام الناس يولدون بلا مورثات عقلية، فهم سواسية لا يفرق بينهم إلا نوع تربيتهم, يعتبر لوك أحد مؤسسي المذهب الحر الجديد, فهو يعارض هوبز في تصويره الإنسان قوة غاشمة، وتصوره حال الطبيعة حال توحشي يسود فيها قانون الأقوى – ويذهب إلى أن للإنسان حقوق مطلقة لا يخلقها المجتمع، وان حال الطبيعة تقوم في الحرية، أي أن العلاقة الطبيعية بين الناس علاقة كائن بكائن حر تؤدي إلى المساواة, والعلاقة الطبيعية باقية بغض النظر عن العرف الاجتماعي، وهي تقيم بين الناس مجتمعاً طبيعياً سابقاً على المجتمع المدني وقانوناً طبيعياً سابقاً على القانون المدني, يرى لوك أن الإنسان ((الحاذق العاقل)) وليست الطبيعة، في أساس كل ماله قيمة تقريباً إذ أن الملكية الطبيعية (خيرة) ليست بالنسبة للمالك ولكن بالنسبة إلى كل البشرية, من يمتلك أرضا بعمله لا ينقص بل يزيد بالموارد المشتركة للجنس البشري, ان أكبر سعادة تقوم لا على التمتع بالملذات الكبرى بل على تملك الأشياء التي تعطي أكبر السعادة، وهو بهذا يعرف ((المتعة الرأسمالية)) على حد تعبير ((ليوستروس)), ومن أجل ضمان الملكية يخرج الناس من الحالة الطبيعية ويكونون مجتمعاً مدنياً غايته الأساسية المحافظة على الملكية، ويقول ((لوك)) كل حكومة لا غاية لها غير الحفاظ على الملكية من خلال الإرادة والتشريع لا الحكم.
ويفرض التزامات متقابلة, فينبغي على الشعب أن يكون عاقلاً مدركا, فالمخلوقات العاقلة وحدها تستحق الحرية السياسية, هذا العقد يفرض على الحكومة بعض الشروط والالتزامات, فإذا ما خرجت حكومة ما عن أحكام العقد وهددت الحقوق الطبيعية فإنه يكون من حق المحكوم في هذه الحالة أن يعيد النظر في ما أقدم عليه من خلق هذه الحكومة وله عند الضرورة القصوى أن يثور عليها, يرى لوك إن للمحكومين أن يثوروا إذا ما سلبت السلطة الحقوق الطبيعية وخصوصاً الحرية والملكية الفردية لكن استعمال حق المقاومة في نظره لا يهدف إلى تحقيق الأماني الشعبية بل إلى الدفاع عن النظام العام, وإن السلطة السياسية تراضي مشترك وعقد إداري، ذلك لأن أعضاء المجتمع متساوون عقلاً وحدية بخلاف الحال في علاقة الآباء والأبناء. فأساس المجتمع الحرية، والغرض من العقد الإجتماعي صيانة الحقوق الطبيعية لا محوها لمصلحة الحاكم كما يزعم هوبز، فلا يستطيع الأعضاء أن يتنازلوا إلا عمّا يتنافر في حقوقهم في حالة الاجتماع، ذلك هو حق الإختصاص. فالسلطة المدنية قضائية في جوهرها. لذلك لم تكن السلطة المطلقة الغاشمة مشروعة وإنما هي محض استعباد. والملك المستعبد خائن للعهد, والشعب في حلّ من ذلك.

أعجبني
janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2017 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

304,080
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية