تَقْبِيلُ اليد.
بقلم الباحث / محمد سعيد أبوالنصر
التَّقْبِيل.
التَّقْبِيلُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ :قُبْلَةُ الرَّحْمَةِ كَقُبْلَةِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ وَقُبْلَةُ التَّحِيَّةِ كَقُبْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَقُبْلَةُ الشَّفَقَةِ كَقُبْلَةِ الْوَلَدِ وَالِدَيْهِ وَقُبْلَةُ الْمَوَدَّةِ كَقُبْلَةِ الرَّجُلِ أَخَاهُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَقُبْلَةُ الشَّهْوَةِ كَقُبْلَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ قُبْلَةَ الدِّيَانَةِ وَهِيَ قُبْلَةُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. "
حكم تَقْبِيلُ اليد.
تَقْبِيل اليد من المسائل المختلف فيها بين أهل العلم ،فبعضهم أجازها كالإمام أحمد، والإمام النووي، وبعضهم كرهها ،كالإمام مالك .ولكل أدلته
أدلة من أجاز تقبيل اليد :
ذكر صاحب الفتاوى الفقهية الكبرى عدة أدلة على جواز تقبيل اليد قال :"وَالْحَقُّ أَنَّ تَقْبِيلَ الْيَدِ سُنَّةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لَمَّا رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ «الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ سَأَلَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التِّسْعِ الْآيَاتِ فَأَجَابَهُمْ قَبَّلَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا لَكِنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ زِيَادَةٌ
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ - قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَتِي أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبَّلْت يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ»
وَرَوَى أَيْضًا حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ فِي إتْيَانِ الشَّجَرَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ «ائْذَنْ لِي أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَك وَيَدَك وَرِجْلَك»
وَفِيهِ «ائْذَنْ لِي فِي السُّجُودِ لَك فَقَالَ لَا يَسْجُدُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ وَلَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا لِعَظِيمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا»
وَفِي حَدِيثِ «وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْهُمْ مَنْ سَعَى وَمِنْهُمْ مَنْ مَشَى وَمِنْهُمْ مَنْ هَرْوَلَ حَتَّى أَتَوْا إلَيْهِ وَأَخَذُوا بِيَدِهِ فَقَبَّلُوهُ»
إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطُّرُقِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَبَّلَ يَدَ الْعَبَّاسِ وَرِجْلَهُ."
-"وقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس، رضي الله عنهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم".
-وقبل أَبُو عُبَيْدَة يَد عمر"
وجاء في فتاوى النووي "يستحب تقبيل أيدي الصالحين وفضلاء العلماء، ويكره تقبيل يد غيرهم. ولايقبلُ يدَ أمردَ حسنٍ بحال ."
وجاء في الفتاوى الهندية "تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالِمِ وَالسُّلْطَانِ الْعَادِلِ جَائِزٌ وَلَا رُخْصَةَ فِي تَقْبِيلِ يَدِ غَيْرِهِمَا وهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. " وفي موضع آخر "ويسن تَقْبِيلُ مَا ذُكِرَ مِنْ نَحْوِ عَالِمٍ وَصَالِحٍ وَشَرِيفِ نَسَبٍ "
وجاء في مختصر الفتاوى المصرية "فَأَما تَقْبِيل الْيَد فَلم يَكُونُوا يعتادونه إِلَّا قَلِيلا ، وَرخّص أَكثر الْفُقَهَاء أَحْمد وَغَيره لمن فعل ذَلِك على وَجه التدين لَا على وَجه التَّعْظِيم للدنيا "
أدلة من أنكر ومنع تقبيل اليد :
كره الإمام مَالِكٌ تقبيل اليد "وأَنْكَرَ ذلك وَمَا وَرَدَ فِيهِ" وقيل في تعليل هذا " إنه لم يكن عن عادة الصحابة رضوان الله عليهم تقبيل اليد، ولا شك أنهم من أعظم الناس محبة للرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيراً له، وإنما كانوا يعتادون السلام والمصافحة أتباعاً لما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره وفعله. وأما ما ورد "أنه لما قدم عليه أصحابه من غزوة مؤتة قبلوا يده، وقالوا: نحن الفرارون. قال: بل أنتم العكارون" وما ورد في معنى هذا فإنما وقع نادرًا جدًا، وقد جوزه بعض الأئمة كالإمام أحمد إذا وقع ذلك لا على وجه التعظيم للدنيا. واشترط بعض الأئمة في ذلك أن لا يمد إليه يده ليقبلها ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، وذهب بعضهم إلى كراهة تقبيل اليد مطلقاً كالإمام مالك رحمه الله تعالى، وقال سليمان بن حرب: هي السجدة الصغرى.
وهذا إذا لم يفض إلى التعظيم والخضوع وتغير السنة.
أما إذا اقترن بمثل هذه الأمور التي تدخل في نوع من الشرك والبدع فلا يجوز أن ينسب إلى أحد من الأئمة تجويزه.
(وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي تَقْبِيلِ الْوَجْهِ) حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ قَالَ:" لَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلَ وَجْهَ الرَّجُلِ إذَا كَانَ فَقِيهًا أَوْ عَالِمًا أَوْ زَاهِدًا يُرِيدُ بِذَلِكَ إعْزَازَ الدِّينِ.