الشعراوي الفيلسوف المفسر ومفيد فوزي :
بقلم / محمد سعيد أبوالنصر
أحيانًا يظن الإعلامي أنه يعرف كل شيء، وأنه يجب أن يكتب ويتكلم في كل شيء ،ما يعرف وما لا يعرف ،وهنا تكون الكبوة ، والسقوط الى الهاوية ،والتردي من الجبل على قضبان من حديد تدغدغ دماغة ،وتكسر عظامه ،وعندئذ يصبح في العراء ،ويجد نفسه وقد فقد تاريخه وقيمته إن كان له تاريخ وقيمه ،وهذا ما حدث عندما تحدث الإعلامي حمدي رزق فقال عن الشعراوي "البعض يرى أن َّ الشعراوي زرع التطرف، والبعض يرى أنه سلب العقول، والبعض يرى أنه مهّد الأرض وخصّبها لكل التيارات المتطرفة اللاحقة، والبعض يرى أنه كان عالما مهما جدا وتاريخيا في تاريخ الحركة الإسلامية.. ثم سأل مفيد وقال له كيف رأيته؟. فرد قائلا "رأيت الشعراوي بتمييزي أنه أرضا خصبة لما جاء بعد ذلك، خصب وحرث الأرض لمن جاء بعده" هكذا جاء يا سادة وبلا حياء أو مواربة ،وإذا كانت حرية الصحافة لا بد أن تكون موجوده فلا يعنى هذا التطاول ،تطاول الصغار على الكبار ، وخاصة إذا كان هؤلاء الكبار في مصاف الشعراوي الفيلسوف والمفسر والأديب ،ورجل الدين ،والرجل الذي لاقي إجماعًا كبيرًا من الأمة ، واذا كان الإسلام يفرض المسلمين أن يحترموا غير المسلمين في المجتمع الإسلامي فأقل درجات مبادلة الاحترام من السيد مفيد والسيد حمدي أن يحفظا للرجل حرمته وتاريخه الكبير ،لكنهما أرادا من هذا الكلام هدم صورة القدوة الحسنة ،والعالم المتميز ،ورجل الدين المسموع الكلمة ،أو أنهما أردا بعبارة واضحة أن يسحبا من رصيد الرجل ،وأن يخلعا التقدير من قلوب المصرين جميعا مسيحين ومسلمين للعالم الجليل ،والشيخ الفاضل ،ثم أكمل مفيد كلامه المهين بأن الشعراوي كان لا يملك الا الإجادة اللغوية قال "كنت أشعر بأن الإجادة اللغوية لديه كانت أكبر من التفسير"، يعنى أراد أن يحول الشعراوي من إمام مفسر إلى مجرد رجل يعرف اللغة يستطيع أن يسحر بها قلوب العامة ،وهذا أبعد ما يكون عن الحق والواقع ،وتاريخ الرجل العلمي لا يحتاج الى الرد على هذا المفيد ومن استضافه ،أضف الى ذلك كون الرجل يتحدث في شأن إسلامي خالص ألَا وهو الحجاب، فالحجاب فريضة سماوية جات فرضيته في الكتاب المقدس والقرآن ولأنقل لك نصوصا من الكتاب المقدس تؤكد فرضية الحجاب جاء في العهد القديم": أن العروس عند زفافها كانت تضع برقعاً أو نقاباً على وجهها من قبل الاحتشام" ( )
وجاء في " سفر التكوين " عن " رفقة " ,أنها رفعت عينيها فرأت إسحاق فترلت عن الجمل وقالت للعبد : " من هو الرجل الماشى فى الحقل للقائنا، فقال العبد : هو سيدى، فأخذت البرقع وتغطت "( ).
وفى اليهودية المرأة لا تتزين إلا لزوجها فقط، يقول " ويل ديورانت " : " ولم يكونوا يرون باسا أن ينفق الرجل بسخاء على ملابس زوجته، ولكنهم كانوا يطلبون إليها أن تجمل نفسها لزوجها لا لغيرة من الرجال " ( )
ويقول الحاخام " مناجم أم براير " : إنه كان من باد النساء اليهوديات الخروج على الملأ بغطاء رأس، وأحيانا كان الوجه يغطى بالكامل وتترك عين واحدة للرؤية ( )
. ويظهر من هذا أن الديانة اليهودية تلتزم المرأة اليهودية بوجوب وضع غطاء على رأسها، وعليها الالتزام بثياب محتشمة حتى يثبت عفتها و شرفها وطهارتها في المجتمع الذى تعيشه، ويؤكد الحاخاميم والربانيم اليهود ضرورة التزام بالتحشم تأسياً بالسلف السابق والمواريث عليه فى العهود السابقة ،فتحصل على رضاء الرب .وجاء سفر الامثال " الْحُسْنُ غِشٌّ وَ الْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَّةُ الرَّبَّ فَهِيَ الَّتِي تُمْدَحُ. أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَكُنْ أَعْمَالُهَا مَصْدَرَ الثَّنَاءِ عَلَيْهَا) . ( )وجاء في رِسَالَةُ بُولُسَ الْرَّسُولِ الأُولَى إِلَى أَهْلِ كورونثوس اَلأَصْحَاحُ الْحَادِي عَشَر( وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغَطّىً فَتَشِينُ رَأْسَهَا لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6إِذِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ لاَتَتَغَطَّى فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً بِالْمَرْأَةِ أَنْتُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ فَلْتَتَغَطَّ.7 ) ( )هذا بعض حديث الكتاب المقدس عن الحجاب وكان الأجدر به أن يلتزم بما جاء فيه ،إن الحديث عن الحجاب يثير مشاعر المسلمين في مصر والعالم كله. وهو وإن لم يلتزم بما جاء في كتابه المقدس فهذا شأنه وكان عليه ألا يقحم نفسه فى قضايا دينية إسلامية هو غير معنى بها لأنها من صميم الدين الإسلامي ». وكما وضحنا الإسلام وغيره من الديانات يقولون بفرضية الحجاب، وأنها قضية إسلامية ثابتة ومفروضة.
إنَّ الرجل بكلامه هذا أراد أن يهدم قيمة كبيرة وعلمًا من أعلام الأمة فالإمام الشعراوي يُعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ حيث عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، ولقبه البعض بإمام الدعاة.
وهذه نبذه عن حياته
مولده وحياته العلمية
ولد محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام 1922م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون. كانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم. وهذا ماقاله فضيلة الشيخ الشعراوى في لقائه مع الصحفي طارق حبيب
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثرمن مرة وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م.
أسرة الشعراوي
تزوج محمد متولي الشعراوي وهو في الثانوية بناء على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة. وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين والمحبة بينهما.
حياته العملية
تخرج عام 1940م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م. بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة في جامعة أم القرى.
اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع. وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود. وعلى أثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية، وعين في القاهرة مديراً لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون. ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967، وقد سجد الشعراوى شكراً لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر -و برر ذلك "في حرف التاء" في برنامج من الألف إلى الياء بقوله "بأن مصر لم تنتصر وهي في أحضان الشيوعية حتى لا يفتن المصريون في دينهم" وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة وعين مديراً لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلاً للدعوة والفكر، ثم وكيلاً للأزهر ثم عاد ثانية إلى السعودية ، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.
وفي نوفمبر 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.
اعتبر أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل حيث أن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
وفي سنة 1987م اختير عضواً بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين).
المناصب التي تولاها
عين مدرساً بمعهد طنطا الأزهري وعمل به، ثم نقل إلى معهد الإسكندرية، ثم معهد الزقازيق.
أعير للعمل بالسعودية سنة 1950م. وعمل مدرساً بكلية الشريعة، بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
عين وكيلاً لمعهد طنطا الأزهري سنة 1960م.
عين مديراً للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961م.
عين مفتشاً للعلوم العربية بالأزهر الشريف 1962م.
عين مديراً لمكتب الأمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون 1964م.
عين رئيساً لبعثة الأزهر في الجزائر 1966م.
عين أستاذاً زائراً بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970م.
عين رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز 1972م.
عين وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م.
عين عضواً بمجمع البحوث الإسلامية 1980م.
اختير عضواً بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.
عرضت علية مشيخة الأزهر وكذا منصب في عدد من الدول الإسلامية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.
الجوائز التي حصل عليها
منح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15/4/1976 م قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر
منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، ووسام في يوم الدعاة
حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية
اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.
جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989م والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محلياً، ودولياً، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.
اختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية في دورتها الأولى عام 1418 هجري الموافق 1998 ميلادي
مؤلفاته
للشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات:
خواطر الشعراوي
المنتخب في تفسير القرآن الكريم
خواطر قرآنية
معجزة القرآن
من فيض القرآن
نظرات في القرآن
الإسراء والمعراج
الأدلة المادية على وجود الله
الإسلام والفكر المعاصر
الإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم
الأحاديث القدسية
الآيات الكونية ودلالتها على وجود الله تعالى
البعث والميزان والجزاء
التوبة
الجنة وعد الصدق
الجهاد في الإسلام
أضواء حول اسم الله الأعظم
الحج الأكبر - حكم أسرار عبادات
الحج المبرور
الحسد
الحصن الحصين
الحياة والموت
الخير والشر
السحر
السحر والحسد
السيرة النبوية
الشورى والتشريع في الإسلام
الشيطان والإنسان
الصلاة وأركان الإسلام
الطريق إلى الله
الظلم والظالمون
المعجزة الكبرى
أسماء الله الحسنى
أسئلة حرجة وأجوبة صريحة
الفتاوى
الفضيلة والرذيلة
الفقه الإسلامي الميسر وأدلته الشرعية
القضاء والقدر
الله والنفس البشرية
المرأة في القرآن الكريم
المرأة كما أرادها الله
النصائح الذهبية للمرأة العصرية
الإسلام والمرأة، عقيدة ومنهج
فقه المرأة المسلمة
الغارة على الحجاب
الوصايا
إنكار الشفاعة
أحكام الصلاة
أنت تسأل والإسلام يجيب
الغيب
بين الفضيلة والرذيلة
جامع البيان في العبادات والأحكام
حفاوة المسلمين بميلاد خير المرسلين
عداوة الشيطان للإنسان
عذاب النار وأهوال يوم القيامة
على مائدة الفكر الإسلامي
قصص الأنبياء
قضايا العصر
لبيك اللهم لبيك
نهاية العالم
هذا ديننا
هذا هو الإسلام
وصايا الرسول
يوم القيامة
عقيدة المسلم