ما أقسى لحظات الفراق تمر وكأنها سنوات ، وهذه الدوامة التى تبتلع أجمل سنوات العمر أنها "الغربة"نحمل حقائبنا وفيها كل الذكريات وأيام الشباب ،دفء الوطن والأحباب.....
فى كل مرة احزم حقائبى وأستعد للرحيل أترك خلفى جرح غائر لا تشفيه الأيام وإنما تزيده ألما كالملح فوق الجراح!! أجمع شتات نفسى وأدفن ألمى بين الضلوع.... نظرات أطفالى لى وكيف أنهم يطرحوا الأسئلة لبعضهم البعض بشى من الحيرة والشعور أن ما بيننا شئ لا يستطيعوا فهمه ..فى كل مرة التقيهم بعد طول فراق لم اعد كما كنت !!ولا هم ظلو كما تركتهم ؛لم أعد أعرف ما يفرحهم ،لم أعد قادر على منع ما يحزنهم لان ما بيننا أصبح فقط اسماء مشتركة بحكم صلة الدم أوالقرابة لا أهتمامات ....
لقد أصبحت الضيف الغريب القريب الذى لم يكد يجتمع بأحبته حتى يحين موعد الأفتراق! أوقات كثيرة أتمنى لو أن الزمن يتوقف لأستمتع بطفولتهم ضحكاتهم،لمسات أناملهم الصغيرة ،أن أهدهد سرير طفلى وهو نائم ؛أتمنى أن يتوقف الزمن ليرقص قلبى فرحاً عندما تخطوا طفلتى الصغيرة أولى خطواتها.؛ أتمنى أن يتوقف الزمن لاشاهد طفلى وهو يتعلم ركوب الدراجة ويقع المرة تلو الأخرى وأن أكون بجواره أمسك بيده لأخبرته انه لولا السقوط لما عرفنا قيمة أن تنهض مجددا لتكسر حاجز الخوف وقيمةأن تتعلم من التجربة... أتمنى أن يتوقف الزمن بشفراتة الحادة التى تقطع أوصال الألفة والمحبة ولا تبقى سوى على الرابط المادى ،ذلك الرابط الذى يمكن أن يصل بين أى أفراد لاتربطهم صلة قرابه او ان يكونو نتاج رحم واحد ..
ولكن الغربة الأشد قسوة هى غربة النفس .وان تشعر أنه لا مكان لك حيث تحب ...أن تشعر انك فقدت بوصلتك فى غيابات النفس وأغوارها .. لا البسمة أصبحت عنوان الفرح ..لا الضحكة اجراس قلبك المعلنة عن قدسية اللحظة بل اصوات بلا حياة........