دارت الحوار: د رانيا الوردى

حوار مع المفكر محمد حسن كامل حول دور الأدب فى مشروعه الثقافى التنويرى لدعم إعاده بناء العقلية الثقافية المصرية والعربية. ضيف الحوار: د. محمد حسن كامل، رئيس إتحاد الكتاب والمثقفين العرب، رئيس ومؤسس جمعيه "تحيا افريقيا" ومقرها باريس، مؤسس علم النسبة الذهبيه فى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، والملقب من محرك جوجل العالمى بلقب المفكر الموسوعى العالمى، سفير السلام فى فيدرالية السلام العالمى التابعة للأمم المتحدة.
 أستاذ مساعد الأدب الألمانى بتربيه عين شمس - عضو مجلس إداره الجمعيه العلميه للكاتب النمساوى يورا صويفر بفيينا- عضو الهيئه الإستشاريه العلميه فى هيئه إنست الدولية بفيينا الداعمة للحوار الثقافى القومى والعابر للقومية وعضو هيئه تحرير مجله ترانس للعلوم الثقافيه بفيينا
مقدمة:
تناولنا سويا فى الجزء الأول من الحوار مشروع حضرتك الثقافى التنويرى لدعم إعادة بناء العقلية الثقافيه المصرية والعربية ولاسيما فى الوقت الراهن، ودور كلا من علم النسبة الذهبيه فى النصوص القرآنية والآحاديث النبوية ومدرسة العصف الذهنى فى إتحاد الكتاب والمثقفين العرب فى دعم تحقيق مشروع حضرتك الثقافى التنويرى على أرض الواقع.
فى هذا الجزء من الحوار يقتصر حديثنا على دور أعمال حضرتك الأدبية كداعم لمشروع حضرتك الثقافى التنويرى الداعم لإعادة بناء العقليه الثقافية المصرية والعربية.
السؤال الأول:
المتأمل لمجمل الأعمال الأدبية لحضرتك يتضح لديه خط فكرى يظهر فى عدد غير قليل من أعمال حضرتك الأدبية، على سبيل المثال وليس الحصر الأعمال القصصيه التالية: "هل تعود عقارب الساعه إلى الوراء"، "العائد من الموت"، "حوار مع الجنة.....!!"، "دموع الماس...!!" و"مذكرات دودة". ويتمثل هذا الخط الفكرى فى الدعوة للرجوع إلى الله والتوبة وما يرتبط بذلك من إرتقاء روحى ووجدانى ومن ثم إرتقاء أخلاقى وسلوكى.
وهنا يطرح السؤال نفسه: هل من المجدى تحريك الدعوة إلى الله وإلى جوهر الدين عبر الأدب المستنير فى ظل جمود فكرى لمؤسسات دينيه فى لحظات فارقه فى تاريخ أوطان وشعوب، وفى ظل خلل واضح فى قطاع لا يستهان به من الدعاه يظهره أقوالهم وسلوكياتهم فى الدعوة فى الإعلام والفضائيات، وفى ظل توجه شرس من التيار العلمانى وصل بأفراد منهم إلى إنكار ما جاء فى القرآن والسنة النبوية وفى ظل ظهور بداية التيار الإلحادى فى مصر والوطن العربى؟
هل تعتقد حضرتك أن تدخل الأدب المستنير من شأنه أن يدعم الإصلاح المستنير أم أن تدخل الأدباء بغير إستناره فكريه من شأنه أن يزيد الأمر صعوبه وتعقيد؟
ـــ في الجزء الثاني من حوارنا يسعدني أن أجدد التحية للأستاذة الدكتورة / رانيا الوردي المحاورة العريقة الأنيقة في اللفظ والمعنى والجدوى، مما لاشك فيه أن الفنون والأداب تمثل القوى الناعمة لمخاطبة العقل والوجدان، كثيراً ما يرفض الإنسان الوصاية على عقله وفكره من باب النصح ولاسيما وأن كانت طريقة الدعوة غير مناسبة والتي تحتوي على فرض مفهوم بعينه دون حوار .
ومما لاريب فيه أن للدعوة إلى الله فنون ومسالك فقد قال الله تبارك وتعالى : " ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ". سورة النحل الآية 125، والجدير بالذكر أن منهج الدعوة إلى الله مقترن بالحكمة والموعظة الحسنة , والأدب هنا يلعب دور الوسيط الغير مباشر لتوصيل الفكرة دون المساس بشخص ما .
الدعوة إلى الله فن يحتوي على تقنية في الأسلوب والطريقة، قد يكره الإنسان النصح بصيغة الأمر بصيغة " أفعل ولا تفعل "، وللنصيحة شروط لا يتسع المجال لذكرها ولكن يمكننا ذكر البعض منها:
أولاً: اللين لقوله تعالى: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (159) سورة آل عمران.
ثانياً: الصبر، أن يصبر الإنسان على ردود الفعل حول النصيحة لأنها في بعض الأحيان تجلب للناصح نوعاً من الأذى.
ثالثاً: تقديمها لوجه الله بحيث لا يقصد من ورائها منًا.
رابعاً: عدم التشهير بصاحبها.
أي تكون بين الناصح والمنصوح دون أن يشعر الآخرون بذلك فتسبب له إحراجاً وتشهيراً.
الأدب يقدم الدعوة والنصيحة في قالب وجداني يجعل القارئ جزءاً من نسيج العمل الأدبي ذاته وبالتالي يعيش الصورة الذهنية التي يريدها الكاتب والأديب، الأدب يطرح أسئلة وحوار مع القارئ تجعل القارئ أن يصل للفكرة المقصودة عن طريق الإستنباط من خلال الحوار مع النفس، للأدب قوة ساحرة على مخاطبة الفطرة الإنسانية نحو إثراء القيم العليا من الحب والسلام والجمال والتناغم مع الحياة، الأدب قادر للتصدى لموجات الإلحاد التي تفشت في مجتمعنا اعتماداً على المنطق الذي يشير إلى الفكر السليم والمعبرعنه بلغة سليمة، وبالتالي يظل الأدب مناصراً لحركات الإصلاح عبر التاريخ العالمي في مختلف اللغات والحضارات .
السؤال الثانى:
فى عمل حضرتك الأدبى "إلى السيد (كده وكده) كله تمام كده وكده....!!" نقدت حضرتك جانب مظلم من جوانب العقلية الثقافية المصرية والعربية، كما نوهت عن وجود هذا الجانب المظلم فى الثقافة على المستوى الدولى أيضا. ويتمثل هذا الجانب المظلم فى ثقافه "كده وكده"، التى ترتكز على التمثيل ومن ثم تزييف عرض الحقيقة". وهنا يطرح السؤال نفسه: ما هى الأسباب التى ساهمت فى ظهور وتشكيل ثقافه "كده وكده"؟ وماهى الطرق الفعالة من وجهه نظر حضرتك على المستوى المحلى والإقليمى والدولى لمقاومة هذه الثقافه ومن ثم القضاء التدريجى عليها لتصبح الشفافية والمصداقية أسلوب حياة من أجل الحياة؟ .
ـــ " إلى السيد كده وكده " تشريح لمجتمع جانبه الإخلاص في كل مناحي الحياة، في بداية النص الأدبي المشهد لصورة عبقرية صورها الأخوين " لومير" للقطار القادم نحو المتفرجين وكأنه سوف يدهسهم، كانت تلك اللقطة عام 1895 ، حينما شاهدت هذه اللقطة هرعت إلى صدر أمي باكياً خائفاً من أن يدهسنا القطارفقالت لي أمي : لا تخف المشهد " كده وكده " أي غير حقيقي .....!!
لم افهم وأنا أبن الرابعة من عمري ثقافة وفكرة " كده وكده " ، وكبرت وكبر معي السيد " كده وكده " وجه للكذب والنفاق نراه قد استشرى في حياتنا كلها وفي كثيرٍ من مرافق الدولة ولاسيما فيما يتعلق بالخدمات ، في المدارس ، المستشفيات ، السجل المدني و........!!
الإخلاص عملة عكسها السيد كده وكده ، وهنا دب الصراع بين " الإخلاص وكده وكده " ، حتى قررات الأمم المتحدة ومجلس الأمن أحيانا تكون " كده وكده ". العنصرية هي العمود الفقري للسيد " كده وكده "، على سبيل المثال حينما يقوم أحد الوزراء لزيارة منطقة أو مصلحة بقدرة قادر تكون كل الأمور على ما يرام من نظافة ونظام وزهور بالإضافة لأصحاب الهتافات لمعالي الوزير ...... السيد " كده وكده " فيروس تفشى في المجتمع حتى في الميديا "، الناس يستخدمون الفوتوشوب لإخفاء عيوبهم " كله يعتمد على تزييف الواقع لتصدير صورة ذهنية مقصودة بمعنى مقصود .
وللقضاء على تلك الظاهرة لابد من الإخلاص في العمل والمقصد ، لابد من نمو الوعي الفردي والجمعي في إطار المصلحة العامة قبل أن تكون فائدة خاصة ، لابد ان يدرك الفرد ذاته وقيمته كمواطن له حقوق وأيضاً عليه واجبات ، الشفافية من أهم السمات التي بدورها تساعد على القضاء على ظاهرة " كده وكده " ولاسيما وقد أصبح العالم قرية صغيرة والوصول للمعلومة أصبح أيسر عبر وسائل التواصل الحديثة ، نحن لانريد ثقافة " كده وكده " نحن نريد ثقافة " كده " .
السؤال الثالث:
تطرقت حضرتك فى عمل حضرتك الأدبى "للفقيد الرحمه وللثقافه العربيه الصبر والسلوان...!!!" إلى جانب آخر من الجوانب المظلمة فى العقلية الثقافية المصرية والعربية ألا وهى عدم القراءة. هل تعتقد حضرتك أن هذا الجانب المظلم فى العقلية الثقافية المصرية والعربية ستقف حجر عثرة أمام تطور المجتمع المصرى والمجتمعات العربية إلى مجتمعات الحداثة وما بعد الحداثة، التى هى فى الأساس مجتمعات قائمه على إنتاج العلم والمعرفة؟
ـــ الدعوة للقراءة أمر حتمي في إعادة بناء العقل العربي ، فضلاً عن البحث لأصول المعرفة من مصادرها الصحيحة مع مناقشة وتحليل العقل ما نقرأ .
الجدير بالذكر أن دولة القراءة تراجعت في أمة " اقرأ " أمام القارئ الأجنبي .
القراءة تنشط العقل النقدي القادر على طرح السؤال للبحث عن معرفة جديدة في محيطات العلوم المختلفة ، لقد أعكفتُ على دراسة كلمة " اقرأ" اول كلمة أُنزلت في القرأن ، أعكفتُ على دراستها أربعة سنوات كاملة بعلوم الصوتيات مع الجبر، ربما أصل لسر إختيار هذا الفعل بصيغة الأمر للعقل الإنساني دون عصبية أو عنصرية ، فعل أمر صالح للمذكر والمؤنث والمثنى والجمع بكل اللغات واللهجات والأدوات والأللات والإخترعات لإكتشاف معرفة جديدة تهدينا إلى صلاح العقل في الدنيا والسعادة في الأخرة ، لقد أنتج الغرب معرفة نحن من مستهلكيها بعد أن كان الغرب يعيش في القرون المظلمة ، تقدم الغرب وتراجع العرب ، مازال مجتمعنا يعاني من أمية القراءة والكتابة ، فضلاً عن الأمية الرقمية .
البناء الحضاري للحداثة هو بناء تراكمي من المعرفة ، لولا جهود الأجداد والأباء ما كان تقدم الأولاد والاحفاد، للأسف قطاع كبير من الناس مازلوا يعتمدون عن الأفكار الجاهزة دون التحقق من صحتها من عدمه ، الأمر الذي ساعد على نشر الشائعات والجهل دون تحقيق ولا تدقيق ، لابد من إزالة تلك العثرات التي تقف عائقاً في مسيرة التقدم العلمي والفكري وأولى تلك العثرات الجهل وعدم القراءة ، القراءة هي حبل الوصال مع العالم المتقدم وهي السبيل للمشاركة في إنتاج الفكر ، فكر يؤثر ويتأثر ، الحداثة ثورة العصر وما بعد الحداثة ثورة المستقبل ، فكيف نسافر إلى المستقبل دون معرفة الماضي ومعايشة الواقع الفكري الذي يرنو لإكتشاف صفحات الغد ؟
السؤال الرابع:
فى عمل حضرتك الأدبى "النانو هو الحل" توصيف دقيق لعقلية ثقافية غير ناضجة وعقلية ثقافية أخرى شديدة النضج الفكرى، حيث تتخذ من الأسلوب العلمى أساس التفكير وترى فى المعطيات الحديثة التى تقدمها العلوم الطبيعية كالنانو وسيلة فعالة لعبور العديد من مشكلات العصر وقضايا المجتمع. هل نهاية العمل الأدبى يمثل أمل للعقلية الثقافية المصرية والعربية فى الإرتقاء ومن ثم تحقيق حلم تحول المجتمع المصرى والمجتمعات العربية إلى مجتمعات الحداثة والتى ترتكز على ثورات علمية وتكنولوجية وترتقى بالمواطن والوطن وتدخل بالمجتمع فى مصاف الدول المتقدمة؟
ــــ " النانو هو الحل " رؤية جديدة يمتزج فيها الأدب بالعلم ، رؤية تفتح شاشات العقل بأبعاد جديدة لا يعالجها الأدب الكلاسيكي ، عالم النانو هو تصغيير الأشياء بنسبة 1 على المليار من المتر . يعني المتر نقسّمه إلى مليار جزء والجزء منه يُسمى نانومتر ….!! وحدة قياس لاتُرى بالعين المجردة ، هذه الوحدة ترصد حركة الذرات والخلايا والإليكترونات….عالم ثاني أخر . هذا العالم يُستخدم في علم المواد وفي أبعاد أقل من البكتريا والخلايا الحية ، تقنية النانو هي الولوج في عالم غير مرئي بالمرة ، غاية في الصغر ، يكفي أن يتم تصغير حجمك إلى واحد علي المليار في الصغر من حجمك الطبيعي ، النانو هو عالم الخفاء ، سر طاقية الإخفاء ، أو مصباح علاء الدين ….أساطير الامس أصبحت حقيقة اليوم .
ماذا لو تحققت تكنولوجيا النانو على تصغير الإنسان ، هل سيحقق التنمية المستدامة ؟ هل سوف تُحل مشكلة الموارد الطبيعة ، هل سوف تختفي مشكلة البحث عن مسكن ، هل ......العديد من الاسئلة تحتاج السفر للمستقبل عبر متن الخيال....لا أدري مئات أو ألاف أو ملايين السنوات ......, هذا الأدب يستهدف إعداد القارئ لمستوى معين من الفكر فضلاً عن فتح سموات الخيال إلى ما لانهاية ، هنا يظهر إبداع جديد علاقة الحاضر بالمستقبل في عقل سابح في فيافي العلم ولاسيما وأن النانو تكنولوجي حقيقة وليس درباً من دروب الخيال ، الإنتقال الآمن لعصر الحداثة وما بعدها يلزمه تفتح العقل على لغة علوم العصر وإلا سوف ينقطع التواصل بيننا وبين أهل الحداثة والدول المتقدمة .
" النانو هو الحل " ترصد الصراع على مقدرات الطاقة في الحاضر والمستقبل ، منْ يملك سر الطاقة سوف يتحكم في العالم ، هذا الصراع قديم حديث ، لقد رفض إبليس السجود لأدم الحوار بين الله وإبليس يصوره القرآن في " قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ " سورة الأعراف الاية 12 ، بالرجوع للحوار قال إبليس " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ". النار طاقة والطين مركب كيميائي والطاقة قادرة على تخلل المركب الكيميائي وتفتيته وتحليله ، ونسى إبليس ان الأمر ليس بقدرة الطاقة والعناصر ولكن بقدرة رب الطاقة والعناصر ..... النانو رحلة في دهاليز الحاضر والمستقبل بفكر واعي مستنير في دروب العلم والتنوير .
السؤال الخامس:
فى قصة حضرتك الأدبية "ساعة الكوكو التى غيرت حياتى....!!" كان هناك توجه واضح لإستمرار نقد حضرتك للثقافة المصرية والعربية بغية إعادة بنائها محتفظه فى ذلك بإستنارة فكرية للتراث العربى والهوية الثقافية العربية ومنفتحة بإستنارة فكرية على الآخر ولاسيما الغربى. كان نقد حضرتك الواضح فى هذا العمل الأدبى للعقلية الثقافية المصرية والعربية فى كونها إنبهرت بالحضارة الغربية. وقد وصل هذا الإنبهار -كما أكدت حضرتك فى العمل الأدبى نفسه - إلى ضياع الحضاره العربيه حيث لم تخضع الحضاره الغربيه إلى الحوار الثقافى المستنير، الذى ينفتح بإستناره فكرية على الحضارة الغربية مما يسهم فى إحداث ثراء ثقافى غير مسبوق. ما هو تقييم حضرتك لإسهام وزاره الثقافه المصرية ووزارات الثقافة العربية فى دعم الحوار الثقافى الشرقى الغربى بالصوره المرجوه السابقه الوصف ولاسيما ونحن نعيش عصر العولمه حيث الإنفتاح على التعددية الثقافية والفكرية الغير مسبوقة؟
ـــ"ساعة الكوكو" رمز من رموز حوار الحضارات خاصة حوار الشرق والغرب ، هناك فارق كبير بين الإنبهار بمقومات الحضارة وبين الإنبهار بنتائجها .
" ساعة الكوكو " إقتباس من مجموعة قصصية اسمها " كان ما كان " للكاتب والاديب الكبير ميخائيل نعيمة كتبها عام 1932، التقى مخائيل نعيمة بالأديب العملاق جبران خليل جبران في نيويورك ، كلاهما من أبناء الشرق وكلاهما يحملا جينات الحضارة الشرقية وأيضاً التأثر بالحضارة الغربية في بلاد المهجر .
اليوم نحن جزء لا يتجزأ من العالم ، نؤثر ونتأثر سواء بما لدينا من تاريخ ثقافي وفكري عريق ، هذا يقودنا بشكل طبيعي للحوار الشرقي الغربي ، لابد ان يجلس أبناء الشرق والغرب لدراسة تحديات العصر ، وأعتقد ان مؤتمر شباب العالم في شرم الشيخ قد حقق فعلا تلك الرؤية التي قصدت إيضاحها في قصتي القصيرة ، فضلاً عن التطلع لتحقيق التنمية المستدامة من العلم والفكر على المستوى العالمي .
على وزارة الثقافة عبء كبير في مد جسور الحوار بين الشرق والغرب خاصة وأن مصر هي قلب العالم العربي ، لابد من إنتاج ثقافة تمتزج فيها عراقة الشرق وحداثة الغرب في تلقيح ثقافي يعود على كل الأطراف بالنفع ولاسيما ونحن في عصر العولمة ، الإنفتاح على الأخر حتمية ثقافية لا مناص منها لتولد من جديد التعددية الثقافية .
الحوار الحضاري بين الشرق والغرب قوة ضاربة للإرهاب الذي بات يؤرق مضاجع البشرية الآمنة ، إعادة بناء العقل العربي فرض عين لا جدال فيه حتى لا تفقد الإنسانية الإنسانية ، الثقافة هي وسيلة الإصلاح الكبرى لإعوجاج الفكر الإنساني ، أتذكر حينما كُرمت على مسرح اليونسكو بباريس من قِبل فيدرالية السلام العالمي سفيراً للسلام في العالم قلت بالحرف الواحد : " ما تفسده السياسة تُصلحه الفنون والثقافة " .
وأخيراً ، " ساعة الكوكو" هي إنتقال من المحلية إلى العالمية في حوار الحضارات .
السؤال السادس:
يمثل الحب موضوع محورى من الموضوعات التى تطرقت حضرتك لها فى أعمالك الأدبية مثل أعمال حضرتك القصصية "الحب فىDNA "، "الحب الذرى"، "الحب على جدار الفيمتوثانية"، "حب أسرع من الضوء فى أبعد مجرة فى الكون"، "الحب خارج المجره" "الحب لا يعرف للإستنساخ سبيلا". والجدير بالذكر هنا أن حضرتك تناولته بأسلوب فريد، حيث إتجهت إلى إستخدام المفردات الإنسانية إلى جانب المفردات العلمية الحديثه لتوصيف الحب على مستوى العلاقات الإنسانية عامه وعلى مستوى العلاقات بين الرجل والمرأه خاصة. هل تعتقد حضرتك أن هذه المعالجه الفريده لمفهوم الحب ستثير إهتمام الشباب عامه ومن بينهم الشباب المصرى والعربى لمواكبتها لعصور الحداثه بل ما بعد الحداثة أم أن إستخدام المفردات العلمية الحديثة لتوصيف الحب سيمثل صدمه كبرى للشباب نفسه الذى إعتاد أن يسمع عن الحب فقط من خلال المفردات الإنسانية والرومانسية والحسية ؟
ـــ لابد أن نتفق أن الحب جوهر لا يقبل الإتحاد مع غيره من العناصر ، الحب كالماس لايتحد مع غيره من العناصر ، الحب لا يُثنى ولا يجمع ولا يؤنث ....الحب عنصر محايد .
التاريخ الإنساني يرفل بقصص من الحب التي بُنيت بمفردات المشاعر الإنسانية قاطبة ولاسيما الرومانسية ، تعددت المدارس الأدبية التي عالجت قصص الحب على مر العصور وفي مختلف الثقافات ، شباب اليوم جزء من الواقع الحضاري الذي نعيشه ، الحب اصبح يغزو العالم الرقمي بلغات وثقافات مختلفة ، الخلطة السحرية بين المشاعر الإنسانية والمفردات العلمية تفرض على عقل القارئ رؤية جديدة عاصفة للذهن ، أدب المدرسة الكلاسيكية القديمة أشبه بهندسة إقليدس المستوية التي تعتمد على الطول والعرض ، أما إضافة العمق بالعلم يخلق نسبية الخيال والمعرفة فضلا عن الزمن وأيضاً جعل القارئ جزءاً من نسيج العمل الأدبي ، هذه المدرسة الأدبية الحديثة الهدف منها إتساع شاشة العقل لرؤية أوسع وأرحب ، تلك المدرسة الأدبية الجديدة تدفع عقول الشباب للأخذ بأسباب العلم والحداثة حتى يستوعب القيمة الأدبية من العمل الأدبي .
للأسف نحن لم نتعلم مفهوم الحب كما ينبغي وبالتالي نعاني من تمزق في الأسرة العربية ، أحاول مخاطبة العقل العربي من وسطية الفكر بين الأصالة والحداثة دون ميل لجهة على حساب الأخرى ، شبابنا جزء من المنظومة الفكرية العالمية ، التواصل بين الشعوب كسر حواجز الخوف وبدد براثن الجهل ، ومن ثم لابد من مخاطبة الشباب بأسلوب علمي عصري عبقري يحمل سمات الأصالة وبصمات الحداثة ، نحن ندعو لثقافة الإندماج دون الذوبان في الإمتزاج ، جميل أن تطل على حضارة الغرب من منظور القيم العليا للإنسانية .
الحب من أهم المواضيع المحورية في حياة الإنسان ومن ثم لابد من توسيع شاشة العقل لرؤيته من زوايا ومناظير متعددة تحقق السعادة لكل بني البشر .
التنوير مشتق من النور , ومن العجيب أن كلمة النور تكررت في القرآن الكريم 24 مرة في حين أن هناك سورة أسمها سورة النور وترتيبها في القرآن 24 .
كلمة أخيرة وافر شكري وتقديري للمحاورة والناقدة الأستاذة الدكتورة رانيا الوردي على هذا الحوار الثري السخي الندي ، على أمل اللقاء في حوارات أخرى قادمة ، لكم مني سيداتي سادتي أطيب الأمنيات مع وافر المودة والمحبة.
شكرا جزيلا جدا لسعه صدر حضرتك يا سياده السفير فى تقبل أسئله الحوار والرد عليها بما يسهم فى إيضاح دور الأدب فى مشروع حضرتك الثقافى التنويرى فى دعم إعاده بناء العقليه الثقافيه المصريه والعربيه فى عصور التحولات الكبرى فى عصر العولمه.

المصدر: عزةالشيخ
janjeel

.: عدد زوار الموقع :.


  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 166 مشاهدة
نشرت فى 1 فبراير 2019 بواسطة janjeel

تفاصيل

janjeel
معا لصالح الوطن والمواطن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

330,833
نتيجة بحث الصور عن فانوس رمضاننتيجة بحث الصور عن جاك للاجهزة الكهربائية