بقلم الكاتبة: آمال اشرف فتح الباب
متابعة:محمود حسن محمود
كالعاده بعد العودة من عملى منهكا،اجلس على اريكتى المفضله واحتسى كوبا من القهوة مع قراءة القصص والكتب حتى أصبح ذلك جزء روتينى في حياتى.
فى هذا اليوم حدث شئ غير المعتاد حيث راودنى شعور كاد يزعجني كثيرا مع شئ من التفكير اللامتناهى ولكن سرعان ما تجاهلت هذا الشعور وأكملت القراءة، ولكن لأول مرة شئ يتمكن منى! أشبه بحاله من التناقض الذاتى كانت تحتاجه نفسى للبحث عن معنى وجودى فى الحياه، وبدأت اسأل نفسى من انا؟ ماذا فعلت فى حياتى كى ابقى مميزا ف هذه الحياه؟ ما الذى يميزنى عن غيرى؟ هل انا اكثر الناس سعاده أم أقلهم حظا؟ كان هذا الشعور أشبه بسحابه مليئه بالغيوم مما جعلنى أشعر بالاختناق شيئا ف شيئا فزاد تفكيرى فى هذه الاسئله يوما بعد يوم، وباتت روحى تختنق من اللاشئ وثمه صوت بمخيلتى كان يدفعنى بعدم الاهتمام بهذه الأوهام فأصبحت اخاف من كل شى وأولهم نفسى!
ثم قررت الخروج إلى الشارع كعادتى عندما أشعر بالضيق وعدم الراحه النفسيه اى إلى أحد شوارع الاسكندريه حيث اخذتنى قدماى حيث وجدت نفسى امام مكتبه الاسكندريه فهى أكبر مكتبه ذات البناء الرائع من القدم، حيث فيها الآلاف من الكتب حيث أنها أشبه بمملكة ملئيه بالجيوش القويه إلتى لا يقوى أحد على اضعافها وهزيمتها، ثم شرعت فى قراءة بعض الكتب والتى منها كتب علم النفس والفلسفة وإذ أدركت أن لكل إنسان وجهه نظر ورأى مختلف عن الآخر وطريقه تفكير تميزه عن غيره فهذا ما استنتجته من قراتى لهذه الكتب التى قرائتها، مما زاد تفكيرى فى هذه الاسئله مرة أخرى
من انا ؟!
ولكن هذه المرة التفكير أشبه باحتلال لا أقوى على مواجهته، لوهله ظننت أن عقلى كاد أن ينفجر من التفكير المتناقض.
فقررت الخروج من المكتبه ربما اجد أجوبة لاسئلتى، ولكن عقلى لم يكف عن طرح نفس الاسئله ف كل مرة
من انا؟! وما هو هدفى أو رسالتي ف هذا العالم ذات الأشكال المتباينة!؟
واوشكت نفسى على أن تزهد الطعام والشراب لأننى على يقين تام بأن ليس الطعام والشراب هما ما يحى الإنسان!
وفى يوم وانا عائد من عملى وأقود سيارتى بدأت فى مشاهده أفعال الناس لا كلامهم فكان ينتابني شعورا بأن معظم الناس سعداء أو ربما ليس لديهم ما يقلقهم كثيرا مثلى!
مما غلبنى شعورا بالحقد عليهم لما هم فيه من راحه بال، وإذ بأمر بداخلى دفعنى للسير على قدماى وبدأت فى مشاهده كلام الناس هذه المرة لا ل افعالهم فقط وإذ بالمفاجاه أدركت حينها أن لكل إنسان مشاكله الخاصه به ولايعرف بها احدى سوى الشخص بنفسه، ولكن لم يكن هذا سببا كافيا للاجابه على أسئلتى التى كانت تتردد فى ذهنى كثيرا.
فاكملت سيرى بلا مقصد لكى اخرج كل الضيق الذى يوجد بداخلى مما جعلنى اتجاهل وجع قدماى عمدا باختصار شديد كنت اجاهد نفسى التى كانت تخشى الفشل والسقوط لانى كنت مدركا تماما أن صراعاتى مع ذاتى لا يشعر بها أحد غيرى!
حيث أن الاسكندريه من أجمل وأرقى المدن المصريه ذات البناء القديم والتاريخ العريق إلى ياخذنى على الزمن القديم الكثر من رائع حقا والجو البارد بعض الشى والتى تمتاز بازدحام شوارعها.
وإذ بالمفاجأه اعترضنى شئ زلزل كيانى وتفكيرى وكاد عقلى أن يصاب بالجنون لما رأيت مما جعلنى احتقر من صراعاتى الداخليه التى باتت ضئيله للغايه لما رأيته أمامى!
إذ رأيت شاب فى مقتبل العشرون من عمره ذو قوام ممشوق وشعر كالحرير وكان قصير القامه بعض الشى وكان جميل الشكل وذو ثياب ممزقه شى ما.
أعلم أنه مشهد اعتاد الكثير والكثير منا على روئيته فى شوارعنا فى عالم يجاهد كل منا ويفعل ما فى وسعه من أجل فناء الآخر. وكان هذا اوجعنى كثيرا حقا لما هو فى هذه الحالة والبرد الشديد، وكان هذا الفتى جالسا على إحدى الأرصفة وهو يحاول احتضان نفسه من البرد والعالم الذى كل منا منفرد بعالمه ولا يشعر بمن حوله.
وأصبحت اسأل نفسى :ياالله الهذا المدى كل منا يعيش فى عالم مستقل مع ذاته ورغباته مما زاد احتقارى لهذا العالم الذى نعيش به، وكل منا منعزل بمفرده.
وكان هذا الفتى يجلس أمام أكبر المطاعم، مما زاد تعجبى وبدأت اردد بداخلى هل أصبح تغطيه الأطباق بالطعام والمحلات بالملابس والشوارع بالزينه أهم من تدفئة واطعام البشر الذى كاد البرد يفتك بهم والجوع ينهش ف أشلائهم؟!
ولكنى لم افكر ف شراء الطعام والملبس له، لماذا ؟!
لانى بتصرفى هذا سوف اشعره بالشفقه لما هو فيه واقلل منه.
وحينئذ شعرت بالخزى من ترددى ومن رد فعلى المتخازل ، ف تذكرت أنني امتلك بعض الطعام الذى تعده لى امى دائما فبدات أقدم خطوة وارجع بالأخرى خوفا من رد فعله منى، حيث يشعر انى اتعاطف معه او اقل منه والشفقه عليه، ولكنى لم أتردد للحظه وذهبت إليه وعيوني ملئيه بالخوف من رد فعله نتيجه ما أفعل وجلست بجانبه وبدأت أحدثه : اتجلس بمفردك يا صديقى مثلى فما رايك لنجلس سويا! وقولت له ايمكنك أن تشاركنى طعامى هذه المرة لانى دائما اتناوله بمفردى مع ابتسامه ولكنه لم ينظر للطعام اولا ولكن نظر لوجهى المليئ بشى من الرضا والضعف حيث رد فعله اثبت لى ان الطعام الشراب والملبس ليسوا أهم من عزة الإنسان بنفسه وهذا ما فهمته عندما نظر لوجهى اولا ولن ينظر للطعام بالرغم مش شده جوعه وترتعش يداه و ياخد الطعام الذى عندما امسك به كان أشبه بشعور النبات عندما يرتوى الماء بعد جفاف طويل.
وحينها شعرت بفرح لأول مرة أشعر به فى حياتى حقا وكل هذا بفضل الابتسامه والكلمه الطبيه يا لها من فعل رائع حيث كسر حاجز الخوف والهلع الذى كان يوجد بداخله والتردد الذى انتابه وقتها.
ثم شرعت ف الذهاب إلى منزلى وانا اشعر بشئ من الرضا لما انا فيه الآن، وحيث تعلمت وعرفت أشياء لم أكن أحظى بمعرفتها سابقا، وأدركت أن هدفى أو رسالتى فى الحياه ربما تكون ابتسامه أو كلمه طيبه بحب وحنان أفضل من اى شئ آخر وقد تكون علاج لأرواح متعبه ومتهالكه من الداخل.
وعرفت وقتها باننى أستطيع تغيير هذا العالم بابتسامه أو كلمة .