(( 4 ))

بسم الله الرحمن الرحيم

إن لم يؤيك بيتك أو عقلك أو قلبك ففر بكل ذلك إلى ربك

*****

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نواصل مسيرتنا مع بعض ملامح فكرية من سورة الكهف .. ولكني أكرر على مسامع حضراتكم من يريد تفسيرا غنيا للسورة فعليه بزيارة تلك الكنوز الغنية التى تركها لنا علماءنا الأفاضل .. فقد أفاض الله عليهم بالكثير من الفهم والإدراك في مجال العلم الشرعي ..

أما هنا فنحن نحاول أن نتواصل مع الآيات لنفهما وندركها ليسهل علينا تطبيقها في حياتنا اليومية .. فواقع كل إنسان على وجه الأرض يحتاج دائما أبدا إلى تجديد أفكاره بصفة دورية ودائمة بغير تفريط ..

وأظن أنه من أجل ذلك فرض علينا الله الصلوات الخمس وجعل لها مواقيت ومناسك ومقاصد ونية حتى نطهر أفكارنا مما علق بها من سلبيات.. فالعقل البشري كالمغناطيس إذا علق به شيئا من السلبيات جذب إليه كل ما يقابله منها .. ويعمل بنفس الطريقة مع الفكرة الإيجابية .. فإنها تكبر وتتوالد وتتكاثر من نفس النوع في كلتا الحالتين الإيجابية والسلبية ( د/إبراهيم الفقي).

فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا

واليوم نحن بصدد كهف القرآن .. كهف الآمان .. كهف الصدق والفرقان .. كهفا جعله الله تبارك وتعالى لكل من يريد أن ينجو بدينه وعرضه وماله ومن كل ألوان العذاب .. الهلاك والهوان والضياع.

إنها فكرة الإيواء .. أن نفر إلى الله .. وتكفينا سجادة الصلاة لتصبح لنا كهفا نؤي إليه .. ويكفينا لحظة من الزمن ننعزل فيها عن الضجيج ونترك لعقولنا العنان تسبح وترتع في ملك الله الرحمن ... فتعود إلينا بأفكار نورانية جديدة وقيمة وفعالة .. نصل بها إلى تحقيق المقاصد بأقل جهد كما سنرى ...

قلوب العارفين عيونا ترى ما لا يراه الناظرون وأجنحة تطير بغير ريش في ملكوت رب العالمين

(( مقولة للدكتور عمر عبد الكافي جزاه الله عنا خيرا ))

اللهم اجعل لنا عيونا نرى به الحق حقا وارزقنا اتباعه، وقلوبا نتعرف بها على عظمة ربنا العلي الكبير .. وزدنا علما وهدى وتقوى .. ولا تجعل في قلوبنا سواك .. وثبتها على دينك يا كريم .

وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا

وهكذا نرى نهاية المطاف .. لقد هدى الله قومهم واعطاهم الغلبة والسلطان.. وكل ذلك في مئات السنين وهم نيام في كهف الرحمن الذي أواهم من فتن الزمان وحقق لهم أكبر الأماني والأحلام ..

فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ

• إذا وجب على كل فارس مغوار عندما تواجهه الفتن والأوهام وصولجان الطاغوت أو السلطان أولا أن يطهر فكره من كل ما علق به من سلبيات .
  وأن يطهر قلبه من كل شعور باليأس أو الاستسلام لغير الله.
  وأن يلقي بكل ذلك بين يدي الله الواحد القهار .. من أجل ذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقراءة السورة كل جمعة .. حتى تستنير بها العقول وتطمئن القلوب ويثبت الله بها الأقدام.
  راجع أفكارك كلما استطعت .. واحفظها عن طريق ما تسمع وما ترى وما تقرأ .. وكل ذلك لن نجده إلا في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
  فسوف تجد أن الأعمال الكبيرة قد يسرها الله لنا وربما وفر علينا مجهود القيام بها كما حدث مع شباب أهل الكهف عندما فروا إلى الله من ظلم قومهم فهداهم الله لهم وخلد ذكراهم في قرآن يتلى حتى يوم الدين.

أرجو أن نتابع تفسير السورة فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله .. ومع الدكتور أحمد نوفل .. والدكتور النابلسي والدكتور عمر عبد الكافي .. والدكتور السامرائي .. فلهم باع طويل وكلام جميل ومفاهيم راقية وخواطر إلى الحق تطير.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك