نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

<!--

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tabla normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Arial","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Arial; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Arial; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi; mso-fareast-language:EN-US;} </style> <![endif]-->

دروس الحكمة ضالة المؤمن

للدكتور محمد راتب النابلسي

الآن المؤسسات العلمية أتت باختراعات, وبأجهزة, والمؤسسات العسكرية جاءت بأسلحة فتاكة, هناك إنجازات مادية مذهلة, أما قوم البشر, صفوة الله من خلقه, بماذا جاؤوا؟ بالكلمة الصادقة, بالكلمة المخلصة, بالكلمة الطيبة, بالكلمة التي تنطبق على الحقيقة, هذه الكلمة قلبت المجتمعات, نشرت الفضيلة في الآفاق, نقلت الناس من الظلمات إلى النور, من الشقاء إلى السعادة.

ممكن أن أقول لك كلمة فيها تعنيف شديد: في القارات الخمس من آدم إلى يوم القيامة؛ ما من مشكلة ظهرت في الأرض إلا بسبب خروج عن منهج الله, وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل, هذا الجهل أعدى أعداء الإنسان, يقابله الحكمة أن تعرف الحقيقة, وأن تعمل بها.
الفلاسفة قالوا: "هناك إنسان فيلسوف لكن ليس حكيماً, أما حينما يطبق فلسفته في سلوكه فصار حكيماً".

الحكيم هو عالم انتفع بعلمه, عالم نفذ علمه, عالم ترجم علمه إلى سلوك, هذا الحكيم.

فقال بعضهم:

"نور القلب من الحكمة, وظلماته من اللقمة, وعمارته من كثرة الفكرة, وخرابه من طول الغفلة والقسوة".

المؤمن ينور, تصور إنساناً يمشي في غابة في الليل؛ يوجد في الغابة وحوش, يوجد في الغابة حشرات, و أفاع, و عقارب, فيها حفر, فيها صخور, فيها أشجار, إنسان معه مصباح شديد, الأمور واضحة جداً أمامه, طبعاً الحفرة ابتعد عنها, والحشرة قتلها, والفاكهة أكلها, إنسان يمشي في هذه الغابة بلا مصباح، سيقع في متاعب كثيرة.

الجهل سبب شقاء الإنسان

الآن: أحياناً الإنسان -هناك نقطة دقيقة جداً- يركب سيارة موديل (38), موديل (40), يعمل حادثاً يموت, نقول: مات؛ لأن السيارة فيها أخطاء كبيرة جداً, مهترئة, غير متوازنة, ويمكن أن يركب الإنسان مركبة أحدث ماركة موديل (99), ثمنها خمسة وعشرون مليوناً, يمشي في طريق في الليل؛ كله منعطفات, وانطفأ الضوء فجأة, وعن اليمين واد, وعن اليسار واد, يعمل حادثاً فيموت, بأحدث نوع من السيارات لأنه انطفأ مصباحه فجأة.
هذا الكلام تؤكده الآية الكريمة: أهل النار وهم في النار يتصايحون, يعبرون عن سبب شقائهم؛ لأنهم كانوا لا يسمعون أو يعقلون، آية دقيقة جداً:

﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾

[سورة الملك الآية:10]

سبب شقائنا ما سمعنا الحق, ولا عقلناه, ليس سبباً ببنية الإنسان, بنيته راقية جداً, السبب الجهل, الجهل سبب شقائه.

الإنسان بالإيمان يحبه الناس جميعاً و العكس صحيح

فيا أيها الأخوة يمكن أن نقول: إن الجهل أعدى أعداء الإنسان, والحكمة هي العلم الذي يطبق, و لا يوجد شيئ يساوي مليون من جنسه إلا الإنسان.

مثل بسيط: إنسان من ثلاثة أيام لم يأكل, وجائع, وضعوه أمام لحم مشوي طازج, متقن, مع مقبلات, يقبل على هذا اللحم بنهم شديد, أما لو كان هناك قطعة لحم متفسخة, يكاد يخرج من جلده, تقززاً منها؛ هذا لحم, وهذا لحم, هذه تقبل عليها وتتمناها, وهذه تنفر منها, وتبتعد عنها.

وهكذا الإنسان بالإيمان يحبه الناس جميعاً, عندما يكفر يصبح شخصاً شرساً, وقحاً, أنانياً, أصولياً, متكبراً, متعجرفاً, يعتدي على حقوق الآخرين, هذا شأن الإنسان؛ ولا تعلم قيمة المؤمن إلا إذا عاملت غير المؤمن, لا تعرف تواضع المؤمن, ولطف المؤمن, ورحمة المؤمن, وعدل المؤمن إلا إذا عاملت إنساناً بعيداً عن الله.

جالس من تكلمك صفته, ولا تجالس من يكلمك لسانه, فقيل: من هو؟ قال: هو الحكيم الصادق؛ موعظته رؤيته, وآدابه أفعاله, وقد أغناك مشهده عن مخبره.

الشيء الذي يلفت النظر أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهم قلة؛ ملؤوا الأرض حكمة, ملؤوا الأرض هداية, ملؤوا الأرض سعادة, وتجد الآن مليار ومئتي مليون مقهورين, كلمتهم ليست هي العليا؛ لأن انتماءهم للدين شكلي, أما حينما تتصل بالله, يلقي الله في قلبك نوراً؛ فهذا تسميه: زخم نوري, تسميه: قوة تأثير.

عندما يكون إنتماءنا للدين شكلي.. نؤدي الصلاة ولا نقيمها, نتكلم بما لاتفعل .. فلا قيمة لصلاتنا ولا لكلامنا.. وأصبحنا كمالة عدد.. فتهاجمنا الأحزان والمشاكل بكافة أنواعها ربما لتقومنا أو لتردنا إلى سواء السبيل، أو لنصبح مؤهلين لرؤية الحقائق التى تتمثل في الحكمة من كل ما يجري.

التأثير في الناس يتأتى من الاتصال بالله عز وجل و الاشتقاق منه

 فقد تجد إنساناً, معلوماته محدودة, ومتواضعة, لكن تأثيره كبير, وقد تجد إنساناً معلوماته دائرة معارف, وتأثيره محدود؛ فالتأثير لا يتأتى من فصاحة العبارة, ولا من كثرة الأفكار, ولا من دقة الشواهد, ولا من عمق التحليل, التأثير يتأتى من اتصالك بالله عز وجل, واشتقاقك منه.

هذا الحال يعطي الكلام قوة تأثيرية عجيبة, أن تطبق ما تقول؛ إن طبقت ما تقول اتصلت بالله عز وجل, هذا الاتصال أصبح في كلامك روحانية. { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ }.

والحمد لله رب العالمين

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 308 مشاهدة
نشرت فى 13 أكتوبر 2013 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

238,162

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »