نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

مكانة عقلك في ملكوت الله

حديث عن أبي هريرة:

لما خلق الله العقل قال له : قم ، فقام ، ثم قال له : أدبر ، فأدبر ، ثم قال له : أقبل ، فأقبل ، ثم قال له  اقعد ، فقعد ، ثم قال له : ما خلقت خلقا هو خير منك ولا أفضل منك ولا أحسن منك ، بك آخذ ، وبك أعطي ، وبك أعرف ، وبك أعاقب وبك الثواب ، وعليك العقاب.

ذات مرة كنت أستمع لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، فإذا به يقص علينا قصة للإمام على رضي الله عنه، قال:

اجتمع جماعة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يفكرون في أكبر أو أعظم شيء خلقه الله على الأرض، فمنهم من قال الجبال، ومنهم من قال البحار، فدخل عليهم سيدنا على إبن أبي طالب، فسألوه عن ذلك فقال لهم وقعتم على الخبير، هم عشرة:

1.    الجبال الرواسي. .. {{ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)}} الغاشية.  الآن أكتشفوا أن الجبل الذي يبلغ إرتفاعه 1000 متر مثلا يكون له عمق تحت الأرض 3000 متر.

2.       والحديد يقطع الجبل... {{ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ }} سورة الحديد.

3.       والنار تأكل الحديد.{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ } سورة الأنبياء.

4.       والماء يطفئ النار...{{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) سورة الأنبياء.

5.       والسحاب يحمل الماء..{ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)} الرعد.

6.       والهواء أو الريح يحمل السحاب..{{ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) }} سورة ص.

7.       والعقل يتواري أو يتحكم في الريح.. {{ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة.

8.       والسكر يغلب العقل.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} النساء.

9.       والنوم يغلب السكر.{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47)} الفرقان.

10.   والهم يغلب النوم. {{ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) }} الصافات.

 

هل عرفت الآن أخي في الله .. موقع عقلك من الكرة الأرضية، لقد سخر لك الله سبحانه وتعالى الجبال { وبالتالي الأرض } ثم سخر لك الحديد، ثم سخر لك النار، ثم سخر لك الماء، ثم سخر لك السحاب، ثم سخر لك الهواء، .. الآن هيا بنا نتفكر شيئا فشيئا في هذه  المسائل ، حتى ندرك كيف سخرها الله لنا، وحتى ندرك المكانة الحقيقية لعقولنا،..

الجبال وهي من أول أكبر شيئ على الأرض، إنظر إلى جبال الهملايا مثلا، وقد أثبت العلم الحديث أن الجبل الذي إرتفاعه ألف متر فوق سطح الأرض، له 3 أضعاف تحت الأرض، لذلك قال الله عنها :

{{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7)سورة النبأ }} ثم أنزل الله الحديد  ليستخدمه الإنسان في قطع الحجارة من الجبل لبناء البيوت، ثم سخر الناروفي أبلغ تعبير عن النار الذي جاء في سورة الواقعة:{{ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ }} وعليك أن تتخيل فيما نستعمل النار، نستعملها في البيوت والمصانع، ثم أن الجبال والحديد والنار والماء هم العناصر الأساسية لكل الصناعات تقريبا، حتى الصناعات اليدوية البسيطة، فلكي تصنع شيئا في منزلك فقد دخلت كل هذه العناصر في بناء المنزل أولا، ثم في أي مادة بعد ذلك...

ومن أكبر الأمثلة التى نستطيع أن نسوقها هي أنك حين تقرر السفر إلى أمريكا مثلا فماذا تفعل؟ تذهب إلى شركة طيران، تقطع تذكرة السفر، تستقل الطائرة، وبعد وقت معين أنت في أمريكا، هل تدري هذه الطائرة مما صنعت؟ وكيف صنعت؟ وكم من وقت ومجهود وتجارب وعقول ومصانع ومواد أولية ومواد مصنعة وأجهزة أمن وعمال ومصانع ومكاتب سياحة في جميع أنحاء العالم....

هل تتصور كم إنسان يعمل في هذا المجال لكي تستقل حضرتك الطائرة إلى مكان معين، ثم المصانع التى تقوم بصناعة أجزائها، ووسائل الراحة وأجهزة التكييف، وأحزمة الآمان، كل ذلك مسخر لك وحدك حين تقرر السفر، فقط عليك الحصول على المال اللازم للسفر.. فأنت وإن لم تكن من أصحاب العقول العبقرية المكتشفة ، فإنك رغم ذلك تجد أن كل هذه العقول من مختلف أنحاء الكرة الأرضية سخرها الله لحضرتك لكي تستطيع السفر، وهذا في مجال واحد فقط، فقس على ذلك كل ما لدينا من نعم قد أنعم الله بها علينا،  التليفون، التلفاز، الأنترنيت، المواصلات السلكية واللاسلكية، رغيف العيش، شوية الفول، لا يوجد شيء على وجه الأرض ألا وقد جعل الله للعقل فيه يد وعمل وفكر وإكتشاف، لذلك لا بد وأن تشعر بأن العالم كله مسخر لخدمتك وذلك ليس لفضل منك، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى:

{  وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ }

لذلك وجب على كل إنسان أن يعامل الناس بالحسنى، لأنهم جزء مهم جدا في خلية الحياة، فهو يخدمك في عمله، ويخدمك بكونه إنسان،وربما يسأل سائل كيف يخدمني وهو أبعد الناس عني؟ يقول المولى عز وجل:

{{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}}

{ أرجو منك أخي في الله أن تعيد قراءة هذه الكلمات:

{  لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ}هو في مكانه يخدمك دون أن تدري،  إن أخيك الإنسان في أي نقطة على وجه الأرض يقدم لك خدمة معينة، لكونه إنسان، ولكونه عامل في أي مجال،وهذه الخدمة تصل إليك بفضل الله، وكذلك أنت، وإن أروع فريق على وجه الأرض، هو ذلك الفريق الذي خصص له المولى عز وجل89 نداء في القرآن الكريم بدأت كلهاب:

{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا } البقرة، فريق المؤمنين بالله، فقد قال الله فيهم :{{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)}} سورة البينة.

لذلك جعل الله سبحانه وتعالى المؤمنون إخوة، لكي يدخلوا في معية الله، فيرحمهم الله مرتين، واسمع معي رحمك الله ما قاله ربك في ذلك:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) الحديد}}،

الآن وقد أعطانا الله سبحانه وتعالى علامة لكي يعرف كل منا نفسه وموقفه من الله، إن كان لك نور تمشي به، فاحمد الله وأشكر فضله عليك، فإنه فضل عظيم، وإن لم تجد هذا النور، ووجدت نفسك تتخبط يمينا ويسارا،وهجمت عليك المصائب بألوانها،  فأرجع إلى ربك فإنه ينتظرك، ويوم ترجع إليه ستجده سبحانه وتعالى في إنتظارك بمزيد من فضله وبمزيد من رحمته، فاليوم الذي يتوب فيه العبد ويرجع إلى ربه، هو يوم مشهود من الملائكة، يهنئنونه ويهنئون أنفسهم برجوعه إلى خالقه. ويقولون لقد إصطلح فلان مع ربه.

إخواني في الله، كلما رأيت ما يحدث في أمتنا الإسلامية، أحسست بشدة حاجتنا لتلبية نداء ربنا لنا، فإن كنت شابا، أبا أو أبنا، فغض بصرك عن أخطاء غيرك وعد إلى ربك، مستغفرا نادما على تفريطك، وخذ بيد أخيك، خذ بيد أخيك أبن أمك وأبيك، وخذ بيد أخيك حيث وجدته، سواء كان جارك أو صديقك، أو زميلك في العمل، خذ بيده ليأخذ حظه من النور الذي سيلحظه هو فيك عندما تتغير عاداتك وتصرفاتك، ولا تذهب لربك وحدك إلا عندما تصلي، ولكن عليك أن تأخذ بيد كل إخوانك وتدلهم على الطريق إلى مولاك وخالقك. فإن ذلك واجب دينى وهو من عزم الأمور....

هذا وأدعوا الله لي ولكم بالتوفيق والنصر المؤذر بإذن الله، والذي يبدأ أولا بالنصر على كل ما هو سيئ ومشين فينا، فلن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 357 مشاهدة
نشرت فى 28 مارس 2012 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

229,891

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »