استراتيجة تنمية الثروة السمكية
بين الحلم ……… والعلم
بقلم
د / احمد عبد الوهاب برانية
استاذ اقتصاديات الموارد السمكية
يتطلب وضع استراتيجية لتنمية الثروة السمكية القيام بخطوات محدده ومتتابعة ومرتدة فى نفس الوقت هى :-
اولا : التقييم الموضوعى للموارد الطبيعية المستغله والمتاحه ( مصايد ومزارع سمكية ) .
ثانيا : تحديد معوقات ومحددات تنمية المصايد الطبيعية والمزارع السمكية.
ثالثا : تحديد الاليات والسياسات الواجب اتخاذها لمواجهة المعوقات ومحددات التنمية .
رابعا : تحديد اهداف موضوعيه قابلة للتحقيق فى ضوء الخطوات السابقة.
خامسا : اشراك جميع الاطراف ذات العلاقة فى جميع الخطوات السابقة وعلى الاخص الاتحاد التعاونى للثروة المائية باعتبارة ممثلا للمنتجين وكذلك مراكز البحث العلمى والوزارات والهيئات الاخرى ذات العلاقة.
سادسا :اعتماد هذه الاستراتيجية التى يتم الاتفاق عليها بما تتضمنه من اهداف وسياسيات واليات وبرامج من الوزير المختص.
ويجب التأكيد على ان نجاح خطط وبرامج تنمية قطاع الثروة السمكية يعتمد وقبل كل شئ على مساهمة المنتجين فى خطط وبرامج يشاركون فى وضعها ويكونوا مسئولين عن تنفيذها من خلال تنظيماتهم التعاونية والتى تساهم بأكثر من 95% من الانتاج السمكى وتمتلك جميع الاصول الانتاجية.
ومن استقراء واقع قطاع الثروة السمكية بشقيه المصايد الطبيعية والمزارع السمكية يمكن تحديد اهم التحديات والمحددات التى تواجه تنمية القطاع فيما يلى :-
1 - ان المصايد الطبيعية ( البحار - البحيرات - نهر النيل ) مستغله جميعها بالكامل بل ان بعضها مستغل اكثر من طاقته الانتاجية والتى تحددها العوامل البيئية والبيولوجية ، وان المحافظة على استدامة الموارد السمكية فيها يعتبر هدفا استراتيجيا ، وبالتالى لا توجد اية امكانيات لزيادة الانتاج من هذه المصايد فى ضوء المعارف المتوفرة حاليا ، بل قد يكون من الضرورى اتباع سياسات تهدف الى ترشيد ادارة المصايد مع مراعاة الاثار الاجتماعيه خاصة فى ظل تناقص مساحة البحيرات، وتلوث المسطحات المائية ، والصيد الجائر.
2 - ان بحيرة ناصر احد مصادر الانتاج السمكى لا تقع تحت ولاية الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية وهى الجهة المنوط بها وضع خطط واستراتيجية التنمية ولكنها تتبع هيئة اخرى مسئوله عن تنميتها ، وهذا الوضع الغير طبيعى والغير قانونى يخرج هذا المسطح الكبير ( حوالى مليون فدان ) من خطط واستراتيجية التنمية التى تضعها الهيئة المسئوله عن ذلك.
3 - بالنسبة للمزارع السمكية فلا شك ان هذا النشاط حقق طفرة كبيرة كانت السبب فى زيادة الانتاج السمكى خلال السنوات الاخيرة وذلك نتيجة اتباع سياسات استهدفت تشجيع وتحفيز الاستثمار فى هذا النشاط .
ومع ذلك فانه للاسف ظهرت فى السنوات الاخيره العديد من المتغيرات التى قد تؤثر
فى استمرار معدلات النمو المحققه فى هذا القطاع والتى قد تؤثر على استمرار قوة الدفع فى هذا النشاط ومن اهمها :-
1 - ان جزءا كبيرا من المزارع السمكية يعتمد على مياه الصرف الزراعى والذى تتناقص الكميات المتاحه منها للمزارع السمكية نتيجة السياسة المائية التى تتبعها وزارة الرى والتى تقوم على اعادة استخدام مياه الصرف الزراعى للاغراض الزراعية النباتيه ، وعلية فان هذه السياسة سوف تترك اثارها على مساحة المزارع السمكية التى تعتمد على مياه الصرف الزراعى.
2 - ان زيادة الانتاجية من وحدة المساحه يعتمد اساسا على معدلات استخدام الاعلاف المصنعه والتى يتم استيراد معظم مكوناتها من الخارج وقد ادى ارتفاع سعر الصرف الدولار الى ارتفاع تكلفة الانتاج حيث ان تكلفة الاعلاف تمثل حوالى 60% من اجمالى تكاليف الانتاج.
3 - زاد من تفاقم المشاكل الاقتصادية لمشروعات الاستزراع السمكى تركز الانتاج خلال شهور محددة مما يؤدى الى زيادة العرض وانخفاض اسعار البيع للمزارع.
4 - نقص المعروض من زريعة الاسماك خاصة الاسماك ذات العائد الاقتصادى وبالتالى ارتفاع اسعارها.
5 - ان الاستزراع البحرى ما زال فى مراحله الاولى ويحتاج الى تكثيف الجهود فى مجال البحث والتطوير والذى يتطلب عدة سنوات.
6 - اتباع سياسات خاصة بتعديل سياسات ايجار المزارع دون الاخذ فى الاعتبار الاثار الناتجة عن ذلك ، على الرغم من وجود بدائل هذة السياسات تحقق الاهداف المالية التى صدرت من اجلها.
ومن استعراض ما يسمى باستراتيجية تنمية الثروة السمكية حتى 2017 والتى تهدف الى الوصول بالانتاج الى 1.5 مليون طن 0 ( الانتاج الحالى حوالى 800 الف طن ) ، فانه يمكن القول ان الاهداف الموضوعه والتى اعلن عنها السيد / رئيس هيئة تنمية الثروة السمكية غير واقعيه ، كما ان الاستراتيجيه لم تحدد بأسلوب علمى ومنهجى من ، وكيف ، ومتى ، واين سيتم تحقيق هذا الهدف ، وما هو حجم الاستثمارات المطلوبه ، وما هى مساهمات القطاع الحكومى والتعاونى والخاص ، واكتفت بعرض عناوين لحزمة من الانشطة تحت عنوان اساليب تحقيق الاستراتيجية دون ان تتضمن مشروعات وبرامج محدده توضح مدى مساهمة كل مشروع وبرنامج فى تحقيق الهدف المعلن عنه.
وبناءا على ذلك فانه يجب اعادة النظر فيما يسمى بالاستراتيجية واعادة صياغتها على قاعدة من المعلومات الواقعيه وبمشاركة من جميع الجهات ذات العلاقه.