فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

صدر بالتزامن مع يوم خروج كاتبه من المعتقل:

اعتبارات تقويمية لكتاب الأسير أحمد الشويكي على "بوابة مطحنة الأعمار"

فراس حج محمد| فلسطين

صدر في الفترة الأخيرة كتاب "على بوابة مطحنة الأعمار" للكاتب أحمد الشويكي ابن مدينة القدس، وهو الأسير الذي أنهى مدة محاكمته البالغة عشرين عاماً، فقد دخل السجن بتاريخ: 8 شباط/ فبراير 2002 وخرج منه في 8 شباط/ فبراير 2022، وتزامن صدور الكتاب مع خروجه من المعتقل. يتألف الكتاب من (160) صفحة من القطع المتوسط، وتصدر غلافه لوحة للفنان الفلسطيني محمد نصر الله، وقدّم له المحامي الحيفاوي حسن عبادي.

لعلّ هذا الكتاب من الكتب المهمة، وتكمن أهميته- من وجهة نظري- في الأمور الآتية:

1- يرصد الكتاب التحولات التي نشأت في تطور الوعي لدى الكاتب، فقد أسر وهو طفل (14) سنة، وحكم (20) عاما. فيبين الكتاب تطور الوعي والانتقال من الطفولة إلى سن الرشد، ومتابعة التعليم والانقطاع عنه، وتطور الوعي المسلكي التنظيمي وإدارة الذات في الأسر والاعتراف بالضعف البشري والاحتياج الإنساني واقتراف الأخطاء والاعتذار عنها.

2- الكتاب متنوع في تقنياته السردية ما بين الرمزية/ الصناديق التي رمز بها إلى السجن، فكان كل صندوق يفتحه مقدمة للحديث عن هذا السجن وما فيه من حكايات وأفكار ومضامين. كذلك وظف الكاتب تقنية الراوية الذي يقص حكاياته على الناس في المقهى، مازجا بين لغة الحكاية ولغة المقامة التراثية، فاعتمد السجع أحيانا في بناء الجملة، وما يقتضيه هذا الأسلوب أحيانا من ترادف أو إطناب. إضافة إلى أنه اعتمد ضمير "الأنا" في القصّ، محاولا الالتزام بالتتابع الزمني التاريخي في السرد.  

3- من التقنيات السردية المهمة توظيف السخرية والفكاهة والمفارقة، ولم يكن هذا الأمر أسلوبا في الكتابة فقط بل كان تقنية سردية، ما يعني أن البنية السردية لا تفهم جيدا ولا تؤدي أغراضها الجمالية إلا ضمن هذه المواقف الساخرة. وقد خصصت لهذه التقنية كتابة خاصة أعالج فيها تلك المواقف محاولا تفسيرها ضمن السياق الذي جاءت فيه في البنية السردية.

4- يمزج الكاتب بين البعدين التراجيدي/ المأساوي والمضحك/ الكوميدي في بنية سردية واحدة بتآلف لا يشعر القارئ أنه ينتقل بين عالمين مختلفين، فكأنه بصورة أو بأخرى يوظف ما عرف في التراث العربي من "حسن التخلص"ـ فيخرج من أسلوب إلى آخر على نحو سلس لا يشعر القارئ بالتعثر أو بالصدمة.

5- الكتاب مكتوب داخل المعتقل، ويربط بين عالمين، عالم ما قبل الاعتقال مع عالم ما بعد الاعتقال، وقد تغيّرت أشياء كثيرة، لكن الأسير على ما يبدو ما زال واقفا عند عام 2000 قبل الأسر بعامين، حيث بدأ السرد من تلك النقطة الزمنية حيث كان طفلا لاهيا لا يفرق بين العلَم الفلسطيني وعلم الكيان الغاصب، وعام 2002 حيث كان طفلا لحظة الاعتقال، ليحنّ إلى طفولته التي سرقها الاحتلال كما سرق الأرض والمجد والتاريخ. ولذلك من الأهمية دراسة الكتاب حسب المنهج النفسي لبيان دراسة الأثر النفسي على الطفل الذي حرم من ممارسة طفولته كما ينبغي لها أن تكون.

6- يلمح الدارس في هذا الكتاب ملامح من المنهج "الأركولوجي" المستخدم عند ميشيل فوكو الذي يهتم بكشف المستور والمخفيّ، خاصة أنه يتحدث عن عوالم السجن ببعديه النفسي والمادي المغلف بالكثير من التعمية والتخفي والمحظورات، خاصة في قضية الهواتف والعلاقة مع بعض السجانين والرشاوى، والنطف المهرّبة، والصراع بين رؤوس التنظيم الواحد، وكسر إرادة المضربين عن الطعام لصالح المكاسب السياسية المحدودة لمن هم في السلطة أو بعضهم، ودراسة الأفكار والتعمّق فيها والحفر فيها عمودياً، على الرغم من أن الكتاب لم يكتب بطريقة البحث الفلسفي والصياغة الفلسفية.

7- يحافظ الكتاب على طزاجة السرد، وعفويته دون أن يتدخل الكاتب في التعليل والتحليل والسرد، إلا بمنطق محدود، لا يفقد السرد متعته، كأنه يقدم الحكاية بطبعتها الأولى المختزنة المكثفة والقابلة للتحليل والتأويل، ولذلك فإن(اللاوعي) الطفوليّ هو المتحكم بالسرد، وليس ما أصبح عليه أحمد بعد أن تطور الوعي لديه الوعي وأصبح أكثر قدرة على فهم ما يجري حوله.

 

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 208 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2022 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

744,656

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.