اضطرابات المشي
إضافة لكون المشية عنصراً هاماً في تقييم عجز المريض فإن مشاهدة المريض وهو يمشي قد تكون موحية بشدة بالتشخيص العصبي.
إن أنماط الضعف وفقد التناسق وفقد حس المستقبل العميق تؤدي لإحداث مجموعة من المشيات العصبية الشاذة. لابد من تفريق اضطرابات المشية عصبية المنشأ عن اضطرابات المشية الناجمة عن الشذوذات الهيكلية التي تتميز عادة بالألم الذي يؤدي للمشية المضادة للألم Antalgic Gait أو العرج.
إن المشيات التي لا تطابق أي نمط قد تكون ناجمة عن الاضطرابات الوظيفية أو غير العضوية وتكون عادة غير متوافقة مع أي خلل تشريحي أو فيزيولوجي.
A. المشية الهرمية Pyramidal Gait:
تسبب آفات العصبون المحرك العلوي (الآفات الهرمية) مشية خاصة يكون فيها الطرف العلوي محمولاً بوضعية العطف ويحافظ على الطرف السفلي نسبياً بوضعية البسط.
إن الآفة في السبيل الهرمي تؤدي إلى إبطاء العطف الظهري Dorsiflexion للكاحل الذي يكون سريعاً في الحالة الطبيعية والضروري لمنع أصابع القدم من الاصطدام بالأرض حالما يرفع الطرف السفلي عن الأرض أثناء المشي وللتغلب على ذلك يتم تدوير الطرف السفلي إلى الخارج عند الورك (ديرورة الطرف Circumduction) لكن القدم المصابة تبقى مجرورة على الأرض عند الأصابع وقد يهترئ الحذاء عند الأصابع كدليل على هذا النمط من المشية.
وفي الشلل النصفي Hemiplegia يكون عدم التناظر بين الجهة السليمة والجهة المصابة واضحاً عند المشي. أما في الخزل السفلي Parapparesis فإن كلا الطرفين السفليين يتحركانت ببطء ويُداران من الوركين ويجران بقوة على الأرض بوضعية البسط وهذا التأثير يمكن سماعه غالباً إضافة إلى رؤيتهة.
B. هبوط القدم Foot Drop:
في المشي الطبيعي وأثناء دورة المشية يصدم العقب الأرض أولاً ثم يليه بعد ذلك اصطدام أصابع القدم. وإن ضعف العطف الظهري للكاحل يعطل هذا النموذج وتكون النتيجة سيطرة أقل على هبوط القدم مما يحدث صوتاً يشبه الصفع. إذا كان الضعف القاصي أكثر شدة فلابد من رفع القدم بشكل أعلى عند الركبة لتوفير حيز كاف يسمح بتأرجح القدم غير المعطوفة ظهرياً بشكل كاف وهذا ما يؤدي لحدوث مشية الخطو العالي High Stepping Gait.
C. المشية المتهادية في الضعف العضلي الداني: Waddling Gait of Proximal Muscle Weakness:
إن تناوب وضع ثقل الجسم على الطرفين السفليين أثناء المشي يحتاج إلى تحكم دقيق بالوركين بواسطة العضلات الإليوية Gluteal. وفي حالة ضعف العضلات الدانية الناجم عادة عن مرض عضلي لا تستطيع هذه العضلات تثبيت الوركين بشكل مناسب وتصبح حركات الجذع مبالغ بها مما يؤدي لحدوث المشية المتهادية Waddling أو المتمايلة Rollin.
D. الرنح المخيخي Cerebellar Ataxia:
يمشي المرضى المصابون بآفات في الأجزاء المركزية من المخيخ (الدودة) مشية مميزة على قاعدة عريضة تشبه مشية البحار السكران (إن وظيفة المخيخ حساسة بشكل خاص للكحول). كذلك فإن المرضى المصابين باضطرابات دهليزية يمشون بشكل مشابه على قاعدة عريضة لكن الدوار المرافق لهذه الاضطرابات يميز هؤلاء المرضى عن المرضى المصابين بآفات مخيخية. يمكن كشف الدرجات الأقل شدة من الرنح المخيخي بالطلب من المريض أن يمشي بحيث يكون العقب بتماس أصابع القدم Heel Totoe (بطريقة ترادفية)، فالمرضى المصابون بآفات في الدودة لا يستطيعون القيام بذلك.
E. مشية اللاأدائية Gait Apraxia:
تكون القوة في الطرفين السفليين طبيعية في المشية اللاأدائية ولا توجد أي علامات مخيخية شاذة أو فقد لاستقبال الحس العميق ومع ذلك فإن المريض لا يكون قادراً على صياغة العمل الحركي للمشي. وسبب هذه المشية هو خلل الوظيفة المخية العليا، وتبدو فيها القدمان ملتصقتين بالأرض والمريض غير قادر على المشي رغم أن الحركة تكون طبيعية على سرير الفحص. تحدث المشية اللاأدائية عند إصابة نصف الكرة المخية ثنائي الجانب مثل موه الرأس سوس الضغط ومرض الفص الجبهي المنتشر.
F. مشية الخطوات الصغيرة Marche a' Petits Pas:
إن المرضى المصابين بمرض وعائي دماغي في عدة أوعية دموية صغيرة يمشون بخطوات بطيئة صغيرة مع عدم الاستقرار، وهذا المظهر يختلف عن مشية التسارع Festinant في داء باركنسون (أنظر لاحقاً) بكونها لا يوجد فيها تغير في سرعة المشي وهناك عادة علامات إصابة العصبون المحرك العلوي ثنائي الجانب (الاستجابة الأخمصية بالانبساط في الجهتين ونفضة الفك السريعة).
G. الرنح الحسي Sensory Ataxia:
إن فقد حس وضعية المفصل يجعل المشي غير موثوق خاصة في الضوء الخافت، يميل المريض لوضع قدميه على الأرض بقوة أكبر ويفترض أن ذلك محاولة لزيادة المدخول Input (التنبيهات) الوارد من مستقبلات الحس العميق. ويؤدي ذلك إلى مشية السحق Stamping التي تترافق غالباً مع هبوط القدم عندما تكون ناجمة عن اعتلالا الأعصاب المحيطية، لكن يمكن أن تحدث في اضطرابات العمودين الظهريين في الحبل الشوكي.
H. المشية خارج الهرمية Extrapyramidal Gait:
إن المرضى المصابين بداء باركنسون وباقي الأمراض خارج الهرمية لديهم صعوبة في البدء بالمشي وصعوبة في التحكم بسرعة مشيتهم. قد يصبح المريض مثبتاً إلى الأرض أثناء محاولته البدء بالمشي أو عندما يمشي عبر الأبواب (الجمود) لكن حالما يبدأ بالمشي فإنه قد تحدث لديه مشاكل في التحكم بسرعة المشي ويكون التوقف مزعجاً، يؤدي ذلك لحدوث المشية التسارعية: أي خطوات أولى متلعثمة ثم زيادة سريعة في تواتر الخطوات مع نقص طول هذه الخطوات.