المشي

إن تعلّم كيفية المشي هو أحد أهم معالم التطور التي يمرّ بها طفلك في حياته، وتعد خطوة هائلة نحو الاستقلالية. بدءاً من فترة الاستناد إلى الأريكة ومروراً بمرحلة الترنح المتردد للارتماء في حضنك، ووصولاً إلى مراحل الركض والقفز بثقة، يوّدع صغيرك مرحلة الطفل الرضيع.

متى يحدث هذا التطور؟

خلال عامه الأول، يكتسب طفلك تدريجياً القوة العضلية والتوافق العضلي العصبي المطلوبين لتعلّم الجلوس والتقلّب من جهة إلى أخرى والحبو أو الزحف وذلك قبل أن يبدأ بجذب نفسه إلى الأعلى والوقوف في شهره الثامن تقريباً. من الآن فصاعداً، تتعلق المسألة فقط باكتساب الثقة والتوازن، فغالبية ال أطفال يخطون خطواتهم الأولى بين الشهرين التاسع والثاني عشر، ويستطيعون المشي جيداً في شهرهم الرابع عشر أو الخامس عشر على وجه التقريب. لا تقلقي إذا احتاج طفلك وقتاً أطول بقليل، فالعديد من الأطفال الأصحاء لا يمشون قبل بلوغهم الشهر السادس عشر أو السابع عشر.

كيف يحدث ذلك؟

في الأسابيع الأولى من حياته، عندما تحملين طفلك في وضع مستقيم من تحت إبطه، تتدلى ساقاه إلى أسفل ويدب بقدميه على سطح جامد كأنه يمشي. لكن هذه مجرد ردة فعل لا إرادية، لأن ساقاه ليستا قويتين بما يكفي لتحملانه، وسرعان ما تختفي هذه الحركة بعد شهرين.

عند بلوغ الطفل الخمسة أشهر، ولو تركته يتوازن بقدميه فوق فخذيك، سيترنح صعوداً ونزولاً، ويغدو هذا الترنّح من أنشطته المفضلة خلال الأشهر القليلة التالية، أي في الفترة التي تقوى أثناءها عضلات ساقيه بينما يتقن التقلّب من جانب إلى آخر والجلوس والحبو أو الزحف.

في شهره الثامن على وجه التقريب، قد يحاول طفلك جذب نفسه إلى الأعلى للوقوف مستنداً إلى قطعة من الأثاث. لو أوقفته بجانب الأريكة، سيتمسك بشدة خوفاً على حياته. عندما يتقن هذه المهارة في الأسابيع القليلة التالية، يبدأ في التجوّل، أي التحرك متمسكاً بقطع الأثاث، وربما يتمكّن من إفلات يديه والوقوف من دون الحاجة إلى مساعدة. حين يقدر على القيام بذلك، قد يمشي بضعة خطوات إذا أمسكت يديه في وضعية المشي، وربما يحاول الانحناء لإحضار لعبة عن الأرض وهو واقف.

في الشهر التاسع أو العاشر، يبدأ طفلك في تعلّم ثني ركبتيه والجلوس بعد الوقوف (وهي حركة أصعب مما تتصورين!).

ببلوغه الشهر الحادي عشر، ربما يكون طفلك قد أتقن الوقوف وحده، والانحناء، وجلوس القرفصاء. كما أنه قد يمشي ممسكاً بيديك، من دون أن يستطيع نقل خطواته الأولى وحده قبل مرور بضعة أسابيع إضافية. يشرع معظم الأطفال في هذه الخطوات الأولى على أطراف أصابعهم مع لفّ أرجلهم إلى الخارج.

في الشهر الثالث عشر، يتمكّن ثلاثة أرباع الأطفال من المشي بمفردهم، وإن حدث ذلك بشكل متقطع. إذا لم يتوقف طفلك عن التجول مستنداً إلى الأثاث، معناه أن المشي وحده سيستغرق وقتاً أطول. لا يمشي بعض الأطفال إلى أن يكملوا الشهر السادس عشر أو السابع عشر أو بعد ذلك.

ما هي الخطوة التالية؟

بعد أن يأخذ الأطفال هذه الخطوات الأولى الساحرة نحو الاستقلالية، يبدؤون بإتقان الجوانب الفنية من الحركة:

- في الشهر الرابع عشر، يجب أن يتمكّن طفلك من الوقوف وحده، وربما يستطيع الانحناء إلى أسفل والوقوف مرة ثانية، كما قد يحاول المشي إلى الخلف.
- في الشهر الخامس عشر، يستطيع الطفل العادي أن يمشي بشكل جيد ويدفع ويجذب الألعاب وهو يخطو.
- في الشهر السادس عشر تقريباً، يبدأ طفلك بالاهتمام بصعود ونزول السلالم، غير أنه قد لا يستطيع استخدام السلالم وحده لعدة أشهر إضافية.
- يصبح معظم الأطفال في سنّ الثمانية عشر شهراً محترفين في المشي. يستطيع العديد منهم صعود السلم بمساعدة (وقد يحتاجون إلى المساعدة في نزولها لمزيد من الأشهر التالية) كما يستهويهم كثيراً تسلق الأثاث. ربما يحب طفلك أن يركل الكرة، بالرغم من عدم نجاحه الدائم، وقد يرقص إذا سمع الموسيقى.
- في الشهر الخامس والعشرين أو السادس والعشرين، تستقيم خطوات طفلك بصورة أفضل، ويبدأ بإدراك الحركة الدقيقة للكعب وأصابع القدم أثناء المشي والتي يتقنها الكبار. في هذا السنّ أيضاً، يكون قد أتقن القفز.
- مع اقتراب عيد ميلاد طفلك الثالث، تكون معظم حركات جسمه الأساسية قد غدت عفوية. فهو لم يعد بحاجة إلى تركيز جهوده للمشي أو الوقوف أو الركض أو القفز، إلا أن بعض الحركات، مثل الوقوف على أطراف الأصابع أو على قدم واحدة، ما زالت تتطلب بعض التركيز والمجهود.

ما هو دورك؟

أثناء تعلم طفلك الوقوف، قد يحتاج بعض المساعدة في معرفة كيفية الجلوس مرة ثانية. إذا علق وبكى طالباً مساعدتك، لا تجلسيه فقط، بل أظهري له كيف يثني ركبتيه ليجلس دون أن يتعثر، ثم دعيه يجرب ذلك بنفسه.

يمكنك تشجيع طفلك على المشي عن طريق الوقوف أو الركوع أمامه مع الإمساك بيديه الاثنتين ثم جذبه ليمشي صوبك، أو قد تفضلين شراء لعبة شاحنة الأطفال أو أية لعبة مماثلة بمقدوره الاتكاء عليها ودفعها (ابحثي عن لعب الأطفال المخصصة لهذا السنّ والتي تكون متوازنة وذات قاعدة عريضة تعينه عند اللزوم). تجعل مشاءات الأطفال (الأداة التي تساعدهم على المشي) التنقل بالنسبة للطفل سهلاً جداً، فتمنع عضلات الساق العلوية من النمو بشكل سليم، لذا يوصي بعض الأخصائيين بشدة بعدم استخدامها. لا تجعلي طفلك يرتدي الأحذية إلى أن يمشي خارج المنزل أو على أسطح خشنة أو باردة بصفة دائمة، لأن المشي بقدمين حافيتين يساعد على تحسين توازن الطفل وتوافقه العضلي العصبي.

كالعادة، تأكدي من أن طفلك محاط ببيئة آمنة وطرية تمكّنه من ممارسة مهارته الجديدة. إياك أن تتركي طفلك أبداً من دون مراقبة وابقي بجواره في حال سقط أو احتاج إلى مساعدتك.

متى يستدعي الأمر القلق؟

لا يمشي بعض الأطفال الأصحاء قبل بلوغهم الشهر السادس عشر أو السابع عشر. من الأهمية بمكان متابعة تطور المهارات، فلو كان طفلك متأخراً قليلاً في تعلّم التقلّب من جانب إلى آخر أو الحبو أو الزحف، فهو على الأرجح يحتاج إلى بضعة أسابيع أو أشهر إضافية لتعلّم المشي أيضاً. طالما أنه مستمر في تعلّم أمور جديدة، لا يجب أن تقلقي. تنمو قدرات الأطفال بشكل متفاوت، فالبعض منهم يكتسب المهارات أسرع من الآخرين، لكن إذا بدا طفلك متأخراً بشكل ملحوظ، يجب أن تستشيري الطبيب في الأمر. لكن تذكّري أن الأطفال الخدّج (المولودين قبل أوانهم) قد يكتسبون هذه المهارة وغيرها من المهارات متأخرين بضعة شهور عن أترابهم الذين في مثل عمرهم.

المصدر: د محمد الشافعى
el-rahmapt

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى المكثف للأطقال

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 769 مشاهدة
نشرت فى 13 ديسمبر 2010 بواسطة el-rahmapt

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

2,386,192

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى

    أ.د/ محمد على الشافعى
 استاذ مشارك العلاج الطبيعى للأطفال  بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة و استشارى العلاج الطبيعى المكثف للأطفال 
لمشاهدة قناه الفيديو الخاصة بالمركز 

اضغط