مفهوم النظام السياسى د. محمد ماهر الصواف
يعد تحديد مصطلح (النظام السياسي) من الأمور المعقدة ، فضلاً عن صعوبة الوصول إلى تعريف دقيق له ، وذلك بسبب ما يثيره هذا المصطلح من غموض. إلا أنه للتبسيط يمكن القول أن هناك اتجاهين لتحديد مفهوم النظام السياسى نرى انه يجب أن نوضحهما قبل عرض أهم التعريفات لهذا المفهوم .
الأول : الإتجاه التقليدى :
يركز هذا الاتجاه على نظام الحكم ومؤسساته وكيفية تنظيم ممارسة السلطات العامة فى الدولة ، وعلى ذلك يعرف النظام السياسى بأنه نظام الحكم فى بلد من البلاد والأجهزة والمؤسسات الحاكمة ، ويلاحظ أن هذا التعريف مستمد أساسا من التعريف التقليدى لعلم السياسة بأنه علم الدولة، أى أن هذا الاتجاه كان ينظر للنظام السياسى على انه مترادف لنظام الحكم ومن ثم يهتم بدراسة الهياكل وأبنية السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية واختصاصاتها وحدود سلطاتها والعلاقات بينهم
ومع التطور وتعقد الحياة وتحمل الدولة وظائف كثيرة اقتصادية واجتماعية متعددة طور أصحاب هذا الاتجاه تعريفهم للنظام السياسى حيث عرف بأنه "عبارة عن مجموعة المؤسسات التى تتوزع بينها عملية صنع القرار السياسى وهى المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية".
وقد اتسعت نظرتهم وأصبحت لا تستند إلى الجانب العضوى فى السلطة فقط، إنما توجه الاهتمام أيضا لمجالات نشاط النظام السياسى ودراسة الفلسفة الاجتماعية والاقتصادية باعتبارها محددات أساسية للنظام السياسى.
والاتجاه الثانى الحديث : لقد بدأ هذا الاتجاه فى الظهور بعد الحرب العالمية الثانية خاصة بعد ظهور الدول الإشتراكية فى دول شرق ووسط أوروبا وطبقت الدول حديثة الإستقلال أشكال جديدة من النظم السياسية المختلفة وآثار ذلك اهتمام المفكرين والمهتمين بالعلوم السياسية حيث وجدوا ان دراسة هذه النظم الجديدة يتطلب إستخدام مناهج أخرى غير المنهج القانونى والدستورى وظهرت مداخل ومناهج جديدة : مثل منهج تحليل النظم ، والمنهج السلوكى ، والمدخل الوظيفى
وقد لفتت هذه المناهج والمداخل الأنظار إلى أن :
<!-- النظام السياسى هو نظام يتكون من عدة عناصر ويرتبط ويتأثر بتفاعلات سياسية Political Interactions عديدة وله مدخلات ومخرجات التي تتمثل في القرارات السياسية والقوانين
<!--و إنه يعني استخدام سلطات عامة بهدف تحقيق الخير والصالح العام
<!-- وربط ماكس فيبر بين النظام السياسى وبين عنصر القوة حيث يرى أن النظام السياسى هو الذى يحتكر الحق فى الإستخدام الشرعى للقوة
وعلى أية حال يجب عند دراسة النظام السياسي لا يتم الاكتفاء بدراسة الجوانب العضوية للنظام السياسى ، ونشاطه ، ووظائفه ، وإنما يجب التركيز على دراسة هذه التفاعلات والعلاقات المتبادلة مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية مثل جماعات المصالح والأحزاب المعارضة ومؤسسات المجتمع المدنى الأخرى ، كما أنه يجب عدم إغفال الجانب السلوكى ودراسة السلوك الواقعى وديناميكية النظام السياسى ، وذلك لتفهم وتفسير كافة التفاعلات السياسية وكيف تؤثر على هذا النظام.