المعرفة والبحث العلمي ضرورة لاستدامة التنمية
د. محمد ماهر الصواف
لقد أصبح عالمنا اليوم لا يعترف إلا بالدولة القوية ، لا من حيث القوة العسكرية فحسب ، وإنما من حيث قوتها العلمية والمعرفية والاقتصادية، وإذا كانت القوة العسكرية ضرورةً لأية دولة لكي تحمي بها سيادتها،إلا انها بدون القوة العلمية ستقف عاجزة عن تطوير اسلحتها التقليدية ومسايرة سباق التسلح والتطوير سريع في هذا المجال ، بل ستصبح أيضا عاجزة عن إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية في كافة مجالات الحياة .
ويجب ان نسلم ان بناء قوة علمية تعد معركة صعبة ومعقدة لتعدد الفاعلين فيها من جانب , وكون الهدف هنا هدفا متحركا لأننا في سباق مع الدول المتقدمة التي كونت بالفعل قاعدة معرفية متسعة وتنفق مبالغ ضخمة في البحث عن المعرفة الجديدة من جانب آخر.
ولا ننكر ان مصر تدرك تماما أهمية البحث العلمي للتقدم والتنمية منذ زمن بعيد وعملت علي مر الأيام علي إنشاء عديد من المراكز البحثية، علاوة علي الأنشطة البحثية في الجامعات والمعاهد إلا ان مسيرة البحث العلمي تعاني من عدد من السلبيات أهمها :
- محدودية الموارد المالية المخصصة للبحث العلمي ومن ثم تواجه صعوبة في بناء بنية معلوماتية حديثة , ودعم المكتبات العلمية , وتحسين المختبرات وتوفير الامكانيات الضرورية .
- ضعف ما يقدمه القطاع الخاص للبحث العلمي من دعم.
- وأخيرا ضعف دور التعليم في مراحله المختلفة في تبني وتأهيل النابغين وذوي المواهب وبناء العقول القادرة علي الابداع والابتكار.
ونأمل ان تهتم مصر بوضع خطة استراتيجية بهدف التوصل إلي مخرجات بحثية نفيد بها المجتمع المحلي والانساني في مجالات الدواء والأجهزة الطبية والمعدات الصناعية وغيرها من الاحتياجات ، وأن نناقش دواما كيفية دعم البحث العلمي ومضاعفة عدد العلماء للتوصل الي مزيد من المخرجات البحثية
كما يجب ان نولي اهتماما خاصا بالمفكرين والمبتكرين من الشباب, والعمل علي زيادة اعداد المدارس والمراكز التي تعمل علي إعداد الأطفال والتلاميذ التي تظهر عليهم علامات النبوغ لإعدادهم وتأهيلهم ليكونوا علماء المستقبل , بالإضافة الي إضافة برامج تعليمة تركز علي العلوم العلمية مثل الرياضيات والكيمياء والفيزياء .
ونختم حديثنا بالقول أنه ليس بالضرورة أن يحقق تدبير الموارد تقدما في البحث العلمي, وإنما الأهم هو الإدارة الجيدة للموارد المتاحة وحسن استخدامها, ووضع الخطط الاستراتيجية التي تساعد علي دعم جهود التنمية الشاملة و استدامة تقدم البحث العلمي.