Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

 الموروثات الثقافية  والإبداع

د. محمد ماهر الصواف

تؤكد المؤشرات الدولية أن  كثير من دول العالم قد سبقتنا في التطور والتقدم العلمي وتشير التقارير الدولية أن عدد الباحثين لكل مليون شخص في العالم العربي هو 300 في حين أن المتوسط العالمي هو 900، أي ثلاثة أضعاف. وتسجل كافة الدول العربية 5% فقط مما تسجلة اسرائل من عدد براءات الاختراع ويقول العالم المصري أحمد زويل ان انتاج العالم العربي من المعارف الانسانية لا يتجاوز 0.0002% من انتاج العالم بينما تنتج إسرائيل 1.0% من المعارف العالمية اي ان إسرائيل تنتج أبحاثاً ومعارف 5,000 مرة اكثر من العالم العربي.

وهذا النقص في المنتج العلمي يجعلنا نتساءل :  ما هي الأسباب التي أدت إلي ذلك؟ وهل يرجع ذلك لضعف قدراتنا العقلية والإبداعية والابتكارية؟ أم انه يرجع إلي المناخ الثقافي والاجتماعي والسياسي؟  

 بالنسبة لقدراتنا العقلية والابتكارية فلا حاجة للقول ان هناك عدد كبير من العلماء العرب في العصر الحديث استطاعوا ان يقدموا انتاجا علميا متميزا وحصل البعض منهم علي جوائز عالمية  ، إلا انه يلاحظ ان الغالبية منهم يقيم في دول متقدمة غير عربية ، لذلك يرجع البعض اسباب ضعف الانتاج العلمي والإبداعي في الدول العربية الي المناخ الثقافي والاجتماعي في هذه الدول ، نظرا لما تعرفه من تعصب لبعض الموروثات الثقافية والعادات المجتمعية التي يصعب مراجعتها وإعمال العقل في اتباعها ، فقد أصبح الالتزام بها قيم مجتمعية ودينية أحيانا لا يجوز نقدها أو التفكير في مغزاها وجدواها. وفي هذا السياق يحذر جون ستيوارت ميل من إمكانية ظهور ما يمكن تسميته بالاستبداد الاجتماعى أى استبداد المجتمع نفسه  والذى اعتبره أقوى وأشد خطرا على الحريات وإعمال العقل من استبداد الفرد.

 ولا شك ان التمسك ببعض الموروثات الثقافية والعادات التقليدية  دون إعمال العقل في مدي منطقيتها وأثارها علي تقدم المجتمع قد يقيد حرية الإبداع  والتمكين الفكري للأفراد ومرونة البحث العلمي . وتؤكد  الادبيات أن الابداع  هو نقيض العادة ، و تحطيم للعادات: فى طريقة العمل ، فى النظر للمشكلات ، وفى طريقة التفكير واسلوب الحياة، بل ويعتقد البعض أن الابداع والبحث العلمي يتطلب تحطيم للعادات والموروثات الثقافية المستقرة ، وقد يتضمن فى طياته نوعا من التمرد ورفض ما هو قائم من انماط الحياة المستقرة.

ورغم ان هناك عوامل متعددة أدت إلي ضعف مجالات الإبداع والتقدم العلمي للدول العربية مثل عدم الاستقرار السياسي ، وضعف جودة التعليم ، والفقر ، وانتشار الأمراض ، علاوة علي ضعف إدارة الموارد ، ونقص القدرات الإدارية والقيادية إلا اننا نميل الي الرأي الذي يشير ألي أن المناخ الثقافي والاجتماعي والسياسي أحد اهم اسباب ضعف الإنتاج الفكري للدول العربية. فيجب أن نسلم أن هناك بعض الموروثات والعادات المجتمعية  في هذه  الدول تعد غير معضد لتنمية القدرات الابداعية والحرية الفكرية ويجب مراجعتها . ألا أنه رغم أهمية مراجعة الموروثات الثقافية والعادات المجتمعية إلآ اننا نعتقد أن تنمية قدراتنا لا يرتبط بالضرورة بالتمرد الفكري أو السلوكي لكل ما هو تقليدي ، إذ انه من الأهمية الوصول لرؤية مستقبلية تمكننا من الموازنة بين ما يتطلبه الابداع من التفكير العقلي  بطريق جديدة ومرنه من جانب،  وبين الحفاظ علي قيمينا الأصيلة من جانب آخر .

 

 

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

331,250

ابحث