Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

 

التمسك بالثقافة التقليدية وضعف الدول العربية

د. محمد ماهر الصواف

 تعاني بعض الدول العربية من الفقر والمرض وضعف القدرة علي تحسين نوعية الحياة، فضلا عن عديد من المظاهر السلوكية السلبية التي تعوق جهود التنمية بهذه الدول . وتظهر الدراسات المتعددة الدولية منها والإقليمية انه رغم تعدد العوامل التي أدت إلي هذا الضعف واختلافها من دولة إلي أخري إلا أنه يعد من أهم العوامل التي ساعدت علي تأخر فرص التقدم بالدول العربية هو ما تعانيه من ضعف ثقافي واجتماعي وتعليمي علاوة علي سيطرة ثقافة تربوية ومجتمعية تقليدية لا تعضد الاستقلال الفكري للفرد، ومن ثم لا تشجع علي الإبداع والتطور.

وبالرجوع لتجارب الدول المتقدمة ومساعيها لاستدامة  التنمية و التقدم  نجد أنها تعطي اهتمام بالغ لحرية الفكر، وللتعليم ، وتعمل علي خلق جيل مستقل فكريا غير خاضع لموروثات ثقافية تقليدية ، قادر علي التحليل والنقد البناء  للسياسات العامة بل وللتقاليد والعادات المجتمعية ورفضها أحيانا دون عنف أو تطرف ، كما تعمل هذه الدول علي تحرر الفكر من كافة القيود المجتمعية والدينية والعادات المجتمعية وتصر علي احترام كل الإنسان دون تمييز بسبب اللون أو الدين أو ألأصل، وقبول الآخر والسعي للاستفادة من فكره وجهده ما أمكن .

 فيجب أن نسلم أن حاجات الإنسان متغيرة ومتطورة، ويستلزم ذلك أن يكون الإنسان قادرا علي تطوير قدراته وملكاته ووعيه وفكره، إذ أن هذا الفكر الإنساني هو من يخلق العلوم ويصنع ويطور أدوات الإنتاج وبالتالي الحضارة، وهي العملية التي عبَّر عنها ابن خلدون بقوله: "إنَّ العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة" . 

ورغم  تسليمنا بأن  هناك عوامل  متعددة أدت إلي ضعف الدول العربية،    إلا انه يمكن التأكيد أن المناخ الاجتماعي والثقافي  له دور هام في ذلك وفي انخفاض  القدرات الإبداعية والفكرية بهذه الدول . فكما نعلم تعاني مجتمعات الدول النامية وبصفة خاصة المجتمعات العربية  من التعصب للموروثات الثقافية والتمسك بها بدون وعي وإدراك لمتطلبات التقدم والتطور التقني والعلمي العالمي.

 ولا ننكر أن تقاليدنا العربية والمصرية تعلي من عديد من القيم الإيجابية’ إلا أننا نلمس أيضا أنه هناك العديد من التقاليد والسلوكيات السلبية التي أصبحت اليوم لا تتناسب مع هذه المتطلبات العالمية ولا تتفق مع التزاماتنا الدولية وما وافقنا عليه من وثائق ومعاهدات عالمية، كما أن هناك من الموروثات الثقافية لا تشجع علي التوافق مع المجتمعات والثقافات ألآخري بل ومع جماعات تتقاسم معنا الوطن والمعيشه .

 لقد ورثنا الطاعة العمياء لما يفرضه المجتمع علينا من عادات وسلوكيات بدعوي ارتباطها بالدين ، وأصبح نقد أو رفض الموروثات الثقافية أمر معاقب عليه جنائيا  رغم أنها موروث ثقافي إنساني . وقد ساعد علي ذلك تخلف البنية الثقافية وما يعنيه ذلك من تخلف حضاري وانقطاع عن روح العصر  وتعصب أعمى قبلي أو  قومي أو ديني ،فضلا عن العزلة الفكرية والإنسانية والمجتمعية عن الثقافات والمجتمعات الأخرى وعدم قبول الآخر. وللأسف نجد بعض من رجال الدين من يقوي هذه النزعة الانعزالية والانفصالية بحجة  حماية الدين والعقيدة.

وعلي حق نبه جون ستيوارت مل John Stuart Mill   1806 – 1872 الفيلسوف البريطاني إلي  أن اخطر ما يتعرض له  الفرد هو استبداد المجتمع، وذلك إذا سعى لإخضاع عقل أفراده إلى تقاليد و عادات وفرض عليهم الطاعة العمياء لها فذلك قد يقيد إعمال العقل وفرص الإبداع،

 

كل ذلك يستلزم ضرورة  الاهتمام  بتعديل البرامج  التعليمية والثقافية في المراحل الأولي من التعليم الأساسي  وتخصيص  مساحة  من الوقت الدراسي للنقاش والاستماع لكافة الآراء الفقهية، وتعلم أخلاقيات التعامل والحوار مع الغير، والتأكيد علي بناء الشخصية المستقلة والتحرر من القيود الثقافية التقليدية التي ترفض التعايش مع المجتمعات والديانات الآخري ، ولا تتفق مع العصر ومتطلبات التقدم و الإبداع . 

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

325,590

ابحث