الاستغلال العسكري للأطفال
إعداد الباحثة ندي محمد إبراهيم الخولي
من أبرز صور الاتجار بالبشر واستغلالهم التي ظهرت مؤخرا مع ظهور الجماعات الإرهابية المنظمة هي ظاهرة الاستغلال العسكري للأطفال في الحروب والنزاعات . فلم يعد التجنيد قاصرا على البالغين والشباب فقط ؛ بل شمل فئات كبيره من المراحل العمرية للأطفال وهذه العملية تسمى بعسكرة الأطفال أو " تجنيد الأطفال " ، وتتم من خلال تربية أيديولوجيه تدفع بالطفل لأدوار أدوار لا تتماشى مع الأدوار التي تناسب نموه البيولوجي والنفسي ، فهي عمليه تحمل العديد من المخاطر التي تهدد حياة الطفل ، وتتجاوز حقوقه كطفل وإنسان .
ويوجد مئات الآلاف من الأطفال المستخدمين كجنوداً في النزاعات المسلحة حول العالم وكثيرا من الأطفال مختطفون وقد تعرضوا للضرب لإخضاعهم ، فيما ينضم آخرون إلى الجماعات المسلحة فرارا من الفقر أومن أجل حماية مجتمعاتهم أو انطلاقا من شعور برغبة الانتقام . فغالبا ما ينحدر هؤلاء الأطفال من أسر فقيرة أو من أسر تعانى من ظروفا اجتماعية صعبه، ويجدون أنهم مجبرون على حمل السلاح والقتال، إما بأمر من أولياء أمورهم ، أو برغبة منهم.
وقد اقتصر حمل السلاح لفترات طويلة على الفتيان ، لكن اليوم بدأ يشهد اتجاها لافتا لحدث الفتيات الصغيرات على المشاركة في القتال ، وحمل السلاح. ويذكر أنه ست وثلاثين نقطه نزاع مسلح في العالم اليوم ، يقدر عدد الجنود الأطفال بأربعمائة ألف طفلا، إضافة إلى مئات الآلاف المسجلين في جيوش وميلشيات وأحزاب جاهزين للقتال . وأصغر طفل مسجل هو في السادسة من عمره ، وربما هناك أطفال أصغر تم تسجيلهم في سوريا ، وغالبية الجنود الأطفال ممن هم تحت سن الخامسة عشرة موجودين في جيوش غير حكومية أو نظاميه ، علما أن تطور الأسلحة وخفة وزنها مكنا الأطفال من استعمالها.
وخلال السنوات العشرة الأخيرة ، قٌتل في الحروب ليس أقل من مليونين ونصف مليون طفل ، وهناك ما يعادل خمسة إلى ستة ملايين معوق جسديا ، إضافة إلى ستة عشر مليون ممن يعانون مشاكل نفسيه وعصبية .
وتوضح التقارير تورط العديد من الدول فى انتشار ظاهرة تجنيد الأطفال ، واستخدامهم في أعمال العنف ويحتل هذه القائمة أسوأ دول تستغل الأطفال وتجندهم بين صفوف مقاتليها وهى ؛ اليمن وسوريا وتشاد والسودان والصومال وأوغندة والعراق وأفريقيا الوسطى ؛ وفى عام 1988م قدر عدد الأطفال المحاربين في الحروب الأهلية بنحو 20 ألف طفل ، وارتفعوا إلى 300 ألف طفل عام 1992 م ؛ حيث تستخدمهم الجيوش النظامية للقيام بكافة أنواع الأعمال كطهاة أو محاربين أو جواسيس أو كأدوات للكشف عن الألغام
وقد ساعد توفير الأسلحة الخفيفة إلى تكوين جيوش من الأطفال دون العاشرة يجيدون كافة الفنون القتال والتعذيب ففي سيراليون يطلق على الحرب الدائرة هناك " حرب الأطفال " إذ أن معظم المحاربين من الجانبين من الأطفال . وفى رواندا رصدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة " اليونيسيف " عام 1955 حالات لأكثر من 3000 طفل تعرضوا لمستويات عالية جدا من الإصابات خلال عمليات التطهير العرقي عام 1994م . كما قدرت منظمة العفو الدولية عدد الأطفال الذين يقومون بإعالة أسرهم بنحو 60 ألف طفل ، ثلاثة أرباعهم من الفتيات .
ولذلك صدر البروتوكول الملحق باتفاقية حقوق الطفل وتواترت التقارير الدولية التي تقرع ناقوس الخطر وتحذر من عسكرة حياة الطفل ، وتدمير حياته وتلويث براءته .