عودة أجهزة المجالس المحلية
د. محمود وهيب السيد
المجالس المحلية أجهزة إدارية وليست سياسية. بمعني أن وظيفتها تقتصر علي إدارة الإقليم الذي أنتخبه شعبه لها. وهو نظام مستمد من النموذج البريطاني الذي يعتمد علي فكرة الإدارة المحلية لكل إقليم بمعرفة مواطنيه. وقد نجح هذا النظام نجاحا باهرا حتي صار راسخا ومن المسلمات البريطانية. حتي باتت بريطانيا مثالاً يحتذي من ناحية ندرة وجود مشاكل بلديه لمواطنيها.
وهو نظام يختلف كليه عن فكرة الحكم المحلي والتي نجدها في بعض الدول التي بها عرقيات مختلفة. فهذا نظام سياسي بالأساس حيث يسمح لمواطنيه بحكم إقليمهم عن طريق إجراء انتخابات سياسية ذاتيه بهم لإنتخاب رئيسه وأجهزته التشريعية والتنفيذية والأمنيه وإختيار نظامه القضائي الذي يتناسب مع ثقافاتهم ومعتقداتهم. فهي أقاليم شبه مستقلة سياسيا عن الحكومة المركزيه إلا في بعض الأمور السيادية الخاصة. فالأولي تشارك في الإدارة وصنع القرار التنفيذي الإداري المحلي. أما الثانية فهي نظام سياسي يستقل بحكم الإقليم سياسيا ومن ثم إدارته محليا.
وفي مصر غالبا ما يكون المحافظون ورؤساء الأحياء والمدن والمراكز من غير أبنائها. لذا فإن وجود هذه المجالس إلي جوارهم تمدهم بالخبرة والمعرفه بأحوال أبناء الإقليم واحتياجاته. وتنقل لهم نبض المواطنين ومطالبهم فأعضاؤها من نسيج المجتمع المحلي لأنهم أدري بإحتياجاته ومطالبه. فهي بذلك تعوض ما لديه من نقص معرفي بأحوال الإقليم. أما بعد صدور القرار فيكون لديهم قدرة من غيرهم علي شرح أسباب وأهدافه للناس والتي تصدر عن المشاركة في التنفيذ ثم تحمل المسئولية أمام المواطنين عنه. كما أنها تعتبر مدرسة يتعلم فيها أعضاؤها ممارسة الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار واقعيا وعمليا.
وقد نص القانون 43 لسنه 1979 علي العمل بنظام مجالس الإدارة المحليه. علي مستوي المحافظات والمدن والأحياء والمراكز والقري. وقد اخذت مصر بهذا النظام في الإدارة المحلية واستمر العمل به حتي أحداث يناير 2011. حيث ألغيت المجالس النيابية وبالطبع ألغيت معها المجالس المحلية. إلا أن الأولي عادت اما الثانية فلم تعد للحياة حتي يومنا هذا. رغم أن الدستور الحالي نص علي وجودها وعلي كيفية تشكيلها بحيث يضمن العدالة للجميع في وجود من يمثلهم بها. ولعل في هذا يكمن شق كبير في تردي عمل الأجهزة التنفيذية في المحافظات والمدن والأحياء والقري. وتعدد وكثرة شكاوي المواطنين فيها من تردي مستوي الخدمات المحلية التي تقدم إليهم.
لذا.. ونحن بصدد إعلان التشكيل الوزاري الجديد. والذي يستتبعه إجراء حركة تغيير في المحافظين. ما احوجنا الان وليس غدا لتنفيذ القانون بإجراء إنتخابات محلية لتكون معينا ومشاركا للمحافظين في إدارة إقليمهم والعمل علي الإرتقاء بمستوي الخدمات المحلية التي تقدم لهم