الاصلاح الإدارى ودور القيادات الحكومية
أ.د. محمد ماهر الصواف
نتيجة للمتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية السريعة والمستمرة اصبح من الضروري على الجهاز الإدارى للدولة أن يعمل على الدوام لتطوير خدماته وأسلوب عملة حتى يواكب هذه المتغيرات المتلاحقة وبصفة خاصة بالدول النامية حيث مازالت الأجهزة الإدارية بها متخلفة عن مسيرة هذا التطور وغير قادرة على تنفيذ خطط التنمية القومية. لذا تعمل الوزارات المختصة بالخدمة المدنية والإصلاح الإداري عادة علي تشكيل لجان لصنع مقترحات لتطوير الجهاز الإدارى بالدولة وتتخذ بعض الإجراءات بشكل مركزى ودون التعرف على آراء أو مشاركة العاملين أو القيادات الإدارية بالجهاز الإدارى للدولة.
وكثيراً ما يصدر إستنادا إلي تقرير اللجان القوانين والقرارات التي تعدل من بعض النصوص الوارده بالقوانين واللوائح المنظمة للجهاز الإداري للدولة أو المتعلقة بشئون موظفيه. وفي الغالب ما تمس هذه التعديلات نظم فرعية مثل: نظام التعيين، أو نظام تقويم الآداء والحوافز، أو نظام المشتريات والمناقصات وغيره من نظم العمل دون دراسة الأثار الجانبية التى يمكن ان تؤثر سلبا على النظم الفرعية الآخرى ، وعما إذا كان هذا التطوير يستلزم إحداث تعديلات فى بعض النظم الفرعية الآخرى حتى يمكن تحقيق الأهداف الرئيسية للإصلاح.
ونعتقد أن مشاركة القيادات الحكومية وممثلين عن العاملين بالمنظمات الحكومية في دراسة البدائل المقترحة للإصلاح، سيساعد على تحديد الأثار السلبية علي النظم الفرعية الأخرى وتحديد نقاط القوة أو الضعف لكل بديل مطروح للإصلاح والتطوير.
وبشكل عام يلاحظ أن إجراءات التطوير التى تتبناها الوزارة المختصة عادة ما تهدف إلى إصلاحات جزئية ودون مشاركة القيادات الإدارية بالمنظمات الحكومية ، ولا يتم تحديدها فى إطار رؤية واضحة وخطة شاملة للإصلاح تتضمن طرح عدة مشروعات للتطوير والإصلاح، ووضع خطة عمل زمنية ووفقاً للأولوليات التى تحددها هذه الخطة.
ومن الطبيعى أن هذه الإجراءات المركزية لا تحقق نتائج مرضية بالنسبة لتحسين الآداء والحد من الفساد، نظرا لما تواجه من معارضة ورفض من القيادات الحكومية و العاملين ، فهم لايعلمون شيئا عن فلسفة هذه الإصلاحات ولم يشاركون بالرأى في صنعها. وفى تقديرى أن تعثر جهود الإصلاح التى تقوم به الوزارات المختصة من إصلاحات قد ترجع إلي رغبة الوزير المختص في تحقيق مكاسب سياسية خلال فترة توليهم السلطة وعلى ذلك يبادر بتقديم بعض مشروعات الإصلاح الإدارى دون دراسة كافية أوطرحها للنقاش العام ومحاولة التعرف على آراء القيادات والعاملين بالجهاز الإدارى.
لذا نأمل من القيادات الجديدة لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري عدم التسرع في طرح مقترحات جديدة لتطوير الجهاز الإداري للدولة واستخدام المنهج العلمي وتحديد رؤية شاملة للإصلاح مع وضع خطط زمنية للتطوير مع تحديد الأوليات، وأن يتم مشاركة ممثلين للعاملين بهذا الجهاز فى صنع هذه الخطة وإستطلاع آرائهم فيما يطرح من بدائل للإصلاح .
وفي تقديرى يجب أن تتحمل قيادات المنظمات الحكومية والعامة مسؤلية كبيرة لإحداث التطوير والإصلاح وإقتراح التعديلات القانونية المطلوبة، فمن المفترض انهم هم أكثر إلماماً بالمشكلات ونقاط الضعف التى تعوق تحسين الآداء وتحد من كفاءته وفعاليته، ومن ثم يجب وضع الآليات التي تلزم هؤلاء القادة بتقديم مبادرات للتحسين الأداء وتمكينهم من تنفيذ هذه المبادرات على أن تقيم النتائج فى فترات زمنية محددة .